مع وصول المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية إلي طريق مسدود، وبعد تجربة انتفاضة ،1987 ثم مفاوضات أوسلو ثم انتفاضة الأقصي الثانية ثم العودة إلي المفاوضات، ثم الجمود في عملية السلام الذي تفرضه الحكومة الإسرائيلية، يبدو أن الدعم الدولي عاد مجددا وبزخم أكبر لإقامة دولة مستقلة علي حدود ،1967 ذلك بعد اكتشاف حقيقة السياسة الإسرائيلية الرافضة للسلام، وتخلي الإدارة الأمريكية عن مسئولياتها تجاه السلام. وفي حين تتجه دول أمريكا اللاتينية إلي الاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة علي حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف والتي شملت البرازيل والأرجنتين وبوليفيا والأكوادور، وهناك دول أخري اعترفت تباعا ويفترض أن تعترف الباراجواي أيضا بالدولة، وفيما كان التوجه الأوروبي في هذا المجال يميل إلي الاعتراف بدولة فلسطين في الوقت المناسب، غير أن دول الاتحاد في الوقت الراهن تدرس رفع مستوي التمثيل الدبلوماسي الفلسطيني إلي مكانة مماثلة لسفارة دولة مستقلة، وهناك 10 دول أوروبية أخري سترفع الفترة القادمة مستوي التمثيل في بلادها، فإن ذلك لم يمنع فرنسا وإسبانيا والبرتغال من الاعتراف بالدولة، كما أن بريطانيا تدرس رفع مستوي التمثيل الدبلوماسي الفلسطيني لديها والاعتراف بالممثلية الفلسطينية بلندن كبعثة دبلوماسية، الأمر الذي فسرته إسرائيل كخطوة أولي علي طريق الاعتراف بإعلان الفلسطينيين لدولتهم من جانب واحد. وإذا كانت الخطوة البريطانية المتوقعة تثير مخاوف إسرائيل وتعتبرها في حال تمت، درجة متقدمة علي سلم الاعتراف البريطاني بدولة فلسطين المستقلة علي حدود ،1967 فإن هناك تباينا في الآراء الفلسطينية حول مدي إسهام هذه الاعترافات الدولية بدولة فلسطين علي حدود 1967 ورفع دول أخري مستوي التمثيل الدبلوماسي ومدي جدواها في ترجمة النضال الفلسطيني نحو إقامة الدولة مع حقيقة أن الاحتلال الإسرائيلي واقع علي الأرض، كما أن الاعتراف الدولي ليس جديدا، فقد اعترفت أكثر من مائة دولة بدولة فلسطين بعد إعلان الاستقلال في الجزائر عام 1988 وشملت دولا عربية وإسلامية ودول أوروبا الشرقية وإفريقيا وآسيا ما عدا اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وتايلاند. المؤيدون يرون أن الحصول علي اعتراف دولي أممي بالدولة الفلسطينية مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي يعني أن قضية فلسطين ستنتقل من قضية نزاع كما تريد إسرائيل أن تسوقها، إلي قضية احتلال دولة لدولة أخري وهنا سينتقل الوضع إلي المحاكم الدولية والواقع علي الأرض سيتغير. بينما من يروا عدم جدوي هذه الاعترافات رغم أهميتها ونزعها الشرعية عن الاحتلال التأني وعدم المبالغة، لأن هذا الاعتراف لا ينهي الاحتلال، أو يقيم دولة واقعية، لكن ما يحقق ذلك هو الوحدة الوطنية الشاملة لجميع أطياف الشعب الفلسطيني وإنهاء حالة الانقسام وعودة اللحمة لشقي الوطن، فهذه الاعترافات لا تشكل بديلا من البدائل التي تطرحها السلطة في حال تعثر المفاوضات لأن الأصل والبديل هو صمود الشعب الفلسطيني علي أرضه واستمرار المقاومة. إن الفلسطينيين ليسوا بحاجة إلي إعلان جديد عن الدولة لأنه لن يختلف عن إعلان الجزائر، لكن المطلوب تجسيد الدولة وإنهاء الاحتلال، وليس إعلانا رمزيا لقيامها لا يغير الأمر الواقع تغيرا جذريا، فالأمر الحاسم هو دحر الاحتلال وتجسيد الدولة علي الأرض، وليس إقامتها علي بساط الريح في الهواء والحواجز التي أقامها الاحتلال مما يجعلها دولة البقايا دون تجاهل أهمية اعتراف الدول بالدولة الفلسطينية ومع الإقرار بأنه لن يؤدي هذا الاعتراف وحده إلي قيامها فعلا ولو اعترفت كل دول العالم بها. جيهان فوزي