مجلس النواب يناقش تنظيم ملكية الدولة في الشركات المملوكة لها أو التي تساهم فيها    مجلس النواب يُحيل قرارًا جمهوريا و5 قوانين للبحث عن البترول للجان النوعية    إعلام الوزراء: الربط الكهربائي مع السعودية نقطة انطلاق مصر كمحور إقليمي للطاقة وخطوة نحو شبكة عربية موحدة    الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير منصات إطلاق صواريخ ورادارات رصد تابعة للنظام الإيراني    بعد صموده أمام ميسي.. الشناوي يعتلي قائمة تاريخية في كأس العالم للأندية    «يوم الملك» ليفربول يحتفل بعيد ميلاد صلاح ال 33    السيطرة على حريق هائل بسوق الاثنين في طنطا    وزير الإسكان يُصدر قرارات إزالة لمخالفات بناء وتعديات ب3 مدن جديدة    البابا تواضروس يترأس قداس الأحد في العلمين    إنتر ميامي يحرم الأهلي من الفوز الثالث على التوالي ضد أندية الكونكاكاف    قفزة في العملة الخضراء.. أسعار الدولار في البنوك اليوم الأحد    أسعار الأسماك اليوم الأحد 15 يونيو 2025    أسعار الخضراوات اليوم الأحد 15-6-2025 بمحافظة مطروح    السجن المشدد 7 سنوات لمتهم بتعاطى المخدرات في قنا    ضبط تشكيل عصابي تخصص في النصب على المواطنين بزعم توفير خطوط محمول مميزة بالقاهرة    السكة الحديد تشغل قطارات المصيف بين القاهرة ومرسى مطروح    المشروع X لكريم عبد العزيز يحتل المركز ال6 بقائمة الأفلام الأكثر دخلا في مصر    خبير: الشرق الأوسط دخل مرحلة عدم الاستقرار ونتنياهو فشل فى قراءة رد فعل إيران    وزير الأوقاف يتفقد مسجد وضريح الإمام الليث بن سعد بالقاهرة    محافظ أسيوط يشهد فعاليات اليوم العلمي الأول للتوعية بمرض الديمنشيا    تداول امتحان التربية الدينية بجروبات الغش بعد توزيعه في لجان الثانوية العامة    "أزهر الأقصر" يفتح باب التظلمات على نتائج الابتدائية والإعدادية لمدة 15 يوما    ضبط شخصين بتهمة التشاجر بسبب خلاف بينهما في بولاق الدكرور    بيقولوا إني شبهك حتة منك.. ولي أمر يدعم ابنته أمام لجنة الثانوية العامة ببورسعيد    أشرف داري: الحظ حرمنا من الفوز على إنتر ميامي    الاستحقاق النيابى بدأ فعليًا القائمةالموحدة مشاورات حزبية مستمرة لخوض السباق الانتخابى    الأردن يعلن إعادة فتح مجاله الجوي بعد إجراء تقييم للمخاطر    وفاة نجل الموسيقار صلاح الشرنوبي    «أمي منعتني من الشارع وجابتلي أول جيتار».. هاني عادل يستعيد ذكريات الطفولة    بعد جهود استمرت 5 سنوات متحف سيد درويش بالإسكندرية ميلاد جديد لفنان الشعب    إطلاق خدمات الجيل الخامس للمحمول    محافظ أسيوط يفتتح وحدتي فصل مشتقات الدم والأشعة المقطعية بمستشفى الإيمان العام    محافظ أسيوط يفتتح وحدتي فصل مشتقات الدم والأشعة المقطعية بمستشفى الإيمان العام    قصر العيني يحقق إنجازا طبيا فى الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    تهديدات ترامب: سنرد بأقصى قوة إذا تعرضت مصالح أمريكا لهجوم من إيران    توافد طلاب الدقهلية لدخول اللجان وانطلاق ماراثون الثانوية العامة.. فيديو    حظك اليوم الأحد 15 يونيو وتوقعات الأبراج    ترامب يحذر إيران من رد عسكري شديد «إن هاجمت أمريكا»    برواتب تصل ل12 ألف جنيه.. العمل تعلن وظائف جديدة بشركة أدوية بالإسماعيلية    دعاء امتحانات الثانوية العامة.. أشهر الأدعية المستحبة للطلاب قبل دخول اللجان    "زيزو الأعلى".. تعرف على تقييمات لاعبي الأهلي خلال الشوط الأول أمام إنتر ميامي    حارس إنتر ميامي الأفضل في افتتاح مونديال الأندية أمام الأهلي    محافظ قنا يشارك في الاحتفالية الرسمية لاستقبال الأنبا إغناطيوس بالمطرانية    جيش الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مقر منظمة أبحاث دفاعية إيرانية    مجدي الجلاد: الدولة المصرية واجهت كل الاختبارات والتحديات الكبيرة بحكمة شديدة    مقتل ثلاثة على الأقل في هجمات إيرانية على إسرائيل    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    بداية العام الهجري الجديد.. تعرف على موعد إجازة رأس السنة الهجرية 1447    اليوم.. الأزهر الشريف يفتح باب التقديم "لمسابقة السنة النبوية"    "العسل المصري".. يارا السكري تبهر متابعيها في أحدث ظهور    الجلاد: الحكومة الحالية تفتقر للرؤية السياسية.. والتعديل الوزاري ضرورة    القانون يحظر رفع أو عرض العلم المصرى تالفا أو مستهلكا أو باهت الألوان    دون أدوية أو جراحة.. 5 طرق طبيعية لتفتيت وعلاج حصوات الكلى    جامعة بدر تفتح باب التقديم المبكر بكافة الكليات لطلاب الثانوية العامة والأزهري والشهادات المعادلة    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    تشكيل الأهلي أمام إنتر ميامي.. مفاجأة متوقعة من ريبيرو    كأس العالم للأندية| «ريبيرو» يعقد محاضرة فنية للاعبي الأهلي استعدادًا لمواجهة إنتر ميامي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحداث غيرت التاريخ فى (سيرة عائلة قبطية)
نشر في الشروق الجديد يوم 26 - 11 - 2010

الوثائق الرسمية المصرية ومحاولة إنقاذها، مسألة وجدت اهتمام الصحف مؤحرًا، وقرأنا عدة معالجات صحفية للمشكلة فى زوايا مختلفة، كان آخرها تحقيقا متميزا نشرته أخبار الأدب فى عددها الأخير للزميلة منى نور بعنوان «الأرشيف القومى.. ذاكرة الوطن مهددة بالضياع».
ولكن إذا كانت المؤسسات الحكومية ترفض تسليم الوثائق الخاصة بها إلى دار الكتب والوثائق القومية بحجة «أنها سرية وتدخل فى باب الأمن القومى، ما يضطر الباحثون إلى اللجوء لمصادر أجنبية للعثور على المعلومات»، فما هى حجة المواطنين والعائلات التى تحتفظ بوثائق تاريخية مماثلة، وفى غاية الأهمية، لمجرد أنهم ورثوها عن الأجداد؟.
السؤال راودنى أثناء التقليب فى كتاب «العائلة البطرسية.. سيرة عائلة قبطية»، الصادر مؤخرا فى طبعة فاخرة عن مكتبة الإسكندرية، وأعده فريق مشروع ذاكرة مصر المعاصرة بإشراف د. خالد عزب.
فمن أين للمكتبة بهذه الوثائق؟
نشرة إدارة الإعلام تقول إن: «مكتبة الإسكندرية وجدت تعاونا فاق كل الحدود من العائلة البطرسية، عائلة بطرس باشا غالى، التى فتحت لفريق مشروع ذاكرة مصر المعاصرة، وهو يخطو خطواته الأولى فى أواخر عام 2005، باب أرشيفها الخاص الذى تحتفظ به الكنيسة البطرسية، ذاك الصرح الدينى والثقافى الذى يجاور مبنى الكاتدرائية القبطية، فأصبح هذا الأرشيف النواة لمشروع ذاكرة مصر المعاصرة، والشريان الرئيسى الذى يمده بالمادة الوثائقية لتاريخ مصر المعاصر، بجانب مشروع أرشفة وثائق دار المحفوظات العمومية، الذى ولد من رحم مشروع أرشفة وثائق العائلة البطرسية، والذى سوف تؤرخ له مكتبة الإسكندرية من خلال عمل كبير يحمل عنوان «الدفترخانة.. دار المحفوظات العمومية».
إذن، ألا توجد نسخة من هذه الوثائق التى يضمها الكتاب فى دار الكتب والوثائق القومية؟.
نعم، فى دردشة مع مصدر مطلع، أكد أنه لا توجد نسخة من هذه الوثائق فى دار الكتب، على أهميتها.
ولكن، بالطبع هذا لا يقلل من قيمة الكتاب، فهو نتاج «جهد ست سنوات لفريق عمل يضم أكثر من عشرين أستاذا جامعيا وباحثا وموثقا»، ويعد موسوعة علمية وثائقية تؤرخ لواحدة من أكثر العائلات المصرية شهرة فى العصر الحديث؛ عائلة بطرس باشا غالى رئيس وزراء مصر بين عامى 1908 و1910.
الكتاب يضم أكثر من ألف وثيقة نادرة وعشرات الصور التى تعود بالقارئ إلى منتصف القرن التاسع عشر، فيطل من خلال العائلة القبطية العريقة على زمن جميل مضى.
يبدأ الكتاب بتاريخ بطرس باشا غالى عميد الأسرة ورئيس وزراء مصر، الذى اختلف المؤرخون حول دوره الوطنى.
فتجد مجموعة هائلة من الوثائق الرسمية لأحداث فارقة فى التاريخ، إبان وجوده فى مناصبه الرسمى، ونرى، مثلا، وثائق التحقيق فى أحداث الثورة العرابية، التى شارك فيها الرجل، مكتوبة بخط اليد، إضافة إلى عدد من الخطابات المهمة بينه وبين الوزراء ورجال الدولة، إضافة إلى عدد من المذكرات الموقعة منه إبان توليه لنظارة المالية، كما نجد صفحات وأوراق تخص حادثة دنشواى ومشروع مد امتياز قناة السويس وقضية طابا التى أثيرت لأول مرة فى عهد وزارة بطرس باشا للخارجية، انتهاء بحادث اغتياله، وما أثير حوله من استفهامات وملابسات حاول الكتاب تحقيقها وعرض جوانبها.
ثم يستعرض الكتاب سلالة بطرس باشا غالى، المليئة بشخصيات تاريخية معروفة، والتى تولى عدد كبير منها مناصب رفيعة فى الدولة، فنجد نجيب باشا بطرس غالى، ودوره الوطنى أيام الحرب العالمية الأولى، وهو الابن الأكبر لبطرس باشا من زوجته السيدة صفا أبوالسعد، ونتعرف على مشوار حياة واصف باشا بطرس غالى أحد أقطاب الوفد المصرى الذين حكم عليهم بالإعدام خلال أحداث ثورة 1919، ودوره الوطنى والسياسى، وموقفه عندما كان وزيرا للخارجية من مشكلة اللاجئين الطرابلسيين المقاومين للحكومة الايطالية فى ليبيا ورفضه تسليمهم لها، وموقفه من حادثة مقتل السير لى ستاك، ودوره فى مفاوضات اتفاقية عام 1936 بين مصر وبريطانيا، ومطالبته بحق تقرير المصير للشعب الفلسطينى، وذلك فى أول دخول له إلى عصبة الأمم عام 1937. نعرف أيضا أنه كان كاتبا قاصا، ويتعرض الكتاب لبعض مؤلفاته، مثل «تقاليد الفروسية عند العرب».
يستكمل القارئ مشواره التاريخى، مع مريت بك نجيب غالى، ودوره السياسى والإنسانى والثقافى، ومساعدته للشعب الإثيوبى فى المحن التى ألمت به، وعلاقته القوية مع الجالية القبطية فى الحبشة، ودوره فى تضيق مساحة الخلاف بين الكنيسة القبطية والكنيسة الإثيوبية، ومشكلة دير السلطان بالقدس وحقوق الأقباط الأرثوذكس فيه، واهتمامه بعلم الآثار ودوره فى جمعية الآثار القبطية والمحافظة على آثار مصر، بالإضافة إلى مؤلفاته خاصة كتابه «سياسة الغد» الذى حاول فيه تقديم برنامج سياسى واقتصادى واجتماعى للنهوض بمصر.
وبطبيعة الحال، لم ينس الكتاب توثيق مشوار الدكتور بطرس يوسف بطرس غالى، أمين عام هيئة الأمم المتحدة السابق، ودوره الكبير فى عملية السلام المصرية الإسرائيلية ومفاوضات كامب ديفيد وزيارة الرئيس السادات للقدس.
كذلك نجد مادة غنية حول أسماء بحجم: «يوسف بك بطرس غالى والد الدكتور بطرس غالى، وجفرى نجيب غالى الذى اشتهر بأعماله الإنسانية فى سبيل إنقاذ الأحباش، والمهندس واصف يوسف بطرس غالى ودوره فى جمعية الآثار القبطية، والسيد رءوف يوسف بطرس غالى، والدكتور يوسف رءوف يوسف بطرس غالى وزير المالية الحالى».
القارئ أيضا، سوف يتعرف على واحدة من أهم المنشآت المعمارية المرتبطة بالعائلة البطرسية، وهى الكنيسة البطرسية بالعباسية، فنجد: «دراسة معمارية فنية لهندسة الكنيسة وتخطيطها وأبرز الجوانب الفنية، إضافة إلى كتالوج مصور لمقتنيات العائلة من نياشين وميداليات تذكارية.
شخصيات تاريخية لا تساعدنا المساحة فى التوقف عندها، إلا أن كتاب «العائلة البطرسية.. سيرة عائلة مصرية» توقف عندها تفصيلا، بالمادة والصور والوثائق الرسمية. وأصبح فى مقدور الباحث، أو القارئ المهتم أن يتعرف على حقب مختلفة من تاريخ مصر، وعدد كبير من الأحداث التاريخية موثقا بأوراق رسمية، من خلال هذا المرجع المهم، وكنا نتمنى أن يجدها من يريد فى مكانها الطبيعى، دار الكتب والوثائق القومية.
ويبقى السؤال، ماذا عن الوثائق التى لم تجمع فى كتاب كهذا؟.
الدكتور صابر عرب، رئيس دار الكتب والوثائق القومية، كان قد صرح مرارا بشكواه من تعطيل صدور قانون الوثائق، وقال فى حوار له مع «الشروق» منذ فترة إن القوانين التى وضعت مع إنشاء الدار: «خلت من إلزام المؤسسات المختلفة بتسليم الوثائق، بل تركت لها حرية التسليم من عدمه. لذلك توزعت الوثائق بين المؤسسات دون أن تكون هناك مرجعية قانونية ملزمة، مما عرض وثائق مصر، وخصوصا خلال النصف الثانى من القرن العشرين، إلى مخاطر، نظرا لغيبة القانون بمعناه الفنى والعلمى».
يكمل: «وضعنا منذ أربع سنوات مشروع قانون رعينا فيه كل القوانين المنظمة فى العالم، ونتطلع إلى سرعة إصدراه فى أقرب وقت، وإلا ستظل الوثائق المصرية معرضة للإهمال والضياع».
ويعترف عرب بأن: «لدينا أزمة حقيقية نتيجة عدة عقبات حالت من دون تمكين دار الوثائق من أداء دورها، ولعل أهم هذه العقبات أن القانون الحالى معيب شكلا وموضوعا من جوانب عديدة، ومنها أنه للجهات الحكومية حق الاحتفاظ بوثائقها إذا رأت ذلك، فكانت النتيجة ما نراه الآن من فوضى وثائقية لدرجة أنك يمكن أن تجد وثائق مصرية تاريخية تباع فى أسواق الروبابيكيا».
ويبدو أنه ليس أمامنا إلا أن نضم صوتنا لصوت رئيس دار الكتب، وننادى بسرعة صدور قانون الوثائق الجديد حتى لا ينادى على تاريخنا.. بائع روبابيكيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.