أكد الدكتور حلمي القاعود. أستاذ النقد والادب بجامعة طنطا. أن الواقع الثقافي ظل لسنوات طويلة يحارب الثقافة الوطنية والقومية والإسلامية. مبينا أن السياسة الثقافية سارت وفق منهج منظم يدعو إلي الثقافة الاستعمارية وخاصة في جوانبها السلبية من تسليع المرأة. وتفتيت الأسرة. ورفض التشريع الإسلامي في الأحوال الشخصية. والدعوة إلي الإباحية. ورفض وجود ثوابت في الإسلام. ومحاربة الحجاب. والدعوة إلي التبعية للغرب الرأسمالي. وتصفية القضية الفلسطينية لحساب العدو النازي الصهيوني. والتقليل من قيمة القدس العتيقة. والتشهير بالجهاد والحركات الإسلامية المقاومة في فلسطين. والدعوة إلي إخراج التصور الإسلامي عن مجال القضية الفلسطينية. واتهم المجال الأدبي بالتركيز علي الترويج للإباحية في الأعمال الإنسانية. والتشجيع علي الطعن في المقدسات الإسلامية بحجة كسر التابوهات. وقال إن طوال العقود الماضية لم يقترب الكتاب والادباء من تابو السياسة لأنهم كانوا يخشون المصير الذي ينتظرهم. لذا لم نر أدبا تنشره المؤسسة الرسمية ذا قيمة في الأغلب الأعم. ويري أن الفساد طال مكتبة الأسرة وتم تفريغها من مضمونها. حيث تم نشر كتب معظمها تافه أو محدود القيمة. لتحقيق أغراض شخصية. مبينا أن الكتب الجيدة والمهمة كانت قليلة. وتم تشويه بعضها. بالحذف كما جري لكتاب ¢وحي القلم¢ لمصطفي صادق الرافعي. يقول إن القائمين علي مجال النقد الأدبي ألحوا علي مذاهب الحداثة وما بعدها مثل البنيوية والتفكيكية والشكلانية والنسوية والنقد الثقافي. موضحا أن هذه المذاهب مرتبطة ببيئتها التي لا تتلاءم مع أدبنا وظروفنا. وتغتال المعني اغتيالا تاما في معظمها لحساب ثقافة وحشية مدمرة. وجولوا واقعنا الثقافي. الي واقع فاسد في مجمله غريب عن فطرة الشعب والأمة جميعا. ولفت الي أن جانب من المثقفين روجوا لمفهوم الحداثة بمعني التجديد. مشيرا الي مجافاة المعني الحقيقي الذي يريدون نشره للحداثة واستنباتها في بلادنا العربية المسلمة للحقيقة لانها تعني الانقطاع. مضيفا أن الحداثي عليه أن يترك الدين والتاريخ والعادات والتقاليد وبناء عالم جديد يقوم علي التجربة والواقع. بحيث يخط طريقا جديدا بعيدا عن الوحي والمواريث مهما كانت مقدسة. أي لا مكان للإله ولا للعقيدة الدينية. ويقول إن الخلل يحكم الحياة الأدبية وهناك أزمة نقدية حقيقية. والفساد يخيم علي الواقع الأدبي ويسيطر علي مرافق النشر والنقد والدعاية شلة صغيرة. مؤكدا أن المؤسسة الرسمية حولت الأدباء إلي جماعات وشلل متنافسة ليس علي الإبداع أو خدمة الثقافة وإنما علي المغانم والمكاسب التي يمكن جنيها من هذه الجهة أو تلك. ومن ثم فقد روجت كل شلة لأعضائها. ووجدت النقاد الخاصين بها. وهم عادة نقاد يكتبون بلغة غير مفهومة. ولكنها دائما تكرس أعمال الشلة. وترفعها إلي أعلي عليين من ليست له شلة أو جماعة فلن يذكره أحد. فضلا عن أن ينقده. وبعض الأدباء تحول إلي رجل علاقات عامة ليسوق أعماله أو كتاباته ويستكتب النقاد لكن الأغلبية التي لا تملك القدرة علي العلاقات العامة. ماتت كمدا وحسرة. خاصة إذا كانت ذات توجه إسلامي واضح. ويضيف أن هناك تهميشاً كبيراً واهداراً لقيم مضيئة فنيا وثقافيا في الشعر والرواية لصالح تيار هادر يملك كل شيء من الصحافة والإذاعة والتلفزة والمؤسسة الثقافية بكتبها ومجلاتها وصحفها. وندواتها ومحاضراتها وجوائزها. ونقادها ومؤتمراتها. موضحا أن المؤسسة الثقافية ظلت لعقود طويلة بعيدة عن الأرض والواقع. ومن يديرونها لا يشغلهم سوي المغانم والمنافع التي تدرها ولا تعنيهم الثقافة ولا المثقفون وكل ما يعنيهم هو إطلاق بعض الشعارات عن حرية التعبير والتفكير ومواجهة القوي الظلامية. أي القوي الإسلامية. ومكافحة الإسلام بوصفه رمز الظلام والتخلف والرجعية. وقال إن استمرار سيطرة اليسار وأشباهه علي العمل الثقافي بعد الثورة أمر لا يمكن السكوت عليه. مشيرا الي أن انصار هذا التيار الذي لا يمثل سوي خمسة في المائة من مثقفي مصر الحقيقيين وضعوا نصب أعينهم إقصاء الإسلام وتهميشه واستئصاله وإعلان الحرب عليه في كل المناسبات. مع السعي لتغيير هوية الدولة الإسلامية لصالح التغريب والتبعية والاستلاب. ويؤكد أن الشعب المصري ارتكب في حقه جريمة كبري ضد عقله ووجوده وفكره وتصوراته من خلال شتي الأنشطة التي كانت تمارس وتؤدي الي إهدار المال العام فيما لا يفيد. لافتنا الي أن فوز الإسلاميين في الانتخابات التشريعية والنقابية والرئاسية أزعج الأقليات المهيمنة علي حياتنا الثقافية والفكرية. فجمعت الجموع وسيرت المسيرات وأصدرت البيانات. ورفعت شعار لا للأخونة لإرهاب الإسلاميين. ومنعهم من العمل. والحيلولة دون اختيار من يخافون الله في الإدارة والقيادة. ودفعهم إلي اختيار عناصر من الشلة أو السائرين علي فكرها وثقافتها. ويقول إن القلة المسيطرة علي المشهد الثقافي والتي تعدد مشاربها ووسائلها عمدت الي استئصال الإسلام وتغييبه. وتتحالف ضد وجوده في أي نشاط من أنشطة الدولة. لأنهم يرونه خطرا عليهم وعلي مصالحهم غير المشروعة. ولذا انحرفوا بالثقافة المصرية عن طبيعتها الإسلامية. مضيفا أن البعض يعتبر الثقافة والحضارة الاسلامية رافدا من روافد الثقافة المصرية. ويتناسون أن الثقافة الإسلامية هي الجذع والفرع. لسبب بسيط وهو أنها ثقافة هاضمة. تفيد من الثقافات الأخري وتستوعب الصالح منها وتؤسلمه. وترفض ما لا يتفق مع معتقداتها وخصوصيتها. فقد هضمت ما سبقها من حضارات محلية وعالمية وأبقت علي الصالح منه. وجعلته جزءا من نسيجها العام لأن فيه نفعا لها وللإنسانية جميعا. وأضاف أنه قبل انقلاب يوليو 1952 لم تكن في مصر وزارة ثقافة ولا جيش عرمرم من الموظفين والمسئولين الثقافيين. ومع ذلك نجحت مصر أن تصنع مشهدا ثقافيّا رائعا وعظيما يضم أعلاما حقيقيين في شتي التخصصات الثقافية والفكرية. وإنتاجا ثقافيّا متنوعا في وسائط راقية ومتقنة. من خلال جو تنافسي بديع. يتحرك في إطار من الحرية والحق بالمشاركة لجميع أطياف الثقافة والأدب والفكر. ودون مصادرة لأحد أو استبعاده أو تهميشه أو إقصائه كما تفعل الحظيرة وأعلامها ضد مخالفيهم ومنافسيهم. وقال إن الثقافة الحقيقية هي التي يصنعها الموهوبون والدارسون. وليست الحظيرة الموالية للنظام البوليسي المستبد البائد. وهي التي يمكنها أن تكون سفيرا فوق العادة إلي البلاد العربة والعالم. أما الحظيرة الثقافية التي صنعها نظام مبارك فلا يمكنها أن تتحرك بالثقافة قيد أنملة. وحذر من الصمت في مواجهة الهجمة التي يقوم بها مثقفي الحظيرة. مبينا أن شلة المنتفعين تمكنوا من قلب الحقائق واستطاعوا عن طريق المظاهرات والوقفات والفضائيات مناخا شريرا ضد ثقافة الأمة وهويتها. واثاروا الزوابع حول تطهير الثقافة من الفساد المتجذر الذي صنعه فصيل واحد يتقن الإقصاء والتغييب والتهميش. وشدد علي ضرورة تحرك المثقفون الحقيقيون في جامعة الأزهر والجامعات الحكومية والخاصة والمجلس الأعلي للشئون الإسلامية وهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومجمع اللغة العربية والقنوات الاسلامية والجمعيات الأدبية والمجتمع الأهلي وأدباء الأقاليم المهضومون للوقوف ضد نهب أموال وزارة الثقافة علي مدي ربع قرن. وطالب وزير الثقافة باتخاذ خطوات محددة لوقف الفساد في الوزارة المنكوبة بالأقلية الفاسدة لاستعادة مصر لمكانتها الثقافية ومنها تجميد المجلس الأعلي للثقافة الذي تم تشكيله بتوقيع الجنزوري من عناصر النظام السابق وأبواقه التي سوغت استبداده وجبروته وإذلاله للشعب المصري وازدرت ثقافة الشعب المصري وهويته. ووقف العمل في منح جوائز الدولة التي تذهب إلي من لا يستحقها وفق قانون يتيح للانتهازيين فرصة التحكم في منحها وتوجيه التصويت وفق ما يريدون. فمن العار أن تمنح جوائز الدولة في الأدب لمن يقدمون مضامين هابطة ضد القيم الرفيعة والنبل الإنساني والكرامة البشرية وعار أن يحرم الأزهر والإسلاميون من جوائز الدولة في الدراسات الإسلامية. ويجب إغلاق حنفية التفرغ الذي يمنح مرتبات تحت لافتة كتابة أعمال إبداعية ويسجل التاريخ أن عظماء الأدباء كتبوا وأنتجوا وهم يعملون ويؤدون واجباتهم الوظيفية.