رغم أن نيجيريا تعد الدولة الأولي المنتجة للنفط في أفريقيا وسجلت نمواً اقتصادياً قوياً خلال الأعوام الماضية فإن معظم السكان يعانون الفقر وهي مفارقة يفسرها عدد من الخبراء باعتماد البلاد سياسات غير فاعلة. ويري الكثيرون أن اكتشاف النفط قبل نصف قرن كان بمثابة لعنة مثلما حصل لدول أخري غنية بالمواد الأولية. فقد أهملت قطاعات كانت مزدهرة في الماضي وتفشي الفساد وأصبح الاقتصاد يتوقف علي أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية. وأفاد تقرير لمكتب الإحصاءات الوطني بأن 612% من سكان نيجيريا كانوا يعيشون في عام 2010 بأقل من دولار في اليوم مقابل 516% عام 2004 وفي المقابل فإن اقتصاد الدولة الأكبر عددا في إفريقيا والبالغ عدد سكانها 160 مليون نسمة سجل نمواً منتظماً بمعدل 76% سنويا بين 2003 و2010 بحسب أرقام البنك الدولي. وقال مدير مكتب الإحصاءات الوطني ييمي كال لدي عرضه التقرير زمن المفارقة أن تزداد شريحة النيجيريين الذين يعيشون في الفقر كل سنة رغم نمو الاقتصاد النيجيري. ويوضح المحللون أنه إن كان النفط شكل مصدر نمو اقتصادي إلا أن هيمنة هذا القطاع الذي قلما يوظف المواطنين علي بقية الاقتصاد لم يكن مفيداً للأكثر فقراً لاسيما أنه أدي إلي إهمال قطاعات أساسية أخري مثل الزراعة. وقال اولوفيمي ديرو المدير السابق لغرفة التجارة في لاجوس في وول ستريت جورنال: ينبغي أن تتاح الفرصة لقطاعات غير مرتبطة بالنفط لإنشاء وظائف. ورأي أن السلطات فشلت في تطبيق سياسة زراعية فاعلة. وقال لا يجدر بنا استيراد هذه الكميات الطائلة من الأرز لأنه غذاء أساسي للأغنياء والفقراء علي السواء مشددا علي وجوب أن تحد نيجيريا من استيراد المواد الغذائية الأساسية لتشجيع الإنتاج المحلي. وصدر هذا التقرير حول تزايد الفقر في نيجيريا في وقت يسجل توجه معاكس في بقية دول القارة. ففي عام 2010 أعلن برنامج الأممالمتحدة الإنمائي عن تراجع الفقر المدقع في أفريقيا بين 1990 و2008 ولو أن هذا التقدم اصطدم لاحقا بالأزمة الاقتصادية العالمية. والبلد الذي سجل أكبر قدر من التقدم هو رواندا حيث تراجعت نسبة الفقر من 57% عام 2005 إلي 45% خلال 2010. وأوضحت ياميسي رانسومي كوتي المستشارة لدي البنك الدولي في مسائل الحد من الفقر إن مشكلة نيجيريا ترتبط جزئياً ببنيتها الإدارية. ويعد هذا البلد 36 ولاية ومنطقة فيدرالية تقع فيها العاصمة أبوجا. ولفتت رانسومي كوتي إلي أن حكام الولايات يتمتعون بصلاحيات وميزانيات مهمة غالباً ما يستخدمونها للإثراء الشخصي. ورأي اولوفيمي ديرو أن السلطات النيجيرية التي تواجه انتقادات شديدة تأخذ عليها مستوي الفساد المرتفع في صفوفها قلما تطبق سياساتها بشكل كامل. وقالت رانسومي كوتي ليسوا جشعين ومتقاعسين فقط بل عديمي الكفاءة أيضاً. ويقدر دخل أعضاء البرلمان النيجيري بأكثر من مليون دولار سنوياً ما بين الأجور والتعويضات. وبحسب تقرير مكتب الإحصاءات الوطني فإن أعلي مستويات من الفقر تسجل في شمال غرب البلاد حيث وصلت نسبة السكان التي تعيش بأقل من دولار في اليوم إلي 704% عام 2010 فيما تسجل أدني المستويات في جنوب غرب البلاد 501%. وقالت رانسومي كوتي إن السلطات النيجيرية تلقت عدة مرات نصائح بتنويع اقتصاد البلاد وإصلاح نظام الحكم مضيفة أن الحكومة لديها هذه التقارير في مكان ما علي رفوفها. مصطفي عبد العزيز