لاشك ان الضجة الاعلامية التي صاحبت الاحداث الدموية لمدينة شرم الشيخ كان لها تأثير قوي في ظهور حقيقة موقف الشعوب والحكومات من الارهاب فلا وجه للمقارنة بين رد الفعل الشعبي والحكومي بعد أحداث الأقصر 1997 ورد فعل العالم وخاصة العالم السياحي من أحداث لندن وشرم الشيخ. وقد تأثرت السياحة المصرية وخاصة مدينة السلام وهبطت مؤشرات الحركة الوافدة من 95% قبل الحادث إلي 40% بعد الحادث وحدث الغاء للحجوزات فالناس تخاف شبح الحروب والاضطرابات وهي تمرح في المنطقة في السنوات الأخيرة، وتأثر السياحة المصرية لم يحدث فقط لخوف السياح من زيارة المنطقة وانما لأن أوروبا المصدر الرئيسي للسياحة إلي مصر قد سارعتا بإعلان ان المنطقة غير مأمونة وحذرت رعاياها من زيارة المنطقة ونصحتهم بتحويل رحلاتهم من مصر إلي مواقع أخري مثل اسبانيا واليونان وغيرها من الدول المنافسة لمصر سياحيا، واللافت للنظر أن الاستجابة كانت فورية من جموع وكلاءالسفر والسياحة الذين سارعوا بتغيير البرامج السياحية من مصر إلي دول أخري قريبة منها في التكاليف. ونحن بالقطع لا نحب أن تتعرض الأرواح الزائرة لبلدنا لاضرار ونتمني ألا يصاب السائح من أي دولة في العالم ولو بخدش أصبع وهو ضيف علينا. لكن السؤال هو: هل عندما تقوم اضطرابات في أوروبا مثلما حدث في اسبانيا وفرنسا وأخيرا في انجلترا ومن قبلهم أمريكا في أكبر حدث ارهابي حدث في العالم بعد القاء القنبلة الذرية علي اليابان.. هل أصدرت هذه الحكومات تحذيرا لشعوبها بعدم الذهاب إلي هذه المواقع أو إلي القارة الأوروبية ككل. هل نحن نعاقب من قبل الحكومات الاوروبية والأمريكية لموقفنا المعروف من الارهاب؟! هل الدول الغربية قررت تسييس السياحة واستخدامها كالارهابيين وسيلة ضغط علي الحكومات والشعوب أو استغلال الموقف اقتصاديا؟! ماذا نسمي هذا الموقف من تلك الحكومات وماذا نسمي موقف وكلاء السياحة المتخاذل وسرعة تغيير خط سير الرحلات السياحية إلي دول اخري بحجة الأمن والكل يعرف انه لا أمن ولا أمان في أي موقع في عالم اليوم وتصدر أوروبا وأمريكا أوامرها لسياحها بعدم الذهاب إلي مصر بحجة الأمن؟! كنت وغيري كثيرون نتصور أن سياسة الولاياتالمتحدة وأوروبا قد تغيرت بتغير الظروف وانها كفت عن الكيل بمكيالين. أننا ننتمي لنفس المعسكر الذي ينبذ الارهاب أعداء الحياة والحرية والتقدم ومع هذا نجد ان الدول الاوروبية أول من يوجه لنا الضربة في مقتل إن قائمة التحذيرات هي انتصار للارهاب فقد منحناه أقصي الأماني وهي المساعدة في ضرب اقتصاد مصر، ولنا العذر كل العذر ان نشعر بهذا الموقف بل ونعتقد ان القرار ليس فقط لحماية السواح وانما ايضا اعتقادا منهم بأن السيطرة علي أهم مورد للعملة الصعبة في الدخل القومي المصري وهو السياحة سوف يكون عامل ضغط علي السياسة المصرية لتغيير مواقفها من بعض قضايا الخلاف والتطبيق الديمقراطي السريع علي سبيل المثال وكأن مواقفتا المتعقلة لم تكن كافية. ان سائح اليوم يدرك تماما انه ليس بمأمن عن أيدي الارهاب وهو في عقر داره.. وكان يجب أن يكون موقف الدول الاوروبية والامريكية رسالة موجهة للارهاب بأنه لن يفرض علينا حياتنا العادية مهما فجر ودمر بدلا من تصوير الأمر لمواطنيهم بأنهم ذاهبون إلي الجحيم. نحن وأنتم نعلم أن الهدف من هذه التفجيرات الارهابية هو صرفنا عن أهدافنا وتنميتنا وترويع السائح هو أفضل وأسرع طريقة لدولة تعتمد علي السياحة في إضافة طفرة اقتصادية والتصدي لشر البطالة وزيادة الدخل القومي. ان الذي يحرك السوق السياحي المصالح الاقتصادية وللأسف فقد ساعدت الدول التي تدعي انها تحارب الارهاب بالارهاب.