ليس اشد ضررا علي ثورتنا من المثقف المتفائل حين يطل علينا عبر شاشات الفضائيات مرددا انه متفائل بالمستقبل ويتغافل عن انتكاسات الثقافة الرصينة وكيف تأكلها ثقافة التفاهات والحنين للماضي المتخيل، ويتناسي المتفائل الصوت الزاعق لرافعي الشعارات الدينية وتفسيراتهم الغبية والغيبية كأنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة ولا يحلل تفاؤله كيف أمسكت ثقافتهم الرثة بعقول صغارنا قبل كبارنا.. ويصر أنه متفائل وسط خروج طلاب الجامعة مناهضين لثورة الشعب مطالبين برجوع حكم عفن لا يري في الوطن سوي حفنة من تراب..! ذلك التفاؤل هو التفاؤل العبيط .. كيف نتفاءل بالله عليكم وسط تنامي برامج الهلس و«التوك شو» الكئيب المدافع بالحق وبالباطل عن قناعات أصحاب الفضائيات ومن بيدهم الحل والربط وإلا فالرصيف يسع منهم ألفا..ومع ذلك مثقفنا متفائل.. ونسمع نداءات وصرخات شبان وشابات تم الاستيلاء علي مناطق التفكير لديهم واصبحوا اشد غوغائية من المطالبين بالعودة للعصور السحيقة. ولم يقل لنا السيد المتفائل كيف تم إجهاض ثورة يناير والتصويت لدخول الجنة من باب الدستور حتي تم الاستيلاء علي الحكم بفكر مريض زادنا فتنة إسلامية كما حدث في مقتل الشيعة في «أبو النمرس» بلا أدني رحمة ولا مراجعة وتم مخاطبتهم بالتي هي أسوأ، المؤازرة الثقافية لا تعني أن مثقفنا المتفائل همه الاكبر نعت من يخالفونه في الرأي بالتخلف والعيش في القرون الوسطي.. ولا يري سوي نفسه وتفاؤله ولا يدرك الحالة التي عليها شبابنا وعقلية كبارنا سواء كانوا نساء أم رجالا.. بالتأكيد غاب عن تفاؤله سر تخلفنا وضياع هويتنا عمدا . القيادة السياسية في أعلي مستوياتها تري اننا في مأزق تاريخي يهدد بضياع الهوية..ومثقفنا يصر علي تفاؤله العبيط ويصدرها رسالة تطمينية بان كل شيء علي ما يرام ولا داعي للحذر أو الخوف.. والاستيلاء علي عقول ابنائنا بمناهج تعليمية علي طريقة اكتب ما يملي عليك بلا تفكر وبرامج فضائية رثة تزرع البلاهة والإيمان بالخرافة.. اختفاء المثقفين الجادين عن العمل الثقافي هو دعوة صريحة لإجهاض الثورة.. كل ثورات العالم تساندها حركة ثقافية ثورية تغير مفاهيم تقليدية ولا ترحب بالتفاؤل العبيط.