هناك قاعدة تقول إن "العملة الجيدة تطرد العملة الرديئة"، وترتبط هذه القاعدة بالحياة بشكل عام، وبشكل خاص الاقتصاد فالاستثمار الجيد يفرض نفسه، والمناخ الجيد يجذب الاستثمار أكثر، ولكن في أسواق المال والبورصات علي مستوي العالم كله هناك مستثمرون يفضلون العملة الرديئة أو بمعني أدق الأسهم الرديئة وآخرون يركزون استثماراتهم علي الأسهم الجيدة. فمن المعروف في أسواق المال في العالم أن بعض الأسهم يطلق عليها أسهم المخاطر أو الأسهم الرديئة، وهذه الأسهم تتميز بأن سعرها يكون منخفضاً، وعدد أسهمها صغير كما ان مؤشراتها المالية تكون غير مشجعة، أو بمعني انها تحقق خسائر أو ارباحها محدودة للغاية، ولا تعطي أية توزيعات سنوية من كوبونات أرباح، وبالتالي فهي استثمار يحمل في جوانبه مخاطر كبيرة، والدخول فيها مخاطرة كبيرة والعائد المطلوب عليها يكون أكبر من الأسهم الجيدة. وهذه النوعية من الأسهم يقبل عليها بعض المستثمرين من هواة المغامرة أو فلنقل المقامرة. إذن هذه الظاهرة عالمية ولكنها لم تكن موجودة في السوق المصري بشكل واسع، بل كان أغلب المستثمرين يفضلون الأسهم القوية. فماذا حدث خلال عام 2006؟، شهد النصف الثاني من العام انتفاضة للأسهم الصغيرة التي يطلق عليها أسهم المخاطرة أو الأسهم الرديئة لتصبح هي الحصان الأسود للسوق، ومازالت هذه الظاهرة مستمرة حتي الآن. فلماذا ركز المستثمرون وبخاصة غير المحترفين علي هذه الأسهم؟، هناك عوامل كثيرة ساعدت علي ذلك لعل أبرزها غياب الوعي بقواعد الاستثمار في أسواق المال عن قطاع كبير من المستثمرين، انتشار الشائعات، ورغم قيام إدارة البورصة بدورها في التحقق من صحة الشائعات من عدمه، فإن صغار المستثمرين يسعون وراء أسهم الشائعات طمعا في ارباح سريعة تعوض الخسائر الكبيرة التي حدثت خلال عام 2006 نتيجة لاختيار توقيتات خاطئة في الدخول والخروج من السوق، وساعد أيضا علي وجود هذه الأسهم في صدارة نشاط السوق مجالس إدارات هذه الشركات التي قام بعضها بنشر الشائعات عن طريق بعض السماسرة والصحافة أيضا لدفع أسعار اسهم شركاتهم للارتفاع، ويقومون هم بجني الأرباح، وتحولت تعاملاتهم لمتاجرة ومضاربة في السوق. ولا شك ان هيئة سوق المال وإدارة بورصة الأوراق المالية قامتا بمجهود غير عادي لمحاصرة الشائعات ومنع التلاعبات، من بينها المراقبة الدقيقة للتعاملات، وتحويل بعض مجالس إدارات الشركات للتحقيق. ورغم ذلك فإن الظاهرة لن تنتهي بهذه السهولة، ولا مانع من استمرار نشاط أسهم المخاطرة فلها مستثمروها في كل العالم، ولكن يجب ان يتم القضاء علي ما يترافق معها من شائعات. ومن المتوقع ان تتغير الخريطة خلال النصف الثاني من العام الحالي، وأن تعود الشركات القوية لصدارة السوق مثل البنوك، وهيرمس ومجموعة شركات أوراسكوم، وبعض شركات السياحة وقطاع الإسكان بشكل خاص، وكذلك شركات الأسمنت، ويتوقع أيضا ان تختفي الأضواء وتختفي من أسهم المضاربات مع استمرار فعالية الرقابة من إدارة البورصة والهيئة، وإعلان نتائج الشركات القوية التي ستضعها في مكانها الصحيح في خريطة التداول. [email protected]