تناول تقرير لمجموعة صوفان الأمريكية للاستشارات الأمنية الانحدار التدريجي الذي بدا ملحوظًا على تنظيم داعش الإرهابي، والذي بدأ ظهوره على الساحة الدولية بتصاعد مفاجئ مطلقًا على نفسه اسم "الدولة الإسلامية" بعد انشقاقه عن تنظيم القاعدة، وحقق انتصارات كبرى على الأرض مكنته من إعلان خلافته المزعومة وعاصمتها مدينة الرقة السورية، ثم بدأ يُصاب بالهزائم ويواجه خسائر مادية وبشرية كبرى عادت به إلى طور "الجماعة المتمردة" ثم "التنظيم الإرهابي". وقال التقرير المنشور أمس: "يشكل داعش ظاهرة تظهر أهم سماتها في السيطرة على مساحات ممتدة من الأراضي، واستخدام دعاية تظهر عدة زوايا جذابة في خلافته المزعومة لتحفيز دوافع ورغبات شخصية لدى عشرات الآلاف من المقاتلين الذين انضموا إلى صفوفه في سوريا والعراق". وأضاف أن الأسباب التي تدفع المقاتلين على اختلاف تصنيفاتهم إلى الانضمام إلى التنظيم بدأت تتضاءل لخسائره المتكررة، وبدأ عدد الراغبين في الانضمام يقل. مشيرًا إلى أن الهزائم الحاسمة التي تلقاها في سوريا والعراق لن تمحوه من الوجود، بل تفقده مساحات كبرى من الأراضي تدفعه إلى التحول من نمط "دولة الخلافة" الذي يزعمه إلى تنظيم إرهابي قوي، وسوف يستمر مقاتلوه المحليون في ليبيا وسيناء وغيرهما في القتال نظرًا لاستمرار دوافعهم المحلية المتعلقة ببلادهم، مع قلة العمليات العسكرية في مقابل زيادة "الهجمات الإرهابية" كالعمليات الانتحارية. وتوقع التقرير أن يواجه التنظيم تناقصًا كبيرًا في أعداد المقاتلين المحليين المنضمين إليه، وتناقصًا أكثر حدة في أعداد المقاتلين المهاجرين من أوروبا ومختلف دول العالم إلى معاقل التنظيم في سوريا والعراق، مع تناقص بشكل خاص في أعداد النساء والعائلات المهاجرة تزامنًا مع تلاشي الهالة التي أحاط بها داعش صورته كدولة الخلافة. ومع تلاشي تلك الهالة، وفقًا لتقرير المجموعة، يعود داعش إلى ما يشبه صورة القاعدة، كتنظيم إرهابي تقليدي أصبح لا مركزي في قيادته بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، وبدأ في توطيد علاقته بالمجتمعات المحلية لمواجهة الضغط الهائل الذي تعرض له. موضحًا: "ربما يتبنى داعش نفس الاتجاه بدافع الضرورة، وسوف يكون اعتماده على المقاتلين المحليين أكثر من الأجانب أبرز التحولات في سياسته، مع الاستمرار في الظهور كتهديد عالمي واستغلال قدراته على تنفيض عمليات في أوروبا وجنوب أفريقيا وغيرهما؛ ولكنه لن يشكل ظاهرة الخلافة المركزية التي تضم في معظمها مقاتلين أجانب. وربما تظل أفكاره واسعة الانتشار، ولكن ستخضع أفرعه، أو (ولاياته) كما يزعم، غلى سيطرة مجرمين وإرهابيين من المستوى المحلي أو الإقليمي".