فى البداية لابد من اعلان الادانة الواضحة القاطعة لهذا العمل الإجرامى الذى قامت به جماعات الارهاب فى (مدينة شرم الشيخ) والذى طال ضحايا مصريون وأجانب أبرياء ، ونؤكد أن هذا العمل لا يمكن أن يعتبر مقاومة أو نضال ضد هدف سياسى يستحق المقاومة من أجله ، ولكنه فعل إرهابى توجه الى الهدف السهل وهو الأبرياء والعزل 0 * إن التفجيرات التى وقعت فى شرم الشيخ وراح ضحية لها قرابة الثلاثمائة انسان بين قتيل وجريح وبغض النظر عن الإدانة الكاملة لها فإننا يمكن أن نقرأها وفقاً للدلالات التالية : أولاً : أن ما جرى فى مصر من إرهاب مروع ضد المدنيين لا يمكن فصله عن الأحداث الدامية التى تجرى فى المنطقة بصفة عامة وفى العراق على وجه الخصوص منذ بدء التواجد الأمريكى هناك والذى أحدث زلزالاً سياسياً شديد القوة والاتساع هز المنطقة بمجملها وصاحبته ظواهر من العنف وردات الفعل التى اختلطت فيها قيم المقاومة المشروعة بالعنف الأعمى 0 ان عزل حادث شرم الشيخ عن أحداث الزلزال الأمريكى فى المنطقة لا يساعد على فهم الأسباب الحقيقية لهذا الارهاب ، خاصة إذا علمنا أن أحداث العنف فى المنطقة زادت خلال العامين الماضيين عشرة أضعاف العامين السابقين لهما ، مما يعنى أن ثمة ترابط بين ما يجرى فى العراق وبين ما أصاب المنطقة من توترات وأعمال عنف واسعة ولعل كلمات عمدة لندن يوم 23/7/2005 عن تأثير الانحياز الأعمى فى سياسات الدول الغربية ضد العالم العربى والإسلامى ، تأثير ذلك على نمو العنف ضدها وهى كلمات مهمة للغاية فى فهم ما جرى 0 ثانياً : لا يمكن فصل تطور الأوضاع فى فلسطين واستمرار الذبح الإسرائيلى للفلسطينيين عما جرى فى شرم الشيخ وكون هذه الأوضاع كانت عامل استفزاز ضد كل ما هو أجنبى (أو إسرائيلى على وجه الخصوص) ؛ وإذا علمنا أن " شرم الشيخ " هى المنتج الأكثر قبولاً لدى الإسرائيليين فإن استهدافه من قبل جماعات العنف يصبح مفهوماً ، وتتضح رسالته أيضاً خاصة و(منتجع شرم الشيخ) ارتبط فى أذهان الرأى العام بمؤتمرات دولية مثيرة للجدل (مؤتمرات حول العراق وفلسطين) وارتبط بأول زيارة لشارون إلى مصر فى مارس الماضى (2005) الأمر الذى يجعل من استهداف هذه المدينة بقطع النظر عن إدانتنا الكاملة لطريقة ومضمون الاستهداف الذى طال مدنيين أبرياء ، استهداف بالأساس للسياسة الإسرائيلية والمصرية ، انه حدث يريد توجيه رسالة مضادة للتقارب المصرى الإسرائيلى الذى تنامى مؤخراً [فى أقل من 6 أشهر تم إعادة السفير المصرى إلى تل أبيب – إطلاق الجاسوس عزام عزام – توقيع اتفاقية الكويز – توقيع اتفاقية توصل الغاز المصرى الى تل أبيب – تعيين سفير إسرائيلى جديد فى مصر هو شالوم كوهين 00الخ ] 0 ثالثاً : يبقى أن نشير الى أن ثمة سيناريوهات قد لا تكون قوية ولكن من المهم ذكرها حيث يثار أن إسرائيل قد تكون ضالعة بشكل أو بآخر فى ارتكاب هذه التفجيرات لاستهداف الاقتصاد المصرى الذى تحتل السياحة موقعاً مهماً فيه مما أضر من وجهة نظر الإسرائيليين بالسياحة الإسرائيلية الداخلية وفى هذا الاطار يذكر أن السياحة تمثل 10% من موارد الدخل القومى المصرى (حوالى 6 مليار دولار فى العام الواحد) وأن عدد السائحين يصل إلى 8 مليون سائح سنوياً ، الأمر الذى يمثل انتعاشاً للاقتصاد المصرى ، ويذكر أيضاً أن صحيفة هاآرتس الاسرائيلية يوم 3/7/2005 حذرت السائحين الإسرائيليين من الذهاب إلى شرم الشيخ تحديداً لأنها ستشهد عمليات تفجير تستهدفهم ، فإذا ثبت صحة هذه التقارير الصحفية التى تستند الى معلومات مخابراتية إسرائيلية فإننا نصبح أمام اختراق اسرائيلى واضح لتنظيمات الارهاب الملتحفة بعباءة الإسلام ، وهو السيناريو الذى يحتاج الى دراسة وتعمق وعدم تجاهل له كما يحاول البعض أن يفعل 0 * على أية حال إن ما جرى فى (شرم الشيخ) والذى لا يقره دين أو عقل لا ينفصل عن حالة اللاعقل واللادين السائدة الآن فى المنطقة على كافة المستويات والأبعاد ؛ والأقطار ، وهى حالة اختلطت فيها قيم المقاومة المشروعة للاحتلال الأجنبى بالعنف الأعمى ضد الأبرياء ، بالسياسات الدولية الظالمة لأهل هذه المنطقة وبالسياسات المحلية التى تمارس الاستبداد وتستبعد الآخر من المشاركة فى صناعة مستقبل الوطن كل ذلك أدى إلى ما حدث فى شرم الشيخ وقد يؤدى إلى أحداث آخرى قادمة أكثر دموية ، وأكثر فوضوية ، فالمنطقة كلها وليست مصر فحسب على فوهة بركان ، حمى الله مصرنا وأمتنا من كل سوء 0 E – mail : yafafr @ hotmail . com