الضجة التي أثارتها قضية مزاد بيع مساحة 830 فدانا مملوكة لإحدي الشركات الخاصة فتحت ملف ظاهرة تسقيع الأرض التي أصبحت تتم حاليا علي نطاق واسع في المناطق الجديدة وفي المدن الصناعية.. وعلي وجه الخصوص في مدن: السادات وبرج العرب الجديدة والصالحية الجديدة وشمال خليج السويس. أكد الخبراء أن استمرار الظاهرة فيه إضرار عمدي بالمال العام.. وإهدار لفرص استثمارية كبيرة ويسهم في ارتفاع غير مبرر في أسعار الأراضي.. وطالبوا بضرورة تطبيق بنود العقود علي الجميع وعدم الكيل بمكيالين.. ووضع آلية سريعة لفض المنازعات التي تحدث أثناء سحب أرض التسقيع بالمدن الجديدة. ومن جانبه يري د. محمود عبد الحي "مدير معهد التخطيط القومي السابق" أن ظاهرة تسقيع الأرض استشرت بشكل كبير.. وأصبحت تتم علي نطاق واسع جدا.. ومن خلال رجال أعمال ومستثمرين غير جادين.. كما تتم من خلال كبريات الشركات.. مشيرا إلي أنه من المعروف أن الشخص الذي يحصل علي تخصيص أرض لمشروع صناعي أو زراعي أو سياحي أو سكني يتم تحديد مدة زمنية معينة له ليتمكن من إقامة مشروعه خلالها.. وإذا تبين للجهات المسئولة ذات الصلة عدم التزام المستثمر ببنود العقد، وتبين حرصه علي الاحتفاظ بالأرض حتي يرتفع ثمنها.. فيجب هنا إلغاء الترخيص علي الفور وسحب الأرض من المستثمر، لأن هذا يدخل في دائرة الإضرار العمدي بالمال العام. بنود العقود ويشدد د. عبد الحي علي أهمية أن تستمر الدولة في توفير الأراضي بنظام التخصيص للمستثمرين في شتي القطاعات بشرط أن تستغل هذه الأراضي في الغرض المخصص له، وأن تطبق اللوائح وبنود العقود علي الجميع صغارا وكبارا.. وأصحاب مشروع "ابني بيتك".. وأصحاب النفوذ.. وأن يتم سحب الأرض من المخالفين المماطلين ليعاد تخصيصها أو بيعها من جديد لرجال أعمال أكثر جدية. ويوضح أن هذا قد حدث بالفعل بشكل أو بآخر حسبما أعلن عندما ألغت الدولة تخصيص آلاف الأمتار لمستثمرين غير جادين في مدن: برج العرب والسادات والصالحية الجديدة وشمال خليج السويس وبعض المناطق الأخري، ويطالب د. عبدالحي الوزارات المعنية.. وعلي رأسها وزارة الصناعة بضرورة اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمنع ظاهرة تسقيع الأراضي.. ويشدد علي ضرورة وضع ضوابط صارمة يتم من خلالها سحب الأراضي إذا ثبت عدم جدية المستثمر، مثلما يحدث مع أصحاب مشروع "ابني بيتك" وصغار المستثمرين حاليا. ويشير د. عبد الحي إلي أن ال 830 فدانا المملوكة لدريم لاند والتي أثيرت حولها ضجة كبيرة في وسائل الإعلام وفي البرلمان.. لا تدخل في دائرة التسقيع، لأن الشركة قد قامت بالفعل بتنمية حقيقية في معظم الأرض التي حصلت عليها عام 1994 وهي تزيد علي ال 2040 فدانا.. ونجحت في بناء آلاف الوحدات السكنية وعمل مشروعات أدت إلي زيادة الطلب الشعبي علي السكن في مدينة 6 أكتوبر.. كما ساعدت في زيادة اقبال المستثمرين عليها، كما أن حصيلة البيع ستوجه لسداد مديونيات الشركة لكل من بنكي مصر والأهلي.. ويؤكد د. عبد الحي ضرورة أن تلزم الدولة المستثمر الجديد للأرض بتنفيذ مشروعات تنموية عليها توفر فرص عمل وتستهلك مواد بناء وتضيف إلي الاقتصاد القومي. حقائق مهمة ويركز كل من د. عمر محمد القاضي أستاذ القانون بجامعة الأزهر والدكتور أحمد الدميري وكيل بنك الاستثمار القومي السابق علي عدد من الأمور والحقائق المهمة ذات الصلة بموضوع ظاهرة تسقيع الأراضي ومنها: * ان استمرار ظاهرة التسقيع للأرض الصناعية بالعديد من المدن الصناعية.. وخاصة في مدن: أكتوبر والسادات وبرج العرب الجديدة والصالحية الجديدة.. إلي جانب شمال خليج السويس.. سيسهم بلا شك في إهدار فرص استثمارية.. وفيه إهدار عمدي للمال العام.. وسيؤدي لارتفاع غير مبرر لأسعار الأراضي.. خاصة أن هناك مشروعات كثيرة تحتاج لتوسعات ولا تجد الأراضي اللازمة للتوسعات الجديدة. * للأسف الشديد.. وبسبب عدم وجود إجراءات رادعة من جانب الدولة.. أصبح هناك حسبما هو معلن أكثر من 50% من اجمالي الأراضي الصناعية أرض مازالت فضاء بهدف التسقيع.. الأمر الذي أدي إلي حرمان المجتمع من إقامة استثمارات عليها.. وعدم إعادة تخصيصها لمستثمرين جادين. * الأراضي الموجودة بالمدن الصناعية الجديدة بهدف التسقيع واضحة للأجهزة المعنية ويمكن اكتشافها بالحصر العادي.. والمطلوب فقط أن يكون هناك تنسيق بين هيئة التنمية الصناعية وأجهزة المدن الجديدة.. حتي يمكن سحب الأراضي غير المستغلة صناعيا وإعادة تخصيصها لآخرين جادين حتي يمكن تعظيم الاستفادة منها في الاقتصاد القومي. * هناك أراض بمساحات كبيرة مر علي تخصيصها أكثر من عشر سنوات ولم تستغل حتي الآن بسبب القصور التشريعي من ناحية.. والنزاعات القائمة بين أصحاب هذه الأراضي وأجهزة المدن الجديدة في ساحات المحاكم من ناحية أخري.. ومن أجل ذلك يجب العمل علي وضع آلية سريعة لفض المنازعات القائمة أثناء تخصيص أو سحب الأراضي بالمدن الجديدة. ويشير د. محمد أنور الهواري رئيس قطاع الاستثمار السابق بوزارة التنمية الاقتصادية إلي ضرورة تنفيذ بنود العقد المبرمة مع دريم لاند بخصوص ال 830 فدانا.. مؤكدا علي ضرورة أن تحترم الدولة تعهداتها وتفي بالتزاماتها تجاه المستثمرين الجادين.. ودعا إلي ضرورة سحب الأراضي التي يتم تسقيعها بالمناطق الجديدة.. وفي منطقة توشكي علي وجه الخصوص.. مشيرا إلي أن استمرار هذه الظاهرة بسبب القصور التشريعي وعدم تنفيذ بنود العقود المبرمة علي الجميع سيؤثر سلبا علي التنمية الاقتصادية.. خاصة إذا لاحظنا أن هناك طابورا كبيرا من المستثمرين الجادين في انتظار الأراضي الصناعية لإقامة مشروعات أو تلبية احتياجات التوسعات اللازمة للمصانع. ويحذر د. عبد الحميد الغزالي أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية من استمرار ظاهرة التسقيع والمتاجرة في أراضي الاستثمار السياحي والزراعي والصناعي ودعا إلي ضرورة علاج القصور التشريعي.. وإلي التنسيق بين هيئة التنمية الصناعية والوزارات المعنية ذات الصلة.. حتي يمكن سحب هذه الأراضي غير المستغلة من المستثمرين غير الجادين.. ويوضح أن هناك مشروعات قائمة في المدن الجديدة والمناطق الصناعية تحتاج لعمل توسعات جديدة ولا تجد للأسف أراضي في حين توجد بجوار هذه المشروعات أراضي فضاء متروكة للتسقيع والمتاجرة.. ويكتفي أصحابها ببناء سور عليها.. الأمر الذي يتطلب سرعة اتخاذ إجراءات ضد هؤلاء حتي يمكن دفع حركة الاستثمار.