شهدت البورصة خلال الاشهر الاخيرة تغيرات جوهرية ألقت بظلالها علي تعاملات البورصة لا سيما اذا كنا نتحدث عن ثقافة المستثمر الصغير التي ظلت لفترة طويلة قاصرة علي فكر المضاربات علي الاسهم المغمورة والتي لا ترتكز في كثير من الاحيان علي مبررات تدعم صعودها وبسبب تلك المضاربات ظلت الاسهم الكبيرة ولفترة طويلة لاتعبر عن القيمة العادلة لها لعزوف شريحة كبيرة من المستثمرين عن التعامل عليها . ويؤكد خبراء السوق والمحللون ان هناك تغيرات جوهرية طرأت علي ثقافة المستثمر الصغير وهذا يتسق مع كثير من الظواهر التي شهدتها البورصة من خلال المقارنة بين نتائج اكتتابي طلعت مصطفي الذي انتهي قبل ايام وبين اكتتاب المصرية للاتصالات عام 2005 حيث شهد الاخير تذبذبات سعرية حادة ادت الي ارتفاع سعر السهم لنسبة تجاوزت 30 % مقارنة باكتتاي طلعت مصطفي اللذين لم يشهدا تقلبات سعرية حادة فلم يتجاوز الصعود نسبة 8% وهذه من أبرز المؤشرات التي تعكس نضج السوق الي حد كبير وعلي الرغم من ذلك فإن هناك صعوبة في الجزم بان المضاربات انحسرت علي الاسهم الصغيرة ولكن هناك تراجعا وعودة بها الي معدلات معقولة. من جانبه يري محمد ماهر رئيس مجلس ادارة برايم لتداول الاوراق المالية بان التحسن موجود مقارنة بالماضي ولا يمكن بأي حال من الاحوال ان ننكر ذلك فشريحة المتعاملين التي تعتمد علي فكر استثماري مبني علي دراسة وارقام اتسعت ولكن ومع ذلك فتيار المضاربات والاسهم المغمورة مازال موجودا وإن أصبح أقل حدة مقارنة بالسابق ولكن مازالت كل الاتجاهات موجودة في السوق ويصعب الجزم باختفاء احداها وقوة الاتجاهين تختلف من وقت الي آخر علي حسب المستجدات ففي بعض الاحيان يطغي احد التيارين علي الآخر وفي احيان أخري يحدث العكس. توسيع النطاق من جانبه يري د.أشرف صفي الدين عضو مجلس إدارة شركة الشروق لتداول الاوراق المالية ان نضج ثقافة المستثمر امر ملحوظ وهو ماننشده منذ فترة طويلة وعلي الرغم من هذا فانه من غير المنتظر ابتعاد المستثمر كلية عن الاسهم الصغيرة مادامت شركات مدرجة داخل البورصة ولديها الرغبة في تطوير نفسها وتحسين ادائها ولكن عدم التركيز عليها امر مطلوب ولابد من توسيع نطاق المحافظ الاستثمارية فالوضع في اي سوق يخضع لدورات اقتصادية متعاقبة فمثلا وعلي سبيل المثال قد يلاحظ في وقت من الاوقات ارتفاع قيمة سهم العربية لحليج الاقطان علي الرغم من وجود مشكلات في قطاع الاقطان بسبب مشكلات القطن واستمرار الشكاوي من السماح بنفاذ المنتجات الصينية دون وجود سياسات حمائية تقنن ذلك وعلي الرغم من ذلك فقد حققت الشركة ارباح كبيرة ليس بسبب النشاط الرئيسي للقطاع ولكن بسبب امتلاكها لمحفظة اراض كبيرة وبيعها بأسعار مرتفعة بسبب الانتعاشة العقارية كذلك قطاع الاسكان علي الرغم من عدم وجود احداث جوهرية داخل النشاط الرئيسي للقطاع الا انه شهد صعودا بسبب اكتتاب طلعت مصطفي. اما سامح السبكي المحلل المالي وخبير اسواق المال فقد اكد انه بالفعل البورصة تشهد حالة من الهدوء وتراجع حجم المضاربات علي الاسهم الصغيرة في ضوء الاصلاحات التي شهدتها البورصة وتغير ثقافة المستثمر والتي اعادت لموجات التقلبات اتزانها فلم يعد يلوح في الافق ماحدث لسهم القناة للتوكيلات والتي قامت سوق المال بملاحقته عندما صعد فجأة دون وجود اسباب جوهرية تدعم ذلك واوقفت الهيئة التداول علي ذلك السهم وعموما فإن مؤشر البورصة قفز الي معدلات تاريخية ولا يمكن انكار اوالتقليل من ذلك ولكن علي الرغم من قفزات المؤشر الذي تجاوز ال 100000 نقطة فإنه مازال المسيطر علي ذلك مجموعة من الاسهم الانتقائية والتي تستحوذ علي الجانب الاكبر من قفزات المؤشر . أضاف ان أكبر دليل علي حدوث نضج ثقافي للمستثمرين ما حدث في اكتتاب طلعت مصطفي والذي لم يشهد تقلبات سعرية مقارنة بالمصرية للاتصالات فاقصي سعر وصل إليه سهم طلعت مصطفي تراوح بين 12و15 جنيها وهو معدل مقبول ومنطقي ولم يتجاوز الارتفاع 8% من قيمة الاكتتاب الاساسي مقارنة بسعر مرتفع وصل إليه سهم المصرية للاتصالات بعد اسبوع من التداول حيث وصل الي متوسط 19 و20 جنيها ثم هبط بنسبة30% فضلا عن السيولة التي تحققت في السوق الامر الذي ادي الي زيادة عمق السوق.