البيان الذي أصدره عدد من المثقفين الاسلاميين واستنكروا فيه تجاهل الدكتور محمد مرسي لهم واهتمامه بلقاء الفنانين وبعض الكتاب الذين وصفوهم بأنهم ينتمون للفكر العلماني واليساري يكشف جانبا من الأزمة الطاحنة التي تستنزفنا جميعا. الاشتباكات الفكرية لا تنتهي وحالة الاستقطاب السياسي لا تتوقف والتصنيف يتصدر المشهد وتجاوز كافة حدود اللياقة ومقتضيات العمل السياسي وأجندته. وإذا عدنا إلي البيان الذي كتب بلهجة حادة نجد أنه يشدد علي ان المثقفين من التيار الاسلامي قدموا خدمات جليلة لدينهم ووطنهم ومهدوا الطريق أمام الرئيس مرسي ليصل لقصر الحكم كما ذكر انهم اصيبوا بحالة من الذهول عقب حرص الرئيس علي لقاء فناني ومثقفي اليسار والعلمانيين وعدم توجيه الدعوة لمثقفي التيار الاسلامي. وعبروا عن استيائهم الشديد من إهانة الرئيس لهم وتهميشهم لحساب بعض النخب التي تمارس الضجيج والسباب تجاه كل ما هو اسلامي. وطالبوا بفتح تحقيق عاجل في هذه الواقعة التي وصفوها ب "المهزلة" وإقالة وزير الثقافة المنتمي للفكر المخاصم للتيارات الاسلامية والتحقيق مع المسئولين عن ترشيح هؤلاء الذين قابلوا الرئيس باعتبارهم أهل الثقافة والابداع. وفي أول رد فعل علي بيان المثقفين الاسلاميين استنكر الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي ما جاء فيه وقلل من أهميته مؤكدا انه لا يعرف أي اسم من الأسماء التي وردت في البيان وان ما فهمه انهم أساتذة في بعض الكليات والجامعات وانه لم يقرأ لأي أحد منهم. اعتبر جمال سلطان رئيس تحرير جريدة المصريون وأحد الموقعين علي البيان ان استبعاد رواد الفكر الثقافي من المثقفين الاسلاميين من لقاء الرئيس مثل صدمة كبيرة لأنه تجاه أعلام وقامات فكرية لها إسهامات ابداعية وثقافية اثرت الواقع الحضاري للأمة. مبينا ان اختيار نفس الوجوه التي كانت ضمن "حظيرة فاروق حسني" الشهيرة باعتبارهم هم المثقفون والمبدعون يؤكد استمرار حالة سيطرة الفكر القديم علي المؤسسة الثقافية الرسمية التي لا تعترف بالمثقف والمبدع إلا اذا كان يساري. قال ان القضية خطيرة وتعطي انطباعات سلبية جدا للمستقبل مشيرا إلي انها تكشف عن وجود محاولة لاسترضاء المعسكر المعادي للتيار الاسلامي والكاره للقيم التي يحملها المشروع الاسلامي. ويؤكد ان هذه المجاملات أصبحت علي حساب التيار الاسلامي وسياسييه ومثقفيه مضيفا ان ما حدث اهدار للعدالة والتكافؤ والمساواة. وشدد الدكتور حلمي القاعود استاذ الأدب والنقد بجامعة طنطا علي ضرورة كف مثقفي اليسار عن الاقصاء والاستئصال والتوقف عن سياسة التعتيم علي من يخالفهم وعدم الاعتراف بغيرهم في الفضاء الثقافي أو الفكري أو السياسي ولفت إلي ان حالة الاستقطاب التي تسود المشهد ف مصر سببها بعض المثقفين الذين يحرصون دائما علي تصدر المشهد الثقافي والاعلامي وكانوا يملأون النظم الديكتاتورية طوال العقود الماضية. انتقد موقف بعض النخبة الثقافية التي تعادي الفكر الاسلامي وكل المنتمين للطرح والمشروع الاسلامي مبينا انه نشأت في الستين عاما الماضية طبقة فاسدة من المثقفين وصارت كلمتها هي الفيصل في أمور الثقافة والفكر والسياسة والأدب بعد أن وضعت يدها علي وسائط التعبير التي تملكها الأمة بدءا من الوزارات التي تصنع الفكر الجمعي والوجدان العام والذهن الاجتماعي حتي الصحف والمجلات ودور النشر والإذاعات والقنوات الفضائية ومناهج التعليم وصناعة السينما والمسرح ومراكز الثقافة ومجالسها. أكد انه جري اقصاء المثقفين المعبرين عن الأمة وثقافتها الحقيقية موضحا ان النخبة من اليسار استحوذت في الماضي علي الجوائز والمناصب والبريق الاعلامي ويريدون استمرار هذه الحالة بعد الثورة. قال ان الهجوم علي الحركة الاسلامية واتهامها بالتشدد ومحاربة الفكر والابداع هدفه ابتزاز السلطة الجديدة مؤكدا ان رفض ومقاومة بعض النخب الثقافية محاولات التيار الاسلامي للتوافق مع التيارات الأخري يكشف مدي الانتهازية التي أصابت هؤلاء وتأكد مصداقيتهم.