تحتفل العاصمة، اليوم الجمعة، بمرور 150 عامًا على إنشاء القاهرة الخديوية، التي أمر بإنشائها الخديو إسماعيل، الذى شهدت المحروسة في عهده نقلة حضارية، ورغم احتفالات العاصمة التى تتضمن فعاليات خاصة ب"القاهرة الخديوية"؛ لمشاهدة التطوير الذى لحق بها، إلا أن رياح التطوير لم تصل بعد إلى فندق "الكونتيننتال"، الذي يعد أحد المعالم التاريخية الهامة فى القاهرة الخديوية. بالقرب من حديقة الأزبكية، وتحديدًا فى شارع 26 يوليو بمنطقة "وسط البلد"، يقع فندق "الكونتيننتال"، الذى أنشأه الخديو إسماعيل؛ ليستضيف فيه كبار زوار العالم، عند افتتاح قناة السويس لسنوات طويلة ظل "فندق الخديو" مقصًدا سياحيًا لسائحي العالم، إلا أن ذلك المعلم السياحي العتيق تحول الآن إلى مقصد للأثاث المتهالك، التي تحويه صالاته المهجورة، التي جرى عليها الزمن، مخلفا ورائه انهيارات في أجزاء منه. على مساحة 10آلاف و733 مترًا، وعدد غرف تصل إلى 300 غرفة، يقف فندق الخديو "مهترئًا" في وسط العاصمة، التي تحتفل اليوم بذكرى مرور 150 عامًا على إنشاء القاهرة الخديوية. ويصف الدكتور مختار الكسبانى، أستاذ الآثار الإسلامية، الخبير الدولى فى تطوير المواقع التراثية، ورئيس اللجنة المعمارية الأثرية فى مشروع تطوير القاهرة التاريخية، ل "بوابة الأهرام"، أهمية "الكونتيننتال"التاريخية، ومكانته العالمية، موضحًا أنه كان مقرًا للورد "كارنارفون" مكتشف مقبرة "توت عنخ آمون"، كما كان مقرًا للقيادة الإنجليزية فى الحرب العالمية الثانية. وأوضح "الكسبانى"، أن جزءًا كبيرًا من الفندق احترق فى حريق القاهرة الشهير فى الخمسينيات، وتهدمت مبانيه الخشبية، حيث أن كثيرًا من عقارات القاهرة الخديوية يدخل فى بنائها عنصر الخشب، وبالتالى فتكاليف ترميمه سيكون فيها جزء من إهدار المال العام، كما أن جزءًا كبيرًا من الفندق الآن تشغله المحلات والورش. جلال سعيد، محافظ القاهرة السابق، قد أعلن إبان توليه مسئولية المحافظة عن موافقة شريف إسماعيل رئيس الوزراء، على تطوير مبنى فندق الكونتيننتال القديم المهجور؛ لتدهور حالته الإنشائية، مما يمثل خطورة على حياة المواطنين، حيث تسبب في وفاة ثلاثة مواطنين، جراء سقوط أجزاء منه عليهم. وأوضح "سعيد"، أنه بناءً على عدة اجتماعات مع قيادات الشركة القابضة للسياحة، وشركة "ايجوث" المالكة للفندق، وممثلى جهاز التنسيق الحضاري وقيادات المحافظة، لاستعراض القضايا المرتبطة بالفندق، لكونه مسجًلا بقوائم الحصر بالمباني ذات الطابع المعماري المتميز، وإشغاله بعدد من المحلات، فقد تم الموافقة على تطوير المبنى، مع الحفاظ على الواجهة المطلة على شارع "عدلي". وأضاف المحافظ السابق، استمرار تسجيل المبنى بسجل المباني ذات الطراز المعماري المتميز، وإعادة تطويره، مع الاحتفاظ بالنمط المعماري الحالي المميز، لباقي واجهات المبنى الأصلي، على أن يتضمن التصميم الجديد قاعات داخلية تسمى بنفس مسمياتها السابقة، وإعادة استخدام الجداريات الحالية في المواقع المناسبة لها. وأكد جلال سعيد، على تعويض أصحاب المحلات التجارية الموجودة هناك، وإرضائهم بطريقة حضارية، فى فترة التطوير والتى ستستغرق ما يقرب من 3 سنوات. لم تظهر بوادر هذا التطوير، أو بالأحرى لم تبدأ، منذ ترك "سعيد" المحافظة، ليجئ المهندس عاطف عبدالحميد، محافظ القاهرة الحالى، الذي أوضح ل "بوابة الأهرام"، أن فندق "الكونتيننتال"، ملك لشركة "ايجوث"، وهى أحد الشركات القابضة للسياحة، ومسجل ضمن مبانى الطراز المعمارى المتميز، لافتًا إلى تردى حالته الإنشائية، الأمر الذى دفع الشركة لطلب تطويره. وأضاف "عبد الحميد" أن الشركة طلبت من المحافظة هدمه داخليًا مع الحفاظ على الواجهة كقيمة معمارية متميزة، بعد موافقة حى عابدين على ذلك. ولكن – والكلام ما زال للمحافظ - ظهرت مشاكل فى التنفيذ، بسبب تعويض المحلات الموجودة هناك، وتعطل العمل بسبب أيضًا إثبات ملكية هذه المحلات، ورغم ذلك، بدأ ترميم الجزء الخلفى من الفندق. منطق تعويض أصحاب المحلات، الذي اعترف به المحافظ السابق، وأشار إليه المحافظ الحالي، رفضه كثير من أصحاب هذه المحلات، مؤكدين أن أى مبلغ لن يرضيهم، نظرًا "لأن بيوت كثيرة مفتوحة من هذه المحلات"، وهو مبدأ أكده قطب ممدوح، صاحب توكيل أحد محلات الملابس. وأوضح "قطب ممدوح" ل"بوابة الأهرام" أن بالفندق ما يقرب من 254 محًلا تجاريًا، وغيرها من ورش الخياطة والذهب، تدفع إيجارًا شهريا لشركة "إيجوث" المالكة للفندق، قيمة إجارية تتراوح ما بين 1500 – 3000 جنيه، – زادت مؤخرًا بسبب ارتفاع الأسعار- وهناك من يدفع 18 ألف جنيه، وجميع هذه المحلات تعول أسرًا، وسيرفض أصحابها فكرة الخروج منها، حتى عند تطوير الفندق. وأضاف "قطب"، أن الفندق ممتد في شوارع (فؤاد – عدلى – الجمهورية) حتى ممر الكونتيننتال، ولكن الحكومات المتعاقبة، أهملت تطويره، لدرجة أن وصل الحال لتركه مهجورًا، رغم أنه كان أحد الفنادق المفضلة للسائحين العراقيين والأردنيين، واليهود القادمين للاحتفال بمولد "أبو حصيرة" فى دمنهور. من جانب آخر، استنكر "مندور" -صاحب ورشة خياطة- ما تردد من قبل محافظة القاهرة بشأن خطورة المبنى على حياة أصحاب المحلات، لافتًا إلى أن المسئولين عن إدارته استقدموا منذ عشر سنوات خبراء من كلية الهندسة بجامعات القاهرة والإسكندرية وعين شمس والمنوفية؛ للكشف على صلاحية المبنى، فوجدوا أن المياه الجوفية تقوى الصخور أسفله، الأمر الذى لا يهدده على الإطلاق. وأضاف أن الشركة المالكة "إيجوث" بالتعاون مع محافظة القاهرة، تدعى حاجة الفندق للتطوير، ولكن النية المبيتة هى هدمه واستبداله بفندق سياحى آخر، يدر لها ربحًا أكبر من إيجارات المحلات بمنطقة وسط العاصمة -بحسب كلام مندور. "هما لو عاوزين يطوروه بجد يطوروا صالاته المهجورة"، هكذا أكد "فؤاد الدين" -أحد العاملين فى محل بيع أقمشة- موضحًا أن الفندق به صالات مهجورة يمكن تطويرها واستغلالها فى إقامة حفلات أو أفراح أو كافيهات "محترمة" على غرار الموجودة فى العواصم الأوروبية، خاصة أنها تطل على حديقة "الأزبكية". فى سياق متصل، ذكر جمال محيى الدين، رئيس حي عابدين، في تصريحات سابقة ل"بوابة الأهرام"، أن محافظة القاهرة، منحت شركة "إيجوث" المالكة لفندق "الكونتيننتال" بالأوبرا، رخصة تطوير الفندق، على أن يكون الانتهاء من التطوير بعد 3 سنوات من الآن، حيث يعد الفندق من المباني ذات الطراز المعماري المتميز بالقاهرة الخديوية. وأضاف محيى الدين، أن الشركة المالكة ستقوم بصرف تعويض شهري لأصحاب المحلات يعادل 10 أمثال آخر قيمة إيجارية للعقود الموقعة مع الشركة، وذلك لفترة زمنية قدرها ثلاث سنوات، وهي المقدرة بمعرفة الاستشاريين كفترة تنفيذ المشروع ودخوله الخدمة. من جانب آخر - وبمناسبة مرور 150 عامًا على إنشاء القاهرة الخديوية- حاولت "بوابة الأهرام" الاتصال بالدكتورة ريهام عرام، مدير عام وحدة الحفاظ على التراث بمحافظة القاهرة، لمعرفة مستجدات وضع ترميم الفندق، إلا أنها لم ترد على هاتفها الخاص. #