رؤية متطورة وفكر جديد يأتي بها يوسف بطرس غالي إلي لجنة تحديد سياسات صندوق النقد الدولي.. هذا هو مضمون عنوان مجلة التايم في عددها الأخير الصادر بتاريخ 25 مايو مشيرة في تقريرها الخاص إلي افكار غالي "الثمينة" التي ترجع إلي تاريخ عائلته العريقة التي تمتد جذورها إلي سنوات 1800 وهو التاريخ الذي بدأت عائلة غالي تمارس السياسة والعمل الحكومي. تقول المجلة ان اسم عائلة غالي اكتسب شهرة علي المستوي الدولي في عام ،1991 عندما انتخب عمه بطرس غالي في منصب أمين عام للأمم المتحدة وهو أول منصب يتولاه أول شخصية عربية ومصرية في تاريخ المنظمة الدولية. وتابعت التايم في تقريرها "ان اسم يوسف بطرس غالي بدأ يظهر في الساحة العالمية في الخريف الماضي عندما ساعدت بعض الدول الغربية في انتخابه رئيساً للجنة تحديد السياسات التابعة لصندوق النقد الدولي ليصبح له صوت قوي في تحديد دور الصندوق في الأزمة الاقتصادية العلامية، وهي المرة الاولي التي يتولي فيها هذا المنصب شخصية غير غربية ليكسر بذلك حاجز الاحتكار الغربي علي مثل هذه المناصب الدولية وليسلك مسار عمه ويفرض وبقوة أهمية العقل المصري في الكيان الدولي. وذكرت المجلة أن يوسف بطرس غالي يحمل آمال العالم النامي ومهمته الرئيسية كما يقول وزير المالية المصري، هو أن يجعل صندوق النقد الدولي يفهم وبشكل أفضل المقترضين فهو يعلم جيدا سياسات الصندوق، إنني احمل رؤي مختلفة عن وزراء مالية مجموعة الدول السبع ولدي رؤية مختلفة يمكن أن تساعد في تغيير رؤية العمل. ولكي نجعل الدول الغنية تري الأمور بشكل مختلف سوف يتطلب ذلك مهارات أكثر من الدبلوماسية، وكثيرا ما استعصي علي عمه تنفيذها خصوصا خلال فترة حرب البلقان، والإبادة الجماعية في رواندا وهي أمور أدت إلي وقوفه في صف المعارضة ضد الولاياتالمتحدة بسبب عدم تمكن واشنطن من دفع مستحقات الأممالمتحدة والأمر المختلف بين يوسف غالي وبطرس غالي الكبير هو أن العم يميل إلي اظهار مزيد من الحضور العام، ويميل إلي أن يكون أكثر وضوحا أما يوسف غالي فالوضع مختلف داخل أروقة صندوق النقد الدولي لأنه مستعد إلي تحقيق ما يمكن تحقيقه دون الحاجة إلي فعل ذلك علنا. وذكرت المجلة ان الحذر كان واحدا بين الشخصيتين من ضمن العديد من الصفات التي جعلت بطرس غالي يفوز بالمنصب بالاضافة إلي سجله الحافل في مصر كوزير للمالية فمن خلال جهوده المعروفة تمكنت مصر من أن تنمو بمعدل سنوي قدره 7% فهو ينظر إليه باعتباره شخصيا يمكن أن يحقق تقدما حسبما يقول ايسوار براساد، أستاذ السياسة التجارية في جامعة كورنيل، ورئيس سابق لصندوق النقد الدولي لمنطقة الصين مضيفا: "في مصر كان غالي قادرا علي العمل في ظل قيود مؤسسية وسياسية كبيرة، وهي تجربة قيمة يمكن الاعتداد بها عند التعامل مع صندوق النقد الدولي". واضافت "رغم ما يتحلي به غالي من براعة فإنه ليس جاهزا لحمل راية الدول الغنية من حين إلي حين ففي خلال قمة مجموعة العشرين التي عقدت في لندن الشهر الماضي حذر غالي من الحوافز المالية العملاقة التي أعلنتها الولاياتالمتحدة وبريطانيا أنها قد تؤدي إلي وقوع كارثة انسانية في العالم النامي، وذلك لأن الاقتراض من جانب الدول الغنية من شأنه تحويل الاموال عن الفقراء" وقال حينها إن الناس سيموتون والاطفال لن يحصلوا علي الغذاء السليم لأن الفقر علي بعد خطوة وأنه يجب التعامل مع هذا الوضع. وتحذيرات غالي رددها فيما بعد بعض الاقتصادين البارزين تم خلال قمة لندن إثر جدال طويل تقرير زيادة موارد صندوق النقد الدولي إلي 750 مليون دولار وهو مكسب تم تحقيقه بعد ما يقرب من عقد بما ينبئ عن عودة الصندوق بقوة وقال بعدها غالي "الآن علينا أن نتأكد من تدفق هذه الاموال، وأنها ليست مجرد اقوال مفعمة بالمشاعر". في الازمة الراهنة، يواجه صندوق النقد الدولي معضلة مألوفة: وهي هل ينبغي أن يطلب من المقترضين القيام بإصلاحات بالجملة من اجل الحصول علي القروض؟ في السابق كان صندوق النقد الدولي يفرض شروطا قاسية علي المقترضين ، مما يتطلب إعطاء الاولوية لبرنامج الاصلاحات الاقتصادية والمالية قبل الاعتبارات السياسية والاجتماعية انها قضية يجب معالجتها من جديد علي حد قول غالي ونريد الحد الادني من مجموعة من السياسات للتأكد من أن الامور لا تزداد سوءاً لكن هل نحن نطالبهم بالتكيف الآن عندما يكون الامر صعبا، أم تقوم فقط بتقديم المال؟ إن المهمة الحاسمة الاخري أمام لجنة سياسات الصندوق هي إصلاح صندوق النقد الدولي ذاته، فاللجنة التنفيذية المؤلفة من 24 عضوا التي تهيمن عليها الدورل الغربية ، لاتأخد في الاعتبار صعود قوي جديدة مثل البرازيل وروسيا والهند والصين، وفي إطار نظام معقد من حقوق التصويت، مثل ايطاليا التي لها نفوذ اكبر من روسيا أو الهند، وبلجيكا وهولندا لديها مقعد واحد لكل منها، مثلها في ذلك مثل البرازيل فإن الامر يصبح مسألة سخيفة تماما حسبما يقول براساد. لقد كان تيم جيثنر وزير الخزانة الامريكي يطالب بخفض عدد مقاعد المجلس إلي 20 مقعدا، مقابل زيادة عدد مقاعد القوي الجديدة علي الرغم من أن له جدوي من الناحية الاقتصادية، إلا أنه سيكون من الصعب جدا تحقيقه محذرا براساد من أنها لعبة محصلتها صفر، "زيادة دور اكبر لشخص ما، مقابل أن يفقد الشخص الآخر دوره". ديزموند ليتشمان خبير في مؤسسات الاقراض المتعدد الاطراف في معهد أمريكان انتربرايز يقول : "إن يوسف غالي يعد الشخصية المثالية لتولي المنصب، لآن مصر ليست من ضمن قائمة الدول الصاعدة" ،مضيفا أنه اذا أرادت الصين منصب رئيس لجنة السياسات فسيكون هناك احتكاك مع غيرها من الاقتصادات الناشئة مثل الهند، أما بطرس غالي، فيمكن أن يكون غير متحيز. واختتمت المجلة تقريرها أن يوسف بطرس غالي سيكون من الضروري أن يراقب عن كثب مدي تأثر اقتصاد بلاده جراء تباطؤ الاقتصاد العالمي وانعكاسه علي النمو في مصر ونقلت عنه قوله إن "المشكلة الكبري هي أنه سيبطئ من إيجاد فرص العمل وهي مسألة لا يمكن تحملها" لكنه يختتم قولة بانه ليس هناك سبب يدعو إلي الذعر إلي الآن لأن لدينا توازنا بين ميزان المدفوعات والاحتياطات.