تشير الدراسات الاقتصادية إلي أن تطور سوق المال يساهم في تخفيف الضغوط علي البنوك في مجال الاقراض كما يؤدي إلي تقليل تكلفة الائتمان الممنوح للشركات نتيجة وجود منافسة من جانب البورصة في تمويل الشركات الكبيرة والمتوسطة. فإنه في غيبة سوق المال الناضجة تبالغ البنوك أحيانا في تكلفة التمويل بسبب وضعها الاحتكاري وهو ما يستلزم ازالة العوائق التي تمنع نمو وتطور سوق المال خاصة فيما يتعلق بحماية حقوق الاقلية وتوفير المعلومات والتسجيل والرقابة. إن الاندماجات الكبيرة التي حدثت بين البنوك علي المستوي العالمي كانت تهدف بالاساس إلي السيطرة داخل أسواقها المحلية أكثر من تحقيق الكفاءة إلا أنها لم تؤد حتي الآن إلي تخفيض تكلفة تقديم الخدمة ولذلك فإن وجود هذه البنوك في أسواق الدول الناشئة لم يمثل تهديدا للمؤسسات المالية المحلية في مجال تكلفة الخدمة المصرفية رغم أن الحجم الكبير لهذه البنوك يسمح لها باتخاذ مخاطرة أعلي في تمويل المشروعات. وإذا نظرنا إلي انفتاح السوق أمام دخول البنوك الأجنبية فإنه من المهم النظر إلي نوعية الخدمة التي تحتاجها السوق أكثر من النظر إلي من هو الذي يقوم بتقديمها فإن تجارب الدول علي مستوي العالم توضح أهمية خصخصة البنوك العامة بما يساهم في زيادة كفاءتها إلا أن الخصخصة السريعة للبنوك دون استعداد كاف لها تنطوي علي مخاطر عالية. هذه لمخاطر تتضمن أن تكون قيمة أصول البنك الحقيقية أقل من قيمتها في القوائم المالية بسبب وجود ديون رديئة أو أن يتم البيع إلي مشترين غير جادين كذلك ألا تحصل البنوك علي استقلاليتها تماما حتي بعد انتهاء الخصخصة من خلال شروط تضعها الحكومة علي المشتري بالنسبة للعاملين في البنك أو تمويل الشركات العامة لذلك فإن التوقيت المناسب لخصخصة البنوك العامة في مصر يعتمد علي الاعداد والاستعداد المناسب لذلك. إن عملية خصخصة البنوك العامة ترتبط باعتبارين أساسيين هما كفاءة الادارة في العمليات المصرفية واستقلالها عن التدخل بغض النظر عن نوع الملكية كذلك مراعاة الرأي العام حيث يفضل كثير من العملاء التعامل مع البنوك العامة وأنه في فرنسا علي سبيل المثال حيث يفضل كثير من العملاء التعامل مع البنوك العامة وأنه في فرنسا علي سبيل المثال حدث جدل طويل في عملية خصخصة البنوك ارتبط باعتبارات اقتصادية وقومية والاطمئنان للتعامل مع البنوك العامة من قبل شرائح كبيرة من المجتمع لذلك فإن ارساء قواعد المنافسة في السوق المصرفية يعد أكثر أهمية من اعتبارات الملكية في البنوك. ويرتبط تطور الفكر والأداء المصرفي والتطورات التي يشهدها سوق المال المصري بتطوير الفكر التمويلي للدولة بعد اصدار سندات حكومية في الاسواق الدولية وهو ما يستلزم التفكير في تطوير قاعدة البيانات الموجودة بالفعل عن المقترضين من القطاع الخاص من الاسواق الدولية حيث إن الاصدار الحكومي سوف يسهل من اقتراض القطاع الخاص من الخارج. فبالنظر إلي تجارب الدول الأخري مثل أسبانيا أو كوريا فإنه من الضرورة ايجاد قاعدة بيانات متكاملة وحديثة عن المديونية الخارجية للقطاع الخاص وآجالها وعملات الاصدار والغرض منه والقدرة علي السداد وملاءة بنك الاستثمار في القدرة علي الترويج وفقا للقواعد والاعراف المالية. ونود هنا الاشارة إلي أن الاقتصاد المصري يتميز حاليا بانخفاض في حجم المديونية الخارجية كذلك انخفاض نسبة القروض قصيرة الأجل من إجمالي الديون الخارجية وهي مؤشرات جيدة ينبغي الحفاظ عليها. وتعد تجربة خصخصة بنك الاسكندرية التي تجري حاليا هي محور أساسي في تطوير الفكر الاقتصادي المصري حيث يحتل البنك المرتبة الثالثة في قائمة البنوك المصرية وتتجه الدولة إلي خصخصته علي محورين الأول خصخصة للإدارة من خلال بيع حصة تصل إلي 75% من اسهمه لمستثمر رئيسي مع توجيه نسبة 5% تقريبا من اسهمه للعاملين للحفاظ علي حقوقهم ومشاركتهم في اتخاذ القرارات والثاني هو توسيع قاعدة الملكية من خلال طرح حصة تصل إلي 20% من الاسهم بالبورصة. وتشير الظروف إلي أن خصخصة بنك الاسكندرية قد تمت بعد دراسة دقيقة ومفصلة لتقييم أصول البنك وبعد أن نجحت الدولة في تطبيق سياسات لتحرير الاقتصاد أمام دخول المؤسسات المالية الاجنبية بعد استعداد كاف لها حيث استلزم دخول هذه المؤسست وجود البنية الاساسية اللازمة لعمل هذه المؤسسات المالية واعداد الافراد العاملين في هذا القطاع كذلك توافق النظم المالية والنقدية المتبعة في مصر مع النظم العالمية واعداد مؤسسات الرقابة علي السوق بشكل أفضل حتي تكون أكثر استعدادا للتعامل مع هذه المؤسسات. إن المؤسسات المالية الاجنبية التي جاءت لمصر قد قامت باستخدام أساليب سليمة خاصة في مجال جذب المهارات العاملة في السوق للعمل داخل مؤسساتهم وكذلك العملاء. ومن هذا المنطلق النابع من اصلاحات اقتصادية شاملة يجب أن نشير إلي أن نشاط التوريق في مصر ينتظره العديد من فرص النمو ونشير هنا إلي أن حجم عمليات التوريق في الولاياتالمتحدة العام الماضي بلغ 625 مليار دولار مقابل 312 مليار دولار في أوروبا كما أن نشاط التوريق ينمو باطراد في الوقت الحالي في السواق الناشئة مثل أوروبا الشرقية. وهناك نوعان اساسيان للتوريق الأول هو قيام الجهة أو الشركة منشئة محفظة التوريق بحوالة كامل الحقوق (بيع المحفظة) لشركة أخري مستقلة متخصصة وهي "شركة التوريق" التي تقوم باصدار السندات أما النوع الثاني فإن قيام الجهة أو الشركة المنشئة للمحفظة باصدار سندات التوريق بذاتها. وبالنسبة للنقاط الايجابية والمزايا من جراء تفعيل أداة التوريق علي الاقتصاد المصري بصفة عامة وعلي الجهات المعنية به بصورة خاصة نشير إلي أن تفعيل أداة التوريق باعتبارها أداة مالية جديدة علي السوق المصري من شأنها توسيع نشاط سوق المال واستحداث أدوات جديدة للمستثمرين وتعمل علي تجميع رؤوس الاموال اللازمة لتمويل الاستثمارات الإنتاجية وتساعد علي تقديم أداة مالية جديدة للجهات المصدرة للتوصل إلي أسواق المال بالاضافة إلي كونها مصادر تمويل للبنوك وجهات الائتمان الأخري. وبخصوص المزايا التي تعود علي الشركات المصدرة فإنه بالاضافة إلي أنه يتيح الوصول إلي أسواق الأوراق المالية دون التقيد بالتصنيف الائتماني للجهة المنشئة لمحفظة التوريق فإنه يعمل علي توفير السيولة من خلال تحويل الاصول غير السائلة إلي أموال سائلة كذلك تنويع مصادر التمويل وتوسيع قاعدة المستثمرين كما أنه يساعد علي تجميع رؤوس الأموال اللازمة لتمويل التوسع في النشاط والحصول علي أصول جديدة ويعمل علي المواءمة بين اجال الاصول والالتزامات للحد من المخاطر أما بالنسبة للمزايا التي تعود علي المستثمرين فإنه يعمل علي تقديم أداة استثمار جديدة وواعدت ذات عائد جيد وايجاد مصدر محدد وواضح لسداد مستحقات السندات ويمكن للمستثمرين متابعته شهريا كما أنه يسمح باختيار نوع الأصل الذي يرغبون الاستثمار فيه حيث يكون اختيار السند الذي يتم الاستثمار فيه مرتبطا بنوع أصول محفظة التوريق، وبالتالي يسمح بتحديد وتفهم المخاطر المرتبطة بسندات التوريق كما أن الزيادة في قيمة محفظة التوريق عن قيمة مستحقات حملة السندات تسهم في توفير حماية للمستثمرين. محاسب/ حسين طلعت الطباخ رئيس مجلس إدارة شركة سيتي تريد لتداول الأوراق المالية