استغل الروم انشغال الخليفة المعتصم في القضاء علي فتنة بابك الخرمي وجهزوا جيشا ضخما قاده ملك الروم بلغ أكثر من مائة ألف جندي هاجم شمال الشام والجزيرة. ودخل مدينة "زبطرة" التي تقع علي الثغور. وكانت تخرج منها الغزوات ضد الروم. وقتل الجيش الرومي من بداخل حصون المدينة من الرجال. وانتقل إلي "ملطية" المجاورة فأغار عليها. وعلي كثير من الحصون. ومثل بمن صار في يده من المسلمين. وسمل أعينهم. وقطع اذانهم وأنوفهم. وسبي من المسلمات فيما قيل أكثر من ألف امرأة. وصلت هذه الأنباء المروعة إلي أسماع الخليفة. وحكي الهاربون الفظائع التي ارتكبها الروم مع السكان العزل فتحرك علي الفور وأمر بعمامة الغزاة فاعتم بها ونادي لساعته بالنفير والاستعاد للحرب. وخرج المعتصم علي رأس جيش كبير وجهزه بما لم يعده أحد من قبله من السلاح والمؤن وآلات الحرب والحصار حتي وصل إلي منطقة الثغور. ودمرت جيوشه مدينة أنقرة ثم اتجهت إلي عمورية في "جمادي الأولي 223 ه 1⁄2 أبريل 838م" وضربت حصارا علي المدينة المنيعة دام نصف عام تقريبا. ذاقت خلاله الأهوال حتي استسلمت المدينة ودخلها المسلمون في "17 من رمضان سنة 223 ه 1⁄2 13 من أغسطس 838م" بعد أن قتل من أهلها ثلاثون ألفا. وغنم المسلمون غنائم عظيمة. وأمر الخليفة المعتصم بهدم أسوار المدينة المنيعة وأبوابها وكان لهذا الانتصار الكبير صداه في بلاد المسلمين وخصه كبار الشعراء بقصائد المدح. ويذكر بعض الرواة ان امرأة ممن وقعت في أسر الروم قالت: وا معتصماه فنقل إلي الخليفة ذلك الحديث وفي يده قدح يريد أن يشرب ما فيه فوضعه ونادي بالاستعداد للحرب. فكم اليوم الذين يستغيثون وا معتصماه ولا مستجيب وكم من امرأة ينتهك عرضها ولا من يغار فأين أمثال المعتصم. أحمد أبوالوفا صديق العركي فرشوط