تحت شعار "التفتيش في الدفاتر القديمة" أعلن الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية اثناء عرضه للموازنة الجديدة.. ان عجز الموازنة العامة هذا العام 2009/2010 هو الأكبر في تاريخ مصر حيث زادت النسبة إلي 8% من اجمالي الناتج المحلي القومي، إلي جانب توقعه انخفاض معدل النمو ليصل إلي 3% مشيرا إلي أنه سيتم تمويل هذا العجز في الموازنة من خلال العمل علي تحصيل متأخرات الضرائب والتي تصل إلي حوالي 52 مليار جنيه تم مؤخراً تحصيل ما يقرب من 10 مليارات جنيه. التصريحات تعني ان الحكومة أفلست في البحث عن موارد جديدة لسد العجز في الموازنة وتدبير المصروفات.. لكن تحقيق هذا الهدف يواجه صعوبة بسبب حالة الركود التي يشهدها السوق فهناك توقف تام لبعض الأنشطة، كما أن هذا الكلام يتناقض مع التصريحات والوعود السابقة لوزير المالية والتي أعلن من خلالها مساعدة الممولين من خلال السماح لهم بتقسيط قيمة الضرائب المستحقة عليهم والسؤال الذي يفرض نفسه حاليا هو مدي امكانية مصلحة الضرائب في تحصيل هذه المتأخرات بكفاءة؟ وإذا كانت هذه الكفاءة موجودة من قبل فلماذا تراكمت المتأخرات؟ وهل المناخ الحالي في ظل الأزمة المالية العالمية ملائم لتحصيل متأخرات الضرائب أم أن هناك بدائل أخري لسد العجز في الموازنة يجب ان تبحث عنها الحكومة؟ "الأسبوعي" طرحت الأسئلة علي المسئولين والخبراء والاجابات نرصدها في السطور التالية. يوضح أشرف العربي - رئيس مصلحة الضرائب - ان هناك آلية جديدة سوف تنتهجها المصلحة بهدف تحصيل المتأخرات وسيتم طرح هذه الآلية علي الممولين والتي تتضمن ازالة المعوقات التي كانت تحول دون تسديد هذه المتأخرات مضيفا أن القانون هو الفيصل في العلاقة ما بين الممول والمصلحة، ولن تقوم بإجبار أحد علي السداد ولكن يجب التنويه إلي أن الممول له مصلحة في التخلص من هذه المتأخرات وتسوية خلافاته مع مصلحة الضرائب. وبسؤاله حول امكانية تحصيل هذه المتأخرات في ظل حالة الركود والتي يشهدها السوق وعدم توافر السيولة لدي كثير من الممولين.. يجيب العربي بأن المصلحة لن تجبر أحدا علي السداد، رافضا فكرة قيام المصلحة بمنح حوافز للممول حتي يستطيع السداد، مؤكدا أن التسويات الضريبية مبنية علي القانون وليس علي منح مزايا وحوافز، مشيرا إلي أن المصلحة ستقوم بدعوة الممول للسداد والقانون هو الحكم فإذا كان للمول حق لدينا سنمنحه إياه.. واذا كان لنا حق عنده سنعمل علي تحصيله. رقم وهمي ويشير صفوت نور الدين - خبير ضرائب - إلي أن وزير المالية قد قام بعرض رقم وهمي علي الرأي العام ومجلس الشعب فيما يتعلق ب52 مليار جنيه قيمة المتأخرات. مضيفا أن الرقم الحقيقي أقل بكثير حيث توجد اعتبارات كثيرة لم يعرضها الوزير أولا توجد ملفات تم فتحها عشوائيات والعملاء فيها غير معلومين حيث تم فتح ملفات جزافية بعناوين مجهولة مما يعني ان هناك نسبة من المتأخرات ليست بقليلة عبارة عن ربط ضرائب طبقا لنموذج ج 19 عدم طعن وهذا الرقم لا يقل عن 8 مليارات جنيه، وثانيا طبقا لما هو معمول في شركات الأموال المادة 125 من القانون 157 لسنة 81 وتعديلاته، حيث يتم الربط فور اصدار نموذج 19 ضرائب، مشيرا إلي أن 99% من شركات الأموال تقوم بالطعن علي نموذج 19 حيث يتم عمل لجان داخلية ولجان تصالح وبناء عليها يتم التخفيض في صافي الأرباح وبالتالي تخفيض في قيمة الضرائب، مشيرا إلي أن جزءا كبيرا في هذه الشركات لديها نزاعات مع مصلحة الضرائب مازالت قائمة في المحاكم، وثالثا توجد نسبة كبيرة من المبلغ المعلن عنه وهي لأنه يقع تحت بند مقابل التأخير ولم يسدد حيث ان القانون القديم كان ينص علي دفع هذا المقابل بعد سداد الدين، وجميع المتأخرات الحالية هي مديونيات طبقا للقانون القديم. ويري صفوت نور الدين ضرورة قيام الحكومة بتغيير خطتها في التعامل مع هذه المتأخرات والبداية يجب ان تكون بتشكيل لجان مهمتها تنقية مبلغ ال 52 مليار جنيه بحيث يتم استبعاد الديون المعدومة وتصفية قيمة الدين الحقيقي بالاضافة إلي التفريق في المعاملة ما بين الممول الملتزم وغير الملتزم وبناء عليه يتم منح حوافز ومزايا للممول الملتزم مضيفا أن القانون الجديد للآسف قام بمنح حوافز للمول غير الملتزم والمتهرب في الوقت الذي يتم فيه التعسف في التعامل مع الممول الملتزم، إلي جانب الإعفاء الممول من مقابل التأخير لحماية صغار الممولين.