لا يوجد تفاؤل مطلق ولا تشاؤم مستمر فلكل أسبابه ومعطياته لكن تبقي الرؤية الاقتصادية الثاقبة هي العين التي تبدد غشاوة الظلال الرمادية التي تزداد كلما ازداد وطيس الأزمة.. والحقيقة التي لا يمكن إنكارها الآن أن العالم الآن هو عالم الأزمات الاقتصادية وزوابع الاضطرابات السياسية لكن الأهم بحسب الخبير المصرفي هاني أبوالفتوح هو استيعاب الدروس والابتكار وقت الأزمات ففي رؤية شاملة له للأوضاع السياسية والاقتصادية يري أنه ينبغي في مثل هذه الأوقات أن يكون لدينا تفاؤل مقترن بحذر فالاقتصاد المصري نجا من الدمار المصاحب لمعظم الثورات فعلي الرغم من انخفاض الاحتياطي النقدي والتراجع الشديد في أسعار الاسهم لم ينهار الجنيه المصري ولم تنهار البورصة بسبب ثقة المستثمرين في بنية الاقتصاد المصري لكنه قال إنه ينبغي أن نواجه تحديات عجز الموازنة بالتوقف عن إغواء البنوك في السقوط في مستنقع تمويل الدين وضرورة إتباع سياسة مالية انكماشية.. وإلي نص الحوار: * كيف تقرأ بعين خبير الأوضاع الاقتصادية؟ ** أنا لدي قدر من التفاؤل بالحذر، من الطبيعي بعد أي ثورة أن يتم القضاء علي نظام فاسد جعل الأغنياء أكثر غني والفقراء أكثر فقرا، وبالتالي بعد الثورة من الطبيعي أن تتحسن الأحوال بالقضاء علي الفساد والنهب الممنهج، ولحسن الحظ نجت مصر من الدمار المصاحب لمعظم الثورات فعلي الرغم من انخفاض الاحتياطي النقدي والتراجع الشديد في أسعار الاسهم لم ينهار الجنيه المصري ولم ينهار الجنيه المصري ولم تنهار البورصة بسبب ثقة المستثمرين في بنية الاقتصاد المصري. اللافت للنظر أن التحول الديمقراطي في مصر يرسل رسالة طمأنينة إلي العالم الخارجي والمستثمرين مما يعطي دفعة قوية للاقتصاد والاستثمار إلا أن الصورة برمتها ليست وردية فمازالت هناك صور سلبية عن الأمن والمطالب الفئوية المبالغ فيها وبعض مظاهر التشدد الديني، كما أن زيادة نسبة العجز في الموازنة العامة اقتربت من الحدود الخطرة أو ما يقرب من 10% كل ذلك يدفع للترقب لحين استقرار الأوضاع. * هل تري أن أزمة الغذاء ستكون كتلك التي شهدناها في عام 2008؟ ** العالم سيواجه أزمة غذاء أسوأ مما حدثت في عام 2008 في ظل مساحة الأرض المخصصة لإنتاج وقود حيوي بدلا من الغذاء لذلك تناقش مجموعة العشرين موضوع تفادي حظر تصدير المحاصيل والتي سوف تتأثر بارتفاع الأسعار مثل القمح والذرة التي تنتج في دول مجموعة العشرين وكذلك الولاياتالمتحدة التي تأثرت بالجفاف بالإضافة إلي ضعف المحصول في روسيا ومنطقة البحر الأسود. نحن ننظر بترقب احتمال تكرار أزمة الغذاء في ضوء ارتفاع أسعار الغذاء 6% في شهر يوليو المقبل وكذلك الأنباء التي وردت من هيئة الأحوال الجوية الرسمية في اليابان التي تشير إلي حدوث ظاهرة النينيو واستمرارها حتي الشتاء، وتأثيرها علي إمدادات الغذاء العالمية المتضررة بالفعل من الجفاف وارتفاع الأسعار، ونعزز الحلول التي تري أن المخرج من الأزمة يكون بمحاولة استغلال الأراضي الخصبة في مصر والسودان والاستثمارات الخليجية من أجل تحقيق الأمن الغذائي لشعوب الممنطقة. * عادت الاندماجات والاستحواذات إلي القطاع المصرفي فهل تري أنها تعبر عن نجاح أو التقييم قد يتضرر في ظل سوء الأحوال الاقتصادية في المنطقة؟ ** تعتبر صفقات الاندماجات والاستحواذات ظاهرة طبيعية مع بحث صناديق الثروة السيادية عن طرق لانفاق الأموال التي تدرها مبيعات النفط وسعي المؤسسات المالية الاقليمية إلي التوسع خاصة أن السوق المصري واعد وجاذب للاستثمارات لأنه أكبر سوق استهلاكي في المنطقة العربية وسياسة الدمج والاستحواذ علي البنوك ليست حديثة علي الجهاز المصرفي فالهدف هو جذب الاستثمار. أري أن الاستحواذات ستسهم في ايجاد كيانات مالية كبيرة تستطيع منافسة الكيانات الأجنبية لأنه لا مجال حاليا للمؤسسات المالية الصغيرة كما أني لا أتوقع أن تؤثر الأحوال الاقتصادية علي التقييم لأن النظرة المستقبلية لمصر ايجابية والسوق المصرفية ما زالت شديدة الجاذبية للمستثمرين العرب علي وجه التحديد. * كيف تري خطورة زيادة استثمارات البنوك الأجنبية في الخارج؟ ** تنظر بعض البنوك بالتحوط وتلجأ إلي توظيف أرصدتها في الخارج ويظهر هذا جليا في تخوف بعض البنوك العربية والأجنبية من حالة عدم الاستقرار مما يدفعها إلي زيادة إيداعاتها ببنوكها الأم كما يرجع أحد أسباب الزيادة في أرصدة البنوك في الخارج إلي ارتفاع ودائع العملاء بالبنوك محليا، وفي ظل انخفاض معدلات التوظيف لهذه السيولة بالعملة الأجنبية بسبب تباطؤ الاقتصاد تلجأ البنوك إلي تشغيل السيولة الفائضة بالبنوك الخارجية و استثمارها كأحد أساليب التحوط من أجل الوصول إلي أفضل نتائج لتوظيف السيولة لدي البنوك المراسلة بالخارج. وبلا شك أن هناك عوامل مخاطر في توظيف الأرصدة الأجنبية بالخارج ترتبط بالتركز والجدارة الائتمانية للبنوك المراسلة في الخارج وكذلك المخاطر السياسية ومن دواعي الاطمئنان أن البنك المركزي يراقب الوضع عن كثب وكان قد اصدر ضوابط تتعلق بالتوظيف الخارجي لأموال البنوك، وتصنيف المخاطر بحسب الدول ووضعها الاقتصادي في ضوء مخاطر الاستثمار في مناطق كثيرة من العالم بعد الأزمة المالية في 2008 والمصاعب في منطقة اليورو. * كيف تقرأ استمرار ظاهرة الاعتماد علي البنوك في تمويل الدين المحلي وتأثيره؟ ** بعد قرار البنك المركزي خفض نسبة الاحتياطي الالزامي للبنوك من 12% إلي10% أسهم ذلك في تو فير سيولة للبنوك يذهب الجزء الأكبر منها للطروحات الخاصة بوزارة المالية كأذون الخزانة والسندات لتغطية الدين المحلي. ونحن لا نؤيد إغراء البنوك بتمويل الدين المحلي لتمويل عجز الموازنة لأنه يعتبر تحولا عن المسار الصحيح لوظيفة البنوك وعلي الحكومة أن تبحث عن مصادر غير تقليدية لتمويل عجز الموازنة خاصة أن مصر تواجه أزمة اقتصادية كبيرة بسبب عجز الموازنة، المقدر بنحو 135 مليار جنيه، لذلك يجب اللجوء إلي برامج اقتصادية من أجل تقليص عجز الموازنة من خلال تعزيز الايرادات وترشيد الانفاق.