كان القرار الأخير الذي اتخذه المجلس الأعلي للأجور بزيادة الحد الأدني للأجور إلي 400 جنيه مثارا للانتقادات سواء من العمال أو من بعض رجال الأعمال علي حد سواء في حين دافع عنه البعض الآخر معللين ذلك بأنه "ليس في الامكان أبداع مما كان" فقد اعترض العمال مؤكدين أن المبلغ لن يكفي حاجتهم حتي من "العيش الحاف" ناهيك عن الملابس والمسكن ومصاريف المدارس والعلاج. كما اعترض أعضاء الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين علي هذه الزيادة التي وصفوها بالهزيلة والمتواضعة، مؤكدين أن أقل تعيين داخل القطاع الخاص 600 جنيه إلي جانب الخدمات الصحية والتأمينات. من جانبه أكد محمد فريد خميس رئيس الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين ان مصانعه في الصين تفرض عليه حداً أدني للأجر 245 دولار أي ما يعادل 1250 جنيها مع زيادة هذا الحد بعد 3 شهور بحكم القانون إلي 500 دولار مطالبا بزيادة هذا الحد إلي 600 جنيه قابلة للزيادة وكاد د.أحمد نظيف رئيس الوزراء قد أكد انه لا يمكن زيادة الحد علي 400 جنيه في الفترة الحالية خاصة مع قلة الإنتاج وإلا أدي ذلك إلي ارتفاع في الأسعار وتضخم وزيادة حجم البطالة إلي جانب إيجاد سوق سوداء للأجور. كما أكد وزير التنمية الاقتصادية دكتور عثمان محمد عثمان ان هذا الأجر قد حدد لشاب مبتدئ لا يملك المهارات أو الشهادات ولا يعول أسرة حماية له من استغلال أصحاب الأعمال، مشيرا إلي أن المجلس لم يحدد بعد الاختصاصات والمهن التي تتقاضي هذا الأجر. كما دعا عبد الرحمن خير ممثل العمال في المجلس القومي للأجور إلي التهدئة لحين انتهاء اللجنة التي ستشكل من العمال وأصحاب الأعمال برعاية حكومية من مراجعة هذه القيمة لعرضها علي القيادة السياسية. يذكر أن مصر بها 25 مليون عامل منهم 6 ملايين بالقطاع العام و19 مليونا بالقطاعين الخاص والاستثماري وكانت الاحتجاجات العمالية قد تزايدت في العامين الماضيين للمطالبة بزيادة الحد الأدني للاجور وتحسين الأوضاع. اختزال المشكلة وقد اختلف الخبراء الاقتصاديون فيما بينهم حول تحديد هذه القيمة ومنهم من اعترض علي تحديدها أصلا حيث أعرب الدكتور سمير رضوان الخبير الاقتصادي عن استيائه واندهاشه لاختزال مشكلة الأجور في الحد الأدني للأجور، واصفا المسئولين بعدم رغبتهم في الفهم أو وضع الحلول وشدد علي ضرورة وجود سياسة عامة للأجور ووزارة مختصة لوضع هذه السياسة مؤكدا علي أن تحديد الأجور يعتمد علي ثلاثية مترابطة لا يمكن تحديد الواحدة فيهم دون وجود الآخرين وهم "الأجور والأسعار والانتاجية". كما أكد رضوان علي الفرق الكبير بين الحد الأدني للأجر والذي يوازي خط الفقر وبين مستويات الأجور والتي تختلف بطبيعة الحال بين مهنة واخري، مشيرا إلي أن نتيجة دراسته عن الخط الرسمي للفقر في مصر تعادل 600 جنيه لأسرة من 4 أفراد. كما شدد علي خطورة رفع الأجور بنسبة أعلي من الانتاجية حيث سيؤدي ذلك إلي اتجاه أصحاب الأعمال للاستعانة بالعمالة الأجانب والآلات بديلا عن العمالة اليدوية. معدلات البطالة ويتفق الدكتور طاهر حامد استشاري إدارة الأعمال واستاذ الادارة بالجامعة البريطانية مع الدكتور أحمد نظيف في صعوبة رفع الحد الأدني للأجر عن هذه النسبة في ظل تدني الانتاج وعجز الموازنة وإلا أدي ذلك إلي تزايد معدلات البطالة وشدد حامد علي ضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية واعادة توزيع الأجور قبل التفكير في وضع حد أدني لها مؤكدا أن وضع الحد الأدني للأجور هو خطوة مهمة لتحقيق العدالة حتي لو أن القيمة التي تم تحديدها قليلة. كما طالب الدكتور طاهر بتوفير ما يتم انفاقه علي العمالة الاجنبية لتدريب العامل المصري وتسحين وضعه خاصة انه يقابل بانتقادات علي المستوي العالمي بعد أن فقد ايمانه بقيمة العمل مؤكدا أن الفترة القادمة ستشهد اتجاها من الاتحاد الأوروبي تستعين فيه بالعمالة العربية لرخص ثمنها بالمقارنة بالعمالة الأوروبية مؤكدا علي ضرورة ان يستعيد العامل المصري لسمعته ليكون علي رأس قائمة الاختيارات الأوروبية. ومن جانبه شدد السفير جمال بيومي رئيس جمعية المستثمرين العرب علي ضرورة اقامة حوار قومي يجمع مختلف الأطياف والمعنيين لمناقشة الحد الأدني للأجور، أكد بيومي ان العامل يمكنه ان يحسن وضعه الاجتماعي والاقتصادي بنفسه اذا ما توافرت لديه الارادة لتحقيق ذلك ويتم هذا من خلال تحسين مستواه الثقافي وممارسة التدريب الدائم، مشيرا إلي رفضه المطالبة المستمرة بزيادة الأجور دون قيام العامل بواجبه علي الوجه الأكمل.