مازالت ردود الأفعال تتوالي علي قرار المركزي بخفض أسعار الفائدة للمرة الثانية بمقدار نصف نقطة فبينما أبدي المواطنون استياءهم من الخطوة مطالبين المركزي بالتوقف عن خفض أسعار الفائدة. أكد رجال الأعمال ترحيبهم بالخطوة معتبرين أن خفض أسعار الفائدة هو المدخل الرئيسي لتشجيع الاستثمار ومن ثم شعور المواطن بثمار هذا التحسن من خلال خفض التضخم وتوافر فرص العمل أما خبراء الاقتصاد فقد ابدوا مخاوفا من أن يكون إقدام "المركزي" علي خفض أسعار الفائدة علي تعاملاته مع البنوك علي المدي القصير، نصف نقطة مئوية، اتجاها نحو خفض قيمة الجنيه المصري، استجابة لأوضاع السوق التجارية ورغبة المصدرين في اكتساب ميزة تنافسية تساعدهم علي تعويض خسائرهم في الأسواق الخارجية، وخسارة بعضها بعد أزمة المال العالمية. واعتبر الخبراء أن خفض الفائدة "يقلص الميل العام إلي الإدخار ويدفع بالأموال إلي خارج الجهاز المصرفي، مما يهدد القوة الشرائية للجنيه ويضعفه لمصلحة العملات الأجنبية والدولار تحديدا. لفت الخبراء إلي أن الدولار كان محور تعاملات ناشطة علي مدي الأسبوعين الماضيين، دفعت به فوق متوسطات سعر صرفه التقليدية أمام الجنيه، قبل أن يتدخل البنك المركزي المحلي بضخ الدولار في السوق المصرفية من أرصدة الاحتياطات الأجنبية لديه، لتستعيد العملة الأمريكية استقرارها وتوافرها أمام الجنيه. وعلي رغم تأكيدات "المركزي" أن هذه الإجراءات مستقلة عن التأثير في أسعار الصرف بين العملتين، واقتصار دورها علي ضبط اختلال سوق السيولة، تزداد المخاوف من انعكاسات هذا الوضع علي المديين المتوسط والطويل. "الأسبوعي" التقي ببعض المواطنين في جولته فمن جانبه قال سامح إبراهيم صاحب مدبغة إن خفض أسعار الفائدة يمثل خيبة أمل لهم حيث لم تعد هناك فرص لوجود قناة استثمارية واعدة أمام أموال المودعين وبالتالي قد تكون البنوك بؤرة طاردة للأموال الأمر الذي يجعل هناك أزمة في الأحوال الاقتصادية للمواطن خاصة تلك الشريحة التي تعيش علي ايرادات الودائع مطالبا البنك المركزي بأخذ أوضاع المواطنين بعين الاعتبار وعدم الاقدام علي مزيد من الخفض لأسعار الفائدة. ضربة موجعة أما ريهام الابياري موظفة في فودافون فقالت إن خفض أسعار الفائدة يعتبر ضربة موجعة للمواطنين الذين لم يعد أمامهم فرصة للاستثمار في العقارات أو أسواق المال معتبرة أن القرار يخدم رجال الأعمال فقط دون غيرهم. مطالبة البنك المركزي بتحقيق التوازن بين مصلحة المواطنيين ورجال الأعمال. أما رجال الأعمال فقد أوضحوا أن القرار كان منتظرا منذ فترة طويلة ولا يمثل ضررا بالغا علي أموال المودعين لأن توسعات ونجاح مناخ الاستثمار هو الأساس لفتح الفرص أمام الشارع لاستثمار أمواله بصورة أمنة والشعور بالرخاء علي حد وصفهم. يقول الدكتور محمد المنوفي رئيس جمعية مستثمري السادس من أكتوبر إن تخفيض أسعار الفائدة التدريجي يستحق الاشادة لأنه جاء تدريجيا حتي لايحدث ارباكا في الأسواق مشيرا إلي أن التخفيض الثاني لأسعار الفائدة يعتبر خطوة مكملة الأولي التي لجأ اليها البنك المركزي في وقت سابق معتبرا أن الوقت القادم يمثل عبئا كبيرا علي رجال الأعمال لأحدث حراك في السوق المحلي وحمايته من الانكماش وهذا لم يكن يتأتي إلا من خلال الاقدام علي خفض أسعار الفائدة حتي تستطيع الحكومة التغلب علي مشاكل البطالة والركود والحفاظ علي ثبات معدلات التخضم من الجنوح مجددا حتي يتزايد المعروض وبالتالي تتحقق الحماية للأسواق من أي تقلبات قد تلوح بوادرها في الأفق. اجراء غير كاف أما فؤاد حدرج رئيس مجلس إدارة شركة بلادونا فقد اعتبر ان خفض أسعار الفائدة يمثل أهمية لأي اقتصاد في العالم خلال الوقت الراهن وفي ظل الكساد الذي يعصف باقتصادات العالم معتبرا أن ذلك لا يكفي وحده لانعاش الاقتصاد المحلي بل يجب أن يكون مصحوبا بمرونة من قبل البنوك حتي يؤتي ثماره مشيرا إلي أنه يجب علي المواطن أن ينظر إلي القرار برمته من وجهة نظرا أهمية للاقتصاد وليس ريع الودائع فحسب لأن تكدس الودائع في البنوك قد يؤدي إلي معوقات اقتصادية سيواجه آثارها علي الأجلين المتوسط والطويل. وفي ذات السياق يؤكد فتحي كامل رئيس مجلي إدارة شركة جرين لاند أن خفض أسعار الفائدة يعتبر ضرورة ملحة في وقت الأزمة الطاحنة التي يعيشها الاقتصاد العالمي مطالبا بضرورة أن يكون ذلك مصحوبا بتقليل البيروقراطية وتحقيق مزيد من المرونة في منح الائتمان. للخبراء رأي يؤكد الدكتور إيهاب الدسوقي الخبير الاقتصادي أن البنك المركزي يبذل جهودا لتحقيق الاستقرار النقدي، لكن ذلك لا يمنع تفاقم المخاوف من تطورات درامية علي سعر صرف الجنيه، وهي تمس قطاعا واسعا من المواطنين في مقابل رغبة المصدرين في استمرار تراجع سعر صرف العملة المحلية أمام الدولار، لتعويض خسائرهم في الفترات الماضية. أضاف أن السوق تشهد ترقبا لما ستنتهي إليه تطورات الأزمة وانعكاسها علي المستوي العام للأسعار، وما إذا كان البنك المركزي سيتمكن من مواصلة سياسته الرامية إلي الاستقرار النقدي، أو ستكون الكلفة باهظة إلي الحد الذي يفرض عليه قبول بعض الضغوط في أي اتجاه معتبرا أن "المركزي" وعلي ما يبدو في هذا الحال أمام أحد خيارين، اما الاستمرار في ضخ ماتحتاج إليه السوق مما يملكه من احتياط بالنقد الأجنبي، وهو خيار لن يكون مفتوحا بلا نهايات، نظرا إلي تأثير تراجع كبير للاحتياط علي قدرة المصرف المستقبلية علي ضبط السوق. فيما يتمثل الخيار الثاني في فرض قيود علي استخدام النقد الأجنبي في السوق المحلية، وهو اجراء يخرج عن منظومة التعامل التي أقرها منذ فترة، وتقضي بعدم التدخل الإداري في أسعار الصرف أو الفائدة وترك تحديد كليهما لآليات السوق، ما يصعب مهمة السيطرة علي حال الاستقرار النقدي في المستقبل. أحلام الملايين أما الدكتور أيمن رضوان الباحث الاقتصادي بجامعة القاهرة فأوضح أن تخفيض أسعار الفائدة لا يخدم سوي مصلحة شريحة ضئيلة من المجتمع ويعصف بأحلام الملايين حيث يقلص الميل العام إلي الادخار ويدفع بالأموال إلي خارج الجهاز المصرفي، مما يهدد القوة الشرائية للجنيه ويضعفه لمصلحة العملات الأجنبية والدولار تحديدا. مضيفا ان الحل الأمثل خلال الفترة المقبلة هو خفض نسبة الاحتياطي النقدي للسيولة لدي البنك المركزي مشيرا إلي أن الدولار كان محور تعاملات ناشطة علي مدي الأسبوعين الماضيين، دفعت به فوق متوسطات سعر صرفه التقليدية أمام الجنيه، قبل أن يتدخل البنك المركزي المحلي بضخ الدولار في السوق المصرفية من أرصدة الاحتياطات الأجنبية لديه.