السؤال: منذ مدة طويلة توفيت أمي، ولأنني كنت الأقرب منها تصرفت في مالها بعد موتها بموافقة من أبي وإخوتي، فلم آخذ شيئا لي من أموالها القليلة، وصرفت جزءا منها لبناء قبرها، وآخر كصدقة لها, وما بقي من مالها أعطيته لأبي. وفيما يخص المجوهرات: وزعتها كلها بيني وبين أخواتي البنات برضاهن، ولكن دون رضا أبي الذي كان يريد أخذ جزء منه للزواج ثانية. بعد أشهر قليلة سُرقت مني ومن إحدى أخواتي كل مجوهراتنا، فشعرت حينها بالذنب، وقلت: ربما يكون هذا عقابي لانفرادي بتوزيع مال أمي الميتة والتصرف فيه. علما أنه لدينا أخوان يعيشان في الخارج، ولم نشركهما في توزيع مجوهرات أمي لأنها قليلة. فهل أنا حقا مذنبة فيما فعلت؟ وكيف أكفر عن ذنبي؟ وجزاكم الله كل خير. الفتوى: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فههنا عدة مسائل: 1- ذكرت السائلة أنها صرفت بعض الأموال التي تركتها أمها لبناء قبرها، وإذا كانت تقصد البناء على القبر فهذا مخالف للشرع ولو أذن لها الورثة في ذلك، وقد فصلنا الكلام على ذلك في فتاوى سابقة، راجعي منها الفتوى رقم: 33304. فتوبي إلى الله تعالى من ذلك وفق شروط التوبة المبينة في الفتوى رقم: 78925 2- ذكرتْ أيضًا أنها تصدقت عن أمها من المال الذى تركت، وهذا إذا كان برضا جميع الورثة وكانوا جميًعا بالغين رشداء، فلا إشكال فيه، وإن كان بغير رضاهم أو بغير رضا بعضهم، أو كان فيهم من هو قاصر، فيلزمها إرجاع نصيب القاصرين، ومن لم يرض من الورثة؛ لأن المال بعد موت الأم أصبح ملكًا لجميع ورثتها، كل بحسب نصيبه المقرر له شرعا. 3- الأصل أن المال يقسم على الورثة بحسب ما قرره الشرع لكل وارث، لكن إذا تراضى الورثة على القسمة بطريقة أخرى، فلا حرج بشرط أن يكونوا بالغين رشداء، أو لا يكونَ فيها غبن للقاصر منهم. وقد سبق لنا أن بينا جواز قسمة التركة بإحدى طرق ثلاث ذكرناها في الفتوى رقم: 66593. وحيث إنك قمت بتقسيم بعض الإرث ( المجوهرات ) دون رضا بعض الورثة كالأب، فيلزمك ضمان نصيبه في تلك المجوهرات، إن لم يتنازل عن حقه فيها، أو يكون ما أخذه من غير المجوهرات يبلغ نصيبه الشرعي. وهكذا الحال بالنسبة لأخويك، ولغيرهم من الورثة إن وجدوا. فعليك أن تتوبي إلى الله تعالى مما صنعت، وتعطي لكل واحد من الورثة حقه المقرر له شرعًا في ذلك الإرث سواء قل أو كثر، فلا تبرأ ذمتك إلا بذلك، أو بتنازلهم عن حقوقهم. وإذا أردت إرجاع الحقوق إلى الورثة فينبغي أن تراجعي في ذلك أهل العلم في بلدكم، لمعرفة نصيب كل وارث من ذلك المال. وانظرى للفائدة الفتوى رقم: 162191، والفتوى رقم: 4617. والله أعلم.