أكد الشيخ نوح عبد الحليم مدير إدارة النشر بالإدارة العامة لبحوث الدعوة بالأوقاف أن موجة الإرهاب الأخيرة اكتسبت قوة بفعل أعداء الخارج الذين ألبسوا الإسلام لباسا غير لباسه في محاولة يائسة لتشويه صورته مضيفا أن هذه الموجة لم تنجح في تحقيق هدفها. بل إنها جاءت بنتيجة عكسية حيث زادت نسبة الإقبال علي اعتناق الإسلام وفقا لأحدث الإحصائيات.. تحدث أيضا عن كثير من التفاصيل حول الإرهاب ومواجهته في السطور التالية * لماذا يلصق الإرهاب بالإسلام في رأيك ؟ الإرهاب تهمة يلصقها الغرب بكل من يختلف معه في : الفكر . والسياسة . والاقتصاد . كما ألصقها فرعون بموسي عليه السلام قال تعالي : "وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَي وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ" "غافر : 26". أضاف أن لصق تهمة الإرهاب بالإسلام إنما هو محاولة لتنفير الناس من الإسلام . حيث يقبلون عليه . ويدخلون في دين الله أفواجاً .وقد ألصق الغرب تهمة الإرهاب سابقاً بالكتلة الشرقية . وحركات التحرر في جنوب إفريقيا . والجيش الجمهوري الأيرلندي . ثم تصالحوا معها . وسحبوا التهمة. إضافة إلي أن الغرب هو من صنع هذه الكيانات كتنظيم القاعدة لمحاربة الروس فضلاً عن أنه "الغرب" لا ينظر أبداً لدين الجاني أو عرقه في أي جريمة "إلا إذا كان مسلماً أو عربياً". والغرب يتغاضي عن جرائم ضد الإنسانية ترتكب من إسرائيل وغيرها دون تعليق . ولا يصفها بالإرهاب. كما قامت أمريكاً بإبادة جماعية للهنود الحمر حتي تقوم دولتها علي أشلائهم . وجلبت الزنوج من قارة أخري "إفريقيا" وعاملتهم بمنتهي القسوة والوحشية حتي بلغ عدد من جلب من العبيد من إفريقيا 40 مليون إنسان. وقد أطلقت الدول الآثمة هذه اللفظة علي الإسلام . وأرادت تشويه صورته في نظر عامة الناس . فأقيمت لذلك المؤتمرات . وعقدت الندوات باسم مكافحة الإرهاب . والحق أنهم هم الذين يمارسون الإرهاب علي ضعفاء المسلمين . كالروس في إرهابهم للمسلمين في الشيشان . والأمريكان في إرهابهم للمسلمين في العراق وأفغانستان . واليهود في إرهابهم للمسلمين في فلسطين . وراحوا يطلقون هذا اللفظ علي كل من يحلو لهم محاربته . وتنفير الناس منه . وقد يكونون مصيبين في الحكم علي طائفة منهم . أو مجموعة . لكن ما بال تلك الدول الإرهابية . وتلك المنظمات العنصرية المجرمة قد نجت من الوصف بهذا اللفظ . وجُعل حكراً علي المسلمين ؟!. اعتراف غربي * كيف تعامل الإسلام مع قضية الإرهاب؟ إن تشريعات الإسلام الربانية فيها تحريم القتل . والسرقة . والزنا . والقذف . وهي تشريعات وضعت الحدود المغلظة علي من ارتكب تلك المحرمات . وقد يصل الأمر للقتل - كالزاني المحصن - حفاظاً علي أعراض الناس. وقد جاءت العقوبة مغلظة لمن أرهب الناس وأخافهم . مثل عصابات قطَّاع الطرق . ومن يفعل مثل فعلهم داخل المدينة . وهؤلاء هم الذين يسعون في الأرض فساداً . وقد حكم الله عليهم بأشد العقوبات كفّاً لشرهم . وحفظاً لأموال الناس ودمائهم وأعراضهم . قال تعالي : "إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافي أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيى فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابى عَظِيمى" "المائدة: 33". ومن خلال ماسبق يتضح أن دول الغرب تلصق تهمة الإرهاب بالإسلام زورًا بسبب سلوك بعض المنتسبين إليه . فإن الدين الإسلامي هو دين الاعتدال والوسطية وبعيد كل البعد عن التطرف والتشدد. فقد حرَّم علي المسلم إخافة أخيه وترويعه . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ "صَلَّي الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" : "لا يَحِلُّ لِمُسْلِمي أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا" "رواه أحمد". وللأسف الشديد نجد أن كل نعوت الإرهاب تلصق بالمسلمين والإسلام. وصار المسلم هو الإرهابي. بل صار هناك تطابق بأذهان العديد من الناس ما بين كلمة إسلام وكلمة إرهاب. ومن المعلوم أن الدين الإسلامي الحنيف وهو دين الفطرة السوية. هو العدو الأول لكل ما هو إرهابي. ولكل أشكال الإرهاب. سواء صدرت من غير المسلمين. أو من بعض من ينتمون لهذا الدين. مهما كان موقفهم. ولا شك أن الإسلام بريء من كل عنف وإرهاب والتاريخ يشهد بذلك. حتي إن أحد الغربيين أنفسهم يقول: لم يعرف التاريخ فاتحا أرحم من العرب. إنهم في عز قوتهم ومجدهم وفتوحاتهم. لم يقتلعوا شجرة. ولم يظلموا أحدا. ولم يقتلوا بغير وجه حق. إن الأحداث التي مر بها المسلمون في شتي بلدان العالم قد تصيب البعض منا باليأس والإحباط» لكثرة المؤامرات التي تحاك ضد المسلمين هنا وهناك. وكثرة ما يلاقيه المسلمون من الاضطهاد والتنكيل. وكثرة ما يُروج عن الإسلام من الأكاذيب والافتراءات. غير أن هذه الحالة سريعا ما تزول إذا ما علمنا حجم الإقبال علي الإسلام في دول الغرب والشرق. وكذلك إذا ما علمنا أنه مع كل هجوم علي الإسلام في الغرب يزداد شوق الأوربيين والغربيين عموما للتعرف علي هذا الدين. ومعرفة حقيقة ما يثار حوله. ومن ثم يزداد الإقبال علي الدخول في هذا الدين الحنيف. إن ما يدعي بثقافات القتل والاغتيال هي ثقافات لا علاقة لنا بها. وإنما أتت إلينا من وراء البحار. وهي عدونا الأول قبل أن تكون عدوا لغيرنا. ويدنا ممدودة للكفاح ضدها قبل أن تمتد إليها أيادي الغير. فديننا هو الدين الذي يحمي البشر من الظلم والعدوان. وهو الدين السمح الذي يسعي لسعادة البشر في الدارين. وهذه الحقيقة موجودة في كل كتب الشرع الحنيف. وبالرجوع إلي تاريخ الإسلام إبان الحضارة الزاهرة حين حكم الإسلام العالم لن تجد نوعاً واحداً من أنواع الاضطهاد أو القمع ضد أي أقلية تحت حكم المسلمين . لذلك نري أن الإسلام دين متين راسخ . وبالرجوع إلي أصليه الثابتين "القرآن والسنة" سيتضح لكل باحث محقق أن الإسلام دين السلام والمحبة والوئام بين أجناس البشرية. "أعداء الفطرة " * كيف أثرت أحداث الإرهاب علي الإسلام والمسلمين في رأيك ؟ لقد ظن الغرب أنه بعد أحداث سبتمبر سينصرف الناس عن الإسلام . وسيكرهون كل مسلم . ولكن تثبت الإحصاءات عكس ذلك تماماً . حيث وضحت أن إقبال الأمريكيين من خلال القراءة عن الدين الإسلامي زاد بصفة ملحوظة "حتي يتعرفوا علي هذا الدين الذي دارت حوله هذه الضجة العظمي" . وبعد هذا الإقبال علي القراءة زادت أعداد الداخلين في الإسلام من الأمريكيين "من غير أصول عربية" حتي بلغ عدد الداخلين في الإسلام في الولاياتالمتحدة فقط كل عام بعد 2001 إلي " 22 ألف مسلم كل عام " . وصدق الله العظيم حيث قال : "لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرى لَكُمْ" "النور : 11". وقال سبحانه : "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَي جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ" "الأنفال : 36". إن من بديهيات الحياة أن هناك أعداء للفطرة. وبالتالي للدين الإسلامي الحنيف علي مر العصور وتعاقب الأزمان. ومهما تعددت الأماكن. وهؤلاء الأعداء في كل زمان أو مكان يبتكرون موجة جديدة يركبونها في حربهم ضد الإسلام. وهم يظنون أنهم يقدرون علي إطفاء نور الحق. لكن الله تعالي متم نوره ولو كره الكافرون. إن الموجات - ومهما بلغت شدتها. ومهما كانت عاتية - فإنها لن تستطيع النيل من هذا الدين الحنيف باعتداله. وبالحب الذي يدعو إليه. وبالتسامح الذي يعطيه للبشرية جمعاء. * بماذا تفسر شدة موجة الإرهاب التي يمني بها العالم الإسلامي حاليا ؟ إن موجة العصر الحالي إنما هي موجة الإرهاب. هذه الموجة التي اكتسبت قوتها وشهرتها بفعل أطراف عديدة يشكل أركانها أعداء الأمة من الخارج وبعض من أبناء الأمة . سواء عن قصد أو بدون قصد. وعلي هذا سارت الموجة وأخذت قوتها وصارت حديث القاصي والداني . إنه العداء لنور الحقيقة والحق. إنه العداء لكل ما هو مسلم. إنها المحاولة اليائسة للنيل من هذا الدين الحنيف وأهله ومثله وأخلاقه. لقد ألبس المغرضون الإسلام لباسا غير لباسه. ووضعوا له أمورا ليست من جوهره ولا من شكله ولا من صحيحه. وعندما يكون الأمر معاداة حقيقية للإرهاب الحقيقي وللتطرف والمغالاة فإننا كمسلمين أول المحاربين علي هذه الجبهات. لأننا نريد أرضا بلا إرهاب. نريد ثقافة لا تعرف ظلما ولا بغيا ولا عدوانا. نريد جدالا بالتي هي أحسن. وهذا بالطبع ما يغيظ الأعداء . وهذه هي الحقيقة التي توضح براءة الإسلام من كل ما هو إرهاب وعنف وتطرف. * علي من تلقي مسئولية مواجهة الإرهاب؟ مما لا شك فيه أن هناك دورا لا يجوز التهاون فيه ولا التغاضي عنه. فهو غاية في الأهمية وبمنتهي القوة والايجابية. إنه دور الملتقيات العلمية في توضيح مفهوم الإسلام عن الإرهاب. وبتوضيح نظرة الإسلام للإرهاب. وبموقف الإسلام من العنف مهما كان مصدره. إن علي الملتقيات دورًا كبيرًا في نشر الحقيقة ليسود العدل والسلام والمحبة والإخاء. إن في قيامها بذلك إسهاما في ترسيخ نظرة الإسلام الوسطي السوية المعتدلة والصحيحة. ثم يأتي بعد ذلك دور وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة لنشر حقيقة الإسلام ومنهجه الوسطي المعتدل . وتدعو العالم أجمع كي يري الحقيقة الناصعة البياض . حقيقة أن الإسلام هو دين رحمة ومودة وألفة وتكافل اجتماعي . وحقيقة ابتعاد المسلم عن كل ما هو إرهابي.