حظيت انتخابات مجلس نقابة الصحفيين التي جرت يوم الأربعاء الماضي (26 أكتوبر) باهتمام سياسي وإعلامي واسع، خاصة أنها اجريت بعد إسقاط القانون 100 لسنة 1993 المسمي زورا ب «قانون ضمانات ديمقراطية التنظيمات النقابية المهنية». فبإلغاء هذا القانون الذي أدي إلي فرض الحراسة علي عدد من النقابات المهنية وتوقف الانتخابات الدورية فيها، تعود النقابات المهنية لتطبق كل منها قانونها الخاص، وتتولي هي شئونها وإجراء انتخابات مجالس إدارتها.. وقد توفرت عدد من العوامل أعطت لانتخابات نقابة الصحفيين هذه الأهمية. غياب المرشح الحكومي المسنود من السلطة التنفيذية ومن الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، وبالتالي لم تعد المعركة بين تيار الاستقلال «عن الحكومة والأحزاب والقوي السياسية» وبين السلطة وفي آخر انتخابات قبل الثورة «ديسمبر 2009» والخاصة بنقيب الصحفيين، كانت المعركة بين مكرم محمد أحمد مرشحا مدعوما من السلطة الحاكمة وضياء رشوان مرشحا لتيار الاستقلال، ولم يستطع مكرم - رغم تاريخه النقابي العريض وانتخابه نقيبا للصحفيين لأربع دورات أعوام 1989 و1991 و1997 و2007 - أن يحقق الفوز إلا في جولة الإعادة وخلال هذه المعركة حظي مكرم بالدعم الحكومي الذي أصبح تقليدا منذ انتخابات 1981، فأعلن مكرم بعد لقائه برئيس الوزراء «أحمد نظيف» عن زيادة البدل بثمانين جنيها إضافيا وتشكيل لجنة لوضع لائحة جديدة للأجور وزيادة المعاش، كما أجري صفوت الشريف أمين عام الحزب الوطني، رئيس مجلس الشوري اتصالا برؤساء مجالس الإدارات والصحف القومية يحملهم مسئولية الضغط من أجل فوز مكرم في دورة الإعادة، وقد غابت أيضا هذه المنح في المعركة الحالية. أما في انتخابات الأربعاء الماضي فقد غاب تأثير وضغوط رؤساء مجلس إدارة الصحف القومية، وعاد تقسيم اللجان ليصبح بالحروف الأبجدية، بعد أن فرض تقسيم اللجان طبقا للمؤسسات الصحفية تطبيقا للقانون 100 ليسهل معرفة اتجاهات التصويت في كل مؤسسة ومحاسبة القائمين عليها. والقراءة الصحيحة لنتائج الانتخابات في ضوء هذه المتغيرات، تشير إلي استقرار تيار الاستقلال ونجاحه في الانتخابات، فالمرشحان الرئيسيان ينتميان بشكل أو آخر لهذا التيار، صحيح أن يحيي قلاش هو أحد رموز هذا التيار بينما لم يبرز «ممدوح الولي» خلال وجوده في مجلس النقابة في السنوات الماضية ضمن رموز هذا التيار إلا أنه لم يكن محسوبا علي الحكم أو جماعة الإخوان المسلمين رغم ما أشيع عن ارتباطه بالجماعة وميله لها، وهو ما ألح علي نفيه بقوة خلال المعركة الانتخابية. ويتأكد اتجاه الاستقلال في نقابة الصحفيين بسقوط الزملاء «هاني صلاح الدين» و«هاني مكاوي» و«خالد بركات» و«قطب العربي» فهؤلاء الزملاء الأربعة أعلنت جماعة الإخوان المسلمين عن أن مكتب الإرشاد قرر ترشيحهم - إضافة لمحمد عبدالقدوس - وهو ما اعتبرته الجماعة الصحفية محاولة من الجماعة للسيطرة والتدخل في العمل النقابي، وبالتالي لم تصوت لهم أغلبية الجمعية العمومية تأكيدا للتمسك بالاستقلال، واللافت للنظر النظر أن متوسط الأصوات التي حصل عليها كل منهم في حدود 500 صوت، وهو متوسط يقل علي آخر الفائزين ب 163 صوتا حيث حصل آخر الفائزين علي 663 صوتا. واللافت للنظر أيضا حصول «عبير سعدي» علي أعلي الأصوات بين الفائزين (1659) لتعلن بذلك الجمعية العمومية أنها لا تميز ضد النساء وأنها تنحاز للأداء النقابي المتميز وللاستقامة الأخلاقية والسياسية التي تتمتع بها عبير سعدي. ويليها مباشرة «محمد عبدالقدوس» الذي أكد منذ انتخابه لأول مرة في مجلس نقابة الصحفيين وإعادة انتخابه بعد ذلك لدورات متعددة نفس المعاني والأفكار، وأن انتماءه الحزبي لجماعة الإخوان المسلمين لم يمنعه من اتخاذ الموقف النقابي الصحيح مع كل الصحفيين أيا كانت انتماءاتهم أو اتجاهاتهم. وبالنسبة لتركيبة المجلس، فيتكرر هيمنة المؤسسات القومية خاصة الأهرام والأخبار (الأهرام النقيب و3 أعضاء - الأخبار 4 أعضاء - الجمهورية 2) وغياب أي صحفيين من وكالة أنباء الشرق الأوسط أو دار الهلال أو روزاليوسف، كما غاب أي صحفيين من الصحف الحزبية باستثناء صحيفة العربي حيث نجح لها عضوان في المجلس، كما نجح للصحف الخاصة «التحرير» صحفي واحد هو الزميل كارم محمود.