أغراض خفية ظهؤلاء الذين يصنعون الآن الضجيج والصخب ويوجهون الإنذارات والتهديدات بسبب وثيقة المبادئ الدستورية.. لم يسبق أن سمعنا منهم احتجاجا أو مجرد انتقادا لتشكيل لجان - بالتعيين - من جانب ملوك ورؤساء مهمتها وضع دستور للبلاد «وليس مجرد مبادئ»، ولم نسمع من هؤلاء احتجاجا علي قيام المجلس الأعلي للقوات المسلحة بتشكيل لجنة التعديلات الدستورية رغم أن جميع الأحزاب والتيارات الفكرية والسياسية كانت مستبعدة من عضويتها باستثناء التيار الديني المتطرف. الآن تقرر الأحزاب الدينية المتطرفة أن إصدار إعلان دستوري بمواد حاكمة يشكل افتئاتا علي صلاحية الهيئة التأسيسية المنوط بها كتابة مشروع الدستور، ويعني استبداد «الأقلية» وديكتاتوريتها والتصادم مع قواعد الديمقراطية!! هكذا «قررت» الأحزاب الدينية أنها تمثل أغلبية الشعب المصري.. ومن يختلف معها ليس سوي «أقلية» تتحدي الإرادة الشعبية!! وبعد أن كانت تلك الأحزاب المتطرفة تعتبر نفسها المدافع الأول عن المجلس الأعلي للقوات المسلحة ضد من يحاولون «الوقيعة بين الجيش والشعب».. أصبحت تعلن الآن عن أنها «لن تسمح» بإقرار وثيقة المبادئ الحاكمة للدستور التي يستعد المجلس الأعلي لطرحها، وأن من يختلف معها في الرأي «ليس له رصيد أو جمهور علي الأرض وليس من المتوقع أن يكون له أي تأثير في صناعة واقع مصر»!!.. ياللعنجهية!! إذن.. نحن إزاء جماعات تسعي لفرض وصايتها علي الشعب والانفراد بتقرير مصيره. وبعد أن كانت تلك الجماعات المتطرفة تقول إنه لا حاجة لتنظيم مظاهرات مليونية أخري، وإن من يفعلون ذلك هم دعاة الفوضي والتخريب.. أصبحت نفس هذه الجماعات تهدد بالنزول إلي الشارع والميادين وتنظيم مظاهرات مليونية في جميع أنحاء مصر وتعلن التعبئة العامة والحرب علي الدستور! ما الذي يزعج هذه الجماعات في وثيقة تنص علي أن مصر دولة مدنية ديمقراطية ونظامها السياسي جمهوري ديمقراطي يقوم علي التداول السلمي للسلطة، وعلي المواطنة وسيادة القانون وتحترم التعددية، وتكفل الحرية والعدل والمساواة وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين دون أي تمييز أو تفرقة؟ وما الذي يزعج الأحزاب الدينية في وثيقة تنص علي أن الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، وأن السيادة للشعب وحده؟ هل هذه النصوص.. معادية للإرادة الشعبية؟!! الواضح أن هؤلاء الذين ساندوا كل الأنظمة الديكتاتورية وغير الدستورية في السابق.. يرفضون الآن وثيقة تتضمن مبادئ أساسية تقطع الطريق علي عودة الطغيان وحكم الفرد المطلق. تري ما هي الأغراض الخفية وراء هذه الحملة علي وثيقة مبادئ تحمي حقوق الشعب الديمقراطية؟