يعترف كثير من المسئولين بوجود فساد ورشاوي في المصالح الحكومية وكان أخرهم د.أحمد درويش وزير الدولة للتنمية الإدارية الذي استفزه مثلنا أن الحالة وصلت إلي درجة أن الرجل يحصل علي الرشوة ثم يقوم بعدها لأداء الصلاة. وفي هذا السياق كانت نتائج آخر البحوث العلمية في ذلك المجال وتمت في إطار برنامج نحو النزاهة والشفافية ومحاربة الفساد في قطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة، الذي كشف من خلال استطلاع ميداني العديد من مظاهر الفساد بين أصحاب الأعمال وموظفي الإدارات الحكومية. ومن جانبهم دعا رجال الأعمال ومسئولو منظمات الأعمال المعنية بهذه المشروعات إلي العمل علي الحد من هذه الممارسات ووضع الإجراءات التنظيمية والإدارية التي تحد منها بما في ذلك زيادة الأجور والحوافز في جانب الثواب، والعمل علي تفعيل الجوانب العقابية اللازمة. الدراسة الأخيرة أعدها مركز المشروعات الدولية الخاصة (اسيبي) بالتعاون مع برنامج دراسات الرأي العام بمركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام ويوضح د.جمال عبدالجواد الخبير بالمركز ورئيس فريق البحث أنه تم اختيار 800 حالة موزعة علي 6 محافظات حيث كشف نتائج الاستطلاع أن 42.9% من الموظفين العموميين يحصلون علي مدفوعات غير قانونية في مرحلة التأسيس للمشروعات تنخفض إلي 29.1% في مرحلة التشغيل. كما يؤكد د.جمال فقد كانت هناك علاقة وثيقة بين الاستعداد المبدئي لدفع أموال وهدايا للموظفين العموميين بنسبة 44%، وأن نسبة 51% قاموا بالدفع فعلاً، وأوضحت النتائج علي العينة أن هناك 0.75 كان مستعدا للدفع، و 58% كان مستعدا للتكيف مع هذه الحالة، كما أوضحت أن جهاز الشرطة هو أقل الجهات حصولاً علي مدفوعات غير قانونية، بينما المحليات جاءت هي أكثر الجهات حصولاً علي مدفوعات ومنها البيئة، الصحة، الأمن الصناعي، وكانت مصلحة الضرائب أكثر الجهات التي تحصل علي مدفوعات غير قانونية. وفي مجال المناقصات الحكومية أوضحت النتائج أن نسبة التلاعب في هذه المناقصات تصل إلي 10%، 24% يتم الالتزام بالقواعد، 30% يتم الرقابة عليها. المواجهة يأتي ذلك فيما يدعو حسن الخطيب رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية لشباب الأعمال إلي ضرورة نشر نتائج هذه الدراسة في المجالات الإعلامية المختلفة حتي تظهر أمام كل الجهات المعنية وتتعرف عليها، ويطالب بوجود المزيد من الشفافية ومحاربة الفساد في الهيئات الحكومية، كما يلفت إلي ضرورة تحليل نتائج هذه الدراسة وتنفيذها علي مستوي بيئة الأعمال، ويقول إننا نحتاج لدراسات أكثر توضح العلاقة والارتباط بين أصحاب الأعمال والهيئات الحكومية المختلفة. أما فؤاد ثابت رئيس اتحاد الجمعيات الاقتصادية وأحد المساهمين في هذه الدراسة فيصفها بأنها بمثابة تحليل الدم لتشخيص المرض من أجل وضع العلاج المناسب خاصة فيما يتعلق بالموظف الحكومي وبيئة الأعمال حيث أوضحت الدراسة انتشار حالات الفساد والبيروقراطية في المحافظات التي تم التعامل معها علي الرغم من وجود القوانين الملزمة باتباع الشفافية والإفصاح والوضوح سواء فيما يتعلق بالحصول علي التراخيص أو في مراحل التأسيس للمشروع أو مراحل التشغيل ويلفت إلي أن تفشي البيروقراطية في المحليات أساسه عدم وجود اللامركزية وحصر كل هذه المهام بين أيدي بضعة موظفين يتحكمون من خلالها في شئون بيئة الأعمال. الابتزاز مستمر كما يوضح إبراهيم الميرغني عضو مجلس إدارة جمعية 6 أكتوبر أن الدراسة أغفلت أكثر من 22 محافظة وركزت علي 6 محافظات فقط ويري أن نتائج الدراسة عكست من يقوم بالمدفوعات غير القانونية حيث كانت 42% عند التأسيس، 29% عند التشغيل، موضحا أن النسبة تزداد عند التشغيل الآن وتقل عند التأسيس خاصة عند استخراج البطاقة الضريبية، السجل التجاري، وتصريح التشغيل، وتزداد مرحلة الفساد بعد التشغيل حيث يأتي لمقر العمل موظفون يحملون كارنيهات ضبطية قضائية من كل شكل ولون. ويسببون الضيق والازعاج لصاحب العمل والدراسة اغفلت هذه الجزئية. أنواع منسية يضيف وائل نوارة خبير اقتصادي أن الدراسة كشفت عن ظواهر الفساد وانتشاره في محيط بيئة الأعمال التي أدت إلي وقف الأعمال، مشيرا إلي أن اغفال التوعية والنصح وتطبيق مبادئ الحوكمة وأساليب الثواب والعقاب هو أحد أهم أسباب انتشار هذا الفساد، لافتا إلي أن الفساد ليس في المشروعات الصغيرة والمتوسطة فقط وإنما في المشروعات الكبري أيضا. ويصف بدوره المهندس عبدالمعطي لطفي عضو مجلس إدارة جمعية مستثمري 6 أكتوبر ونائب رئيس اتحاد الجمعيات الاقتصادية الدراسة بأنها كانت عبارة عن روشتة غير مباشرة للقطاع المصرفي الذي تحسن في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ بعد أن كان الفساد يعم إدارات الائتمان والمنح، وبعد وضع الضوابط والقوانين اللازمة وحصول الموظف علي أجوره وحوافزه وتطبيق القواعد ظهر القطاع المصرفي خاليا من الوان الفساد وهو الذي كشفت عنه الدراسة ومن المنظور الاجتماعي تري د. عزة أحمد هيكل أن الدراسة اغفلت عنصرين مهمين هما الحق، والقانون كان من المفروض أن تركز عليهما عند قياس ظواهر الفساد في مجتمع "بيئة" الأعمال، كما أوضحت مني مسعود رئيس جمعية خدمة المجتمع بالإسكندرية أن الدراسة اغفلت عناصر الفساد في المشروعات الصغيرة والجهات القائمة علي إقراض أصحاب هذه المشروعات إلي جانب المرور في الشوارع.