خفضت البنوك المصرية من أرصدتها المستثمرة فى الخارج بنحو 9 مليارات جنيه فى سبتمبر الماضى، للشهر الثانى على التوالى، بعد أن كانت قد ارتفعت لعدة أشهر متتالية بعد ثورة يناير، لتتراجع 10.67% فى ذلك الشهر بعد ارتفاعها 76.74% بنهاية العام المالى الماضى بحسب أحدث تقارير البنك المركزى. وقد وصل إجمالى أموال البنوك المستثمرة فى الخارج بنهاية سبتمبر الماضى إلى 82.467 مليار جنيه بعد أن كانت 91.268 فى الشهر الذى يسبقه، ثانى شهور العام المالى الجديد 2011/2012، فى خطوة تعيد وضع تلك الاستثمارات إلى ما كانت عليه إبان الأزمة المالية العالمية فى 2008.
واعتبر مساعد مدير الاستثمار بالمصرف العربى الدولى، محمد النادى، أن «أزمة السيولة الحالية واحتياج البنوك إلى أموال تمكنها من تنفيذ قواعد بازل 2 المقرر تطبيقها مارس المقبل خاصة فيما يتعلق بمعدل زيادة رأسمال ومناسبته للمخاطر، جعلت البنوك تحرص على توفير سيولة هى فى اشد الاحتياج إليها، خاصة أن العائد على تلك الأموال المستثمرة فى الخارج ضعيف فى ظل الأوضاع الاقتصادية المضطربة بتلك الأسواق».
وأضاف النادى أن التخلص من الاستثمار فى الأصول السائلة، وهو الأسرع لتلبية سيولة ملحة فى الوقت الحالى دافع أساسى فى تراجع تلك الاستثمارات التى كانت قد زادت فى السنوات الماضية للحصول على عوائد مرتفعة.
من جانبه، يرى الخبير المصرفى، أحمد آدم، إن ذلك التراجع هو «بداية تصحيح لوضع خاطئ استمر طوال الشهور الماضية رغم حاجة الاقتصاد المصرى إلى كل جنيه، خاصة أن توظيف تلك الأموال لا يضيف إلى البنوك المصرية قوة مالية، حيث تراجع عائد توظيفها بشكل كبير بسبب الظروف السئية للاقتصاد الأمريكى والأوروبى».
وطالب آدم برفع معدل توظيف الودائع إلى الاقراض فى مصر الذى لا يتجاوز 50%، وانخفض بعد ثورة يناير إلى حالة الانكماش فى بعض الشهور لامتصاص تلك الأموال التى كانت تستثمر فى الخارج على الرغم من التدنى الكبير لأسعار الفائدة هناك، وعلى الرغم أيضا من عدم زيادة الاستيراد حتى شهر مارس الماضى. وهذا الوضع، بحسب آدم، يرجع إلى عدة أسباب، أهمها تخوف البنوك الأجنبية والعربية من الأوضاع بمصر مما رفع من إيداعاتها ببنوكها الأم. إما أن هناك خطابات ضمان، وكذا اعتمادات مستندية استيراد أو شيكات مقبولة الدفع كتحويل غير مباشر لأموال رجال أعمال مصريين، وجارٍ التعامل معها خارجيا.
«ومن الطبيعى أن تزيد أرصدة البنوك فى الخارج، فى ظل توقف الاقراض المحلى، وتحوط البنوك فى المنح على الرغم من الفائدة المتدنية التى تحصل عليها من التوظيف فى الخارج لكن البنوك الحكومية الأكبر فى السوق قد تكون قررت خفض استثمارتها فى الخارج بقرار حكومى وسط الحاجة الشديدة إلى سيولة داخلية» أضاف النادى.
كان بنكا الأهلى المصرى ومصر، أكبر البنوك الحكومية، قد قررا بشكل مفاجئ قبل شهر رفع أسعار الفائدة على المنتجات المصرفية ومنها الشهادات البلاتينية بمقدار 200 نقطة أساس دفعة واحدة أى بنسبة 2% لتصبح 11.50% بدلا من 9.50%. لجذب مزيد من السيولة ومحاولة الحفاظ على الودائع وجذب عدد من العملاء للبنك فى ظل حالة الركود التى تعصف بالأسواق المحلية حاليا، وهو الاتجاه الذى اتبعته معظم البنوك بعد ذلك.