منطقة المقطم التي يقطنها حوالي 100 الف نسمة يدور حولها لغط كثير حول مدي ملاءمتها لبناء مجتمعات عمرانية جديدة في أعلي الهضبة العليا علي مساحة 4 ملايين متر، وإقامة ملاعب للجولف وحدائق علي نسبة 25% من المساحة الكلية للمشروع، بالإضافة إلي الفنادق والمراكز التجارية والنوادي والمدارس كما تروج لذلك الإعلانات، وخاصة بعد انهيار أجزاء من جبل المقطم في أواخر التسعينيات، وظهور تشققات وشروخ في الطريق المؤدي إلي الهضبة، وبعد إغلاق فندق عالمي لتصدعه وحدوث إنزلاقات أرضية، وقيام شركة النصر والإسكان بإخلاء مجموعة من الفيلات لتصدعها نتيجة لتسرب المياه! بالإضافة إلي تصدع العمارات بالإسكان الشعبي نتيجة لتسرب مياه الصرف في الهضبة الوسطي والسفلي. وهناك بعض المناطق في بعض المجتمعات العمرانية الجديدة، التي أثبتت أبحاث ودراسات علماء الجيولوجيا، عدم ملاءمتها للبناء فوقها لوجود كهوف وتجويفات في التربة، مثل منطقة وادي حوف في حلوان ومنطقة شق الثعبان، ومدينة بني سويفالجديدة والمنيا الجديدة وما حدث من هبوط في التربة وتصدعات في العمارات المقامة بمدينة 15 مايو، أبلغ دليل علي ضرورة الاهتمام والأخذ في الاعتبار بأبحاث وآراء العلماء والمتخصصين في مجال الجيولوجيا وأبحاث التربة عند اختيار مواقع إنشاء المدن الجديدة. حجر جيري قال الدكتور بهاء بكري استاذ التخطيط البيئي بهندسة القاهرة، وعميد المعهد العالي للهندسة المدنية والمعمارية، إن البناء علي هضبة المقطم موضوع شائك جداً، يفضل الكثيرون تجنب الحديث عنه.. فهضبة المقطم حالة خاصة جدا من التركيبات الجيولوجية، التي تتكون من طبقات متتابعة من الحجر الجيري والطفلة، ذات خاصية شديدة الانتفاخ في وجود الماء. كما تتفاوت كثافة تلك الطبقات حيث نجد طبقة مكونة من 7 أمتار حجر جيري و30 سم طبقة طفلة، وطبقة أخري مكونة من 5 أمتار حجر جيري و40 سم طفلة، وهو ما يمثل عيباً خطيراً في التربة، ودائما ما يبحث المهندس الإنشائي علي حجر صلب يضع عليه أساسات المنشأة الهندسية. وفي رأي الدكتور بهاء فإن إنشاء ملاعب للجولف واستخدام المياه كنتيجة طبيعية لزيادة النشاط السكاني، سوف تؤدي بالضرورة إلي تسرب كميات منها إلي التربة، مهما قيل عن وضع نظام صارم للصرف الصحي فنقطة الضعف الشديدة التي نعاني منها حتي في أرقي المباني السكنية في مصر هي إهمال أعمال الصيانة وتسرب المياه وانخفاض مستوي السباكة وعمالة الصرف الصحي مما ينتج عنه حدوث انزلاقات في التربة وتآكل عند حواف الهضبة كرد فعل طبيعي لتكثيف أعمال البناء ومع الوقت سوف يصل الخطر إلي المنشآت السكنية التي تقع في منتصف الهضبة التي يعتقد البعض أنها مناطق آمنة للبناء بالمقارنة بحواف المقطم. انهيارات وتشققات ويعطي الدكتور بهاء مثالاً علي خطورة إقامة منشآت جديدة علي الهضبة بالانزلاقات الأرضية التي حدثت في التربة المقام عليها الفندق العالمي بالقرب من حافة الهضبة نتيجة لتسرب المياه فاصبحت اساسات الفندق معلقة في الهواء، وايضا انهيار اجزاء من الجبل في سنة ،1977 بالإضافة إلي الشروخ والتشققات التي يعاني منها الطريق المؤدي إلي الهضبة، والتي تحتاج إلي انشاء مخدات من الحجر، وخوازيق علي المائل لحمايته من الانهيار، فكيف بعد كل ذلك يتم انشاء مجتمعات عمرانية جديدة في أعلي تلك المنطقة؟ ويؤكد الدكتور مسلم شلتوت استاذ بمعهد البحوث الفيزيقية الفلكية ان الدراسات الجيولوجية أفادت الباحثين في التعرف علي تكوينات البيئة ومراعاة طبيعتها في التصميمات الهندسية فطبيعة التربة الجيرية التي تتميز بها منطقة جبل المقطم التي تمتد حتي منطقة حلوان، ضعيفة وتحتوي علي طبقات طفلة تنتفخ وتسرب المياه وقديما كانت تستخدم خزانات للصرف الصحي "طرنشات" أدت إلي تسرب المياه داخل هضبة المقطم مما أدي إلي تآكل الحواف وتشققها وسقوط أجزاء منها. ويعطي الدكتور شلتوت مثالاً بالاستراحة التي تمت إقامتها في منطقة سرا بيوم بسقارة التي تشابه هضبة المقطم في تراكيبها الجيولوجية، ثم تم إغلاقها خوفا علي الآثار بعد تسرب المياه منها وتصدعها. مصارف مكشوفة الدكتور سمير شلبي استاذ الاساسات المساعد بكلية الهندسة جامعة السويس كان له وجهة نظر مختلفة، فمن رأيه أنه يمكن البناء علي هضبة المقطم، ولكن بشرط أن يتم عمل عدد كاف من المجسات علي عمق ما بين 10 و 15 متراً اسفل المكان المراد إنشاء المبني عليه كل 300 متر مسطح لتحديد الطبقات أسفل المنشأة السكنية، بحد أدني جستين في المنشأة الواحدة لتحديد نوعية التربة فلو ظهرت الطفلة يتم مراعاة ذلك في التصميم، بحيث يتحمل فرق الهبوط الناتج عن وصول الماء إلي التربة الانتفاشية فطبيعة صخور المقطم الصخرية المكونة من الحجر الجيري وعروق الطفلة علي أعماق مختلفة يحدث بها شروخ بفعل العوامل الجوية والماء مما يؤدي إلي حدوث حركة جانبية للصخور وانهيارات عند منطقة الحافة فقط، أما منطقة وسط الهضبة فهناك مباني سكنية عديدة مقامة منذ سنوات لا توجد بها أية مشكلة. ويفضل الدكتور شلبي أن تكون إقامة الحدائق والمتنزهات في أضيق الحدود مع مراعاة الأصول الهندسية حتي لا تتسرب المياه إلي باطن الأرض أو حواف الهضبة حيث يتم مراعاة الصيانة وإنشاء صرف مائل يتجمع داخل أوعية مكشوفة أو مجار مفتوحة عند الحواف، يسهل الكشف عليها وتتصل بشبكة المجاري العمومية. والدول الأوروبية بحسب قول الدكتور سمير تقوم ببناء مدن كاملة فوق الجبال، لما تتميز به من نقاء الهواء وخلوه من التلوث ويقومون بتثبيت الصخور علي الحواف باستخدام شباك معدنية مع تطبيق الكود الخاص بالزلازل حيث يكون تأثير الهزات الأرضية فوق الهضبة أكبر بالمقارنة بالأرض المسطحة.