متحدث «الري»: أديس أبابا خزّنت كميات مياه ضخمة بالسد الإثيوبي قبل الموعد لأسباب إعلامية    القصة الكاملة لأزمة فيضان النيل بالمنوفية: حالة استنفار لمواجهة ارتفاع منسوب النيل وغمر الأراضي    قبل الشتاء.. حماية الأراضي بالمنيا تختتم حملة مكافحة القوارض    إضراب في إيطاليا بعد اعتراض البحرية الإسرائيلية سفن أسطول الصمود المتجهة لغزة    قيادي بحماس ل الشروق: رد الحركة على خطة ترامب لم يمس الثوابت المتمثلة في الدولة والسلاح وحق المقاومة    الجزيري وبانزا يدعمان قائمة الزمالك استعدادا لمواجهة المحلة    اضطراب ملاحي وشبورة صباحية وسحب منخفضة.. طقس السبت في مطروح والسواحل الشمالية    المنيا: سقوط توك توك في حفرة صرف صحي أمام وحدة صحية بأبو قرقاص دون إصابات    مهرجان الإسكندرية السينمائي يُكرم رياض الخولي: رحلة كفاح طويلة ونقطة تحول في 1996    رياض الخولي: بدأت العمل بعد 18 عامًا من تخرجي.. ورحلتي الفنية مليئة بالصعاب    وكيل جهاز المخابرات السابق: المصالحة الفلسطينية لم تعد أولوية في ظل الوضع الحالي    المنيا.. النيابة تنتدب الطب الشرعي لكشف ملابسات العثور على جثة شاب داخل مزرعة بسمالوط    تعرف على فعاليات اليوم الثالث من الدورة 8 لمهرجان القاهرة الدولي للمونودراما غدا    أحمد مجاهد ل العاشرة: نراهن على أسماء دولية وعربية ومصرية بمعرض القاهرة للكتاب    الزمالك يدرس رحيل ثلاثة لاعبين في الشتاء.. عواد والجزيري على قائمة المغادرين    محمد كامل يُعلن أول قراراته: الحشد والتثقيف استعدادًا للإنتخابات    العقيد محمد عبدالقادر: إنجاز أكتوبر كان نصرًا عربيًا بامتياز    إرث أكتوبر العظيم    قائد الجيش اللبناني يزور مقر اليونيفيل ويعقد لقاء موسعا لتعزيز التعاون وتنفيذ القرار 1701    الاتحاد الأوروبي يطلق قواعد موحدة للشركات الناشئة في 2026 لتعزيز النمو    قوات جيش الاحتلال تقتحم بلدات في نابلس وتعتقل شابين فلسطينيين    المحاسب الضريبى أشرف عبد الغنى: الإرادة السياسية للرئيس السيسى سر نجاح التيسيرات الضريبية    وزير الخارجية يثمن مساندة هايتي للدكتور خالد العناني في انتخابات منصب مدير عام اليونسكو    إيقاف عرض عدد من المسلسلات التركية.. والعبقري" من بينها    أبى وصاحبى    داء كرون واضطرابات النوم، كيفية التغلب على الأرق المصاحب للمرض    افتتاح مسجد فانا في مطاي وإقامة 97 مقرأة للجمهور بالمنيا    غلق وتشميع 20 مقهى ومحل ورفع 650 حالة إشغال في الإسكندرية    «لرفع العقوبات».. حاخام يهودي يعلن رغبته في الترشح ل مجلس الشعب السوري    البلشي وعبدالرحيم يدعوان لعقد اجتماع مجلس نقابة الصحفيين داخل مقر جريدة الوفد    «السكان» تشارك فى الاحتفال بيوم «عيش الكشافة» بمدينة العريش    «حاجة تليق بالطموحات».. الأهلي يكشف آخر مستجدات المدرب الجديد    وزير الرياضة يحضر تتويج مونديال اليد.. ويهنئ اللاعبين المصريين على أدائهم المميز    محمد صلاح يلتقط صورة تذكارية مع الكرة الرسمية لكأس العالم 2026    87 مليون جنيه لمشروعات الخطة الاستثمارية الجديدة بتلا والشهداء في المنوفية    حكم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة... تعرف عليها    هل يجب الترتيب بين الصلوات الفائتة؟.. أمين الفتوى يجيب    تعرف علي موعد إضافة المواليد علي بطاقة التموين في المنيا    القهوة بالحليب.. هل هي خيار صحي لروتينك الصباحي؟ (دراسة توضح)    استشاري مناعة: أجهزة الجيم ملوثة أكثر من الحمامات ب74 مرة (فيديو)    نتائج الجولة الخامسة من الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية    الإسماعيلي يواصل التعثر بهزيمة جديدة أمام سموحة    جامعة قناة السويس تنظم مهرجان الكليات لسباق الطريق احتفالًا بانتصارات أكتوبر    تعرف على أنشطة رئيس مجلس الوزراء فى أسبوع    سبب غياب منة شلبي عن مؤتمر فيلم «هيبتا: المناظرة الأخيرة»    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 اعرفها بدقه    الزهايمر.. 5 عادات يومية بسيطة تحمي الدماغ من المرض الخطير    تعرف على آداب وسنن يوم الجمعة    5 قرارات أصدرتها النيابة فى اتهام شاب ل4 أشخاص بسرقة كليته بالبدرشين    باراجواي تعلن دعمها الرسمي للدكتور خالد العناني في انتخابات اليونسكو 2025    اسعار الحديد فى أسيوط اليوم الجمعة 3102025    عاجل- سكك حديد مصر تُسيّر الرحلة ال22 لقطارات العودة الطوعية لنقل الأشقاء السودانيين إلى وطنهم    "يونيسف": الحديث عن منطقة آمنة فى جنوب غزة "مهزلة"    ضبط 295 قضية مخدرات و75 قطعة سلاح ناري خلال 24 ساعة    المصري يواجه البنك الأهلي اليوم في الجولة العاشرة من دوري نايل    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    استشاري تغذية علاجية: الأضرار المحتملة من اللبن تنحصر في حالتين فقط    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صفحة من تاريخ مصر د. رفعت السعيد
نشر في الأهالي يوم 26 - 11 - 2010


مناضلات يساريات
ثريا إبراهيم
«سألني مختار في أول لقاء ماذا تقرأين؟ قلت: روايات. اعطاني رواية «الأم» لمكسيم جوركي. قرأت وبكيت وأحسست أن طاقة ضوء فتحت في قلبي وعقلي. واقتربت اكثر بمختار، واقتربت معه بالنضال».
ثريا ابراهيم
(في حوار معها)
كثيرا ما كانت الأم تحكي للأولاد حكايتها أيام ثورة 1919، كان من بين جيرانهم شابان يتفجران ثورية عصام الدين ومجد الدين حفني ناصف، وذات ليلة دق الباب وكان عصام ومعه لفافتان وطلب اليها أن تخفيهما لأن البوليس يبحث عن بيتهما ليفتشه، منشورات تدعو للثورة ومسدس. الأم بحاسة غريبة خبأت المنشورات في شوال الأرز والمسدس في صفيحة الجاز. ومع حكايات كهذه كانت ثريا تتفجر انبهارا ووطنية . بيتهم كان في مواجهة كوبري عباس ويوم الحادثة الشهيرة تساقط عشرات الجرحي والقتلي ، أما الجرحي فكان بيتهم مكانا ومخبئا حتي يختفي البوليس.
الأب بيك محترم مدير عام مدارس الصنايع بوزارة المعارف وكان من تلامذته فنان شهير هو زكريا الحجاوي . وقف زكريا معها ذات يوم في البلكونة ، لقت نظرها إلي شاب أحمر الشعر أبيض البشرة وقال لها «الولد كويس ونفسه يتعرف بيكي» تعارفا وتزوجا، وفي بيتها كان كثيرون يأتون، يجتمعون معا في حوار ممتد، يرتفع صوتهم أحيانا في حوار حميم، سألت، وأجاب، وطلبت أن تشاركه فرفض خوفا عليها، صممت فوافق. وبدأت..«خذي هذه اللفافة سلميها لفلان، هاتي لفافة من المنزل الفلاني، وذات يوم اعطاها مظروفا وقال لها: اذهبي إلي محل استرا في التحرير. سيحضر شاب اسمرله شارب هو خارج لتوه من السجن، سيكون مراقبا في الأغلب ولهذا من يقابله يجب إلا يكون معروفا. سيدة شيك تجلس في استرا تبتسم لكل اسمر له شارب وكلهم يبتسمون ويغازلونها، الرفيق أتي لم يبتسم توجه إليها مباشرة وكأنه يعرفها أخذ المظروف ومضي (كان الرفيق فتحي خليل الصحفي في روزاليوسف). بعد هذه الواقعة تمردت، تريد أن تناضل كما يناضلون. وقابلها مختار مع مسئولة هي ليلي الشال. عملا معا لفترة طويلة وعندما التهبت مصر مع تأميم القناة التهبا معها هما وكل الرفاق.
وفي اللجنة النسائية للمقاومة الشعبية ذاقت ثريا طعما آخر للعمل النسائي . فقد عملت من قبل في الهلال الأحمر وجمعية نهضة المرأة ، وجمعية رعاية الأسرة . النساء في هذه الجمعيات مختلفات يحببن المظاهر ويهوين الإعلام عن نشاطهن . لكن هذه اللجنة شيء آخر. ذات يوم حضر اجتماع اللجنة صحفي حاول أن يصورهن رفضت هي وليلي نحن لا نحتاج دعاية لأنفسنا، ومع اشتعال الحرب إشتعل الحماس هي وليلي وغيرهما تدربن علي السلاح ولبسن الاوفرول الكاكي وسافرن إلي الجبهة .
وعندما تمتلك المرأة حق الانتخاب كجزء من الانتصار المصري علي التخلف تخوض معركة جماهيرية لقيد آلاف السيدات جداول الناخبين، لكن عملها الجماهيري لم يتعارض مع نضالها السري الذي اتقنت فنونه، ففي 1954 قبض علي مختار وكلفها التنظيم بإيصال أوراق ورسائل إليه في المعتقل. تأملت، تذكرت عبقرية أمها شوال الأرز وصفيحة الجاز وفعلت مثلها وإنما بأدوات حديثة ، الرسائل تسربت إلي السجن عبر أنابيب معجون الأسنان والصابون. واعتمد التنظيم طويلا علي كفاءة «الرفيقة إلهام» في العمل السري، وتقول في حوارها معي «كنت حذرة جدا، البوليس لم يستطع أبداً أن يراقبني.. تذكرت دوما «الأم في رواية جوركي وفعلت مثلها». وفي يناير 1959 هاجم البوليس البيت كان مختار في المنصورة ، قالت لا تعرف أين هو كلمته تليفونيا من السنترال «العيلة كلها سافرت خليك عندك» وهرب مختار واستمرت إلهام في نضالها السري. وفي 29 مارس أتوا مرة أخري ابتسم الضابط «المرة دي مش علشان الدكتور مختار، ولكن علشانك انتي» أنقسم قلبها نصفه طار نحو مختار الهارب في الدقهلية ونصفه إرتمي تحت أقدام ابنتهما «مير». كانت قد أعدت خطة للهروب إذا أتي البوليس تطلب أن تغير ملابسها، تقفز من الشباك إلي الحديقة الخلفية ومنها إلي حديقة الجيران ثم إلي شارع بعيد. لكن كيف تهرب ومير وحدها، أرسلت مير إلي بيت أمها، لكن اختها كانت هناك ولم تكن تحب مختار هذا الطبيب المشاغب الذي أخذ بنت الأكابر ليمرمطها في هذا الذي يسميه نضالاً. ظلت صورة «مير» تراودها فقط تريد أن تراها ولو مرة واحدة لكن اختها تأبي بحجة أن البنت صغيرة وميصحش تعرف أن أمها في السجن. الدكتورة «أيدا» طبيبة السجن انفطر قلبها حزنا علي حزن ثريا وقررت إرسالها إلي القصر العيني لإجراء عملية غير ضرورية ، وترفض الأخت إرسال «مير» إليها. رغبتها الجامحة في رؤية «مير» لقنتها فنونا غريبة من المغامرة ، كانت في مستشفي الحميات أتفقت مع عسكري الحراسة أن تخرج معه لساعة واحدة في عربة الموتي، تري «مير» وتعود، وفي المساء خرجت كلمات الأم «أنا جاية اشوف مير» صرخت الأم «مأمور قسم الجيزة ساكن في بيتنا ولو شافك حيودي الناس اللي معاكي في داهية. وعادت بعربة الموتي دون أن تري «مير» كانت شديدة المراس وكثيرا ما علا صوتها في وجه المأمور الذي لم يتعود إلا علي الخضوع التام من السجناء، يعلو صوتها آمرا وهو ينهار في أزمة قلبية . الباشسجانة عرفت طريق الخلاص من المأمور لعدة أيام تصرخ فيه ثريا ينهار يغيب أياما ويعود.
وذات يوم عرفت أن مختار قبض عليه، تمزقت شوقا لرؤيته كان في سجن القناطر رجال، وهي في سجن القناطر نساء، حائط واحد يفصلهما.. الدكتور صادق حكيمباشي السجنين قبل أن يستقبلها في سجن الرجال بحجة الحاجة إلي فحصها بجهاز موجود هناك، وأحضر د. مختار هي ذهبت آخر شياكة وبمكياج يليق بلقاء الزوج الحبيب. هو أتي حافيا يلبس ثياب السجن، حليق الشعر.. إنه الماكياج الناصري للسجناء.
حكم عليها بالسجن سنتين انتهت السنتان أخذوها إلي مباحث أمن الدولة ، طلبوا إليها أن تكتب استنكاراً للشيوعية وولاءً لعبد الناصر. رفضت. الضابط قال لها اكتبي كده وكده علشان تخرجي وتشوفي «مير» رفضت. وعادت إلي السجن. وتخرج من السجن في 1963 ويخرج مختار في 1964. واحتاجت إلي جهد فائق كي تقترب من «مير» وكي تتقبل «مير» (خمس سنوات في هذا الوقت) أن هذه السيدة أمها.
وفي اليوم الأول لتأسيس منبر اليسار أتت ثريا ومختار وأصبحا عضوين نشيطين في صفوفه. ثم في صفوف حزب التجمع. ثم يرحل مختار في حادث سيارة وتهب ثريا كل حياتها للتجمع حتي ترحل هي أيضا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.