تناول تقرير لصحيفة "ذي أتلانتك" الأمريكية مستقبل تنظيم داعش الإرهابي، بعد خساراته الكبرى لعدد من أهم نقاط تمركزه الجغرافي في الفترة الأخيرة، وبعد اعتماده على السيطرة على مساحات جغرافية واسعة في السابق، حتى وصلت في ذروة قوة التنظيم إلى ما يوازي مساحة دولة الأردن كاملة. التقرير أشار إلى أن داعش خسر نحو 15% من مناطق سيطرته في 2015، كما خسر 16% من المناطق منذ بداية 2016 وحتى اللحظة، بعضها كانت هزائم إستراتيجية مثل فقدان السيطرة على مدينة دابق السورية، وعلى المناطق الحدودية بين سوريا وتركيا، ومدن الرمادي والفلوجة والعراقية. وتعتبر الصحيفة أن داعش اعتمد في إطلاق خلافته المزعومة على سيطرته الجغرافية الواسعة، وفي حالة خسارتها فإنه لن يتمكن من العمل كجماعة سرية صغيرة مثل سائر الجماعات الإرهابية، نظرًا ليقامه على مفهوم "دولة الخلافة". ولكن رأى الباحث ويليام مكانتس، في تصريحات ل "ذي أتلانتك"، أنه التنظيم يمكنه أن يستمر في شن هجمات إرهابية حول العالم، واستغلال الخلل السياسي في سورياوالعراق، على الرغم من خسارته لمساحات الأراضي، وذلك حتى يستمر في استقطاب المقاتلين الأجانب وتبرير خلافته المزعومة. وأوضح مكانتس في حواره مع الصحيفة الأمريكية، أن التنظيم استطاع أن يبدأ في الظهور "كدولة من دون دولة"، أي من دون مساحات جغرافية تسيطر عليها. ففي البداية كان أبو مصعب الزرقاوي، أمير تنظيم القاعدة في العراق، يحلم بدولة إسلامية تصل بين مدينتي الموصل العراقية وحلب السورية، ويؤكد على أهمية السيطرة الجغرافية لبناء دولة الخلافة. وبعد وفاته تولى أبو أيوب المصري منصبه ليغيّر اسم التنظيم إلى "الدولة الإسلامية في العراق"، بإقناعه المقاتلين معه أنهم بدءوا بكيان صغير كما بدأ النبي محمد من قبل، وسوف ينتقلون من قوة إلى قوة ومن نصر إلى نصر فيكبر كيانهم الوليد. وأضاف الباحث أن السيطرة على مساحات جغرافية كانت عاملًا مؤثرًا في تغير فكر التنظيم، من فكر تنظيم القاعدة المعتمد على تشكّل الدولة الإسلامية بعد ظهور السيد المسيح في آخر الزمان، من خلال اتحاد الدول الإسلامية، إلى تقديم ابتكار جديد يدّعي بناء دولة إسلامية تقدم الخلاص للأمة. وفين حين قدّم التنظيم ذلك الخلاص المفترض بشكل فوضوي، فإن خطوة السيطرة الجغرافية أضافت إلى داعش خبرة الحكم وتطبيق النظريات الجهادية على أرض الواقع، وإن لم ينجح فيها بسبب قتاله على كل الجبهات. مكانتس أشار أيضًا إلى أن رغبة التنظيم في التوسع الجغرافي السريع وضعته في "مأزق رهيب"، مضيفًا: "استمر التنظيم في محاولات التوسع في كل الاتجاهات، ومعاداة كل الأطراف، مما وضع إمبراطوريتهم الناشئة في خطر. وبرّر زعماء التنظيم ذلك بأن النبي وعد المسلمين بالانتصار على العالم، وبالتالي سوف ينتصر التنظيم لا محالة لأنه أقام الخلافة، وخساراته ما هي إلا انتكاسات مؤقتة".