يكاد التحرش بالأنثي يكون واقعاً ملموساً» وظاهرة واضحة نستمع إليها» ونراها. ونقرأها في كثير من المواقع في الشوارع والطرقات. وفي المواصلات العامة. وفي الجامعات والمعاهد والمدارس حتي الاعدادية وفي كثير من مواقع العمل» وحتي في المظاهرات والاحتفالات الوطنية هذا واقع يجب أن نعترف به ونقره حتي لا نكون كالنعام الذي يدفن رأسه في الرمال!!. وعلينا أن نبذل الجهود في القضاء علي هذا الداء. أو نحد منه علي الأقل. وعلي كل مواطن غيور علي دينه ووطنه أن يسهم في حل هذه المشكلة الخطيرة. ومما يسهم في حل هذه المشكلة من وجهة نظري التربية والتعليم قبل سن القوانين. وأحاول توضيح ذلك في الإيجاز التالي: أولاً: المناهج الدراسية الحالية وبخاصة مناهج العلوم الشرعية والتربية الدينية جاءت كما تراها علي غير ما ينبغي أن نكون عليه وفق الاتجاهات الحديثة للمناهج الدراسية التي تسهم بفعالية في القضاء علي ظاهرة التحرش. أو الحد منها بصورة كبيرة علي الأقل مع مراعاة أن نفهم المنهج الدراسي هنا بمعناه الواسع ذي الدلالات متعددة المحتوي. ثانياً: الأنشطة التربوية الجيدة تكون هنا ذات فعالية إيجابية وبخاصة في الامتصاص للدوافع السلبية» والتسامي بها. ومن هذه الأنشطة التربوية أيضا الندوات التي تقيمها المؤسسات التعليمية ويحاضر فيها علماء النفس والصحة النفسية. وعلماء الدين. ثالثاً: التنسيق الجيد الفعال بين وزارات التربية والتعليم» والإعلام. والثقافة. والأوقاف يسهم بفعالية في الحد من الآثار الضارة للتحرش. رابعاً: تقوية العلاقة بين مجالس الأمناء "الآباء" وإدارات المؤسسات التعليمية بحيث تكون هذه المجالس ذات فعالية في الحد من ظاهرة التحرش. خامساً: إعداد المعلم وبخاصة معلمي التربية الدينية إعداداً جيداً يبدأ باختياره بأن يكون حسن الاستعداد ثم جيد الإعداد فيكون معلماً رائداً قبل أن يكون معلماً قائداً لتلاميذه. وهنا غالباً تحتاج وزارة التربية والتعليم إلي تدريب كثير من المعلمين وبخاصة معلمي التربية الدينية وهنا يكون هذا التدريب قائماً علي معايير واقعية. سادساً: يكون إشراف وزارة التربية والتعليم علي المدارس الخاصة وبخاصة المدارس الدولية ومدارس اللغات إشرافاً واقعياً وواعياً فتكاد هذه المدارس وفق واقعها الحالي تكون نماذج للفوضي الخلاقة في المنظومة التربوية. سابعاً: ينبغي معرفة الفروق ذات الفعالية بين آثار التربية والتعليم ذات الفعالية في إعداد النشء وتزويده بالمعارف والمعلومات المفيدة. وإكسابه المهارات القوية. وتكوين الاتجاهات والقيم القويمة لديه التي تحفظه وتصونه من الخطأ أو الانحراف ومن ثَمَّ الانجراف نحو الجريمة والخطر مثل التحرش وغيره من الموبقات المهلكات فهنا تزوده التربية والتعليم بالسياج الواقي من الخطأ والخطر. كما يعرف آثار قوة القانون وردعه عن خطأ التحرش وهذه القوانين بمثابة رادع يخيف الفرد ويرهبه من وطأة القانون وما به من عقوبات متعددة متنوعة قاسية مؤلمة فهي تخيفه وقد تردعه ولكنها لا تزوده بالعلم النافع. والمهارات الإيجابية. وتشكله وفق الاتجاهات والقيم التي تحفظه وتحميه وتقيه شرور التحرش بأنثي هي بمثابة أمه. أو ابنته. أو أخته. لعله يبدو واضحاً قوة وأهمية وفعالية التربية الجيدة والتعليم الفعال عن الخوف من وطأة القانون وسطوته فالخائف غالباً كأنه لص إذا آمن من الخوف ارتكب الجريمة أما الذي يتربي علي الفضائل. وتعلم الشمائل الإنسانية السامية ينفر من التحرش. وينأي عنه. ويعافه لأنه لا يرضاه من الغير لأمه» أو زوجته» أو أخته وهنا يقول الرسول محمد صلي الله عليه وسلم : "لا يؤمن أحدكم حتي يحب لأخيه ما يحب لنفسه". فهل يستطيع المشتغلون بالتربية والتعليم أن يقدموا للنشء تربية وتعليماً ينفرهم من هذا الفعل الحقير. وينأي بهم عن الانحراف ثم الانجراف إليه. ومن هنا يكون القانون لقلة قليلة من ذوي الطبيعة الخسيسة. وتكاد هنا تكون علاقة الآثار التربوية والآثار القانونية مثل ما يوضحه المثل: "من شب علي شيء شاب عليه". وتربية النشء منذ نعومة أظفارهم علي الفضائل تنأي بهم عن الرذائل ومن أقبحها التحرش.