الرئيس السيسي: محطة الضبعة النووية حلم يتحقق اليوم    جامعة المنصورة تحصد المركز الثاني بين الجامعات المصرية في تصنيف QS العالمي    وزير الري يلتقي عددا من المسؤولين الفرنسيين وممثلي الشركات على هامش مؤتمر "طموح إفريقيا"    عاجل- تحركات جديدة في أسعار الذهب اليوم.. عيار 21 يسجل 5445 جنيهًا    وزير الإنتاج الحربي يشهد مراسم توقيع مذكرة تفاهم لتصنيع المحركات الكهربائية    نقابة الفلاحين تنعي وفاة عاملة بإحدى المزارع، وتطالب بتوفير حماية اجتماعية للعمالة الزراعية    سرايا القدس تستهدف قوات الاحتلال الإسرائيلي بعبوة ناسفة في جنين    مصر وروسيا.. شراكة استراتيجية مزدهرة ب6.6 مليار دولار تجارة و467 شركة روسية في مصر    رونالدو ينافس بنزيما على جائزة جلوب سوكر 2025    الأهلي يحصل على الموافقات الأمنية لحضور 30 ألف مشجع في مواجهة شبيبة القبائل    إنقلاب شاحنة محملة بمواد محجرية بطريق السويس    الإعدام والمؤبد ل 4 عاطلين.. قتلوا شابا لخلافهم على قيمة المخدرات    ارتفاع درجات الحرارة.. الأرصاد الجوية تحذر من تغير حالة الطقس    600 ألف جنيه، إيرادات السادة الأفاضل أمس    تامر حسني يكشف تفاصيل أزمته الصحية بعد خضوعه لجراحة دقيقة في ألمانيا    نورا ناجي عن تحويل روايتها بنات الباشا إلى فيلم: من أجمل أيام حياتي    الصحة: 5 مستشفيات تحصل على الاعتماد الدولي في مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    ما هو فيروس ماربورج وكيف يمكن الوقاية منه؟    الصحة: 5 مستشفيات مصرية تحصل على الاعتماد الدولي في مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات.. و3 منها مراكز تميز عالمية    بسبب تراجع الانتاج المحلى…ارتفاع جديد فى أسعار اللحوم بالأسواق والكيلو يتجاوز ال 500 جنيه    القادسية الكويتي: كهربا مستمر مع الفريق حتى نهاية الموسم    الزمالك يستقر على موعد سفر فريق الكرة لجنوب أفريقيا    هشام يكن: أطالب حسام حسن بضم عبد الله السعيد.. وغير مقتنع بمحمد هاني ظهير أيمن    السياحة العالمية تستعد لانتعاشة تاريخية: 2.1 تريليون دولار إيرادات متوقعة في 2025    وزير الإسكان يستقبل محافظ بورسعيد لبحث استعدادت التعامل مع الأمطار    وزارة التضامن تقر حل جمعيتين في محافظة الغربية    مقتل 6 عناصر شديدى الخطورة وضبط مخدرات ب105 ملايين جنيه فى ضربة أمنية    ضبط 3 متهمين بقتل شاب لخلافات بين عائلتين بقنا    مصرع 3 شباب في تصادم مروع بالشرقية    وزارة الصحة تغلق 11 مركزًا غير مرخص لعلاج الإدمان بحدائق الأهرام    حزب الجبهة: متابعة الرئيس للانتخابات تعكس حرص الدولة على الشفافية    الدفاع الروسية: قواتنا استهدفت منشآت البنية التحتية للطاقة والسكك الحديدية التي تستخدمها القوات الأوكرانية    رئيس الأركان يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته فى فعاليات معرض "دبى الدولى للطيران 2025"    نجاح كبير لمعرض رمسيس وذهب الفراعنة فى طوكيو وتزايد مطالب المد    تعرف على أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مجددا.. ترامب مهاجما مراسلة بسبب جيفري ابستين: أنت سيئة .. فيديو    جلوب سوكر 2025.. إنريكي ينافس سلوت على جائزة أفضل مدرب    محافظ المنوفية: إزالة 296 حالة مخالفة ضمن المشروع القومى لضبط النيل    إقبال واسع على قافلة جامعة قنا الطبية بالوحدة الصحية بسفاجا    بريطانيا تطلق استراتيجية جديدة لصحة الرجال ومواجهة الانتحار والإدمان    صيانة عاجلة لقضبان السكة الحديد بشبرا الخيمة بعد تداول فيديوهات تُظهر تلفًا    منال عوض تترأس الاجتماع ال23 لصندوق حماية البيئة وتستعرض موازنة 2026 وخطط دعم المشروعات البيئية    المايسترو هاني فرحات أول الداعمين لإحتفالية مصر مفتاح الحياة    مهرجان مراكش السينمائى يكشف عن أعضاء لجنة تحكيم الدورة ال 22    حريق هائل يلتهم أكثر من 170 مبنى جنوب غرب اليابان وإجلاء 180 شخصا    اليوم.. أنظار إفريقيا تتجه إلى الرباط لمتابعة حفل جوائز "كاف 2025"    أبناء القبائل: دعم كامل لقواتنا المسلحة    إطلاق أول برنامج دولي معتمد لتأهيل مسؤولي التسويق العقاري في مصر    ندوات تدريبية لتصحيح المفاهيم وحل المشكلات السلوكية للطلاب بمدارس سيناء    جيمس يشارك لأول مرة هذا الموسم ويقود ليكرز للفوز أمام جاز    «اليعسوب» يعرض لأول مرة في الشرق الأوسط ضمن مهرجان القاهرة السينمائي.. اليوم    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم 2026 بعد صعود ثلاثي أمريكا الشمالية    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوسف القعيد يكتب:إعلان الحرب على ذاكرة المصريين
نشر في الدستور الأصلي يوم 11 - 06 - 2010


1 عودة المنتقم
لم يستغرق الأمر تفكيراً طويلاً.. إلي أين أذهب؟ إلي قلعة صلاح الدين الأيوبي. مقر حكم محمد علي لحضور افتتاح مئوية علي أحمد باكثير؟ أم إلي المجلس الأعلي للثقافة لحضور ندوة تُعقد بمناسبة مرور نصف قرن علي اغتيال شهدي عطية الشافعي. وصدور روايته الأولي «حارة أم الحسيني» عن المجلس الأعلي للثقافة؟
«باكثير» وحده يستحق الذهاب إليه. بل أكثر من الذهاب. ولكن الذين يتصدون للاحتفال به يتطلبون تقليب الحطب علي النار. فقد كان الإسلام عنواناً كبيراً لكثير من إبداعات باكثير. كان الرجل مسلماً حقيقياً. ولكن أي إسلام يمكن أن يتمثل في رابطة الأدب الإسلامي الآن؟ أعتقد أن باكثير لو كان علي قيد الحياة لاعتذر عن الحضور. ولقال لهم: لكم إسلامكم ولي إسلامي. كان فهمه للإسلام مختلفاً وفيه درجة كبيرة من الاستنارة. ثم إن أكبر ظلم لباكثير أن يُنظر له - هنا والآن - من زاوية محدودة. فإكرام الرجل يفرض علينا النظر إلي رواياته باعتبارها روايات تستمد شرعيتها من كونها روايات قبل أن تطرح هذا الموضوع أو ذاك. ولا بد من التعامل مع مسرحه انطلاقاً من فنية المسرح المتوفرة فيه. ولا يجب أن تأتي قيمة شعره من موضوعاته. ولكن من توفر فنيات القصيدة فيه. أما حصره في زاوية الدين فهو أمر بالغ الخطورة لأن «باكثير»، لو عاش حتي أيامنا هذه لرفض وجود رابطة للأدب الإسلامي. فالأدب إما أن يكون أدباً أو لا يكون، وتديين الأدب وأسلمته تضره ولا تفيده.
لمواجهة هواة الصيد في الماء العكر أقول إن هذا الكلام لا علاقة له بالإسلام. كدين عظيم. ولكنه موقف ضد من يرفعون رايته بمناسبة وبدونها. أنا لا أشك في نوايا محمد سلماوي أبداً. والرجل أعاد الاعتبار لاتحاد الكتاب. وجمع شمل الكتاب العرب لأول مرة بعد فترة سعد الدين وهبة. لكنني مندهش من قبوله بالأمر. سلماوي إنسان يعرف الأصول. والاحتفال ب «باكثير» مسئوليتنا نحن المصريين أولاً. ومعنا كل الأشقاء العرب.. أعرف أن لرئاسة سلماوي لاتحاد الأدباء العرب مسئوليات. لكن لا بد من المواءمة بين ظروف كل قطر عربي والظرف العربي العام. ربما كان الرجل معنياً بمجاملة الأشقاء في هذا القطر أو ذاك. لكن لا يجب الخلط أبداً بين الثوابت والمتغيرات.
مشروع باكثير تحقق هنا في مصر ولو لم يحضر لمصر ويعيش لاختلفت أموره وتغيرت مساراته. ثم إن الكلام عن رابطة للأدب الإسلامي في مصر الآن. ألا يدفع هذا الإخوة من المسيحيين لمحاولة تأسيس رابطة أخري للأدب المسيحي؟ وهذا من أبسط حقوقهم. ألا تكفينا جراح بلادنا حتي نضيف لها الجديد من الجراح؟ وهل عجزت مصر ممثلة في هيئاتها الثقافية عن الاحتفال ب «باكثير»؟ لقد جاءوا ليحتفلوا وعادوا من حيث جاءوا. وتركوا مسئولية طبع مؤلفاته الكاملة للمجلس الأعلي للثقافة. ليتولاها ويقوم عليها بعيداً عن أضواء الاحتفالية الصاخبة أو الصامتة.
وحتي مع التسليم ببعض ما جري. كيف نستبعد من الاحتفال جمعية إبراهيم الأزهري: أصدقاء علي أحمد باكثير؟ والأزهري صاحب كتاب عن باكثير. ويمت بصلة قرابة عائلية معه. أم أن الاستبعاد وراءه أمور أخري؟ ثم إنني عرفت أن الدكتورة «عبير سلامة» كانت من المفروض أن تكون لها مساهمات مهمة في المؤتمر. ولماذا لم نجد لمساهماتها أثراً؟ بل إنها اتصلت بشعبان يوسف تطلب منه المساهمة. فقال لها: ترضين لي العمل تحت آلية رابطة الأدب الإسلامي صاحبة الموقف المحدود للإبداع والكتابة والأدب؟ بل إنني أسأل سؤالاً بسيطاً: كيف تم السماح بإنشاء فرع في القاهرة لرابطة الأدب الإسلامي تلك في مواجهة تعقيدات الموقف المصري وتداخلاته؟
إن بعض من أعدوا لهذا المؤتمر كانوا يلهثون وراء إدانة قيادات الثقافة المصرية في زمن عبدالناصر بحجة أن باكثير تعرض للظلم منهم. وذهب أحدهم إلي الدكتور ثروت عكاشة الذي رفض الدخول في اللعبة بموقف مبدئي. أخشي أن تكون الندوة مجرد غطاء لإخراج وثائق باكثير من مصر بحجة أنه قد يقام له متحف هناك. أليس مضحكاً أنهم جاءوا للانتقام من زمن عبدالناصر؟ وهو الزمن الذي وجد فيه باكثير وظيفة وطبع مؤلفاته وقدم مسرحياته ومثلت أم كلثوم إحدي رواياته. في حين أين هو باكثير في مصر الآن؟ مصر التي أصبح لهم فيها وكلاء. أين مؤلفاته؟ أين مسرحه؟ أين أفلامه؟ إن عودة المنتقم لا تصلح أبداً مع سخاء زمن عبدالناصر علي باكثير وغير باكثير. لقد كان باكثير في غني عن كل ما قاموا به.
هذا قليل من كثير يمكن قوله حول حكايات احتفال باكثير.
2 وثائق شهدي
الاحتفال كان مقاماً أصلاً للاحتفال بصدور رواية قصيرة مع قصتين قصيرتين لشهدي عطية الشافعي تحت عنوان: «حارة أم الحسيني». اكتشفها شعبان يوسف. ونشرها المجلس الأعلي للثقافة واستضاف الاحتفالية في إجراء جديد يستحق أمينه العام عماد أبو غازي التحية عليه. من أجل هذه الاحتفالية جاءت حنان ابنة شهدي عطية الشافعي من موسكو. حيث تعيش الآن متنقلة بين روسيا واليونان. أصرت علي أن تكون آخر المتكلمين.
عند الكلام استأذنت حنان أن يكون كلامها بالعامية المصرية. وحكت حكاية لا بد من التوقف أمامها. قالت إن والدها مات وعمرها عامان ونصف العام. وإنها بعد وفاة والدتها. اكتشفت وجود وثائق شديدة الأهمية في بيتهم. فأخذت هذه الوثائق وقدمتها للدكتور رفعت السعيد. الذي أرسلها بدوره إلي هولندا. لأن هناك مركزًا للتوثيق وتسجيل تجارب ونضالات وحياة الشيوعيين. ربما كانت في مصر وقتها حالة من المطاردة والحصار لقوي اليسار المصري. فلم يكن هناك مفر من تهريبها. أعتقد أن المناخ القديم لم يعد قائماً. صحيح أن الأمور لا يمكن وصفها بالحالة المثالية. ولكن مثل هذه المطاردات ليست قائمة الآن. لوجود خصوم أكثر شراسة للنظام.
السؤال هو: هل يمكن استعادة هذه الوثائق. سواء وثائق شهدي عطية الشافعي أو غيره؟ خصوصاً أن سيد محمود حسن تكلم عن تجربته عندما كان يعد فيلماً عن يوسف درويش. واكتشف ما جري لوثائق اليسار المصري. وأنا أفضل هذا التعبير عن: الشيوعيين المصريين. ويوسف درويش المناضل المصري الشريف. والذي تفجرت حكايته بشكل مضحك. بعد أن أصبحت حفيدته بسمة ممثلة كبيرة. بعد بطولتها المطلقة في فيلم داوود عبدالسيد الجديد والعظيم: رسائل البحر. وقالت مستدرجة في أحد الأحاديث الصحفية إن جدها يهودي. فانهالت عليها الأقلام الجاهلة تهاجمها بمناسبة وبدون. ومن عرفوا يوسف درويش وابنته ناولة. ووالدها أحمد سيد حسن. يدركون في أي بيئة نشأت بسمة. وفي أي أرض ترعرعت. لكنهم يكتبون وهم يجرون ويلهثون. لا يتوقفون أمام أي قضية التوقف الذي تستحقه.
3- رواية عن استشهاد المسيح
في المجلس الأعلي للثقافة وأنا في طريقي لندوة شهدي قابلت مخلص إبراهيم عبدالحليم ابن الكاتب والمناضل إبراهيم عبدالحليم. وقد عرفت مخلص. وهو مخلص اسما ومعني وسلوكاً. عندما عملنا معاً في مكتب جريدة الشرق الأوسط في القاهرة. في أواخر سبعينيات القرن الماضي. كان مصوراً جميلاً. فضلاً عن معاصرتي إبراهيم عبدالحليم عندما كان رئيساً لتحرير دراسات اشتراكية التي كانت تصدر طبعتها المصرية عن دار الهلال في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
جاء مخلص حاملاً اكتشافاً أدبياً. رواية قصيرة أو قصة طويلة. كتبها إبراهيم عبدالحليم عن استشهاد شهدي عطية الشافعي ولم تنشر من قبل. أعطاها لشعبان يوسف لنشرها. وأعتقد أن نشرها سيكون حدثاً ثقافياً أكثر من مهم. وإبراهيم عبدالحليم ليس جديداً علي الكتابة الروائية فله: أزمة كاتب. وله: أيام الطفولة. وأعتقد أن هذا النص - بعد نشره - سيمكننا من استعادة إبراهيم عبدالحليم روائياً. واستشهاد شهدي. وهو الحدث الذي يستخدمه بعض خصوم يوليو. للهجوم علي شخص جمال عبدالناصر العظيم. مع أن موقفه في هذه المحنة كان نبيلاً وشهماً. أكتب هذا وأنا علي يقين من أنه لا توجد قوة علي ظهر الأرض تملك الحق في تعكير صفو كاتب. فما بالك باغتياله؟ ولكن الذين يبحثون عن الفرص من وراء الهجوم علي جمال عبدالناصر لا يسألون عن الوقائع وماذا كان رد فعل عبدالناصر؟ وما الإجراءات التي اتخذها؟ لأن المهم عندهم فقط أن يأخذوا قطعة من تاريخ مصر الحي ليستفيدوا بها من زمن مصر الحاضر. فما أكثر خصوم التجربة الناصرية. وما أكثر ما في أيديهم من الفرص والمنح والعطايا والهبات.
4 إليها يا أنا : القلب المجنون
بطل الفيلم مطرب أمريكي ومؤلف أغان. في الستينيات من العمر ولَّي زمنه. وتركته أيامه وراءها. لا يملك غير ذكرياته. طلق زوجته. لم يجد أمامه سوي إدمان الخمور. لأن أفراد الجمهور الذين تعودوا علي سماعه أصبحوا الآن من كبار السن الذين يناضلون من أجل إثبات البقاء. في مواجهة زمن لا يرحم أحداً. التغيير لا يتوقف عند حدوده هو أو جمهوره. انقلب الزمان. وأعيد إنتاج القيم من أول وجديد. وجد نفسه في مواجهة دنيا غريبة. وواقع كئيب لا يريد أهله أن يعرفوه أو يتعرفوا عليه. إنها أوراق الخريف المتساقطة حوله في كل مكان.
وسط هذا الجور تقابله صحفية شابة تريد إجراء حوار معه. وتحول هذا الحوار إلي شرارة الحب التي لا يعرف أحد متي تأتي ولا كيف؟ وهكذا استعاد المغني نفسه من جديد. كتب الأغاني ولحنها وغناها. وتصالح مع نفسه عبر بوابة الإبداع العظيم. بعد أن كان خصام النفس أقسي ما يمر به في أيام جفاف عمره. هل تذكرين قميص يوسف عندما أخذه إخوته إلي والدهم يعقوب؟ بعد أن اخترعوا قصة عن خطف يوسف. كان الأب لا يبصر. ما أن شم رائحة القميص حتي أبصر. هكذا كانت هذه الصحفية الشابة التي قررت أن تعطي بدلاً من أن تأخذ. أن تمنح بدلاً من أن تطلب. أن تقول له خذ بدلاً من أن تصرخ فيه هات.
لم يكن هدف الصحفية الشابة إجراء الحوار معه بقدر ما قدمت يدها النورانية له. أخرجته من اليأس والإحباط الذي كان يعيشه. كان يرثي نفسه، كان يبحث عن النهاية بدلاً من أن ينتظرها. كان ينظر للموت علي أنه راحة آخر العمر. فإنه به بعد هذا اللقاء العبقري وجد نفسه عائداً إلي البداية المستحيلة. صدق من قال: قل لي من تحب أقل لك من أنت. صدق من قال: لا تصدقها إن قالت لك الحب مسئوليتك. لا بد أن تكون هي أيضاً مسئولة.
هل يتسع وقتك للذهاب إلي السينما أم لا.. عموماً هذا الفيلم لا أعرف إن كان قد عرض في مصر أم لا؟ وهو من أهم الأفلام المعروضة في العالم الآن. وعنوانه: القلب المجنون. حصل بطله: جيف بريدجز علي أوسكار أحسن ممثل لهذا العام. بقي أن أقول لك إن التي جسدت دور الصحفية الشابة صاحبة الميلاد الثاني للمغني العجوز كانت الفنانة: ماجي جلينجهول.
5 اعتقال سكان الحى السابع الجديد بمدينة نصر :
أعرف الدكتور عبدالعظيم وزير محافظ القاهرة. أعرف فيه حلمه ونبله وعلمه وخلقه وتواضعه. وكان بيننا عمل مشترك. لكني لا أريد أن أعرف الانكشارية التي تقلب حياة الناس رأساً علي عقب لمجرد أن المحافظ سيؤدي الصلاة في مسجد من مساجد مدينة نصر.
منذ أسابيع وقعت مذبحة في شارع أبو داوود الظاهري الواصل من شارع مكرم عبيد وحسن المأمون. الأكشاك خلعت من أماكنها. الباعة الذين يسترزقون في يوم الجمعة شردوا ومنعوا من طلب الرزق الحلال والسبب الذي قيل لهم أن المحافظ سيمر من هذا الشارع لأداء صلاة الجمعة.
قد لا يعرف المحافظ مثل هذه الإجراءات. ولا أعرف هل يوافق عليها أم يرفضها؟ وإن كنت قد سمعت عما وقع في شارع أبو داوود الظاهري من إغلاق محلات. وإزالة أكشاك. ومصادرة ما يبيعه الغلابة والمساكين كنوع من التحايل علي المعايش فإنني قد رأيت بأم عيني ما جري صباح الجمعة الرابع من يونيو الماضي عند تقاطع شارعي أبو الفوارس عنترة بن شداد. وشارع الخليفة الظافر بالحي السابع الجديد الواقع ما بين الحي السابع والحي السادس، حيث مكان فقراء مدينة نصر. لا أقول إن كل ما شاهدته لم يكن مقبولاً. تنظيف الشارع أمر مطلوب ولا بد منه بصرف النظر عن حضور المحافظ من عدمه. محاولة مواجهة طفح المجاري بإنهائه في أقل من دقيقة مطلوب بصرف النظر - مرة أخري - عن زيارة المحافظ من عدمها. ونحن نري أحياء بكاملها تعوم في المجاري أياماً وليالي وربما شهوراً ولا أحد يهتم بها. ولا بد من اللجوء إلي إجراءات كثيرة لا أحب الكلام عنها لأن الكثير منها قد يقع تحت طائلة القانون. من أجل مواجهة طفح المجاري لكن الخطير والمرفوض هو إغلاق محلات تقع في المنطقة عبارة عن مقاه وورش لتصليح سيارات ومطاعم وأكشاك.
رأيت موظفاً كبيراً يستقل سيارة شيروكي حمراء. وبيده الجهاز الذي يرهب به الناس يشرف بنفسه علي عملية قطع أرزاق الناس. كان حول الموظف عدد كبير من الذين يحيطون به. وصراخ وتخويف للناس. عند انصرافي من المكان اقتربت من المسجد المنشود ورأيت شاباً يغلقون كشكه الملاصق للجامع. بعد منع صاحب الكشك المواجه للجامع من العمل. كان الذي يمنع ويمنح ضابط شرطة طول بعرض. ورتبته عميد. أي ضابط كبير. وبيده جهاز التخويف وبث الرعب في نفوس الناس. قلت لنفسي: عميد مرة واحدة؟ لو أن سكان المنطقة جرت لهم كارثة كبري لما جاء ولا حتي ملازم أول. هذا إن جاء.
لست أدري هل يخافون من المحافظ أم عليه؟ وهل لابد من فصله عن باقي الناس هكذا؟ وهل يقبل الله صلاة المحافظ التي تسببت في كل هذه الآلام للمساكين والمحتاجين والمهمشين؟ ألم يلاحظ المحافظ خلو الشوارع من الناس؟ ألم ير المحال المغلقة وأصحاب الأكشاك الممنوعين من أداء العمل؟ ألم تجذب نظره كل هذه المظاهر حتي يسأل عن السبب فيها؟ المحافظ يعرف أكثر مني أن شرعية الحاكم تتحقق عندما يمشي وسط الناس دون حراسة. ثم هل يجرب المحافظ الجلوس ولو مرة علي مقهي في هذه المنطقة أو تلك. والجلسة لن تزيد عن تواصل إنساني بينه والناس.
6 عطر الاحباب
الدكتور محمد سكران: تصحيح رقم:
أرسل لي الأستاذ الدكتور محمد سكران. رسالة علي تليفوني المحمول تقول: أرجو مراجعة التاريخ في البند 1 من فقرة: من يذكر تلك الأيام. في طرحك ب «الدستور الأسبوعي» ص17 والدكتور محمد سكران معه ألف حق. لأن التاريخ الثالث عشر من مايو وليس الثالث عشر من يونيو. كما هو منشور بالعدد الماضي.
أحمد المسلماني بين الناصرية والهيكلية:
نبهني الصديق أحمد المسلماني إلي أن الكلام في الفقرة الثانية من صفحة الأسبوع الماضي عن رواية ثرثرة علي النيل. في حين أن العنوان يشير إلي رواية: ميرامار. أعترف أن هذا خطأ. أنا الوحيد المسئول عنه والمقصود هي رواية: ثرثرة علي النيل وليست ميرامار. لأنها - الثرثرة - النص الوحيد لنجيب محفوظ الذي توجد فيه نبوءة ما جري في 67، أيضاً سألني عن كلام نجيب محفوظ عن موقفه من يوليو. هل كان قبل الخامس من يونيو أم بعده؟ قلت له بعده. وربما لم يكن هذا الكلام واضحاً في سياق المقال.
أقول لأحمد المسلماني بمناسبة اتصاله بي أنه دأب في الفترة الأخيرة علي أن يكتب سلسلة مقالات أخشي أن تكون نواة كتاب عن تراجع الناصرية وتقدم الهيكلية. يقصد منها أن يثبت لنا أن عبدالناصر تراجع وأن هيكل تقدم. ولكي أؤكد له عدم دقة تصوره أتمني لو أنه شاهد حلقة الخميس الماضي من شهادة الأستاذ هيكل علي العصر. وما قاله هيكل عن عبدالناصر. وتوقفه أمام مزايا خاصة بعبد الناصر. كنت مندهشاً من حرارة كلامه وقوة منطقه ورغبته الحقيقية في أن يجعلنا نعيش معه نفس اللحظات التي عاشها مع عبدالناصر عند أزمة ضرب جزيرة أبا في السودان. وتراجع عبدالناصر عن قرار الضرب بعد معطيات قالها له هيكل.
لا أتهم أحمد المسلماني بالتسرع ولا بالعداء المطلق. لكني فقط أطلب منه محاولة رؤية الوجه الآخر للحكاية.
عبدالعظيم حمدان وفوزية حمدان وشهادة مؤجلة:
اتصل بي اللواء عبدالعظيم حمدان. وقال لي إنه مستعد للكلام معي عن شقيقه في إطار الإجابة عن الأسئلة التي كانت موجودة في صفحة العدد الماضي. وعندما سألته عن فوزية حمدان شقيقة جمال حمدان. والتي كانت ومازالت وستظل خندق جمال حمدان العاطفي. قال لي إنها هي أيضاً جاهزة.
سجق هيكل ومقانق صلاح فضل:
مساء الخميس الماضي وعند عرض حلقة الأستاذ هيكل «تجربة حياة» علي قناة الجزيرة. اتصل بي الصديق الدكتور صلاح فضل معلقاً علي بحث الأستاذ هيكل عن كلمة عربية تقابل ما قاله بسمارك عن عملية صنع القرار السياسي عند القمة. تساءل هيكل إن كانت هناك كلمة أخري للسجق قد تكون عربية أكثر. لأن بسمارك وصف مطبخ صنع القرار السياسي بمطبخ صنع السجق. وصحح لي صلاح فضل الكلمة العربية أنها «مقانق» وليست سجقاً.
وصلاح فضل يتابع من بعيد. ومنذ فترة ليست قصيرة. إبداع هيكل اللغوي في مقالاته ومؤلفاته. وأخيراً في حلقاته التليفزيونية وهو يراها تجربة شديدة الأهمية والدقة وأن إبداع هيكل اللغوي مسألة تستحق الدراسة والتحليل.
7 الرسم بالكلمات
عندما كنت في دمنهور لحضور افتتاح معرض دمنهور للكتاب المقام في مكتبة مبارك العامة بدمنهور. بدعوة من اللواء محمد سيد شعراوي. محافظ البحيرة. والدكتورة عبير قاسم. مديرة مكتبة مبارك بدمنهور. تقدمت مني شابة قدمها لي القاص الكبير رضا إمام. الذي يلعب دور الأب الروحي لأدباء البحيرة الشباب. يرعاهم ويهتم بهم كأنهم أبناؤه. كانت الشابة هي شيماء زايد. أعطتني نسخة غير منشورة من مجموعتها القصصية الأولي: للصفيح بريق خاص. طلبت مني كتابة كلمة لتصدر بها المجموعة. كتبت لها الكلمات الآتية:
- كتابتها تعلن عن ميلاد كاتبة لا تكتب إلا عما تعرفه. قادرة علي تطويع مفردات اللغة ليصبح لها في قصصها كياناً لغوياً جديداً.
قادرة علي كتابة أقصوصة اللمحة العابرة. ربما تصل ذات يوم لكتابة قصة السطر الواحد. ثم تفاجئك بقدرتها علي كتابة القصة القصيرة التي يمكن أن تكون طويلة. شيماء زايد. تذكروا هذا الاسم جيداً من الآن. ربما كنا علي موعد مع صوت سردي مصري جديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.