مر قطار العام 2013 في مصر بعدد من المحطات التي عكست حقيقة المشهد الذي تعيشه مصر، بداية من الإعلان الدستوري الذي أصدره "المعزول" في نوفمبر 2012، إلى مواجهة العمليات الإرهابية التي تضرب البلاد، واعتبار الإخوان "جماعة إرهابية" مرورا بتأسيس حركة "تمرد" وثورة 30 يونيو، وبيان عزل مرسي، واعتصامي رابعة العدوية والنهضة، وتشكيل لجنة الخمسين لإعداد مشروع جديد للدستور، والاستعدادات الجارية للاستفتاء ثم انتخاب مجلس نواب ورئيس جديدين. قرارات وسياسات المعزول أثارت حفيظة القوى السياسية خاصة بعد الإعلان الدستوري في نوفمبر 2012، والذي لقي اعتراضا من المجتمع وخرجت ضده المظاهرات الاحتجاجية ، وانتشر العنف الإخواني لدعم مرسيهم، ومن خلفه مكتب الإرشاد والتنظيم الدولي للجماعة. "تمرد" وسقوط الإخوان: أجواء الخلافات والانقسام والاحتقان والتوتر وعدم الاستقرار السياسي، كانت تلقي بغيومها على المشهد السياسي خلال حكم الإخوان، خاصة مع رفض القوى السياسية للحوار مع الجماعة، بعد رفض مطالبهم بتغيير حكومة هشام قنديل، ودخلت الجماعة صراعا مع مختلف القوى السياسية، ومؤسسات الدولة، والقضاء والداخلية والقوات المسلحة والإعلام. وخلال حكم مرسي وقعت الكثير من الاشتباكات بين أنصار الإخوان والمتظاهرين المعارضين، وتجاوزت اعتداءات شباب الإخوان إلى محاصرة المحكمة الدستورية العليا، والاعتداء على المتظاهرين أمام مكتب الإرشاد بحي المقطم وقصر الاتحادية الرئاسي بحي مصر الجديدة، حتى أرتفع سقف مطالب المتظاهرين حيث طالبوا بتنحي مرسي عن الحكم وإسقاط حكم الإخوان، وتمكنت حملة "تمرد" من جمع ما يزيد عن 30 مليون توقيع، وخرجت الملايين في 30 يونيو 2013 إلى الشوارع والميادين تطالب بإسقاط حكم الإخوان. 30 يونيو وعزل مرسي: عدم الاستقرار دفع القوات المسلحة إلى إصدار بيان أمهلت خلاله السلطة 48 ساعة من أجل التوافق بين القوى السياسية وأن يقدم مرسي حلا للأزمة لاحتواء الغضب الشعبي من سياسات الجماعة على مدار عام، لكن خطاب مرسي جاء متجاهلا مطالب المتظاهرين وزاد من غضب الجماهير التي تجمعت في الميادين مطالبة برحيله وتعطيل الدستور. وفي 3 يوليو أعلن وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي ومن خلفه ممثلو القوى السياسية المختلفة وشيخ الأزهر وبابا الكنيسة عن عزل مرسي وتعطيل دستور العام 2012 وتكليف رئيس المحكمة الدستورية العليا بمهام الرئيس المؤقت إلى حين الانتهاء من إقرار الدستور وانتخاب رئيس جديد. فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة: وبعد اعتصام استمر 45 يوما لأنصار الإخوان الإرهابية احتجاجا على عزل مرسي، بمنطقة رابعة العدوية بحي مدينة نصر، وميدان النهضة بالجيزة، وفشل مبادرات فض الاعتصام دون تدخل أمني، تمكنت قوات الشرطة من التدخل وفض الاعتصام، وحدثت الاشتباكات المسلحة التي أسفرت عن سقوط ضحايا من الجانبين. واعتراضا على فض الاعتصام تقدم رئيس حزب الدستور محمد البرادعي باستقالته من منصبه كنائب للرئيس للشؤون الدولية. الإرهاب يضرب مصر: عقب عزل مرسي ضربت مصر موجة من العمليات الإرهابية التي بدأت من شبه جزيرة سيناء، حتى وصلت اليوم إلى العاصمة المصرية القاهرة والمحافظات خاصة تلك القريبة من سيناء. ودعا المرشد العام للجماعة، محمد بديع، من أعلى منصة اعتصام رابعة العدوية إلى تعبئة عامة في الشوارع حتى عودة مرسي إلى السلطة. واللافت أنه ومنذ 30 يونيو تدرجت عمليات الجماعات المؤيدة للإخوان ضد أجهزة الأمن والشرطة بداية من اعتصام رابعة العدوية والنهضة إلى تفجير مديرية أمن المنصورة، مرورا بمحاولة اقتحام الحرس الجمهوري، وأحداث شارع النصر بحي مدينة نصر، ومسجد الفتح بحي رمسيس، إلى جانب تلك التي تستهدف قوات الأمن من الجيش والشرطة في شبه جزيرة سيناء، فضلا عن انتشار السلاح بصورة تدعو للقلق. بينما تعالت الأصوات المطالبة باعتبار الإخوان جماعة إرهابية لكن حكومة الدكتور حازم الببلاوي ظلت تتردد في اتخاذ القرار لفترة طويلة. محاكمات قادة الإخوان: حوادث الإرهاب التي تضرب مصر خلقت مشاعر من الغضب الشعبي تجاه الجماعة الإرهابية وقياداتها، واعتقادا بأن الجماعة تسعى للحكم على حساب مصالح المجتمع، مما دفع جموعا من المصريين إلى رفع صور قادة الإخوان بداية من الرئيس المعزول محمد مرسي ومرشد الجماعة محمد بديع، ونائبه خيرت الشاطر، والقيادي البارز محمد البلتاجي، وهم يرتدون الزي الأحمر المخصص لمن صدرت ضده أحكام قضائية بالإعدام. وفيما يتعلق بالمحاكمات القضائية فقد كثفت أجهزة الأمن جهودها عقب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة وألقت القبض على أغلب قيادات الجماعة، ووجهت لهم اتهامات جنائية مختلفة لعل أبرزها اتهامات بقتل المتظاهرين المعارضين للإخوان، والتخابر لصالح جهات أجنبية، والتحريض على نشر العنف والإرهاب وترويع الآمنين في مصر. مشروع الدستور: شُكلت لجنة تتكون من خمسين شخصية تمثل مختلف طوائف المجتمع المصري بهدف تعديل دستور العام 2012 بما يتناسب وأهداف ثورة مصر الطامحة لتغيير حقيقي في البلاد، فأنجزت اللجنة برئاسة عمرو موسى مشروع دستور جديد من المنتظر أن يتم التصويت عليه خلال يومي 14 و15 يناير القادم، ونجاح لجنة الخمسين منح موسى شهادة ميلاد جديدة لهذا الدبلوماسي المصري الذي شغل منصب وزير خارجية مصر قبل أن يصبح أمينا عاما لجامعة الدول العربية. إعلان الإخوان "جماعة إرهابية": العمل الإرهابي الذي تعرضت له مديرية أمن الدقهلية بمدينة المنصورة، زاد من الضغط الشعبي على الحكومة حتى أصدرت قرارها باعتبار الإخوان "جماعة إرهابية" طبقا لنص المادة 86 من قانون العقوبات المصري، والقرار يمكن أن يساعد في محاصرة الجماعة والتيارات والجماعات الدينية الأخرى، وتضييق الخناق على قيادات الجماعة وأملاكها ومؤسساتها. والقرار يضع قيادات التنظيم الدولي للإخوان في مواجهة الدول التي تستضيفهم ويمكن أن يؤثر على العلاقات الرسمية مع القاهرة، التي قامت بمخاطبة الدول المختلفة بالقرار، كما أرسلت مذكرة قانونية بذلك، للدول العربية الموقعة على اتفاق عام 1998 لمكافحة الإرهاب. مصر تستقبل 2014: مصر تستقبل العام القادم بتأمين الاحتفالات بأعياد الميلاد خاصة تلك المراسم التي تقام في الكنائس المصرية المختلفة، كذلك تستعد للاستفتاء على مشروع الدستور الذي يعتبر إقراره خطوة حاسمة لخارطة المستقبل واستفتاء على قادة المرحلة وكشفا لملامح مصر ما بعد 30 يونيو، باختصار مصر تودع عاما من الصراعات ومواجهة الإرهاب وتستقبل عام الحسم والمضي قدما في طريقها.