تعالوا معي نتصور خريطة البنوك منتصف شهر يوليو القادم وهو موعد انتهاء المهلة المحددة من البنك المركزي للبنوك لزيادة رؤوس أموالها إلي 500 مليون جنيه وهو الحد الأدني المطلوب لاستمرار أي بنك في ممارسة نشاطه. وإذا كان مسئولو البنك المركزي قد أكدوا أكثر من مرة علي أنه لا مد لمهلة جديدة لتوفيق الأوضاع، فإنه بذلك قطع الطريق علي الحالمين بالحصول علي مهلة ثالثة، كما قطع الطريق كذلك علي المتفائلين الذين يؤكدون أن البنك المركزي ليس من مصلحته هز الثقة في القطاع المصرفي واتخاذ قرارات جريئة قد تؤثر سلبا علي القطاع المصرفي وتزيد من مشكلاته الحالية. سيناريو التأجيل وعلي الرغم من أن البعض طرح سيناريو منح البنك المركزي المصري البنوك مهلة أخيرة مدتها عام لتوفيق أوضاعها المالية وإعطائها فرصة لزيادة رؤوس أموالها سواء عن طريق الاكتتاب العام أو مستثمرين رئيسيين، الا أن هذا السيناريو يظل مستبعدا في ظل تمسك السلطة النقدية بموقفها كما أن هذا السيناريو "يلخبط" خطة البنك المركزي الرامية إلي إعادة هيكلة القطاع المصرفي المصري خلال فترة محدودة، وأن هذه الخطة تم اعتمادها من قبل القيادة السياسية وجار تنفيذها بالحرف الواحد، وبالتالي لا يعقل ادخال تعديلات جوهرية عليها. اضف الي ذلك ان التأجيل له آثار عكسية خطيرة إذ أنه يمكن علي اثره توصيل رسالة للسوق والعالم الخارجي بعدم جدية البنك المركزي في الاصلاحات وعدم وضع خطة زمنية محددة للانتهاء منها. سيناريو الحلول الوسط واذا انتقلنا للسيناريو الثاني فهو سيناريو الحلول الوسط، وفي حالة تطبيق هذا السيناريو فإن البنك المركزي قد يمد المهلة الزمنية ولكن المدة تتوقف علي ظروف كل بنك.. أي يتم التعامل مع كل حالة علي حدة، فاذا كان البنك مهماً للسوق وذا طبيعة خاصة كما هو الحال مع بنكي العمال المصري والاسكندرية التجاري والبحري فانه يمكن إتاحة الفرصة له لاتمام الزيادة سواء عن طريق قدامي المساهمين أو عن طريق مساهمين جدد، أما اذا كان البنك المطلوب معالجة ملفه تتشابه أنشطته مع البنوك الأخري فانه في هذه الحالة يمكن دمجه في بنك آخر. وهذا السيناريو قد يتعرض لمأزق مخالفة القوانين القائمة وربما عدم الدستورية إذ ان بنوكاً تحصل علي ميزة لا تحصل عليها بنوك أخري، ومن هنا فإن البنك المركزي قد يتحفظ علي هذا السيناريو خاصة وانه يعطي الأمل لبنوك ضعيفة في الاستمرار في السوق. السيناريو المحتمل واذا انتقلنا للسيناريو الثالث فان من أبرز ملامحه: 1- استمرار البنك المركزي علي موقفه الرافض لمد مهلة توفيق الأوضاع، وبالتالي فان منتصف يوليو القادم هو آخر موعد لاتمام الزيادة الجديدة في رأس المال المدفوع. 2- الاسراع في حل مشاكل البنوك المتعثرة من خلال دمجها في أحد البنوك الكبري الأخري وهنا يتحدث البعض عن استحواذ البنك الأهلي المصري علي بنك المهندس وربما التجارة والتنمية "التجاريون" أيضا واستحواذ بنك فيصل الاسلامي المصري أو بنك الاسكندرية علي المصرف الاسلامي الدولي للاستثمار والتنمية البالغ رأسماله 60 مليون دولار، وكذا استحواذ بنك القاهرة علي البنك المصري المتحد والقاهرة الشرق الأقصي وربما يكون بنك العمال المصري من نصيب بنك مصر الذي استحوذ في العام الماضي علي بنك مصر اكستريور. لكن المشكلة تكمن هنا في قيمة الفاتورة التي يتحملها البنك المركزي جراء إصلاح البنوك المتعثرة والتي تقدر بمليارات الجنيهات، وعلي سبيل المثال يقدر العجز في مخصصات البنك المصري المتحد للقروض المتعثرة بنحو مليار جنيه، كما أن لدي بنك النيل عجز مماثل، ويقفز العجز لدي بنك المهندس لنحو ملياري جنيه وربما أكثر، يعد المصرف الإسلامي الدولي للاستثمار والتنمية الأفضل هنا حيث إن لديه أصولاً يمكن من خلالها تغطية جزء كبير من عجز المخصصات. 3- عقب الانتهاء من مهلة توفيق الأوضاع سيقوم البنك المركزي - طبقا للسيناريو الثالث - بفحص ملف كل بنك علي حدة وعدم التعامل مع كل البنوك التي لم ترفع رؤوس أموالها علي أنها حالة واحدة.. وهنا يطرح البعض سيناريوهات فرعية في هذا الشأن. البنوك المتعثرة من أبرز السيناريوهات الفرعية سيناريو التعامل مع ملف البنوك المتعثرة التي تقرر دمجها في وقت سابق في بنوك أخري، وعلي الرغم من أن البنك المركزي يخطط للانتهاء من هذا الملف نهاية شهر يونيو القادم إلا أن المؤشرات تؤكد صعوبة ذلك، وهنا يمكن أن يتم الفترة حتي نهاية العام الجاري وربما العام القادم.