أوضحنا فيما سبق أن الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر إلا إذا تعاملنا معه من منظور تنموي عن طريق إعادة تأهيل وتدريب هذه الفئات بما يساعد علي الحد من ظاهرة البطالة المقنعة من ناحية ويساعد علي رفع كفاءة الأداء في دولاب العمل الحكومي من ناحية أخري، وذلك بالعمل علي زيادة الأجور والمرتبات وإعادة النظر في نظم الحوافز وبدلات العمل وبمعني آخر فإن التعامل الجدي مع مشكلة الأجور في مصر يجب أن يدور علي المحاور التالية: * إعادة النظر في جداول الأجور الملحقة بالقانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن العاملين المدنيين بالدولة، إذ إن هذه الجداول لا تمثل بأي حال من الأحوال الأوضاع الحقيقية للموظفين وذلك علي الرغم من التعديلات التي أدخلت عليها، وهي أوضاع لا تتناسب بأي حال من الأحوال مع ما يحصل عليه هؤلاء من دخول فعلية، ناهيك هن عدم تناسب الإجمالي مع مستويات المعيشة الراهنة، مما يتطلب تصحيح جداول المرتبات والأجور ووضعها في صورة مرنة يمكن لها أن تتغير لتواكب التطورات في الراتب الأساسي والمتغير مما يعكس دائما الوضع الحقيقي للأجور. * زيادة شرائح العلاوات الدورية الحالية والتي أصبحت لا تعبر بأي حال من الأحوال عن مستويات المعيشة إذ انه من غير المعقول أن تكون العلاوة الدورية بين 5.1 جنيه شهريا للدرجة السادسة و6 جنيهات للدرجة العالية، إذ يجب أن تضاعف هذه العلاوة لتصبح نسبة ثابتة من الدخل. * إعادة تصنيف موظفي الحكومة وإعادة توزيعهم بطريقة اقتصادية سليمة وهنا نلحظ أن هؤلاء يوزعون علي النحو التالي 9.1 مليون بالجهاز الإداري و3.3 مليون بالمحليات و535 ألفا بالهيئات الخدمية يضاف إليهم 443 ألفا يعملون بالهيئات الاقتصادية منهم نحو 678 ألفا يعملون في الخدمات المعاونة و303 آلاف حرفي و1037 كادر خاص، من هذا التقسيم يمكن إعادة تأهيل وتدريب الخدمات المعاونة وتحويلهم إلي عمالة حقيقية يمكن أن تلتحق بسوق العمل مقابل أجور أعلي وهو ما ينطبق علي الحرفيين أيضا. نحو سياسة متكاملة للحد الأدني للأجور: مما سبق تتضح لنا أهمية وضع حد أدني للأجور في المجتمع تلتزم به جميع القطاعات العاملة في الحقل الاقتصادي، سواء كان قطاعا عاما أو قطاعا خاصا، وهنا تجدر الإشارة إلي أن المناقشات الدائرة حول الحد الأدني للأجور تركز علي تأثيرها علي عملية إعادة هيكلة الاقتصادات التي تمر بمرحلة تحول إذ يري البعض أن فرض حد أدني للأجور يؤدي إلي الابطاء من عمليات تصحيح الأجور النسبية في المجتمع وإلي تشويه إشارات السوق خلال العملية الانتقالية، وللرد علي هذه الانتقادات نري أن أسواق العمل تختلف عن الأسواق الأخري للسلع نظرا لما تتسم به من خصوصية تكمن في كونها أسواقا غير تنافسية بصفة عامة، بل قد تتسم بعدم التساوي في القوي بين أصحاب الأعمال والعمال، ناهيك عن عدم مرونة أسواق العمل وصعوبة القدرة علي الحراك العمالي وعدم كفاية المعلومات، وتولد هذه الظروف نتائج غير عادلة ولا تتسم بالكفاءة، خاصة عندما يكون العمال في وضع ضعيف في المساومة، مما يجعل أصحاب الأعمال قادرين علي تخفيض الأجور أو إجبار العمال علي العمل في ظروف تتسم بالخطورة أو يمارسون التمييز ضد جماعات بعينها. وبمعني آخر فإن تدخل الحكومات عموما يحدث عندما تعجز أسواق العمل عن أداء المهام المنوطة بها وذلك إما بسبب القوة غير المتكافئة بالأسواق أو عدم كفاية المعلومات وتستجيب الحكومات لهذه الأسباب بثلاث طرق إما بوضع ترتيبات غير رسمية أو بتمكين النقابات من المساومة باسم العمال أو بالتدخل المباشر عن طريق التشريع.