اعترف الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية بأنه غير محبوب من المصريين، بسبب سياسته المثيرة للجدل التي تثقل كاهلهم، واعتبر وجوده كوزير داخل الحكومة المصرية منذ عام 199 يأتي استكمالاً لمسيرة عائلته داخل السلطة، وأن ما يهدف إليه هو أن يترك بصمة مثل الذين سبقوه من أفراد عائلته، وأشهرهم عمه الدكتور بطرس غالي، الذي عمل وزير دولة للشئون الخارجية قبل أن يتم انتخابه كأمين عام للأمم المتحدة (1992- 1996). وقال غالي في مقابلة مع برنامج "خط أحمر" على فضائية "دريم"، إنه لا يحب السلطة في حد ذاتها، لكنه يحب أن يترك أثرًا في تاريخ عائلته، وقال: كل أجدادي كانوا لهم بصمات واضحة في تاريخ مصر وأنا أتمنى أن أضيف لهم وأعلِّم في التاريخ وأضيف لسلسلة عائلتي وماضيها العريق. ودخل غالي الحكومة في عام 1993، حين اختير وقتها وزير دولة للتعاون الدولي، وبعد ثلاث سنوات أصبح وزير الدولة للشئون الاقتصادية، وفي عام 1999 أصبح وزيرًا للاقتصاد، وفي 2001 أصبح وزيرًا للتجارة الخارجية إلى أن تولى عام 2004 وزارة المالية. وقال غالي إنه أول من وضع قانون لسوق المال والإقراض العقاري حينما كان وزيرًا للاقتصاد في عهد رئيس الوزراء الأسبق الدكتور كمال الجنزوري، وأضاف: رغم أن هذه الحقبة كانت معرقلة لمسيرتي، خاصة وأني كنت على خلاف مع سياسة الجنزوري، وهو كرئيس للوزراء كان من حقه أن يكون له سياسته الخاصة ويمشي الوزراء كما يريد في اتجاه معين، لكني كنت أشعر بتحديد لدوري، مما أدى إلى عرقلة لمسيرتي وخططي التي كانت تصب في التنمية. وأشار إلى أنه كان أيضًا أول من وضع قانون منع الاحتكار وحماية المنافسة وقانون الشركات وقواعد للحفظ المركزي والإيداع المركزي، واعتبر نفسه صاحب بصمات واضحة كوزير للاقتصاد، رغم أنه يقول إن هناك من عرقل مسيرته منذ حكومة الجنزوري. ورغم ما تثيره سياسته من سخط دائم بين المصريين، إلا أنه يدافع عن سياسته ويقول إنه يعمل من خلالها لصالح المواطن في مصر، وتابع قائلاً: "كل همي هو أن أرتقي بدخل المواطن المصري وأن يزيد مستوى معيشته لا أن يقل ولكن بسبب قلة الإمكانيات المتاحة التقدم يسير ببطء". غير أنه اعترف بعدم رضا المصريين عن سياسته، وقال: "أعلم بأني لست محبوبًا من الشعب المصري، لكني على الأقل لست مكروهًا وبعد مضي الوقت سيعرفون لماذا فرضت الضرائب، لأني حينما استلمت الوزارة كان العجز 9% من الدخل، ولو كنت تركت العجز لكنا واجهنا مشاكل جسيمة، وكنا أصبحنا مثل اليونان الآن التي تعاني لأن الحكومة السابقة "هيصت" وصرفت ووضعت الحكومة التالية لها في مأزق خطير". ومضى قائلاً: "أما أنا لو كنت فعلت ذلك كي أكون شعبيًا ومحبوبًا من المصريين، وتركت الناس تصرف، من يأتي بعدي كان سيواجه أكبر "خازوق" وكان هيشيل شيلة كبيرة و"يفطس" لكني لم أكن مسرفًًا ومسكت بالمالية بذمة وضمير حتى أضع كل قرش في موضعه الصحيح ولهذا اُخترت كأفضل وزير للمالية في المنطقة لمدة عامين متتاليين واستمررت في الوزارة المدة دي كلها على غير المتوقع". واعتبر أن طول فترة بقائه في الوزارة ترجع إلى ثقة الناس فيه، وأردف قائلاً "الناس عندها ثقة فيّ، لأنها انتخبتني ثلاث مرات ولو كان هناك شك في خبرتي وإدارتي لكانوا رفضوا سياستي ولأني عندي سياسة في تحصيل الأموال لأني بأجيب الفلوس من الناس من غير ما تحس". وفي العام الماضي عين غالي رئيسًا لجنة السياسات المالية والنقدية بصندوق النقد الدولي وحصل على جائزة أفضل وزير مالية لعام 2009 عن قارتي أفريقيا وآسيا من مجلة "أفريكان بانكر"والتي تعد أبرز المجلات الرائدة والمتخصصة في متابعة وتحليل أداء القطاعات المالية والمصرفية في أفريقيا. وتطرق غالي إلى بداية توليه منصب وزير المالية في عام 2004، وما أثير حوله من جدل بسبب تأثيثه لمكتب جديد، وكان أثاثه من قطع أثرية، قال: أنا بطبعي شخص عشري أحب الناس وأحب النور وحينما تقلدت منصب وزير كنت في مكتب لا يدخله نور ربنا من أي اتجاه طوال ال 24ساعة وكل شبابيك المكتب تطل على المنور، فقلت لهم بعد أن حلفت اليمين: لا أريد هذا المكتب ولا أحبه وطلبت مكتب آخر منور غير هذا الجحر، وقلت لهم يا تغيروا المكتب يا تغيروا الوزير لأني بهذه الصورة سأشعر بالاكتئاب وبالفعل ذهبنا لمكتب آخر". وتابع غالي: بعدها بدأت انتقي أثاث للمكتب، ولكن كان لي وجهة نظر أن يكون أثاث المكتب تاريخيًا، لأن وزارة الملاية أقدم وزارة في مصر، وطلبت مكتبًا أثريًا لوزير مالية من أيام العهد الملكي، وهو حسين كامل باشا ناظر المالية عام 1876، وهو مكتب في منتهى الروعة وأثري وليس له مثيل وعليه تاج السلطان، وعليه حلية رائعة وقمنا بترميم المكتب بعدما طلبت من الوزير فاروق حسني عمال يرمموا لي المكتب، وتكلف خمسة آلاف جنيه، وبعد ما رمموه قالوا لي: خذ نصف مليون واشتري لك مكتب حديث رفضت طبعًا وأصبح المكتب تاريخيًا وأثريًا عمره 130عامًا.