الصحة النفسية قد تصاب المرأة باعتلال في صحتها النفسية كما تصاب باعتلال في صحتها الجسدية. فعندما يكون عقل المرأة ونفسيتها سليمين، تكون قادرة من الناحية الوجدانية على الاهتمام بحاجاتها وحاجات أسرتها، وعلى تشخيص مشكلاتها ومحاولة حلها، والتخطيط للمستقبل، واقامة علاقات مرضية مع الأخرين. ويواجه كل الناس تقريب مشكلات في بعض الأوقات، عند القيام بكل هذه الأمور في نفس الوقت. ولكن إذا إستمرت هذه المشكلات وحالت دون قدام المرأة بنشاطها اليومي - مثلا ً إذا ازداد توترها وقلقها إلى درجة منعتها من الاعتناء بعائلتها - قد تكون المرأة تعاني من مشكلة نفسية. هذه المشكلات أصعب تشخمصا ً من المشكلات الجسدية، التي يمكننا في الغالب رؤيتها أو معاينتها. ومع هذا, تحتاج مشكلات الصحة النفسية إلى العناية والمعالجة، مثل مشكلات الصحة الجسدية. يصف هذا الفصل أكثر مشكلات الصحة النفسية شيوعا ً, وأسبابها. وهو يقترح وسائل تساعد المرأة لمواجهة مشكلاتها ومشكلات الأخريات في هذا المجال . الصحة النفسية مهمة مثل الصحة الجسدية السليمة. تقدير الذات عندما تشعر المرأة بأن إسهامها في حياة أسرتها ومجتمعها قيّم، يقال إن تقديرها لذاتها جيد. وتعلم المرأة التي تقدر ذاتها جيدا ً، أنها تستحق أن تعامل باحترام. يبدأ تطور التقدير الذاتي منذ الطفولة. ويتوقف مدى التقدير الذاتي الذي تطوره المرأة في نفسها على أسلوب المعاملة التي خصها به الأشخاص المهمون في حياتها - مثل والديها واخوتها وأخواتها وجيرانها ومعلميها ومرشديها. فإذا عاملها هؤلاء على أنها شخص يستحق اهتمامهم، وإذا كانوا يمدحونها عندما تجيد التصرف, وإذا كانوا يشجعونها على محاولة فعل الأمور الصعبة, فستبدأ الإحساس بالتقدير. وفي بعض الحالات تعاني الفتاة كثيرا ً في تطوير تقديرها لذاتها. فمثلا ً إذا أعطي أخوتها،ما تعليما ً أفضل أو طعاما ً أكثر، شعرت بتقدير أقل، لا لشيء إلا لأنها فتاة. واذا انتقدت كثيرا ً أو عملت بجد فلم يحظ عملها باهتمام، فالأرجح أن تنشأ على عدم تقدير الذات. وعندما تصبح امرأة قد لا تصدق أنها تستحق معاملة زوجها الجيدة، أو مقدار الطعام الجيد الذي يأكه الأخرون، أو الحصول على عناية صحية عندما تمرض, أو تطوير مهاراتها. فعندما تشعر المرأة بهذا الشعور قد تظن حتى أن مكانتها المتواضعة في أسرتها ومجتمعها هي أمر طبيعي وصحيح - مع انه فى الواقع غير صحيح وغير عادل. تقدير الذات عنصر مهم من عناصر الصحة النفسية. فالمرأة التي تقدر ذاتها جيدا ً أقدر على معالجة المشكلات اليومية والعمل من أجل التغيير لتحسين عيشها و عيش مجتمعها. بناء تقديرالذات ليس بناء تقدير الذات مهمة سهلة, لأن المرأة لا تستطيع أن تقرر بكل بساطة أن تقدر نفسها تقديرا ً أعلى. بل عليها أن تغير معتقدات راسخة بعمق، قد لا تعلم أنها موجودة فيها. وغالبا ً ما يجب أن يحدث هذا التغيير بشكل غير مباشر، من خلال التجارب التي تسمح للمرأة بأن تنظر إلى نفسها بطريقة جديدة. ويمكن للتغيير أن يحدث من خلال الاعتماد على القوى التي تمتلكها المرأة أصلا ً، مثل قدرتها على إقامة علاقات وثيقة وتعاون مع الآخرين, أو من خلال تعلم مهارات جديدة. فمثلاً: كان يطلب من مليكة، وهي طفلة أن "تسمع الكلمة" وتنفذ الأوامر. فلما بلغت الثامنة عشرة أجبرتها أمها على الاقتران بعسكري. وكانت مليكة تحب شخصا ً آخر، لكن أمها لم تأبه لهذا. كا العسكري رجلا ً مهما. بعد زواج استمر سنوات، وضعت خلالها مليكة أربعة أطفال، لم يعد زوجها يرجع إلى البيت ليلا ً. وروى أصدقاء أنه أخذ يعاشر نساء أخريات. واشتكت مليكة إلى أمها، فقالت لها أمها أن ترضى بحالها، فهذا قدرها. وغادر زوج مليكة بيته وأقام مع خليلته. وشعرت مليكة بالحزن, وبأن لا قيمة لها. ومرة تسنّى لمليكة أن تشترك في برنامج تتعلم فيه الاعتناء بالأطفال في مدرسة القرية. قررت أن تجرّب، مع أنها لم تكن قد عملت خارج منزلها في الماضي. وتغيرت مليكة بتعلمها مهارات جديدة ومعاشرتها الأطفال والنساء في التدريب. بدأت ترى أن لها بعض القيمة، خارج بيتها الزوجي، وأن في إمكانها أن تكون عاملة منتجة. ثم أخذت تفكر فيما يمكن أن تفعله لأسرتها، وما تأمل أن تنجزه في حياتها. تقدير المرأة لذاتها يؤثر في اختياراتها حيال صحتها. الأسباب الشائعة لمشكلات الصحة النفسية عند النساء لا يصاب بمشكلة في الصحة النفسية كل الذين يضطرون الى التعايش مع المشكلات المذكورة أدناه. بل تصاب المرأة عادة بمشكلة في صحتها النفسية، حين تصبح هذه الضغوط أقوى من قدرتها على التعايش معها أو مواجهتها. كذلك ليست كل مشكلات الصحة النفسية ناجمة من أسباب قابلة للتحديد. وفي بعض الأحيان لا نعرف سبب إصابة إحداهن بمشكلة في صحتها النفسية. ضغط الحياة اليومية غالبا ً ما تضغط الأعمال والأحداث اليومية على المرأة ، فتسبب توترا ً لها في جسمها وفي نفسها. ويمكن أن ينشأ التوتر من مشكلات جسدية, مثل المرض أو الإجهاد في العمل. وقد ينشأ من أحداث نفسية مثل نزاع في الأسرة أو لوم المرأة بسبب مشكلات لا تقدر على التحكم بها. حتى الأحداث لتي تجلب السرور - مثل ولادة طفل أو تسلم عمل جديد - قد تسبب ضغطا ً ، لأنها تحدث تغيرا ً. في حياة المرأة . عندما تواجه المرأة ضغوطا ً كثيرة كل يوم ، لمدة طويلة، قد تبدأ بالإحساس بأن الضغوط تفوق طاقتها، وأنها ما عادت تحتمل التعايش معها. وقد تزداد المشكلة إذا كانت قد تعلمت أن تهتم بالأخرين أولا ً وتهمل حاجاتها الخاصة. ومع قلة تخصيص وقت لراحتها أو استمتاعها وكلاهما يقلل من الضغط ، قد تهمل علامات المرض أو الإجهاد في العمل. ولكونها امرأة قد لا تملك من السلطة ما يمكنها من تغيير وضعها. وتحدث أنواع أخرى من الضغوط التي تساهم في مشكلات الصحة النفسية: الفقدان والموت عندما تخسر المرأة شخصا ً مهما ً أو شيئا ً مهما ً - شخصا ً تحبه، أو صديقا ًحميما ً أو عملها أو منزلها - قد يغمرها الحزن. وقد يحدث هذا أيضا ً إذا مرضت أو أصيبت بإعاقة. والحزن رد فعل طبيعي يساعد الشخص في التكيف مع الفقدان أو الموت. ولكن إذا أصيبت المرأة بحوادث خسران عديدة فى آن، أو إذا كانت أصلا ً تحت وطأة التوتر اليومي، فقد تصاب بمشكلات في صحتها النفسية. وقد يحدث هذا إذا كانت المرأة عاجزة عن ممارسة الحداد بالطرق التقليدية - مثلا ً إذا أجبرت على الرحيل إلى مجتمع جديد لا تمارس فيه تقاليدها. التغيرات في حياة المرأة في أنحاء عديدة من هذا العالم تجبر المجتمعات على التغير بسرعة - من جراء التغير في الاقتصاد، أو من جراء النزاع السياسي. ويفرض الكثير من هذه التغيرات على العائلات والمجتمعات أن تغير كل أساليب عيشها. فمثلا ً: عندما تتمزق العائلات والمجتمعات، أو عندما تتبدل الحياة، فلا تعود الأساليب القديمة قادرة على مواجهة متطلباتها، قد يصاب بعض الناس بمشكلات الصحة النفسية. الأذى تعاني المرأة من الأذى عندما يحدث أمر رهيب لها أو لشخص قريب منها. وأكثر أسباب الأذى شيوعا ً هي العنف في المنزل والاغتصاب والحرب والتعذيب والكوارث الطبيعية. والأذى يهدد وفاه المرأة وصحتها الجسدية والنفسية، فتشعر بانعدام الأمان والاستقرار، وتحس بالعجز وبعدم القدرة على الوثوق بالعالم ، أو بالمحيطين بها. وتحتاج المرأة عادة إلى وقت طويل للتعافي من الأذى, خصوصا ً إذا سببها شخص آخر لا الطبيعة. والأذى الذي يصيب المرأة وهي طفلة ، قبل أن تكون قادرة على فهم ما حدث، أو على التحدث عنه، قد يؤثر فيها سنوات طويلة، من غير أن نعرف سبب ما بحصل معها. المشكلات الجسدية بعض مشكلات الصحة النفسية سببها مشكلات جسدية، مثل : - الهرمونات والتبدلات الجسدية الأخرى. - سوء التغذية. - الالتهابات والأمراض ومنها الإيدز/ السيدا. - مبيدات الحشرات والأعشاب والمذيبات الصناعية. - أمراض الكبد أو الكليتين. - المبالغة في تناول الأدوية (وتتضمن المسكنات والمهدئات)، أو الآثار الجانبية التى تحدثها بعض الأدوية. - سوء استخدام المخدرات والكحول. - الجلطات وفقدان الذاكرة والإصابات في الرأس. فكري دوما ً في احتمال وجود أسباب جسدية لدى معالجة مشكلات الصحة النفسية. وتذكري أيضا ً، أن المشكلات الجسدية قد تكون علامة على وجود مشكلة فى الصحة النفسية. تحتاج المرأة لتحسين صحتها النفسية, إلى امتلاك سلطة أكبر ةتحكم أفضل بحياتها. من السهل ألا ّ نلاحظ ضغط الحياة اليومية لأنه متاصل. لكن المرأة تحتاج إلى الكثير من الجهد للتعايش مع هذا النوع من الضغط. مشكلات الصحة النفسية الشائعة عند النساء مع أن أنواع مشكلات الصحة النفسية عديدة، إلا أن أكثرها شيوعا ً هو القلق والكأبة وسوء استخدام المخدرات والكحول. وفي معظم المجتمعات تعاني المرأة هذه المشكلات أكثر من الرجل. لكن احتمال أن يعاني الرجل مشكلة سوء استخدام المخدرات أو الكحول أكبر من احتماله عند المرأة. - حتى تقولي إن شخصا ً ما يشكو مشكلة نفسية تذكري ما يلي: - ليس من فاصل واضح بين ردود الفعل الطبيعية على أحداث الحياة، وبين مشكلات الصحة النفسية. - لدى معظم الأشخاص علامات من تلك المذكورة أدناه، في مراحل مختلفة من العمر، لأن كل شخص يصادف مشكلات في هذه المرحلة أو تلك من حياته. - يمكن أن تختلف علامات مشكلات الصحة النفسية بين مجتمع وآخر. وقد يبدو السلوك غريبا ً في نظر المراقب من الخارج، ويكون عاديا ً في تقاليد المجتمع أو قيمه ومعاييره. الكآبة (الحزن الشديد أو فقدان الإحساس) من الطبيعي أن تشعر المرأة بالكآبة عند فقدان شيء أو شخصر ما أو وفاة. ولكنها قد تشكو مشكلة في صحتها النفسية، إذا استمرت العلامات المذكورة أدناه مدة طويلة. العلامات: - الشعور بالحزن معظم الوقت. - صعوبة النوم، أو النوم أكثر من اللزوم. - صعوبة التفكير بوضوح. - فقدان الاهتمام بالنشاطات الممتعة، أو الطعام أو الجماع. المشكلات الجسدية مثل الصداع أو اضطراب الأمعاء غير الناجم من مرض. - التكلم والتحرك البطيئان. - قلة الحيوية لإداء النشاطات اليومية. - التفكير في الموت أو الانتحار. الانتحار يمكن أن تؤدي الكآبة الشديدة إلى الانتحار. ولا ينجو أحد من التفكير في الانتحار في بعض مراحل حياته. ولكن إذا عاودت الأفكار المرأة بإلحاح واشتدت، فهي بحاجة إلى مساعدة فورية. أنظري الصفحة 419 لمعرفة أساليب التعرف على أكثر الأشخاص تعرضا ً لفكرة الانتحار، وكيف تساعدينهم. القلق (عصبية المزاج أو الهم ) كلنا يشعر بعصبية المزاج أو قلق البال (الهم ) في بعضر الأحيان. وعندما تحصل هذه المشاعر بسبب حالة ما, فهي عادة ما تزول بزوال الحالة, أما إذا استمر القلق أو إذا اشتد، أو إذا ظهر القلق من دون سبب، فقد يوجد عندئذ مشكلة في الصحة النفسية. العلامات: الشعور بالتوتر وعصبية المزاج من دون سبب. رجفة في اليدين. التعرق (إفراز العرق) خفقان القلب (من دون مرض في القلب) صعوبة التفكير بوضوح. الشكوى المتكررة من دون مرض جسدي، واشتداد هذه الشكوى عندما تنزعج المرأة. ونوبات الهلع نوع خطير من أنواع القلق. وهي تنتاب المرأة فجأة، وقد تستمر بين بضع دقائق وبضع ساعات. وعلاوة على العلامات المذكورة أعلاه، تحس المرأة بالذعر والرعب، وتخشى فقدان الوعي (الإغماء) أو تخشى الموت. وقد تحس ألما ً في الصدر وصعوبة في التنفس، وتتوقع حدوث أمر رهيب. والتنفس العصبي شكل آخر للقلق. يكون النفس سريعا ً وسطحيا ً وقد تدوخ الإمرأة أو الفتاة أو تفقد وعيها. ولمعالجة التنفس العصبي: نطمئن المصابة ونهدئ من روعها. ونطلب منها أن تضع وجهها في كيس من ورق وأن تتنفس ببطء لمدة 2-3 دقائق . وغالبا ً ما يهدئ هذا الإجراء من روعها. ردود الفعل على الأذى بعد أن تصاب المرأة بأذى قد تتعدد ردود فعلها، مثلا ً: - قد تعاودها أفكار الأذى مرة بعد. وقد لا يغيب من ذاكرتها وهي في اليقظة ما حدث لها من أمور رهيبة. أما في الليل فقد تحلم بما حدث، أو تعجز عن النوم لأنها تفكر بالأذى الذي حصل لها. - قد تفقد الإحساس، أو يضعف إحساسها عما كان في السابق. وقد تتجنب الناس أو الأماكن التى تذكرها بالأذى. - قد تصبح شديدة التنبه. إذا كانت تراقب على الدوام مصادر الخطر المحتملة، فقد تصبح عاجزة عن الاسترخاء والنوم. وقد تبالغ في رد الفعل حين تروع. - قد تحس بالغضب الشديد أو بالخجل مما حدث. إذا نجت امرأة من حادثة سببت لها أذى، ومات من جرائها آخرون أو أصيبوا إصابات خطيرة فقد تشعر بالذنب لأن آخرين عانوا أكثر مما عانت. - قد تحس بالعزلة والبعد عن الآخرين. - قد تصاب بنوبات من السلوك الغريب أو العنيف، فتتسائل أين هي. كثير من هذه العلامات، ردود فعل طبيعية على وضع صعب. فطبيعي مثلا ً أن تشعر المرأة بالغضب لحدوث أذى، أو أن تطل متنبهة إذا كان الوضع لا يزال خطرا ً. أما إذا كانت العلامات شديدة لدرجة تحول دون قيامها بنشاطها اليومي، أو إذا أخذت العلامات تظهر بعد أشهر من حدوث الأذى, عندئذ قد تكون المرأة مصابة بمشكلة في صحتها النفسية. عندما تصاب المرأة بألم شديد في الصدر أو صعوبة في التنفس, ينبغي أن تسعى الى عون طبي. فقد تكون مريضة مرضا ً جسديا ً خطيرا ً. المرأة التي تعاني ردود الفعل على الأذى قد تعاني أيضا ً القلق أو الكآبة أو تُقبل على المخدرات أو الكحول. التغيرات والأمراض الجسدية التي تسببها ضغوطات الحياة عندما تعيش المرأة تحت الضغط، يستعد جسمها لرد فعل سريع من أجل مقاومة الضغط . ومن التغيرات التي تحدث: - يخفق القلب بوتيرة أسرع . - يرتفع ضغط الدم. - يتسارع النفس. يتباطأ الهضم. واذا كان الضغط مفاجئا ً وشديدا ً، فقد تحس المرأة هذه التغيرات في جسمها. فإذا انقضى الضغط، عاد جسمها إلى طبيعته. أما إذا كان الضغط أقل شدة أو حدث ببطء، فقد لا تلاحظ كيف يؤثر القلق في جسمها، حتى لو كانت العلامات موجودة. وقد يؤدي الضغط، إذا استمر طويلا ً، إلى ظهور علامات شائعة في حالات القلق والكآبة، مثل الصداع، والاضطرابات المعوية، وفقدان الحيوية. ومع الوقت، قد يؤدي الضغط إلى المرض، مثل ارتفاع ضغط الدم. في كثير من الأماكن، لا تعتبر المشكلات النفسية مهمة مثل المشكلات الجسدية. عندئذ يحتمل أن تظهر على الناس علامات جسدية للقلق والكآبة، أكثر من العلامات الأخرى. ومع انه لا بد من معالجة العلامات الجسدية، إلا أنه ينبغي أيضا ً التنبّه إلى الأسباب النفسية التى تؤدي إلى المرض. مساعدة الذات ومساعدة الآخرين قد تحس المرأة المصابة بمشكلة في صحتها النفسية، تحمسنا ً إذا تعالجت. ومع ان معظم الجتمعات تفتقر إلى خدمات الصحة النفسية، إلا أن في إمكان المرأة أن تعالج نفسها بنفسها، بإمكانات قليلة جدا ً (مهارات شخصية للتغلب على المصاعب). أويمكنها أن تقيم "علاقة مساعدة" مع شخص آخر، أو مجموعة أشخاص. فيما يلي بعض من أفكار كثيرة يمكن اعتمادها لتحسين الصحة النفسية وتحصلين على أفضل النتائج حين تتكيف هذه المقترحات مع حاجات المجتمع وتقاليده. المهارات الشخصية للتغلب على المصاعب قلما تستريح المرأة من مهامّها اليومية لتهتم بنفسها. لكن كل امرأة تحتاج أحيانا ً إلى وضع مشكلاتها جانبا ً لتفعل ما يحلو لها. وقد تكون الأشياء البسيطة التي لا تفعلينها كثيرا ً مثل المكوث وحيدة، أو التسوق، أو العمل في البستان, أو الطهو مع صديقة - مفيدة جدا ً في هذا الشأن. نشاط للتعبير عن مشاعرك. كتابة الأشعار، والأغاني، والقصص قد تكون مفيدة حين تستصعبين قول الأشياء للآخرين. أو قد ترسمين أحاسيسك من غير كلمات. وليس ضروريا ً أن تكوني فنانة. ترتيب بيتك على نحو جميل. حاولي ترتيب مكان إقامتك على نحو يرضيك. مهما كان الترتيب بسيط، فستشعرين بالنظام والثقة، حين يوافق الترتيب هواك. حاولي الخروج ما أمكنك إلى النور والهواء الطلق. اجعلي الجمال من حولك. وقد يحتاج هذا إلى بعض الزهور في الغرفة، أو عزف وسماع الموسيقى أو مشاهدة منظر جميل. مارسي التقاليد التي تقوّيك في الداخل. لدى كثير من المجتمعات في العالم معتقدات وتقاليد تبث السكينة في الجسد والروح، وتقوي داخلة الإنسان, ومنها الصلاة وتمارين التأمل: إن ممارسة هذه التقاليد بانتظام تساعد المرأة في مواجهة الضغط والصعوبات الأخرى التي تصادفها في حياتها. العلاقات المساعدة في العلاقات المساعدة يتعهد شخصان أو أكثر أن يتعارفوا ويتفاهموا. وقد يحدث هذا الأمر في أية علاقة بين الأصدقاء، أو بين أفراد العائلة، أو بين النساء اللواتي يعملن معا ً، أو داخل مجموعة تلتقي لأية أغراض أخرى. وقد تتشكل مجموعة جديدة لأن أفرادها يواجهون مشكلة مشتركة. وغالبا ً ما تسمّى هذه المجموعات: "جماعات التضامن أو الدعم". لا تتطور العلاقة المساعدة إلا ببطء، حتى إذا كان الشخصان يعرف أحدهما الآخر، لأن الناس يترددون عادة في مفاتحة الأخرين في شأن مشكلاتهم. ولا بد من بعض الوقت للتغلب على هذا التحفظ واكتساب الثقة بالآخرين. فيما يلي بعض الأفكار لبناء الثقة بين الناس، أو بين أفراد جماعة ما: - حاولي الاستماع بانفتاح إلى كل ما تقوله لك المرأة الأخرى (أو الشخص الآخر)، من دون أن تُصدري حكما ً عليها. - حاولي أن تفهمي مشاعر المرأة الأخرى. وإذا كنت قد مررت بتجربة شبيهة فكري بما أحسست به آنذاك. ولكن تجنبي القول إن تجربة هذه المرأة تشبه تماما ً تجربتك. واذا كنت لا تفهمينها فلا تدعي أنك تفهمين. - لا تقولي للمرأة الأخرى ماذا تفعل. يمكنك أن تساعديها لتفهم كيف تؤثر في مشاعرها ضغوط أسرتها ومجتمعها ومسؤوليات عملها، لكن اتركي لها أمر اتخاذ قراراتها بنفسها. - لا تستبعدي حاجة أي امرأة إلى المساعدة. - احترمي خصوصية المرأة. لا تخبري الأخرين قط، بما قالته لك، إلا إذا كان هذا ضروريا ً لحماية حياتها. وأخبريها على الدوام، إذا كنت راغبة في محادثة أحد من أجل حمايتها. تشكيل مجموعة مساندة 1. تكلمي مع امرأتين أو أكثر، ترغبان في تشكيل مجموعة مساندة . 2. فكري في مكان الاجتماع وزمانه. يستحسن الاجتماع في مكان هادىء مثل مدرسة أو مركز صحي أو تعاونية أو بيت عبادة. أو يمكن الاتفاق على التحادث أثناء قيامكن بالعمل اليومي. 3. في الاجتماع الأول ناقشن ما تأملن تحقيقه. إذا شكلت مجموعة، ينبغي الاتفاق على أسلوب عمل المجموعة وعلى إمكانية ضم نساء أخريات. مع ان المرأة التي بادرت إلى تشكيل المجموعة قد تضطر إلى قيادة الاجتماعات الأولى، غير أنها ينبغي ألا تتخذ القرارات نيابة عن المجموعة. فمهمتها هي ضمان الاستماع إلى الجميع، والعودة بالنقاش إلى النقطة الأساسية، إذا ابتعد عنها. وبعد الاجتماعات الأولى قد ترغب بعض النساء في التناوب على قيادة المجموعة. إن تعدد القياديين قد يساعد المرأة الخجولة على مهارة القيادة. الاجتماع معا ً قد يساعد المرأة في: - الحصول على دعم ومساندة. فغالبا ً ما تستنزف مشكلات الصحة النفسية طاقة المرأة وتحبطها. ويستطيع الاجتماع معا ً أن يمدها بطاقة إضافية، تساعدها فى مواجهة مشكلاتها اليومية. - الاعتراف بالمشاعر. فألمرأة تخفي أحيانا ً مشاعرها (أو قد لا تعرف حتى أن لديها هذه المشاعر)، لأنها تظن أنها مشاعر سيئة، أو خطرة أو مخجلة. والاستماع إلى الأخريات يتحدثن عن مشاعرهن قد يساعدها على ملاحظة مشاعرها هي. - السيطوة على الانفعالات. فأعضاء المجموعة يستطعن مساعدة المرأة على التفكير بمشكلتها, فلا تتصرف بناء على انفعالها الأول، من دون تفكير. - فهم الأسباب الأساسية. بالتحادث يمكن للنساء أن يبدأن بملاحظة أن كثيرا ً منهن يعانين نوع المشكلات ذاته. وهذا الأمر يساعدهن في معرفة الأسباب الجذرية للمشكلة. - وضع الحلول. الحلول التي تناقش مع الجماعة، مقبولة ومعتمدة في الغالب بسهولة أكبر من تلك التي تنفرد المرأة في التفكير بها. - تطوير السلطة الجماعية. سلطة النساء اللواتي يعملن معا ً أقوى من سلطة المرأة التي تنفرد في عملها. تمارين لنتعلم كيف نساعد تحتاج معظم ألنساء، في مجموعة ما، إلى فهم معنى المساعدة، وما الذي يجعل هذه المساعدة مجدية ، قبل أن يتمكن من التعاون لحل مشكلات الصحة النفسية. والتمارين التالية قد تكون مفيدة : 1. تبادل خبرات الدعم. لفهم معنى الدعم فهما ً أفضل، تستطيع قائدة المجموعة أن تطلب من أفراد المجموعة رواية قصة شخصية بذلن فيها دعما ً أو حصلن على دعم. ثم تطرح قائدة المجموعة أسئلة مثل: أي نوع من المساعدة كانت هذه؟ كيف أفادت المساعدة؟ ما هي أوجه الفرق أو الشبه بين القصص؟ وبذلك تتمكن المجموعة من استنتاج أفكار عامة عن معنى دعم ومساعدة امرآة لآخرى. أو ربما قد تطرح قائدة المجموعة قصة امرأة تعاني مشكلة - مثلا ً امرأة يشرب زوجها كثيرا ً ويضربها. فتنسحب وتدعي أن الأمور على ما يرام ، لكنها تتوقف عن المشاركة في نشاط المجتمع. ثم تستطيع المجموعة أن تناقش: كيف يمكن أن تساعد مجموعتنا هذه المرأة؟ وكيف يمكن للمرأة أن تساعد نفسها؟ 2. ممارسة الاستماع الإيجابي. في هذا التمرين يلتقي كل اثنتين من المجموعة معا ً. فتتحدث الشريكة الأولى عن موضوع ما، من 5 إلى 10 دقائق. وتستمع الشريكة الثانية من دون أن تقاطع، أو تقول شيئا ً، إلا تشجيع المتحدثة على قول المزيد. وتظهر المستمعة أنها تنصت من خلال موقفها وأسلوب حركاتها. ثم تبادل الشريكتان الأدوار. عندما تنتهي الشريكتان، تفكران في مدى نجاح ما فعلتا، وتتبأدلان أسئلة مثل: هل شعرت أنني منصتة إليك؟ ما الصعوبات التي شعرت بها؟ ثم تبدأ قائدة المجموعة بمناقشة عامة يشترك فيها الجميع عن المواقف التي تظهر الإنصات والاهتمام بأفضل ما أمكن. ويمكن لقائدة المجموعة أن توضح أن الاستماع يعني أحيانا ً التحدث: طرح الأسئلة أو تبادل الخبرة أو قول أشياء تجعل الفريق الآخر يشعر أنه يحظى بالتفهم. وقد يعني الاستماع أيضا ً، أن تقولي إنك حاولت الفهم لكنك لم نفهمي. تمارين لشفاء مشكلات الصحة النفسية ما إن تتعلم المجموعة أساليب المساعدة والمساندة, تصبح جاهزة للعمل على مشكلات الصحة النفسية لدى أفرادها. فيما يلي بعض الطرق التي يمكن للمجموعة أن تتبعها للمساعدة في الشفاء: 1. تبادل التجاوب والمشاعر داخل المجموعة. غالبا ً ما يشعر المصابون بمشكلات في الصحة النفسية، بالوحدة الشديدة. وقد يفيدهم مجرد القدرة على التحدث عن المشكلة. وبعد أن تروي إحدى النساء قصتها، يمكن لقائدة المجموعة أن تسأل الأخريات عن تجاربهن المماثلة. فإذا استمع الجميع إلى هذه الروايات، قد تناقش المجموعة ما فيها من عناصر مشتركة، وما إذا كان سبب المشكلات ظروفا ً اجتماعية، وماذا يمكن للمجموعة أن تفعل لتغيير هذه الظروف. 2. التمرن على الاسترخاء. هذا التمرين مفيد جدا ً للنساء اللواتي يعانين ضغطا ً. في مكان هادىء يستطيع الجميع الجلوس فيه، تطلب قائدة المجموعة من النساء اتباع هذه التعليمات: - أغمضي عينيك وتخيلي مكانا ًأ آمنا ً وهادئا ً تحبين أن تكوني فيه . قد يكون المكان جبلا ً أو في جوار بحيرة أو محيط أو في حقل. - واصلي التفكير بهذا المكان وأنت تتنفّسين بعمق، تدخلين الهواء من الأنف وتخرجينه من الفم. - فكري، إذا كان التفكير يريحك، بأمر جيد, مثل القول: "أنا في سلام" "أنا في أمان". - واصلي التنفس وركزي إما على المكان الآمن أو التفكير المريح. واستمري في هذا 20 دقيقة (الوقت اللازم لطبخ الأرز). تستطيع المرأة أيضا ً أن تمارس هذا التمرين في المنزل, كلما أرقت, أو توترت أو خافت. فالتنفس العميق يساعد فى تهدئة مشاعر العصبية. 3. تأليف قصة أو مسرحية, أو الرسم. تستطيع المجموعة أن تؤلف قصة عن وضع مماثل للأوضاع التي واجهها أفرادها. فتبدأ قائدة المجموعة القصة. ثم تروي إحدى النساء جزءا ً ثانيا ً منها - وهكذا حتى تكون كل امرأة قد أسهمت بجزء ما، واكتملت القصة. (تستطيع المجموعة أيضا ً أن تمثل القصة مثلما رويت، أو أن ترسم لوحة عنها). ثم تحلل المجموعة الأفكار المختلفة التي عولجت. ويمكن للأسئلة التالية أن تساعد النساء في البدء بالحديث: - ما هي المشاعر أو التجربة الأهم في هذه القصة؟ - لما ظهرت هذه المشاعر؟ - كيف تواجه المرأة هذه المشاعر؟ - ما الذي يستطيع أن يساعدها في إقامة توازن جديد في حياتها؟ - ماذا يمكن للمجتمع أن يفعل للمساعدة؟ 4. تكوين صورة عن مجتمعك. يحقق هذا التمرين أفضل نتيجة بعد أن تكون المجموعة قد أمضت بعض الوقت معا ً. تسأل قائدة المجموعة أولا ً أن ترسم صورة لمجتمعها. (وقد يهون الأمر إذا بدأت قائدة المجموعة برسم صورة بسيطة في البداية). ثم تضيف المجموعة إلى الصورة، فترسم النساء الأشياء التي تسهم في الحفاظ على الصحة النفسية في المجتمع، والأشياء التي تسبب مشكلات في الصحة النفسية. ثم تبدأ المجموعة بدراسة الصورة والتفكير في الطرق الضرورية لتحسين صحة المجتمع النفسية. ويمكن لقائدة المجموعة أن تطرح الأسئلة التالية: - كيف يمكننا أن ندعم في مجتمعنا الأشياء التي تسهم في الصحة النفسية الجيدة؟ - ما هي الأمور الجديدة التي يمكننا أن نفعلها؟ - كيف تستطيع المجموعة الإسهام في إحداث هذه التغييرات؟ قررت مجموعة نساء تقيم في الضواحي المدنية المقامة على أراضي الغير في السلفادور تشكيل مجموعة مساندة. كانت النساء قد شهدن الحرب الأهلية، وهن يعملن الأن مع ضحايا، الحرب من خلال الكنيسة. وروت إحداهن كف بدأت المجموعة وكيف ساعدتها: "في أحد الأيام شعرنا جميعا بالحزن، دون أن نعرف السبب. لم يكن يبدو أن شيئا ً ما قد حدث ذلك اليوم ، لكننا جميعا شعرنا بالحزن. ثم تنبهت إحدانا إلى أن اليوم كان الذكرى السنوية لبداية الحرب التي شهدناها جميعا ً. عندئذ قررنا أن نشكل هذه المجموعة. شعرنا بالحاجة إلى الاقتراب بعضنا من البعض، لنفهم الأشياء التي عانيناها، ولنواجه مشاعرنا بعدما فقدنا أبناءنا وبناتنا وأزواجنا وجيراننا في الحرب - ومن أجل ماذا؟ وتحدثنا في هذه المجموعة عن تجارب عديدة لم نكن يوما ً نستطيع أن نحادث الأخرين عنها. وهكذا أخذنا شيئا ً فشيئا ً نخرج من صمتنا وندير ظهرنا لمشاعر العجز التي كنا جميعا ً نشعر بها. وتعلمنا أن المخاوف يمكن أن تتقلص إذا استطعنا أن نسميها. واكتشفنا أن المخاوف نفسها كانت تنتابنا جميعا ً: الخوف من ألا يفهمنا الأخرون، والخوف من عدم الحصول على جواب، والخوف من أننا إذا تحدثنا عن ذكرياتنا فقد تصبح أشد إيلاما. تحدثنا وبكينا وضحكنا، لكننا هذه المرة فعلنا ذلك معا. دعمتنا المجموعة, وساعدتنا لنتغير، وأعانتنا لكي نرى اتجاهات جديدة لحياتنا. لقد استطعنا أن نستمد طاقة وقوة جديدتين في أعمالنا. ونساعد الآن ضحايا الحرب - لا في إعادة بناء منازلهم واستعادة صحتهم فقط, بل أيضا ً فى التغلب على مخاوفهم ويأسهم . وبذلك يستطيعون بناء مستقبل جديد لأنفسهم ولمجتمعهم. ومع اننا فقدنا الكثير في هذه الحرب - ولم يحقق السلام الوعود - فإننا نشعر كأننا خلقنا شيئا ً جديدا ً. إن هذه المجموعة مثل أي طفل جديد، تمدنا بروح جديدة في هذه الدنيا وتعطينا القوة لكي نستمر". معالجة ردود فعل المرأة على الأذى - أهم طريقة لمساعدة امرأة تشكو من الأذى هي مساعدتها كيف تتعلم الوثوق بالآخرين من جديد. دعيها تتحكم بسرعة تطور العلاقة بينكما، فهي تحتاج لتعرف أنك تريدين الإصغاء، والانتظار حتى تشعر بأنها مستعدة للكلام. وأفضل بداية هي القيام بالعمل اليومي معا. - قد يفيد المرأة أن تتحدث عن حياتها قبل الأذى، وكذلك عن تجاربها الراهنة. فقد يقنعها هذا بأنها لا تزال هي هي، ولو تغيرت الحياة كثيرا ً في العديد من وجوهها. شجعيها، إذا بدا الأمر سليما ً، على القيام بالنشاط ذاته الذي كان يمتعها، أو الذي كان جزءا ً من حياتها اليومية الرتيبة. - قد يكون الحديث في بعض الأمور الأليمة صب جدا ً، أو قد "تدفن" هذه الأمور بعيدا ً حيث لا يمكن تذكرها. وتستطيع التمارين، من التصوير أو الرسم أو النشاط الجسدي مثل التدليك، أن تساعد المرأة في التعبير من هذه المشاعر الأليمة، أو التفريج عنها. - إذا كانت المرأة ترى حادثة الأذى في منامها، فيمكنها أن تضع بقربها حين تنام، شيئا ً ينتمي الى حياتها الجديدة. ويساعدها هذا الشيء، حين تصحو من الكابوس لتتذكر أنها في أمان. - إذا كانت الأمور التي تذكر المرأة بالأذى، تجعل إنفعالها مخيفا ً، ساعديها في أن تضع مخططا ً لهذه الأمور، التي لا يمكن تجنبها. فمثلا ً المرأة أن تقول في نفسها: "وجهه يشبه وجه الرجل الذي هاجمني، لكنه إنسان مختلف، وهو لا يرغب في إيذائي". - إذا كانت المرأة قد تعرضت للتعذيب أو الاغتصاب ذكريها بأنها غير مسؤولة عما قالته أو فعلته أثناء التعذيب. فكل المسؤولية تقع على عاتق الذين عذبوها. ساعديها لتفهم أن أحد أغراض التعذيب هو جعل الإنسان يشعر بأنه لا يستطيع الإحساس بعد الآن بأنه سالم معافى، ولكن هذا ليس صحيحا ً. سماعدة المرأة التي ترغب في الانتحار كل من تعاني كآبة نفسية شديدة معرضة للانتحار. قد لا تكون المرأة مستعدة للحديث عن تفكيرها بالانتحار، لكنها غالبا ً ما تعترف بذلك إذا سئلت. إذا اعترفت فحاولي أن تعرفي: - هل لديها خطة عن وسيلة الانتحار؟ - هل لديها وسيلة لتنفيذ الخطة؟ وهل تخطط لقتل آخرين أيضا ً (مثلا ً أطفالها)؟ - هل حاولت من قبل أن تنتحر؟ - هل يتأثر تفكيرها بالمخدرات أو بالكحول؟ - هل هي معزولة عن الأقارب أو الأصدقاء؟ - هل فقدت الرغبة في العيش؟ - هل تشكو مشكلة صحية خطيرة؟ - هل هى شابة وتعاني مشكلة خطيرة فى حياتها؟ إذا كان الجواب على أي من الأسئلة السابقة هو "نعم"، فهي معرضة أكثر من الآخرين لخطر محاولة الانتحار. لمساعدتها حاولي أولا ً محادثتها. فالبعض يبدأ بالإحساس بالارتياح ما إن يخبروك عن مشكلاتهم . فإذا كان الأمر كذلك، أو إذا كانت لا تزال تشعر بالمرارة, لكنها تسيطر على مشاعرها أفضل من ذي قبل، فاطلبي منها أن تعدك بألا تؤذي نفسها تبل أن تحدّثك. واذا كان التحادث عن مشكلاتها لا يفيد، أو إذا لم تستطع أن تعدك بمحادثتك، فهي بحاجة عندئذ إلى من يراقبها عن كثب. أخبري المرأة المصممة على الانتحار دوما ً، أنك عازمة على التحادث مع الآخرين للمساعدة في حمايتها. تحدثي مع أسرتها وأصدقائها، وشجعي شخصا ً من بينهم على المكوث بجانبها على الدوام. واطلبى منهم أن يُبعدوا عنها كل الأشياء الخطرة. إذا كانت خدمات الصحة النفسية متوافرة في مجتمعها، اسألي إذا كان ثمة من يستطيع أن يحدثها بانتظام. وقد تفيدها أدوية ضد الكآبة. قد تكون الأدوية ضرورية لمعالجة المشكلات الخطيرة. تحدثي مع عاملة صحية خبيرة بالأدوية الخاصة بالصحة النفسية. الأسهل في الغالب هو أن تتحوّل مجموعة موجودة إلى جماعة دعم, بدلا ً من تشكيل جماعة جديدة. ولكن كوني حذرة لدى اختبارك أية علاقة مساعدة. لا تقيمي علاقة مساعدة إلا مع من يحترم مشاعرك وخصوصيتك. لا يتشابه شخصان في العالم تماما ً في تجارب الحياة. إن فهم الآخرين يزيد معرفتنا على الدوام. تجري هذه التمارين في الأغلب ضمن مجموعة, لكن يمكن لامرأتين اثنين أن تقوما بها. قد تشعر بعض النساء بارتياح أكبر إذا استمعن وهن يعملن يدويا ً, في الحياكة أو الخياطة مثلا ً. إذا بدأت تشعرين بالانزعاج أو الخوف أثناء تمرين الاسترخاء هذا, فافتحي عينيك وتنفسي بعمق. إذا كنت تروين قصة عن مشكلة, فلا بد أيضا ً من التحادث في المجموعة عن الطرق لمالجتها. إذا عانت المجموعة أذى ومضى وقت كاف عليها, ففي إمكان النساء تحليل التجارب التي مرت بهن بدلا ً من تأليف قصة. ما إن تفهم المرأة انفعالاتهها, حتى تصبح المشاعر, عادة, أقل تحكما ً بها. يستطيع التدليك أن يسكّن المشاعر الأليمة. المرض العقلي (الذهان أو التشوش النفساني) المرأة المصابة بالمرض العقلي هي التي تبدو عليها إحدى العلامات التالية: - تعتقد معتقدات غريبة تخالط حياتها اليومية (أوهام) - فمثلا ً، تظن أن من يحبونها يريدون سرقتها. - لا تعود تهتم بنفسها - مثلا ً، لا ترتدي الملابس، ولا تغتسل أو لا تأكل - تتصرف تصرفا ً غريبا ً، مثل قول أشياء غير منطقية. ويتصرف بعض الأصحّاء أحيانا ً على هذا النحو، خصوصا ً إذا كان هذا السلوك جزءا ً من معتقدات مجتمعهم أو تقاليده. فمثلا ً إذا قالت امرأة إتها تلقت إرشادا ً في الحلم، فقد تكون معتمدة في ذلك على مصادر المعرفة والوحي التقليدية - ولا تشكو مرضا ً عقليا ً. ويغلب على هذه العلامات أن تكون علامات مرض عقلي, إذا عاودتها كثيرا ً واشتدت عليها حتى بات يصعب على المرأة أن توالي نشاطها اليومي. الحصول على عناية للمصابين بالمرض العقلي مع ان أفراد العائلة في معظم البلاد، هم الذين يعتنون بذوي المرض العقلي، إلا أن المفضل هو أن يحصل المريض عقليا ً على العلاج لدى عامل صحة نفسية مدرّب. وفي بعض الحالات يحتاج المريض إلى الدواء، لكنه يجب ألا يكون أبدا ً وسيلة العلاج الوحيدة . كذلك يمكن للطب الشعبي أن يلعب دورا ً مهما ً في معالجة الاضطراب العقلي. فإذا كان الطبيب الشعبي ينتمي إلى المجتمع ذاته الذي تنتمي إليه المريضة، فقد يكون ممن يعرفونها ويفهمونها. ولدى بعض الأطباء الشعبيين علاجات أو طقوس قد تساعد المرأة في حل مشكلتها. اطرحي هذه الأسئلة قبل أن تختاري العلاج : - ما غرض كل مرحلة من مراحل العلاج؟ ما الذي يجب أن نتوقعه ؟ - إذا لم تشكل المرأة خطرا ً على نفسها أو على الأخرين، فهل ممكن أن تحصل على العناية اللازمة في البيت، أو ضمن مجتمعها حيث تقيم؟ - هل ستترتب مهام ما على الأسرة فى المعالجة؟ - هل الشخص المعالج محترم فى المجتمع؟ - هل يسبب أي من أساليب العلاج ألما ً جسديا ً أو خجلا ً؟ إذا احتاجت المرأة إلى معالجة في مستشفى، فاطلبي دوما ً معاينة المستشفى قبل تركها فيه. تيقني من أن المستشفى نظيف، وأن المرضى آمنون ويمكنهم استقبال زوار، وانهم يحصلون على علاج منتظم, يوفره عاملون مدربون في الصحة النفسية. وينبغي أن يكون المرضى أحرارا ً في حركتهم, إلا ّ إذا شكلوا خطرا ً على أنفسهم وعلى الآخرين. واستعلمي عن الترتيبات الواجب اتباعها للسماح بخروج المريضة من المستشفى فيما بعد. قد تظهر علامات متشابهة من المرض أو التسمم أو اتلأدوية أو تناول المخّدر أو الأضرار في الدماغ. أيا تكن المعالجة, لا بد من معاملة الشخص المصاب بلطف واحترام وكرامة. وسائل تحسين الصحة النفسية في مجتمعك لاحظي الأشخاص المعرضين لخطر مشكلات الصحة النفسية. تكون المرأة معرضة إذا: - أصيبت بمشكلات في صحتها النفسية في الماضي. - فقدت بعض أفراد أسرتها أو انفصلت عن أسرتها. - تعرضت للعنف أو كان لها شركاء يتصفون بالعنف. - افتقرت إلى الدعم الاجتماعي الكافي. لاحظي مظاهر السلوك الأخرى التي قد تدل على مشكلات في الصحة لنفسية. إذا اشتبهت في أن امرأة ما تشكو مشكلات في صحتها النفسية، حاولي التعرف إليها أفضل. واستمعي إلى ما يقوله الآخرون عن سلوكها وكيف نغيرت. ولما كانت جذور مشكلات الصحة النفسية في الغالب تكمن في العائلة أو المجتمع، فكري في مقدار إسهامهما في هذه المشكلات. إبني على قوة المرأة. تطوّر كل امرأة أساليب لمواجهة المشكلات اليومية. ساعدي المرأة في ملاحظة الأساليب الجيدة التي اتبعتها في مواجهة المشكلات في الماضي، وكيف يمكنها أن تستخدم القوة هذه في حالتها الراهنة. اعملي طبقا ً لتقاليد المرأة وثقافتها. لدى كل مجتمع أساليب تقليدية لمعالجة مشكلات الصحة النفسية. وليست هذه الممارسات مفيدة على الدوام، لكنها يجب أن ينظر فيها دوما ً, وأن تستخدم ما أمكن. حاولي أن تعرفي ما أمكنك عن تقاليد المرأة, وكيف يمكن أن تكون مصدر قوة لها. إن أي شيء يساعد المرأة في معرفة حالتها أو في إضفاء معنى على تجربتها، يستطيع أن يفيدها فى صحتها النفسية. تذكوى أن لا حلول سريعة لمشكلات الصحة النفسية. واحذري اي شخص يعدك بحل سريع . أطلبي المساعدة عندما تحتاجين إليها. إذا لم تكن لديك خبرة في مشكلات الصحة النفسية، حاولي محادثة عامل مدرب في هذا المجال. فالاستماع إلى آخرين يشكون مشكلات صحة نفسية قد يشعرك بالغم، خصوصا ً إذا استمعت إلى الكثير منهم. راقبي نفسك لملاحظة إحساسك بالضغط, أو فقدانك الرغبة في مساعدة الآخرين, إو إذا كنت تتوترين أو تغضبين بسهولة. فهذه علامات على أنك تجعلين من مشكلات الآخرين مشكلات لك. أطلبي المساعدة وحاولي الاستراحة والاسترخاء أكثر، حتى تعملي عملا ً أجدى. أهم جزء في المعالجة هو إشعار المرأة أنها تحظى بالدعم والعناية. حاولي إشراك أسرتها وأصدقائها في المعالجة.
