تحقيق: محمد صفاء الدين بدأت الشركة المصرية العامة للسياحة والفنادق "إيجوث"، فى تنفيذ قرار رئيس مجلس الوزراء بهدم المرحلة الأولى من عمارة وفندق الكونتيننتال بميدان الأوبرا، بعد أن أصدرت محافظة القاهرة رخصة الهدم النهائية الخاصة بالفندق، بشارع 26 يوليو التابع لحي عابدين، وتعويض أصحاب المحلات التي تقع أسفله. وعلى جانب آخر اعترض بعض المهتمين بالتراث على قرار الهدم كان آخرها رفض واستنكار الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، قرار رئيس مجلس الوزراء بهدم عمارة وفندق الكونتيننتال بميدان الأوبرا، معللًا ذلك بأنه جزء من قلب القاهرة القديم وموقع أثري متميز!. الهدف ويأتي هدم الفندق التاريخي وإعادة بنائه حسب رؤية محافظة القاهرة، لإنشاء جراح تحت الأرض، وزيادة الطاقة الفندقية إلى 248 غرفة و16 جناحًا، واشترطت محافظة القاهرة فى الترخيص الاحتفاظ بنفس الطابع المعماري والشكل التاريخي للفندق، الذي كان أحد معالم القاهرة التاريخية. وقالت ميرفت حطبة رئيس الشركة القابضة للسياحة والفنادق التابعة لوزارة قطاع الأعمال، إن هدم فندق كونتيننتال مع الحفاظ على واجهة المبنى القديم يأتي لحماية أرواح الناس، من سقوطه مؤكدة أن الشركة ملتزمة بتعويض مستأجري المحلات وكذلك ملتزمة بالمبنى الجديد للفندق بالحفاظ على واجهة المبنى القديم وطرازه المعماري. وأوضحت حطبة، أن جميع الموثقات ذات القيمة التاريخية تمت المحافظة عليها من خلال لجان متخصصة والتي لها قيمة مثل المعلقات والجداريات واللوحات لإعادة استخدامها فى المبنى الجديد، مشيرة إلى أن المشروع المقترح للمبنى الجديد يحافظ على الطراز المعماري للمبنى تحت إشراف مباشر من جهاز التنسيق الحضاري. وأشارت حطبة، إلى أن المستأجرين قاموا برفع قضايا بمنع الهدم إلا أنه صدرت أحكام نهائية بالهدم حفاظا على أرواح المواطنين خاصة أن الفندق مغلق منذ عام 1986 ولا يستقبل زائرين. سوء الحالة وبررت الشركة المنفذة فكرة الهدم بأنه فى عام 1999، ونظرًا لسوء حالة المبنى، سقطت الوحدة الخارجية لجهاز التكييف الخاص بالمحل المؤجر للمواطن محمد سيد العسكري، أدى إلى وفاة المواطنة ريهام منير الشاذلي، وقد صدر حكم فى القضية رقم 3400 لسنة 2000 إداري عابدين بإلزام الشركة بتعويض ورثة المتوفاة بالتضامن مع محافظة القاهرة وحى عابدين.وعن ترميم المبني ذكر بيان الشركة أنه قد تم ترميم وتنكيس وإزالة غرف السطح وفقًا للقرار رقم 6 لسنة 2001 الصادر من محافظة القاهرة بمعرفة شركة "إيجوث"، ثم حدث نزاع مع أصحاب المحلات، حيث قررت محكمة استئناف القاهرة الدائرة (57 إيجارات) بتاريخ 12/11/2002 ندب لجنة ثلاثية من كلية الهندسة بجامعات القاهرة وعين شمس وحلوان، لبيان حالة المبنى ومدى سلامته وأمنه على قاطنيه والمنطقة المحيطة، حيث أوصت اللجنة بضرورة هدم وإزالة جميع أجزاء المباني الأربعة بكامل مشتملاتها. تاريخ مشرف ووفقًا لموسوعة «مدينة القاهرة فى ألف عام» للدكتور عبد الرحمن زكي، فقد أسس الفندق رجل يوغسلافى سنة 1899، واحتل موقعًا بارزًا فى السياسة المصرية، إذ كان من رواد بهوه الرئيسي الزعيم سعد زغلول، وأحمد زيور باشا – رئيس الوزراء فى عشرينيات القرن الماضي – وعدد آخر من أبرز الساسة فى ذلك الزمان، بل إنه فى إحدى قاعات هذا الفندق، أعلن الملك فؤاد الملكية واستقلال مصر عن إنجلترا فى مارس 1922.كما كان الفندق مقرًّا لإقامة الضابط الإنجليزي توماس إدوارد لورانس الشهير ب«لورانس العرب» عندما وصل مصر للمرة الأولى فى ديسمبر 1914، بينما شهد أحد أجنحته وفاة اللورد «كارنارفون» عام 1923، وهو ممول أبحاث هاورد كارتر مكتشف مقبرة توت عنخ أمون، وكان كارنارفون عائدًا لتوه من الأقصر، وداهمه مرض غامض قيل إنه بسبب لدغة إحدى الحشرات هناك.فى نهاية الأربعينيات أزيلت الشرفة الكبيرة، وأقيم بدلًا منها مجموعة من المحال، كما تأثر المبنى أثناء حريق القاهرة فى عام 1952، وأدخلت عليه الكثير من التعديلات، ولذلك لم يتم تسجيله كأثر، لأن به أجزاء كثيرة غير أصلية، بينما تم تسجيله ضمن المباني المميزة معماريًّا فى عام 2007، ضمن مستوى الحماية «ج» الذي يسمح بهدم ما خلف الواجهات. خارج الخدمة وأصبح الفندق خارج الخدمة منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي، لعدم استيفاء شروط تجديد الرخصة الفندقية، وتلك الشروط كانت تتطلب إجراء تعديلات إنشائية معينة، فعلى سبيل المثال كانت توجد غرف بلا حمامات، لكن تعذر إجراء تلك التعديلات بسبب سوء حالته، ومع زلزال 1992 حدثت انهيارات بين الطابقين الثاني والثالث، وبعد دراسات فنية وهندسية متعددة استقر الأمر على أن المبنى آيل للسقوط، ولا يمكن ترميمه. الازدهار قال الدكتور ضياء زهران، مدير عام التوثيق الأثري، إن المباني القديمة بمنطقة وسط البلد أو ما يطلق عليها القاهرة الخديوية من التراث المصري الأصيل الذي يجب الحفاظ عليه وصيانته وترميمه لأنه يتميز بأصوله المعمارية المتميزة ويعيدنا الى زمن العمارة والازدهار فمعالم القاهرة، دليل على ما كانت عليه أيام الخديوِ إسماعيل ومن جاء بعده من تقدم فى مجال العمارة.