أسعار الأسماك والخضروات والدواجن اليوم الثلاثاء 30 ديسمبر    القاهرة الإخبارية: خلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة حول ملف الضفة الغربية    نتنياهو يوافق على طلب ترامب استئناف المحادثات مع سوريا وتنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق غزة    محمد منير في جلسة عمل مع أمير طعيمة لتحضير أغنية جديدة    السيطرة على حريق داخل محل أسفل عقار بمدينة نصر.. صور    طقس اليوم: مائل للدفء نهارا شديد البرودة ليلا.. والصغرى بالقاهرة 12    هدى رمزي: مبقتش أعرف فنانات دلوقتي بسبب عمليات التجميل والبوتوكوس والفيلر    إصابة منصور هندى عضو نقابة المهن الموسيقية فى حادث تصادم    وفاة خالدة ضياء أول رئيسة وزراء لبنجلاديش    نجما هوليوود إدريس إلبا وسينثيا إيريفو ضمن قائمة المكرمين الملكية    تراجع الأسهم الأمريكية في ختام تعاملات اليوم    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الثلاثاء 30 ديسمبر    الداخلية تكشف حقيقة فيديو تحذير المواطنين من المرور بأحد الطرق ببدر    زيلينسكي: لا يمكننا تحقيق النصر في الحرب بدون الدعم الأمريكي    "فوربس" تعلن انضمام المغنية الأمريكية بيونسيه إلى نادي المليارديرات    وزارة الداخلية تكشف تفاصيل واقعة خطف طفل كفر الشيخ    النيابة تأمر بنقل جثة مالك مقهى عين شمس للمشرحة لإعداد تقرير الصفة التشريحية    الإمارات تدين بشدة محاولة استهداف مقر إقامة الرئيس الروسي    محافظة القدس: الاحتلال يثبت إخلاء 13 شقة لصالح المستوطنين    مندوب مصر بمجلس الأمن: أمن الصومال امتداد لأمننا القومي.. وسيادته غير قابلة للعبث    حسين المناوي: «الفرص فين؟» تستشرف التغيرات المتوقعة على سوق ريادة الأعمال    بعد نصف قرن من استخدامه اكتشفوا كارثة، أدلة علمية تكشف خطورة مسكن شائع للألم    أستاذ أمراض صدرية: استخدام «حقنة البرد» يعتبر جريمة طبية    عرض قطرى يهدد بقاء عدى الدباغ فى الزمالك    سموم وسلاح أبيض.. المؤبد لعامل بتهمة الاتجار في الحشيش    انهيار منزل من طابقين بالمنيا    3 مباريات للفراعنة بالكان بدون صلاح = تعادلات منذ 2017.. فيديو    حوافز وشراكات وكيانات جديدة | انطلاقة السيارات    نجم الأهلي السابق: زيزو لم يقدم أفضل مستوياته.. ومصطفى محمد يفتقد للثقة    حسام عاشور: كان من الأفضل تجهيز إمام عاشور فى مباراة أنجولا    ناقدة فنية تشيد بأداء محمود حميدة في «الملحد»: من أجمل أدواره    صندوق التنمية الحضارية: حديقة الفسطاط كانت جبال قمامة.. واليوم هي الأجمل في الشرق الأوسط    نيس يهدد عبدالمنعم بقائد ريال مدريد السابق    القباني: دعم حسام حسن لتجربة البدلاء خطوة صحيحة ومنحتهم الثقة    تحتوي على الكالسيوم والمعادن الضرورية للجسم.. فوائد تناول بذور الشيا    مجلس الوزراء: نراجع التحديات التي تواجه الهيئات الاقتصادية كجزء من الإصلاح الشامل    ترامب يحذر إيران من إعادة ترميم برنامجها النووي مرة أخرى    في ختام مؤتمر أدباء مصر بالعريش.. وزير الثقافة يعلن إطلاق "بيت السرد" والمنصة الرقمية لأندية الأدب    أمم إفريقيا – خالد صبحي: التواجد في البطولة شرف كبير لي    الكنيست الإسرائيلي يصادق نهائيًا على قانون قطع الكهرباء والمياه عن مكاتب «الأونروا»    الزراعة: نطرح العديد من السلع لتوفير المنتجات وإحداث توازن في السوق    التعاون الدولي: انعقاد 5 لجان مشتركة بين مصر و5 دول عربية خلال 2025    وزير الخارجية يجتمع بأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي من الدرجات الحديثة والمتوسطة |صور    هيفاء وهبي تطرح أغنيتها الجديدة 'أزمة نفسية'    ما أهم موانع الشقاء في حياة الإنسان؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    نائب رئيس جامعة بنها يتفقد امتحانات الفصل الدراسي الأول بكلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي    الصحة: ارتفاع الإصابات بالفيروسات التنفسية متوقع.. وشدة الأعراض تعود لأسباب بشرية    الاستراتيجية الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة تؤكد: دمج حقيقي وتمكين ل11 مليون معاق    توصيات «تطوير الإعلام» |صياغة التقرير النهائى قبل إحالته إلى رئيس الوزراء    الإفتاء توضح مدة المسح على الشراب وكيفية التصرف عند انتهائها    نقابة المهن التمثيلية تنعى والدة الفنان هاني رمزي    نيافة الأنبا مينا سيّم القس مارك كاهنًا في مسيساجا كندا    «طفولة آمنة».. مجمع إعلام الفيوم ينظم لقاء توعوي لمناهضة التحرش ضد الأطفال    وزير الصحة: تعاون مصري تركي لدعم الاستثمارات الصحية وتوطين الصناعات الدوائية    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : وزارة العدالة الاجتماعية !?    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعديل الأجور.. أم تغيير الدستور ؟
نشر في مصر الجديدة يوم 15 - 04 - 2010


القانون يحدد الحد الأدني للأجور بنصف كيلو لحمة!!

دراسة حديثة: سياسة الأجور في مصر تفتقر للعدالة.. ولا تشجع علي الاستثمار


من آن لآخر يقفز علي سطح الأحداث مشكلة أوأزمة تهدد المجتمع، أبرز هذه الأزمات التي تحتل صدارة المشهد في الآونة الراهنة الاعتصامات والاضرابات التي كان بطلها العمال بسبب المطالبة بإعادة النظر في الأجور وضرورة وضع حد أدني لا يقل عن 1200 جنيه للأجور في مصر لمواجهة انفلات الأسعار ولا يخفي علي أحد أن أزمة الأجور في مصر لم تكن وليدة اليوم أو الأمس القريب ولكنها أزمة قائمة منذ عشرات السنين خاصة وأن السنوات الأخيرة شهدت انفلاتا غير مسبوق في أسعار العديد من السلع الغذائية بحيث باتت مرتبات القطاع الأكبر من العمال لا يتناسب مع زيادة هذه الأسعار
ويكفي للتدليل علي حجم الأزمة الراهنة أن مصر شهدت خلال العام المنقضي 191 اعتصاماً و130 اضرابا و81 مظاهرة و61 وقفة احتجاجية و29 تجمهراً فضلاً عن انتحار 91 عاملاً بسبب عدم القدرة علي الوفاء بالالتزامات المعيشية وجاء حكم محكمة القضاء الإداري بالزام الحكومة بوضع حد أدني للأجور يضمن للعامل حياة كريمة ليكون بمثابة قبلة الحياة وبارقة أمل نحو الأفضل، فهل الحكومة ستكون عند حسن الظن وتمتثل لحكم القضاء أم أنها ستراوغ ليبقي الحال علي ما هو عليه وأكثر ما يلفت الانتباه أن الحركات وقوي المعارضة تتجاهل تماماً أزمة الأجور وكأن تعديل الدستور أهم بالنسبة لهم من «أكل العيش».

هموم المواطن البسيط المتكررة بسبب تدني الأجور التي لا تكفي شراء كيلو وربع لحمة حيث شهدت مصر خلال عام 2009، 191 اعتصاماً و130 اضرابا و81 مظاهرة و61 وقفة احتجاجية و29 تجمهراً وانتحار 56 عاملاً.

حيث اشار تقرير لجنة الحريات النقابية والعمالية التابعة لمنظمة العمل الدولية إلي إدراج مصر ضمن الدول المنتهكة لحقوق العاملين وذلك للمرة الأولي منذ عدة سنوات وحذر تقرير آخر يحمل عنوان «العدالة من أجل الجميع.. الصراع من أجل حقوق العمال في مصر» من وجود كبير خطر بأن تقود مصر المنطقة إلي سباق تجاه القاع بحيث يكون من الضروري لتحافظ دول المنطقة علي تنافسيتها أن تجاري مصر في تدني الأجور.

وأوضح التقرير أن مستويات أجور العاملين في قطاع النسيج في مصر علي سبيل المثال لا يمثل أكثر من 47% مما يحصل عليه نظراؤهم في تونس و36% مما يحصلون عليه في المغرب و32% من أجور عمال هذا القطاع في تركيا ويصل الحد الأدني لاجور عمال النسيج في الاردن إلي 155 دولاراً شهرياً بينما يقل كثيراً في مصر عن هذا المستوي بحسب التقرير كما أكدت دراسة حديثة أن سياسة الأجور المتبعة في مصر حالياً تفتقر إلي العدالة ولا تشجع علي الاستثمار لكونها مرتبطة بالمؤهل وليس بالمهارة أو التصنيف المهني، وقالت الدراسة التي اعدها د. سمير رضوان رئيس منتدي البحوث الاقتصادية للدول العربية وتركيا وإيران إن الفرق بين متوسط أقل وأعلي أجر شهري في الجهاز الحكومي وصل إلي 30 ضعفاً حيث بلغ متوسط الأجر الشهري لموظفي شركات قطاع الأعمال العام 7156 جنيهاً في حين لا يزيد متوسط الأجر الشهري لنظرائهم في وزارة الأوقاف علي 235 جنيهاً فقط ويرتفع قليلاً إلي 408 في وزارة القوي العاملة بينما يصل إلي 432 جنيهاً في وزارة الري ويقفز هذا الأجر ليصل إلي 5283 جنيهاً في المجلس القومي للمرأة وينمو بشكل كبير في وزارة الخارجية ليبلغ 6059 جنيهاً في الشهر.

ولفتت الدراسة إلي أنه علي الرغم من تطبيق مصر لبرنامج الإصلاح الاقتصادي منذ عام 1990 والاتجاه نحو خصخصة شركات القطاع العام إلا أن عدد موظفي الحكومة في تزايد مستمر مما يستتبعه تضاعف إجمالي الانفاق علي الأجور وأوضحت الدراسة أن عدد موظفي الحكومة بلغ 7.4 مليون موظف عام 98/1999 كانوا يحصلون علي نحو 6.22 مليار جنيه من إجمالي الانفاق العام في الموازنة وارتفع هذا العدد ليصل إلي 1.5 مليون موظف في عام 2004/2005 بلغ إجمالي الأجور التي يحصلون عليها حوالي 6.42 مليار جنيه.

وأرجعت الدراسة تباين الأجور في مصر إلي ما يضاف علي الأجر الأساسي حيث تمثل الإضافات ما يقرب من 75% من إجمالي الراتب الشهري وتتمثل الإضافات في المكافآت التي تستحوذ علي 7.30% من الأجر بالإضافة إلي المزايا النقدية 4.10% والمزايا التأمينية 5.11% وبدلات ومزايا عينية أخري 8.6%، وأكدت أن تعدد الإضافات للأجر الأساسي يؤدي إلي صعوبة استخدام مؤشرات الأجور في ضبط السياسات الاقتصادية وتحديد التكلفة الفعلية لموازنة الأجور في المشروعات المنشأة حديثاً وقالت الدراسة إنه علي الرغم من تدني مستوي الأجور في مصر إلا أن وحدة العمل مرتفعة التكلفة بسبب انخفاض مستوي الإنتاجية وأكدت أن تكلفة العامل في مصر مرتفعة للغاية مقارنة ببعض الدول المنافسة، مشيراً إلي أن العامل المصري يحصل علي ثلاثة أضعاف أجر العامل الأندونيسي تقريباً رغم أن إنتاجية الأخير أكبر، وطالبت الدراسة بإعادة النظر في سياسة الأجور الحالية حتي تتحول إلي أداة من أدوات السياسة الاقتصادية في جذب الاستثمارات الجديدة، وشددت الدراسة علي أن يكون تحديد الأجور بناء علي المهارة والكفاءة وليس الاقدمية والدرجة العلمية.

بعيداً عن الدراسة يقول أحمد فكري عامل بإحدي الشركات إن راتبه الشهري 350 جنيهاً ولديه أربعه بنات في مراحل دراسية مختلفة وزوجته ربة منزل، مشيراً إلي أن بناته يأخذن دروساً خصوصية ب500 جنيه في الشهر أملاً في الحصول علي مجموع كبير في الثانوية العامة يؤهلهم للالتحاق بإحدي الكليات المرموقة، مضيفاً أنه اضطر أن يعمل في الفترة المسائية كسائق تاكسي بجانب وظيفته لكي يستطيع العيش هو وأسرته.

وتشير رانيا محمود 27 عاماً موظفة بإحدي الجامعات الحكومية إلي أن الجامعة تمنحها مكافأة 80 جنيهاً شهرياً فقط علي الرغم من أنها تعمل منذ أكثر من ثلاث سنوات بالجامعة في العلاقات العامة.. موضحة أن هذا المبلغ لا يساوي تكاليف المصاريف اليومية للذهاب والاياب إلي مقر الجامعة والمؤتمرات والندوات التابعة لها.

وكشفت رانيا أن أغلب العاملين بالجامعة بمكافآت وليس عقود مؤقتة أو مثبتة.

ويتعجب محمد عبدالعزيز مهندس وعضو بحركة كفاية من تدني الحد الأدني للاجور في مصر منذ عام 1984 والذي لا يتعدي 35 جنيهاً طبقاً للقانون بينما وصل كيلو اللحمة إلي 60 جنيها ويشير عبدالعزيز إلي أن حكم محكمة القضاء الإداري الصادر برئاسة المستشار عادل فرغلي بالزام الحكومة ممثلة في رئيس الجمهورية بصفته ورئيس الوزراء بصفته بوضع حد أدني لاجور العاملين بالدولة يتناسب مع نفقات المعيشة والزيادة الكبيرة في الأسعار حكم عادل جداً لأنه ليس منطقياً أن يبقي الحد الأدني للأجور منذ عام 1984 عند ال35 جنيهاً أي 36.6 دولار تقريباً، فالعلاقة بين الأجور والأسعار «ماشية علي حل شعرها» لا يحكمها أحد منذ أكثر من 20 عاماً ولعل هذا الحكم أن يكون فاتحة خير، وأضاف المشكلة في نية الحكومة في تنفيذها الحكم لأن الحكومة ستتعامل مع الحكم علي طريقة «ودن من طين وودن من عجين».

ويخشي عبدالعزيز أن يتحول الفرح بالحكم إلي مآتم له حينما يدخل الادراج المغلقة ويصبح «نسياً منسياً».

مطالباً بضرورة أن تلتزم الحكومة بوضع حد أدني ثابت للأجور علي أن يصل إلي 1200 جنيه.. مشيراً إلي أن تحديد حد أدني مناسب للعاملين في الدولة سيعود بالنفع علي كل القطاعات وعلي العامل نفسه لأنه سيستفيد ويفيد المجتمع بزيادة إنتاجه وشدد علي ضرورة إعادة النظر في سلم الاجور بصفة عامة وربطه بسلم الأسعار بصفة خاصة ليتوافق مع معدل التضخم الموجود حالياً.

الأمر بالنسبة لخبراء الاقتصاد يبدو مختلف نسبياً حيث يقول الدكتور حمدي عبدالعظيم الخبير الاقتصادي ورئيس أكاديمية الس ي الذي يستوعب حالياً حوالي 5.5 مليون موظف بينما احتياجات العمل لا تتعدي 3 ملايين حسب تقديرات الجهاز المركزي والتنظيم والإدارة، أي أن هناك 5.2 مليون فائض وبالتالي كلما كان الفائض كبيراً كلما قل تصيب الفرد من اعتماد الأجور المخصصة سنوياً من الأجور المعتمدة لهذا الغرض، وغالباً الحوافز والمكافآت ما نكون متواضعة لكثرة العدد وقلة إنتاجية موظف الحكومة بالمقارنة بالقطاع الخاص فتكون بطالة مقنعة علي الإنتاج لا يضيف اضافة حقيقية للناتج القومي.

ويرجع د. عبدالعظيم سبب تدني الأجور أيضاً إلي وجود عجز في الموازنة العامة للدولة يقدر بحوالي 70 مليار جنيه، مشيراً إلي أن هذا العجز يمول بالديون أو المديونية من البنوك وديون خارجية، فلا جديد يضاف سنوياً علي الخزانة العامة لذلك أي زيادة في الأجور يترتب عليها زيادة في العجز أو الديون، وطالما لا يوجد زيادة في الإنتاج سيؤدي لزيادة في الأسعار لذلك المسألة معقدة للغاية.

ويطالب الخبير الاقتصادي الحكومة بإنشاء مشروعات جديدة تستوعب الفائض من الايدي العاملة لحل مشكلة تدني الأجور في القطاع الحكومي بحيث تنشأ مشروعات إنتاجية علي أن تترك المواطنين يتجهون للشركات علي أن تساهم الحكومة بنصيب في رأس المال والإدارة في هذه الشركات مع ضمان التأمين علي الأيدي العاملة التي ستعمل بها بحيث يخرج الفائض من العمال أو الموظفين من المعاش المبكر يجدون دخلاً محترماً، وفي هذه الحالة تزيد الأجور والمكافآت طالما أن الفائض من الأجور سيوزع بشكل أفضل.

ويضيف الدكتور محمد النجار أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة بنها قائلاً: إن تحديد الأجور عملية معقدة لأن المجلس الأعلي للأجور لابد أن يضع في اعتباره عند تحديد قيمة الأجور العديد من الأمور وهي مستوي الأجور والحد الادني لها واختلافها باختلاف الأنشطة، مطالباً الحكومة بتحسين النظام الضريبي والأخذ بنظام الضرائب المتصاعدة لتوفير العدالة الضريبية التي يعتبر توزيع الدخول جزءاً من هذه العدالة، منتقداً اصرارها علي إهدار الموارد الطبيعية وتحميل الموازنة بأرقام برجوازية وليست أرقاماً حقيقية ويشير د. النجار إلي أن حل مشكلة تدني الأجور يمكن في أن يتحدد الحد الأدني للأجور في القطاع الحكومي والخاص بحيث يكفل حياة كريمة للعاملين في أي قطاع من قطاعات الدولة إذا أن لو كفلت لهم حياة كريمة زادت إنتاجيتهم من ناحية وقل تذمرهم من ناحية أخري مؤكداً علي أن زيادة الإنتاجية هو الطريق لزيادة الدخل القومي.

ويضيف الدكتور رفعت لكوشة أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة الإسكندرية أن قصة تدني الأجور تبدأ من موقف الحكومة ذاتها لأنها تتعامل مع الأجور المنخفضة علي أنها شكل من أشكال إعادة تدوير البطالة وبالتالي تخفف من بعض الأجور، مشيراً إلي أن الحد الأدني للأجور يكفل حياة مقبولة ولكن حجم البطالة والأرقام المتتالية للبطالة أصبح خارج مهام الحكومة وبالتالي تتعامل مع بعض العاملين علي أنهم من البطالة المقنعة.

وبالتالي تصبح الأجور التي يحصلون عليها إعانة لإعادة البطالة فهو يأخذ هذه الأجور من القطاع الحكومي ويبحث عن وظيفة أخري.

ويؤكد د. لكوشة أن العمل لدي الحكومة يبدو أنها فرصة «ارتكازية» أي فرصة تحول بينه وبين الادعاء بأنه عاطل، لكنه عليه أن يبحث عن فرص عمل أخري بجانب العمل الحكومي، واعتقد أن الحكومة لا تمانع ذلك، موضحاً أن كل هذه المنظومة الحكومية توضع تحت عنوان «الفوضي في سوق العمل» وهي الظاهرة الموجودة في مصر حالياً، هذه الفوضي في سوق العمل تبرر تدني الأجور الحكومية فعلي سبيل المثال موظف يحصل علي راتب مائة جنيه شهرياً فالحكومة لا تمانع أن يعمل في وظيفة أخري وبالتالي تصبح القصة كلها إدارة الفوضي في سوق العمل ومن هنا يتدني الأجر الحكومي الذي هو فرصة ارتكازية ومؤشر حقيقي أن لدي الحكومة قناعة أنها لا تقدم خدمات حقيقية للمواطنين.

ويوضح أستاذ الاقتصاد أن مصر عرفت تحديد الحد الادني منذ أكثر من 40 عاماً، ومع التغيير الكبير في مستويات الأسعار ومعدلات التضخم أصبح الحد الادني للاجور في مصر «مهزلة»، مشيراً إلي أن الحكومة تتهرب من تحديد الحد الادني للاجور لأن الجهات الدولية ستبدي رأيها في هذا الحد الادني بعدما يتم تحديده ونتساءل هل هو متلائم مع مستوي الأسعار في الاقتصاد المصري أم لا؟

وحذر د. لكوشة من الاثار السلبية غير المباشرة نتيجة تدني الاجور المتمثلة في عدم تأدية المتواجدين في أماكن العمل من القيام بمهامهم الوظيفية، وبحث العمال في فرص عمل أخري قد تكون هامشية وأحياناً فرص «طفيلية» وبالتالي الحرفية المهنية في هذه الحالة تدني أما من ناحية الاداء الاقتصادي سنجد أن وحدة السوق لا تتحقق بمعني غياب الضمانات التعاقدية والقانونية لتصبح وحدة السوق تهتز، وأيضاً التدني في الأجور يقود إلي سوق «هش» يصعب إدارة منظومة العلاقات التي تحمل عدم إمكانية التطور.

ويستكمل أستاذ الاقتصاد بالإسكندرية قائلاً: إنه لن ينصلح أحوال العمال المصريين في ظل تخلي الدولة عن دورها الاجتماعي، مشيراً إلي أن حل هذه المشكلة يكمن في أن تلتزم الحكومة بتقديم خدمة حقيقية للمواطن أولاً بحيث تبدأ إدارة المنظومة تهتم بدفع أجر حقيقي مقابل عمل حقيقي ما لم تقتنع الحكومة أن من واجبها تقديم خدمة حقيقية لا يستطيع أحد أن يقنعها أن تدفع أجر حقيقي للعاملين ثانياً قضية الأجور بصفة عامة نجد أن القطاع الخاص يؤدي أجوراً متدنية أيضاً ولكن في المقابل يحاول أن يحصل من أصحابها علي عمل وفي بعض الاحيان الأجور المتدنية في الحكومة تبرر للقطاع الخاص أن يمنح للعاملين لديه أجور منخفضة، ولذلك لابد أن من يعاد النظر في قضية الأجور بصفة عامة ابتداءً بتحديد الحد الأدني للاجور والالتزام به ومنح ضمانات للعقود المؤقتة لأن عدم وجود ضمان للعقود المؤقتة لدي القطاع الخاص يفتح الفرصة أمام الحكومة أن تمنح أجوراً منخفضة ولكن بضمانات، مشدداً علي أن يشمل العقود المؤقتة ضمانات في سوق العمل والذي اصبح ذات ضرورة.

وثالثاً تفاوت الأجور الشديد في القطاع الحكومي بين القمة «الجهاز الإداري» والتدرجات الهرمية التالية له، النسبة في مصر لا تحمل 50 موظفاً أو عاملاً.. أي أن ميزانيات المؤسسات الحكومية ميزانيات توزيع وليست تشغيل فعلي سبيل المثال نجد أن الأهم أن نوفر من الميزانية مكافآت رؤساء المؤسسات وأحياناً تجهيزات حجراتهم ولا يهم أن نوفر الميزانية لاساسيات التشغيل التي من بين عناصر التشغيل «العاملين» إذن فالحل أن تتحول ميزانيات المؤسسات الحكومية من ميزانيات توزيع إلي تشغيل وفي هذه الحالة الأجور ستكون من عناصر التشغيل.

وحذر الدكتور رشاد عبداللطيف أستاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان من الآثار السلبية المترتبة علي تدني الأجور في القطاع الحكومي حيث ستنتشر الرشوة والاختلاسات والغياب بدون توقيع عقاب رادع وبالتالي إذا قمنا بقياس العمل الحقيقي سنجده لا يتعدي الساعة الواحدة في اليوم، أما علي المستوي المعيشي للفرد ستعود الاثار السلبية علي تدني مستوي اقتصاد الأسرة وغياب رب الأسرة ساعات طويلة من المنزل لتعويض الدخل المنخفض مما يترتب علي ذلك عدم وجود علاقة وثيقة بين الابناء وولي الأمر «الموظف»، موضحاً أن تطبيق مبدأ العدالة الاجتماعية سوف يساعد في شفاء المجتمع من العديد من المشكلات التي يعاني منها مثل ارتفاع معدلات الجريمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.