كشف معركة الحجاب. النقاب عن كثير من الأدعياء والمزورين لا هم لهم سوي التطاول والإساءة علي الدين الحنيف بشتي الطرق والسبل ومنها الحجاب الذي يدعون عدم فرضيته. وآخر هؤلاء المدعين ذاك الذي يدعي زورا وبهتانا حصوله علي درجة الدكتوراه من جامعة الأزهر عن رسالته التي تؤكد عدم فرضية الحجاب. فقد أراد أحد السفهاء أن يروج لفكرته حول الحجاب وانه أي الحجاب ليس فريضة إسلامية فادعي انه حصل علي رسالة الدكتوراه من كلية الشريعة بجامعة الأزهر. وانتهت الرسالة إلي أن الحجاب ليس فريضة إسلامية.. ونشرت وسائل الإعلام الخبر. وابتهجت المنظمات المعادية لله ورسوله. وبعض الدميمات اللاتي يكرهن الفضيلة. تحرك الشارع المصري. خاطب دار الإفتاء المصرية في الرد علي هذه الفرية "الحجاب ليس فريضة". رأت دار الافتاء أن تستوثق الأمر من أهله. استفسرت عن الواقعة من جامعة الأزهر وعلي وجه الخصوص كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر فرع دمنهور. حيث يدعي المدعو مصطفي محمد راشد انه حصل علي الدكتوراه من هذه الكلية. وكانت المفاجأة التي زلزلت كيان كل متطاول علي شرع الله وحدوده. اتضح ان المزور المتأول حاصل علي الاجازة العالية الليسانس من كلية الشريعة وقام بتزوير "الاجازة العالية" مضيفاً حرف الميم للعالية فأصبحت الاجازة العالمية أي الدكتوراه. كما كتب كلمة الدكتوراه بطريقة إملائية خاطئة. كما استبدل دور سبتمبر وجعله دور مايو. استبدل سنة التخرج لتكون 1997. بدلاً من 1978. استبدل التقدير العام من جيد إلي امتياز. وأكدت الجامعة ان المدعي بعدم فرض الحجاب لم يلتحق بالدراسات العليا بالكلية. ولم يحصل علي الدكتوراه. وعنوان الرسالة المذكورة إنما هو وهم وخيال. وعلي الفور نشر الأزهر بياناً نفي فيه ما تردد عن اعتماد كلية الشريعة فرع دمنهور لرسالة دكتوراه تؤكد عدم فرضية الحجاب في الإسلام. وأكد الأزهر علي ضرورة مقاضاة هذا المدعي كذباً وزوراً عما أحدثه من بلبلة في الأذهان. كما أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوي شافية عن فرضية الحجاب. لتخرص فيه ألسنة المزورين الكذابين المنافقين. جاء فيها: من المقرر شرعاً بإجماع الأولين والآخرين من علماء الأمة الإسلامية ومجتهديها. وأئمتها وفقهائها ومُحدثيها: ان حجاب المرأة المسلمة فرض علي كل من بلغت سن التكليف. وهو السن الذي تري فيه الأنثي الحيض وتبلغ فيه مبلغ النساء» فعليها أن تستر جسمها ما عدا الوجه والكفين. وزاد جماعة من العلماء القدمين في جواز إظهارهما. وزاد بعضهم أيضا ما تدعو الحاجة لإظهاره كموضع السوار وما قد يظهر من الذراعين عند التعامل. وأما وجوب ستر ما عدا ذلك فلم يخالف فيه أحد من المسلمين عبر القرون سلفاً ولا خلفاً» إذ هو حكم منصوص عليه في صريح الوحيين: الكتاب والسنة. وقد انعقد عليه إجماع الأمة. وذلك تواتر عمل المسلمين كافة علي مر العصور وكر الدهور من لدن عهد سيدنا رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم. وأجمعوا علي أن المرأة إذا كشفت ما وجب عليها ستره فقد ارتكبت جرماً يجب عليها التوبة إلي الله تعالي منه. فصار حكم فرضية الحجاب بهذا المعني من المعلوم من الدين بالضرورة. ومن الأحكام القطعية التي تشكل هوية الإسلام وثوابته التي لا تتغير عبر العصور. وتفصيل أدلة فرضية الحجاب علي الوجه الذي ذكرناه ما يلي: فأما دليل الكتاب: فقول الله تعالي: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدني أن يعرفن فلا يؤذين" "الأحزاب: 59". والمناسبة التي نزلت فيها هذه الآية هي أن النساء كن يظهرن شعورهن وأعناقهن وشيئا من صدورهن فنهاهن الله عز وجل عن ذلك. وأمرهن بإدناء الجلابيب علي تلك المواضع التي يكشفها . حتي ينكف عنهن الفساق إذا رأوا حشمتهن وتسترهن. وأكد علي شمول الحكم فيها لكل أفراد النساء بقوله تعالي: "ونساء المؤمنين". قال مقاتل بن سليمان في "تفسيره" "3/508. ط. دار إحياء التراث": يعني أجدر أن يعرفن في زيهن انهن لسن بمربيات وانهن عفايف فلا يطمع فيهن أحد" أ. ه وقال العلامة المراغي في "تفسيره" "22/38. ط. مصطفي الحلبي": "أي ذلك التستر أقرب لمعرفتهن بالعفة فلا يتعرضن لهن. ولا يلقين مكروهاً من أهل الريبة. احتراما لهن منهم» فإن المتبرجة مطموع فيها. منظور إليها نظرة سخرية واستهزاء. كما هو مشاهد في كل عصر ومصر. ولا سيما في هذا العصر الذي انتشرت فيه الخلاعة. وكثر الفسق والفجور" أ. ه وقوله سبحانه وتعالي: "وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن علي جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني اخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا علي عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلي الله جميعاً أيها المؤمنون". "النور: 31". فنهت الآية الكريمة المؤمنات عن إبداء زينتهن. واستثنت الزينة الظاهرة. وقد فسر السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة المجتهدين والفقهاء المتبوعين الزينة الظاهرة التي يجوز للمرأة إبداؤها بالوجه والكفين. وزاد بعض السلف كالسيدة عائشة رضي الله عنها القدمين. وهو مذهب الإمام أبي حنيفة والثوري والمزني من الشافعية واختيار ابن تيمية من الحنابلة. وبعضهم زاد موضع السوار. وفسرها بعض السلف بالثياب. أما غير ذلك فلم يختلف أحد من السلف ولا الخلف في عده من الزينة الواجب سترها. أي إن ما عدا هذه الزينة الظاهرة لا يجوز للمرأة إظهاره باتفاق العلماء. وليس هو محلاً للخلاف أصلاً علي اختلاف أقوالهم في تفاصيل الزينة الظاهرة. وجاء الأمر الإلهي في الآية للنساء المؤمنات بضرب الخمر علي الجيوب. والخمر: جمع خمار. وخمار والمرأة في لغة العرب هو ما يغطي رأسها قال العلامة الفيومي في "المصباح المنير" "مادة: خ. م. ر": "الخمار: ثوب تغطي به المرأة رأسها. والجمع خمر" أ. ه.. جمع جيب. وهو الصدر. فجاء علي غاية ما يكون وضوحاً في بيان المقصود. فإن التعبير بضرب الخمار علي الجيب: يقتضي ستر الشعر والعنق والنحر. والعدول عن التعبير بضربه علي الوجه إلي الضرب علي الجيب يقتضي في الوقت نفسه كشف الوجه. وهذا من أبلغ الكلام وأفصحه. وأبينه وأوضحه. قال الإمام الطبري في "جامع البيان" "19/159": "يقول تعالي ذكره: وليلقين خمرهن. وهي جمع خمار. علي جيوبهن. ليسترن بذلك شعورهن وأعناقهن وقرطهن" أ. ه. وقال الإمام أبو محمد بن حزم في "المحلي" "2/247. ط. دار الفكر": "فأمرهن الله تعالي بالضرب بالخمار علي الجيوب. وهذا نص علي ستر العورة. والعنق. والصدر. وفيه نص علي إباحة كشف الوجه. لا يمكن غير ذلك أصلا" أ. ه. وقال الإمام القرطبي في "الهداية إلي بلوغ النهاية" "8/5071. ط. مجموعة بحوث الكتاب والسنة": "أي: وليلقين خمرهن. وهو جمع خمار علي جيوبهن. ليسترن شعورهن وأعناقهن"أ. ه وقال الإمام السمرقندي في "بحر العلوم" "2/508": "قوله تعالي: "وليضربن بخمرهن". يعني: ليرخين بخمرهن علي جيوبهن. يعني: علي الصدر والنحر. قال ابن عباس: "وكن النساء قبل هذه الآية يبدين خمرهن من ورائهن. كما يصنع النبط. فلما نزلت هذه الآية. سدلن الخمر علي الصدر والنحر". ثم قال:: ولا يبدين زينتهن . يعني: لا يظهرن مواضع زينتهن. وهو الصدر والساق والساعد والرأس. لأن الصدر موضع الوشاح. والساق موضع الخلخال. والساعد موضع السوار. والرأس موضع الإكليل. فقد ذكر الزينة وأراد بها موضع الزينة" أ. ه وقال الإمام أبو الوليد الباجي في "المنتقي شرح الموطأ" "1/ 251. ط. مطبعة السعادة": "ويستر الخمار عنقها وقصتها ودلاليها. ولا يظهر منها غير دور وجهها"أ. ه وقال الإمام ابن كثير في "تفسيره "6/ 2. ط. دار الكتب العلمية": "ضاربات علي صدورهن لتواري ما تحتها من صدرها وترائبها. ليخالفن شعار نساء أهل الجاهلية. فإنهن لم يكن يفعلن ذلك. بل كانت المرأة منهن تمر بين الرجال مسفحة بصدرها لا يواريه شيء. وربما أظهرت عنقها وذوائب شعرها وأقرطة آذانها. فأمر الله المؤمنات أن يستترن في هيئاتهن وأحوالهن" أ. ه