لأول مرة منذ شهر يونيو الماضى، تسجل القروض الحكومية لدى القطاع المصرفى انخفاضا بنسبة 1.6%، ليصل إلى 319.19 مليار جنيه فى شهر أكتوبر، تبعا لتقرير البنك المركزى لشهر ديسمبر، الصادر أمس، بعد أن كانت مسجلة زيادة 3.2% فى سبتمبر. يرى أحمد سليم، المدير بالبنك العربى الإفريقى الدولى، أن تراجع القروض الحكومية بنحو 5 مليارات جنيه فى شهر أكتوبر وحده، ليس بسب عدم حاجة الحكومة للاقتراض، ولكن نتيجة لتخففها من نسبة من عبء خدمة الدين نتيجة لخفض سعر الفائدة، وهو ما قلل من تكلفة خدمة الدين الحكومى، «فخفض الفائدة 6 مرات على التوالى من قبل البنك المركزى، كان بغرض خدمة الاقتراض الحكومى بالدرجة الأولى»، كما جاء على لسانه. وأشار سليم إلى إمكانية أن تكون الحكومة قد استخدمت موردا ماليا آخر مثل الارتفاع الطفيف الذى حدث فى صادرات البترول، لسداد جزء من احتياجاتها المالية، وهو ما خفض اقتراضها فى شهر أكتوبر. من جانب آخر، أرجع على فايز، مدير اتحاد البنوك السابق، تراجع الإقراض الحكومى، إلى رغبة الحكومة فى وقف الزيادة فى الدين المحلى، الذى أصبح خارج السيطرة، ويشكل عبئا مستقبليا هائلا عليها، وفقا له، مما يجعلها تفكر فى وسائل بديلة مثل الضرائب. فى المقابل، استمر حجم الائتمان المقدم للقطاع الخاص فى تسجيل زيادة طفيفى للشهر الثانى على التوالى ليصل إلى 396.951 مليارجنيه، مسجلة نموا قدره 0.43%. وكانت القروض الممنوحة للشركات الخاصة قد سجلت نفس معدل الزيادة فى الشهر الماضى للمرة الأولى منذ يونيو. «المركزى يكشف الأرقام الحقيقية للقروض المقدمة إلى القطاع الخاص، بعيدا عن ما تعلنه البنوك من ترتيبات لقروض مشتركة كبرى داخل السوق، فهو لا يعتمد إلا ما يصرف بالفعل وليس ما يعلن عن ترتيبه»، يضيف سليم، مشيرا إلى أن المليار جنيه المقدمة من البنوك للقطاع الخاص فى أكتوبر، دليل على حالة الحذر فى المنح من قبل إدارات الائتمان رغم ما يتم الإعلان عنه. وكانت البنوك قد أعلنت عن ترتيب قروض ضخمة فى الشهور الماضية، سواء للحكومة فى قطاع الكهرباء والبترول، بشكل أساسى، منها مليار دولار لصالح (موبكو) ومليار جنيه لمحطة كهرباء العين السخنة، مع ترتيبات أخرى تجرى لإقراض الهيئة العامة للبترول نحو 11مليار جنيه من بنوك عالمية ومحليه، أو للقطاع الخاص مثل المقدم من البنك الأهلى ومصر لمجموعة عز والبالغ مليارا جنيه. وبرغم زيادة نسبة الإقراض للقطاع الخاص، فإن فايز يراها زيادة «طفيفية»، لا تعكس نسبة التخفيض الحالى فى سعر الفائدة، ولكنه يبررذلك بعدم وجود فرص جيدة فى القطاع الخاص لامتصاص السيولة لدى البنوك «فما زال معدل توظيف الودائع فى القطاع المصرفى منخفضا». من جهة أخرى، بحسب فايز، يواجه المستثمر فى القطاع الخاص عقبات كثيرة لا تمكنه من إتمام ما ينوى من مشروعات، مما يجعل الطلب على الإقراض المصرفى، والمشروعات المؤهلة للاقتراض، ضعيفا. وكانت لجنة السياسة النقدية قد قامت بتخفيض الفائدة 6 مرات متتالية خلال العام الحالى، لتصل إلى 8.25% على الإيداع، و9.75% على الإقراض، قبل أن تقوم بتثبيتها فى آخر اجتماعين. وذلك بعد أن كانت قد قامت برفعها ست مرات خلال العام الماضى لتصل إلى 13.5% على الإقراض، و11.5% على الإيداع فى نهاية 2008. نمو ودائع القطاع العائلى يتراجع وسجلت الودائع زيادة بنسبة 0.5% فى شهر أكتوبر لتصل إلى 837.333 مليار جنيها مقابل زيادتها بنسبة 0.9% فى سبتمبر، غير أن الودائع الحكومية شهدت زيادة بنسبة 3.2% مقابل 2.4% فى سبتمبر لتصل إلى 110.677 مليار جنيه. ويبرر سليم هذه الزيادة، التى لا يرجعها فى الأساس إلى توافر مزيد من السيولة لديها، إلى اتجاه بعض الهيئات الحكومية مثل التأمينات،والهيئة العربية للتصنيع لاستثمار جزء من أموالها فى الادخار المصرفى. فى الوقت نفسه، شهدت نسبة الزيادة فى الودائع غير الحكومية (القطاع العائلى) تراجعا لتصل خلال شهر أكتوبر إلى 726.656 مليار مسجلة زيادة بنسبة 0.2%، وذلك بعد أن كان ينمو بشكل كبير طوال الشهور الماضية، رغم تدنى سعر الفائدة واعتبارها سالبة مقارنة بالتضخم، فقد سجلت الشهر الماضى على سبيل المثال معدل نمو 0.72%. ويرجع سليم هذا التراجع فى ودائع القطاع العائلى الذى إلى لجوء أصحاب الودائع إلى وسائل أخرى غير البنوك فى الشهور الماضية، بعد الخفض المتتالى للفائدة، وعدم مناسبتها للأسعار، خاصة للأسر التى تعتمد على الفائدة كمصدر للإنفاق اليومى. وهو ما اتفق عليه فايز مضيفا «أن أصحاب المدخرات فضلوا اللجوء إلى الاقتصاد غير الرسمى، الذى يعطى أسعار فائدة مرتفعة، وقضايا النصب، التى كشفت عنها الحوادث الأخيرة تؤكد ذلك»، يقول فايز مشيرا إلى أن الارتفاع الذى كان يحدث فى الشهور الأخيرة فى الودائع غير ناتج عن زيادة المدخرات وإنما نمو ذاتى ناتج عن تراكم الفوائد».