إحدى مظاهرات الغضب لحصار غزة الاستقبال المهين لشيمون بيريز في العاصمة الكورية الجنوبية سيول عندما تقدم للترحيب به إنسان آلي(روبوت) وإلغاء منحه الدكتوراه الفخرية من جامعتها عبر عن أحد مظاهر غضب المجتمع الدولي الحقيقي تجاه إسرائيل وخاصة حصارها لقطاع غزة وهجومها الوحشي علي أسطول الحرية وما خلفه من سقوط شهداء من الأتراك، لكن تل أبيب تواجه خطرا جديدا ومتصاعدا يتمثل في انتفاضة ليست من الداخل الفلسطيني ولكن من جهات العالم الأصلية، غضب شعوب العالم الحر وثورة نخبه من مفكرين وإعلاميين ونشطاء سلام ضحي بعضهم بحياته أو طرد من وظيفته أو قدم للمحاكمة. والقائمة طويلة من جارودي إلي فندلي وتشومسكي وراشيل كوري وأحدثهم عميدة صحفيي البيت الأبيض هيلين توماس ولكن يبرز نموذج نشطاء أسطول الحرية كشاهد علي التضحيات التي يقدمها أحرار العالم في الدفاع عن فلسطين قضية العرب المركزية والتي يقف النظام العربي الرسمي وحتي معظم الشعبي موقف المتفرج تاركا لأحرار العالم الساحة للدفاع عن القضية وتقديم التضحيات في إطار إنساني راق لايعرف اللون ولا العرق ولاالمذهب نجحت إسرائيل في أن تجمع العالم ضدها بفضل ممارساتها الوحشية ليس فقط ضد الفلسطينيين ولكن تجاه من يتعاطف معهم فهي مارست أفعالها العدوانية علي مدي العقود الزمنية الماضية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتي يومنا هذا بدعم ومباركة غربية وتهاون عربي وبفضل آلة إعلامية ضخمة تهيمن عليها جماعات اللوبي اليهودية في أوروبا وأمريكا ظلت وماتزال تروج لأكاذيب وخرافات عن الحق التاريخي للعصابات اليهودية في أرض فلسطين ثم الحق في الدفاع عن النفس الذي يبرر عدوانها المتواصل علي جيرانها وحتي علي المدنيين العزل وصولا لنشطاء سفن أسطول الحرية، اليهود طاردوا جنرالات النازية لمحاكمتهم وواصلت إسرائيل المهمة بمطاردة كل الأصوات التي تهاجمها عبر جماعات الضغط وعبر القوانين التي صدرت في أوروبا لتجريم كل من يشكك في محرقة اليهود في الحرب العالمية الثانية وكل من ينتقد إسرائيل وأبرز النماذج التي تعرضت لهذه الملاحقة المفكر الفرنسي الشهير روجيه (رجاء) جارودي (97 سنة) الذي أشهرإسلامه في الثمانينات وخضع عام 98 للمحاكمة وفقا لقانون فابيوس- جيسو الذي يحرم المساس أو تكذيب اضطهاد النازي لليهود في الحرب العالمية وكان ذلك بسبب كتابه الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل وإنكاره لحرق ستة ملايين يهودي في محارق النازي، وأيضا المؤرخ البريطاني ديفيد إيرفنج الذي حكم عليه بالسجن ثلاث سنوات في النمسا عام 2006 بتهمة معاداة السامية بسبب كتابه الشهير إنكار الهولوكوست والغريب أن محاكم كل من ألمانيا وفرنسا والنمسا تعاقب كل من ينكر المحرقة اليهودية ولاتعاقب من يسيء للسيد المسيح عليه السلام أو أي دين آخر، وانطلاقا عبرالمحيط نجد نموذجا آخر لمطاردة كل من يتعرض لإسرائيل وهوللسناتورالجمهوري الأمريكي المعروف بول فندلي والذي أمضي أكثر من عشرين عاما ممثلا لولاية إلينوي حتي تمت الإطاحة به من الكونجرس عام 1983 بفضل الدعم من اللوبي اليهودي الأمريكي لمنافسه وجاءت الحملة عليه بسبب كتابه المعروف (من يجرؤ علي الكلام) ثم كتابه الثاني (لاسكوت بعد اليوم) وقد تناول فندلي في كتاباته كيف يهيمن اللوبي اليهودي علي صناعة القرار الأمريكي وتوجيهه لصالح إسرائيل وكيفية التخلص من تأثير هذا التسلط لصالح القضايا العربية ولصالح صورة أمريكا في الخارج وقد قال مؤخرا إنه يشعر بالعار لشراكة بلاده لإسرائيل في تدمير فلسطين وإذلاله وأدان فندلي سياسات ورؤساء أمريكا تجاه القضية الفلسطينية، ومن النماذج الأخري نعوم تشومسكي المفكر الأمريكي اليهودي المناهض للصهيونية ولسياسات إسرائيل ومساندته للقضية الفلسطينية وإدانته لسياسات بلاده تجاه شعوب العالم خاصة في العالمين العربي والإسلامي وقد قامت إسرائيل مؤخرا بمنعه من دخول الضفة الغربية لإلقاء محاضرة في جامعة بيرزيت بسبب مواقفه وكتاباته أما أحدث فصول عقاب كل من يتجرأ علي انتقاد إسرائيل فكان مع عميدة صحفيي البيت الأبيض أو سيدة البيت الأولي كما يطلقون عليها هيلين توماس التي أمضت أكثر من خمسين عاما كمراسلة وعاصرت عشرة رؤساء أمريكيين وظلت طويلا تحتل الصف الأول في المؤتمرات الصحفية للرئيس الأمريكي أو المتحدث باسم البيت الأبيض وكان كل مافعلته هيلين أنها تحدثت إلي موقع (رافي لايف) اليهودي فعبرت بصراحة عن أن الفلسطينيين هم شعب محتل وفلسطين هي أرضهم وليست ألمانيا أو بولندا وقالت إن حل الصراع في الشرق الأوسط بسيط للغاية وهو عودة اليهود لديارهم في بولندا وألمانيا، وما أن قالت هيلين هذه العبارات حتي قامت الدنيا ولم تقعد حيث أجبرتها مؤسسة (هيرست) الإعلامية علي تقديم اعتذارها واستقالتها كما شن المتحدث باسم البيت الأبيض هجوما عنيفاعلي هيلين ووصف تصريحاتها بأنها كريهة وتستحق التوبيخ لتنتهي مسيرتها الصحفية الطويلة ولتكشف عن الوجه الآخرللديمقراطية الأمريكية التي تهتز لمجرد كلمات وتعاقب كل من يجرؤ علي الكلام كما أشار فندلي، وهناك أيضا الصحفي والكاتب البلجيكي المعروف ميشيل كولون الذي أصدرمنذ عدة أسابيع كتابا بالفرنسية (إسرائيل.. فلنتحدث عنها ) وأشار إلي أن هذه الدولة هي الأكثرعنصرية في العالم مستندا لأقوال قادتها وكشف في كتابه عن أكاذيبها العشرة في حروبها وعدوانيتها والتي يتم ترويجها وتداولهاعبرالعالم لصالح إسرائيل وندد بصمت أوروبا والمجتمع الدولي تجاه جرائمها ووصفها بأنها دولة فاشية ضحايا الحرية أما الذين سقطوا كضحايا في قائمة الشرف فليس أولهم الشهداء التسعة علي سفينة مرمرة الزرقاء التركية ضمن أسطول الحرية فقد سبقهم عدد من النشطاء الذين سقطوا دفاعا عن القضية الفلسطينية ومن بينهم ناشطة السلام الأمريكية راشيل كوري (23 سنة) التي تصدت بجسدها النحيل لجرافة إسرائيلية عام 2003 عندما تقدمت لهدم منزل لأسرة فلسطينية في مخيم رفح للاجئين فدهستها وتم تخليد اسمها من خلال أعمال فنية وأطلق أيضا علي السفينة الإيرلندية التي حاصرتها البحرية الإسرائيلية وسحبتها إلي ميناء أشدود لمنع وصولها إلي غزة، والمصورالصحفي البريطاني توم هورندال( 22 سنة) الذي قتل عام 2004 أثناء تصديه لحماية الأطفال الفلسطينيين خلال توغل إسرائيلي في مخيم رفح، والصحفي الأمريكي الشاب بريان أفيري الذي جرح وشوه وجهه وهو يحاول إنقاذ طفلين فلسطينيين من اعتداء جنود إسرائيليين والمصور البريطاني جيمس ميلر الذي قتل عمدا برصاص جندي إسرائيلي في غزة عام 2003 وفي تحقيق للجيش الإسرائيلي تم تبرئة الجندي المتهم، أما أحدث الضحايا في معركة الشرف فهي الناشطة الأمريكية إيميلي هينوشفيتز التي فقدت عينها اليسري مؤخرا خلال مظاهرة للاحتجاج علي مذبحة أسطول الحرية عند حاجز قلنديا العسكري بالضفة الغربية وأصابتها قنابل الغازالإسرائيلية . وجاء أسطول الحرية الذي يعد أكبر تجمع لناشطي السلام من أربعين دولة ليواجهوا هجوما وحشيا بربريا من القوات البحرية الإسرائيلية وليتابع العالم تفاصيله بالصوت والصورة ويشاهد عدوانية هذا الكيان الدموي تجاه ناشطي سلام عزل قدموا لتقديم المساعدة الإنسانية للمحاصرين في غزة ورغم أن هذا الأسطول لم يصل إلي غزة إلا أن الرسالة التي أراد توصيلها للعالم وصلت وهي أن الحصار لابد أن ينتهي وأن العنف لن يستطيع منع العالم من الوصول للقطاع المحاصر حيث يستعد الآن أسطول ضخم يضم أكثر من خمسين سفينة لكسر الحصار خلال أسابيع، كما نجح ناشطون آخرون في اختراق ألف موقع إليكتروني إسرائيلي ووضعوا أعلام تركيا وفلسطين عليها . والسؤال المطروح بقوة هو أين العرب في كل مايجري رسميا وشعبيا وهل أصبح الصمت هو شعار المرحلة، ربما هناك تحركات شعبية ولكنها محدودة وخجولة بسبب القيود التي تحاصرهذه الجهود في البلدان العربية، فلسطين قضية عربية بامتياز وهي محور قضايا العرب والذين قدموا من كافة أرجاء الأرض دفاعا عن قضايانا ليسوا أكثر وطنية وإيمانا منا وحتي عند الحدود الدنيا للتحرك لابد من مساندة ودعم هؤلاء الشرفاء ليظلوا أصواتا لنا داعمة لقضايانا ولانتركهم وحدهم يواجهون مصيرهم وأن نقول للغرب ولإسرائيل أن هناك من سيجرؤ علي الكلام وفضح المؤامرات التي تستهدف هذه الأمة واستعادة حقوقنا المشروعة.