كشفت دراسة حديثة أجرتها وزارة الصحة الصينية ، أن هناك 250 ألف حالة انتحار كل عام في الصين ، وأن هناك ما يقرب من 2 مليون شخص آخرون يحاولون التخلص من حياتهم. كما أظهرت الدراسة أن أعلى نسبة انتحار كانت في الريف بين النساء المسنات ؛ إلا أن النسبة الأعلى للمنتحرين بشكل عام كانت بين الشباب ، خاصة في الفئة العمرية بين 15 و34 عاما. وخلصت الدراسة ، أن ملايين الشباب في الصين يواجهون العديد من المشكلات والضغوطات الدراسية ، وأيضا مشكلات في العمل ، بالإضافة للأعباء الاقتصادية والعلاقات الاجتماعية غير الناجحة ، حيث إن الكثير منهم لم يتلقوا المساعدة التي يحتاجونها. من جانبها ، قالت لين كونهوي الخبيرة بمؤسسة تعليم الحياة والتدخل في الأزمات - إحدى المنظمات غير الحكومية في مدينة شانغهاي - " هذه الفئة من الأشخاص المسيطر عليهم الضغوط والأزمات بحاجة إلى مساعدة أكثر في المجال النفسي ..موضحة أن المركز تلقى نحو 632 مكالمة خلال الشهر الماضي ، ومعظمها من شباب ما بين 23 إلى 35 عاما ، منهم 20 \% على الأقل يحتاجون للمساعدة والتدخل العاجل". ويقول خبراء نفسيون أن عددا من الشباب في البر الرئيسي الصيني يعانون من ضغوطات كبيرة ، لكنهم لا يجدون فرصة للحديث مع الآخرين عن مشاكلهم ، على الرغم من أن (موضوع الانتحار) لا يزال موضوعا محرما في الصين ، وحتى عام 1990 لم تكن هناك أية دراسة عن مشكلات الانتحار. ونقلت صحيفة (الشعب) الصينية عن مدير مركز أبحاث الانتحار والوقاية منها التابع لمؤسسة شانغهاي للصحة النفسية مايكل فيليبس ، إشارته إلى أنه تم إجراء دراسة بالتعاون مع المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها ؛ لبحث ظاهرة الانتحار في المجتمع الصيني بين عام 1995 و2000 ، وتحدث المستطلعون مع أسر في 23 موقعا داخل الصين. وقال فيليبس ،"إن الانتحار مشكلة معقدة جدا ، وتختلف حالة الانتحار بين المجموعات المختلفة ، وأن هذه المشكلة بين الشباب لها علاقة بخلفيات التعليم والبيئة الأسرية ، وهناك الكثير من الأمور يتعين على الحكومة الصينية القيام بها لمواجهة هذه الأزمة. وأوضح أن الدراسة أظهرت أن معدل الانتحار في الصين بلغ 023ر0 \% في الفترة ما بين عام 1995 و1999، وهي واحدة من أعلى المعدلات في العالم. وأشار إلى أنه وفقا للدراسة ، فقد انخفض معدل الشباب المنتحر في السنوات الأخيرة بفضل الرقابة على شراء المبيدات الحشرية خاصة ، وأن الكثير من المنتحرين فى الصين تخلصوا من حياتهم عبر شرب المبيدات الحشرية ، إضافة لزيادة الدعم الطبي والوعي الثقافي والتعليمي. ووفقا للتقرير الصادر عن وزارة الصحة الصينية ، أظهر استطلاع للرأي أجرى بين أكثر من 3800 مراهق في مدينة (فوشان) بمقاطعة (قوانغدونغ) الصينية في عام 2008 ، أن 17 \% من الفتيات في المدارس المتوسطة حاولن الانتحار، وكانت الأسباب الرئيسية وراء ذلك ضغوط حياتية ومشاعر العزلة والوحدة. وقال شيو كايون ، الأستاذ في معهد علم النفس في جامعة بكين "إن هناك علاقة واضحة بين الانتحار ونظام التعليم الأساسي في البلاد..موضحا أن المشكلة أكثر خطورة في الجامعات المرموقة ، حيث ينبغي على الفتيات التعلم بجد لحصول على درجات عالية منذ طفولتهن ، لكن على الرغم من أنهن من الطالبات المتميزات في الصف إلا أنهن يفتقرن إلى المعرفة حول قيمة الحياة خاصة عندما تصبح نفسيتهم هشة ، الأمر الذي يمتد بهذه المشاكل إلى عملهم وحياتهم بعد التخرج". على صعيد ذي صلة ، كشف تقرير للمركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية أن الاكتئاب بإمكانه أن يزيد مخاطر محاولة الانتحار بنسبة تصل إلى 20 مرة، كما تزيد اضطرابات القلق مخاطر الانتحار من 6 إلى 10 مرات ، وتعاطي الكحول إلى 6 مرات ، وهو الأمر الذي دفع جامعة بكين لتقدم دورات في الإرشاد النفسي مرتين في الأسبوع لمساعدة الطلاب الصينيين على التعامل مع الضغوطات التي تواجههم. ومن جانبه ، قال تشانغ تشى نائب مدير مركز الإرشاد النفسي في جامعة شرق الصين للعلوم والتكنولوجيا إن الشباب الذين ينشأون تحت حماية أسرهم ، يجب أن يكون هناك منصة خاصة بهم للتحدث كلما شعروا بالقلق أو وقوعهم في ورطة. وأضاف أن عدم الحديث وحفظ كل الأشياء في قلبهم يمكن أن يؤثر على صحتهم ، وإن حل المشكلة يحتاج الى التعاون بين الأسر والمدارس والحكومة. وبدوره ، قال المدير السابق لمركز بكين لتدخل لحل الأزمة النفسية تساو يانيوان "على الرغم من عدم وجود علاج لجميع الأمراض ، إلا أن الدعم الاجتماعي والمساعدة والمشورة كان لهم دور كبير في تخفيض معدل الانتحار" وأضاف "منذ استحداث خط ساخن للانتحار فى الصين عام 2002 في العاصمة بكين ، استمرت المبادرات والمشروعات المماثلة في عدد من المدن الرئيسية فى الصين مثل شانغهاي وقوانغتشو وهانغتشو ونانجينغ وتايوان.