توقفنا في المقال السابق عند قول الله سبحانه وتعالي: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا" "21 الأحزاب" وهذا كلام الله الذي يضع شروطا علي من يريد أن يكون النبي أسوة حسن له فالبوابة ليست مفتوحة علي مصراعيها لكل من هب ودب. أن "يرجو الله واليوم الآخر" و"ذكر الله كثيرا". و"يرجو الله واليوم الآخر" معناها يبتغي مرضات الله في الدنيا والآخرة المشي علي الصراط المستقيم. أما ذكر الله فيجب أن يكون كثيرا وفي الحديث الشريف وورد في صحيح مسلم الجزء "4" ص"2062": عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يسير في طريق مكة فمر علي جبل يقال له جمدان فقال: سيروا هذا جمدان سبق المفردون قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيرا والذاكرات. كي نمشي في طريق النبي فمن يكتفي بذكر الله قليلا في المناسبات والأزمات فهو منافق فقد قال الله عن المنافقين: "إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلي الصلاة قاموا كسالي يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا" "142 النساء" ولو كان ذكر الله قليلا يضعنا في خانة النفاق فإن نسيان ذكره تماما يهددنا بالخروج من الإيمان. وفي صحيح البخاري الجزء "4" ص "173" عن أبي بردة عن أبي موسي رضي الله عنه قال: قال النبي صلي الله عليه وسلم: "مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت" الايمان الذي يتوقف درجته علي مدي تأسينا بالنبي والتشبه به وبأخلاقه ومنها التسامح علي قدر ما رزق العبد من تسامح تكون درجة تأسيه بالنبي فلو قل التسامح عنده قل تأسيه بالنبي ولو زاد تسامحه زاد تأسيه بالنبي. في بداية الدعوة لم يتوان أهل مكة في إيذاء النبي ومقاطعته وحصاره ومطارده والتضييق عليه وتعذيب أتباعه الذين هاجروا مرتين وخرج النبي منها ليلا وقلبه يتألم وهو يقول: كما ورد في الحديث الشريف في سنن الترمذي الجزء "5" ص "207 208":