لجأت عدد من الشركات والبنوك مؤخراً إلي تجزئة أسهمها في البورصة وذلك إما بغرض زيادة السيولة أو لاجتذاب شريحة جديدة من العملاء كما في حالتي البنك التجاري الدولي CIB وبنك فيصل الإسلامي، أو لمتطلبات الدمج كما حدث في تجزئة سهم البنك المصري الأمريكي بعد استحواذ بنك كاليون عليه. ورغم أن هذه الظاهرة مازالت تتم في أضيق الحدود بالنسبة للبنوك ويشجعها هيئة سوق المال إلا ان خبراء أسواق المال بالبنوك المصرية حذروا من خطورتها خاصة إذا لم يواكب الزيادة في ارتفاع قيمة الأسهم نتيجة زيادة الطلب عليها بعد التجزئة زيادة حقيقية أو تقديم خطط مستقبلية للشركات والمؤسسات وطالبوا بضرورة دراسة الظاهرة ووضع المعايير اللازمة لتحجيمها كاشتراط ان تتمتع الشركة أو البنك الذي يرغب في تجزئة سهمه بمركز مالي قوي وأن تكون محققة لأرباح وفقاً لآخر ميزانيات معلنة لها وكذلك اشتراط ان تكون القيمة السوقية للسهم مرتفعة حتي يكون مبرر تجزئته منطقياً. يري حلمي السعيد مستشار أمناء الاستثمار ببنك مصر ان تجزئة الأسهم لجأت إليها الشركات في الآونة الأخيرة بهدف الحصول علي عدة مزايا أهمها أن صغر قيمة السهم يسهل من سرعة تداوله في السوق ويرفع من معدلات التداول ويتيح لمحدودي الدخل الفرصة للدخول كمشترين وبذلك فإن تجزئة الأسهم في معظم الأحوال يسهم مساهمة إيجابية في تنشيط السوق. وأضاف حلمي انه من مزايا تجزئة الأسهم حدوث ارتفاع نسبي في قيمته ذلك اننا نلاحظ ان السهم الذي تبلغ قيمته السوقية 100 جنيه إذا ما قمنا بتجزئته إلي عشرة أسهم قيمة كل منها عشرة جنيهات فقط فإن ارتفاع الطلب نتيجة انخفاض السعر يؤدي تلقائيا إلي ارتفاع طفيف في قيمة السهم ليصل إلي 12 جنيهاً أو 13 جنيهاً. ورغم ذلك فإن السعيد يري أن هناك عيبا رئيسيا ينتج عن تجزئة السهم يكمن في أن الزيادة الطفيفة التي تنجم عن ارتفاع الطلب عليه وبالتالي حدوث ارتفاع طفيف في القيمة لا تقابلها زيادة حقيقية أو قوة فعلية في الوضع المالي للشركة ان خططها المستقبلية، مشيرا إلي انه إذا ما صاحب التجزئة وتواكب معها أخبار جيدة عن المركز المالي للشركة أو إعدادها لخطط مستقبلية كان ذلك أمراً إيجابياً. وأكد السعيد ان هيئة سوق المال تشجع مسألة تجزئة الأسهم ولكن يجب ان تكون التجزئة بقيم حقيقية والإعلان عنها في مواعيد مناسبة لا يترتب عليها إساءة استخدامها. ومن جانبه يؤكد مجدي عبد الفتاح نائب المدير العام بالبنك الوطني المصري ان تجزئة الأسهم أصبحت ظاهرة ولكنها ليست إيجابية وبها درجة من الخطورة وتتطلب من هيئة سوق المال إصدار بعض الضوابط وإدخال بعض التعديلات التي تقنن هذه الظاهرة. وارجع عبد الفتاح خطورة هذه الظاهرة إلي تأثيراتها السلبية والخطيرة سواء علي السوق أو صغار المستثمرين، مؤكداً ان معظم حالات تجزئة الأسهم تفتقر إلي المعايير السليمة. ويشير إلي ان الشركات التي تلجأ إلي تجزئة السهم معظمها بأن مراكزها المالية ضعيفة، مؤكدا انه يمكن ان تكون هذه الظاهرة إيجابية إذا ما وضعت ضوابط ومعايير تتم وفقا لها. وعن المعايير التي يقترحها عبد الفتاح لتقنين هذه الظاهرة أوضح انها تتمثل في ثلاثة معايير مهمة تتمثل أولاً في ضرورة ان تتمتع الشركة التي ترغب في تجزئة أسهمها بمركز مالي قوي وان تكون محققة لأرباح وفقا لآخر ميزانيتين معلنتين. وثانياً: اشتراط ضرورة ان تكون القيمة السوقية للسهم مرتفعة حتي يكون هناك مبرر قوي لتجزئته. أما المعيار الثالث فيتمثل في ان تكون هناك رغبة لدي القائمين علي الشركة في إحداث سيولة علي السهم داخل سوق المال المصري. ويري عبد الفتاح انه بهذه المعايير يمكن ان تكون ظاهرة تجزئة الأسهم صحية وإذا افتقدت التجزئة أحد هذه المعايير فإن ذلك سيترتب عليه نتائج وخيمة، مشيرا إلي ان الشركات التي تقدم علي تجزئة اسهمها هي شركات خاسرة بالأساس وتكون النتيجة اندفاع صغار المستثمرين للتكالب علي شراء السهم اعتقادا منهم انه سيحقق ارتفاعات متتالية. واعتبر عبد الفتاح هذه الظاهرة بمثابة مصيدة تؤدي إلي خسائر فادحة وينطبق عليها القاعدة التي تقول إن النقود الرديئة تطرد النقود الجديدة وهنا فإن الأسهم الرديئة تطرد الأسهم الجيدة. ويطالب مجدي عبد الفتاح ان يكون لهيئة سوق المال دور في وضع المعايير والضوابط التي تحمي السوق من الهزات وكذلك حماية صغار المستثمرين، موضحا ان هناك أسهماً جديرة بالتجزئة لأنها شركات ناجحة وقيمتها المالية كبيرة مثل سهم حديد الدخيلة الذي يصل إلي 1000 جنيه وأري انه إذا ما أقدمت الشركة علي تجزئة هذا السهم فإنه سوف يجتذب شريحة أكبر من العملاء. وعن امتداد هذه الظاهرة لتشمل أسهم قطاع البنوك أكد عبد الفتاح ان هذه الظاهرة محدودة في قطاع البنوك ولم تلجأ إليها إلا في أضيق الحدود ونذكر منها تجزئة سهم بنك فيصل الإسلامي. ومن جانبه قلل د. عصام خليفة رئيس شركة الأهلي لضمان الاستثمار من خطورة هذا الأمر مؤكداً ان الأسهم إذا ما تمت تجزئتها تحمل نفس القيمة.. مشيرا إلي ان الهدف النظري من تلك الظاهرة هو زيادة السيولة علي السهم. وأوضح د. عصام ان إساءة استغلال حق تجزئة الأسهم من قبل بعض الشركات هو الذي يخرجها عن الهدف الأصيل من التجزئة وهو زيادة السيولة علي السهم، مشيرا إلي ان قرار تجزئة السهم يرجع إلي أعضاء مجلس إدارة الشركة وموافقة الجمعية العمومية غير العادية. ويشير د. عصام إلي ان هناك أسهماً جيدة تستحق ان تتم تجزئتها تصل قيمة السهم فيها إلي الألف جنيه لكن السوق يعمل بأسلوب الأسهم ضعيفة الأداء بسبب انخفاض قيمتها والمضاربات التي تسودها. ويري د. عصام ان هذه الظاهرة جديرة بالدراسة وتحديد إيجابياتها وسلبياتها فإذا ما كانت السلبيات أكثر يقتصر الأمر علي ان تقوم هيئة سوق المال بوضع ضوابط لها أما إذا كانت الإيجابيات تفوق السلبيات فلا ضرر. وأكد ان هذه الظاهرة محدودة بالنسبة لأسهم البنوك إلا نادراً مثل البنك التجاري الدولي. أما خالد الطويل عضو مجلس إدارة هيئة سوق المال فقال إنه لا توجد أية ضوابط من قبل البورصة لمسألة تجزئة السهم فالقرار يكون لأعضاء مجلس إدارة الشركة الراغبة في التجزئة والموافقة علي القرار من خلال جمعية عمومية غير عادية للشركة بعدها يتم ارسال الموافقة إلي هيئة سوق المال ومن جانب الهيئة تلزم الشركة بالإعلان عن ذلك في جريدتين تصدران بصفة يومية، بالإضافة إلي الإعلان عن التجزئة علي شاشات التداول بالبورصة وذلك حتي تتحقق قواعد الافصاح والشفافية. وبسؤاله: هل هناك اسهم لا تستحق ان تتجزأ؟ أكد االطويل انه لا يوجد هناك ما يمكن ان نقول بناء عليه ان هناك سهماً يستحق التجزئة وآخر لا فالغرض الأساسي من التجزئة استقطاب نوعية معينة من المستثمرين، وأوضح ان هناك تجزئة عكسية بمعني انه يمكن ان يتم دمج عشرة أسهم مع بعضها وذلك يتم في حالات ما تكون الشركة غير راغبة في المستثمر الصغير، وهذا يرجع إلي الهدف الذي ترغب الشركة بالأساس في تحقيقه. وهل هو تحقيق السيولة؟ أم انها تريد اجتذاب نوعية معينة من المستثمرين، مؤكدا ان القول بأن التجزئة تستخدم بغرض المضاربة أو ان قواعد هيئة سوق المال غير كافية كلام غير سليم.