"اَلام الغاز".. هذا ما يقوله المسئولون الأوروبيون حول احتياجاتهم للغاز الطبيعي ووقود التدفئة في ظل الشتاء والجليد الذي فاق الحدود هذا العام لتصبح درجة الحرارة 20 درجة مئوية تحت الصفر. ويري خبراء بولنديون التقت بهم "العالم اليوم" في وارسو أن قرار روسيا منع إمدادات الغاز عن أوكرانيا ومساومتها علي رفع الأسعار سبب قلقا واسعا في شرق أوروبا والدول المحيطة بروسيا. ويؤكد اثنان من الخبراء في وزارة الاقتصاد التشيكية ووزارة الاقتصاد البولندية أن القرار الروسي أثار مشاعر من الخوف والقلق في بولندا وبدأ البحث عن بدائل للطاقة وكذلك الاتجاه للاستيراد من دول أخري في الشرق الأوسط ومصر. وقد تفجرت قضية الغاز ما بين روسيا وأوكرانيا بعد رفض الأخيرة القبول بزيادة السعر بنسبة 500% وهذا أيضا يشمل الدول التي تحصل علي الغاز الروسي عن طريق أوكرانيا مثل بولندا والمجر والنمسا، كما أن بقية الدول الأوروبية تتأثر بهذا القرار. وتشير الاحصاءات إلي أن أوكرانيا تدفع سنويا لروسيا ما يعادل 50 مليار دولار مقابل استيراد نحو 1000 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، وكان مقررا أن يرتفع السعر من 50 دولارا للمتر المكعب إلي 95 دولارا للمتر أي يصبح الإجمالي 95 مليار دولار أي ما يقرب من ضعف السعر. وتطالب روسيا بولندا بنحو 230 مليون دولار لكن هناك تفاوضا بين الجانبين ليصبح ما بين 200 و250 مليار دولار لاحتياجات بولندا من الغاز سنويا. وترغب شركة جازبروم الروسية في رفع سعر متر الغاز الطبيعي إلي 160 دولارا هذا العام. وبالطبع فإن عدة دول ستدفع لروسيا أضعاف السعر مثل أستونيا ومولدوفا ولتوانيا أي جميع دول البلطيق. وتحصل شركة جازبروم الروسية للغاز علي 180 مليون دولار سنويا من بلغاريا و80 مليار دولار من ملدوفا و100 مليار دولار من استونيا ونحو 135 مليار دولار من بعض عملائها في أوروبا الغربية. ويتوقع أن يشهد عام 2006 زيادة في سعر متر الغاز الروسي إلي 255 دولارا للمتر. ومع أن بولندا أفضل من غيرها بالنسبة لتلقي الغاز الروسي حيث يصل إليها الغاز عبر الأنابيب الأوكرانية فإنها تعاني نقصا في الإمدادات من الغاز الروسي عبر الأنابيب في بيلاروسيا، حيث تناقصت الاحتياجات وظهر عجز بنسبة 20% وتناقصت الاحتياجات بنسبة 40% في باقي الدول الأوروبية. وتستهلك بولندا نحو 7.3 مليون متر مكعب من الغاز يوميا أي أقل بنسبة 8% عن احتياجاتها الحقيقية في ظل الثلوج وشدة البرودة. واليوم تحتاج بولندا لنحو 50 مليون متر مكعب من الغاز يوميا ويتوقع أن يزداد حجم الاستهلاك في ظل هبوط درجات الحرارة تحت الصفر، وتتطلع بولندا لمصر لإمداداها باحتياجاتها من الغاز وسد العجز في الاستهلاك بما يعادل 150 مليار متر مكعب سنويا لكن بولندا لا تريد الدفع بطريقة "الكاش" أي نقدا، وإنما ستلجأ لتقديم خدمات البحث والتنقيب والتطوير مقابل سد حاجتها من الغاز وإخماد اَلام الغاز!