عندما نبحث عن الحب بمعناه الحقيقي..والخالي من كل الشوائب وبدون أي تعقيدات أو مطامع وغرائز تحركها »الروح« فإنه ليس لنا أفضل من سيرة سيدنا ورسولنا محمد"صلي الله عليه وسلم"أسوة تنير طريقنا إلي معني الحب الكامل..فلقد كانت حياته حبا في حب.. فقد كان يحب من يحب..ويتمني أن يحبه كل الناس..ولا يألو في ذلك جهدا..وقد توسل اليه"أبوهريرة رضي الله عنه": أن يدعوا له الله أن يجعله محبوبا من الناس..فأجابه رسول الله..فلا يكاد يذكر في رواية الحديث:"حتي تنفتح له القلوب"!.. وعند الكتابة عن الحب في سيرة أفضل الخلق وأشرفهم فإننا نتطهر ونعتق أنفسنا وأفكارنا من كل مشكلة دنيوية ومن دنس المشاغل اليومية.. لقد أثبت المؤرخون والعلماء والمفكرون علي مدي اكثر من 1400سنة أن رسول الله"صلي الله عليه وسلم"..كما أراد الله سبحانه وتعالي علي حب عظيم..كما كان علي خلق عظيم..وعظيم حبه أنه كان محبا ومحبوبا.. وكان إذا أحب غمر محبوبه بحب يجعل الناس تحبه ويفيض عليه..فتتفتح له كل القلوب..ويقول العلماء الأجلاء:"إن من أهم الأسباب لحب الله ..لين الجانب والتواضع".. لكن الحب الإلهي غير محدود وغير ملموس.. حيث نري آثاره علي العبد المحبوب.. وإذا كان الحب لدينا نحن البشر لا يري.. ولايلمس فكيف بحب الله لمن اصطفي من عباده؟!.. إنه غيب في غيب كما يقول "الكاتب الراحل عبدالمنعم الجداوي" في كتاب حمل عنوان"الحب عند رسول الله - صلي الله عليه وسلم-.. من الميلاد إلي الميعاد"..لكنه كأي نعمة من الله تظهر آثارها علي من يلقاها ولا يلقاها إلا ذو حظ عظيم..وإذا أنعم الله علي عبد من عباده بحبه..تحبه الملائكة أيضا..حيث يأمر سبحانه وتعالي ملائكته أن تحبه لأنه استحق حبه.. وفي الحديث الشريف:"إذا أحب الله تعالي العبد نادي جبريل: إن الله تعالي يحب فلانا فأحبوه.. فيحبه جبريل.. فينادي في أهل السماء:"إن الله يحب فلانا فأحبوه..فيحبه أهل السماء..ثم يوضع له القبول في الأرض"!... والله سبحانه وتعالي يختار أنبياءه ويسبغ عليهم حبه ويصبحون حتي قبل ولادتهم في رحاب رحمته ومحبته..يهيئ لهم كل الأسباب التي تجعلهم أهلا لما خلقهم من أجله..والله أعلم حيث يضع رسالته..وقدر الله ما شاء فعل..وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وهو يغمرهم بحبه صغارا..فيلقي بحب اليتيم في"قلب"حليمة السعدية فترضي بأن يكون نصيبها من رحلة مرضعات"بني سعد" إلي"مكة" وكلهن حصلن علي أطفال أبناء أثرياء القوم.. آباؤهم علي قيد الحياة.. يجزلون لهن العطاء سنويا..ما دام الأطفال في رعايتهن.. وفي عز إحباطها في آمالها تباغتها بهجة لا تعرف مصدرها.. فدابتها تمضي وتسبق كل زميلاتها ويحتشد اللبن في صدرها وهي المرهقة المتعبة من الرحلة.. إذن هذا الطفل يحظي بشيء غير عادي.. فينفتح كل قلبها له.. وعندما يجتاز مرحلة الطفولة يرعاه "جده"عبدالمطلب ويبسط فراشه له في ظلال"الكعبة" وما كان يطأ هذا الفراش بشر من أولاده أو أحفاده دونه.. وأمام حبه لحفيده هذا بالذات كان يتخلي عن وقاره ومهابته التي كان يعرف بها فهو"شيخ بني هاشم" وشريف مكة وكبير قريش.. ولا يخجله أن يحمل الطفل اليتيم علي يديه ويناغيه والجميع حوله في دهشة مما يفعله مع حفيده.. وينتقل"الغلام محمد"عقب وفاة جده إلي بيت عمه"أبي طالب"ليعيش بين أولاده وتحت رعايته كما أوصاه والده"عبدالمطلب"فهو أحق أعمامه به لأن عبدالله وأبا طالب من أم واحدة ..وحنت عليه زوجة عمه"فاطمة" فقدمته علي أولادها وقد حفظ "صلي الله عليه وسلم" لها الجميل وكان يناديها"أماه"..ونظر حوله في تلك السن فإذا بأبناء عمه كثر والدخل لا يكاد يكفيهم ولا عمل للعم سوي الخروج في قوافل التجار بالأجر..وتلك هي الفترة التي احترف فيها رعي الغنم في منطقة"أجباد".. ومن حرفة "الرعي" ألف الوحدة والتأمل والاستغراق في التفكير..وفي ذات الوقت أبعدته الحرفة عن كثير مما كان يدور في حواري "مكة" وأزقتها!.. ويدرك"أبوطالب" أن ابن أخيه يعمل في الرعي حتي لا يكون عبئا عليه.. فيحمد له هذا ويود لو رده عنه..حتي إذا ما بلغ الثالثة عشرة قال له: (يا ابن أخي أن رعي أغنام الناس بالأجر لم يعد يليق بفتي من نسل"عبد المطلب").. يستمع إليه الغلام بعمق وتأمل وصبر تعلمه من الرعي ثم قال له: ( إنه إذا كان يراه قد شب عن الطوق ليأخذه معه في قوافل التجارة إلي رحلة الشام.. فإنه لا يحب أن يكون يوما بلا عمل).. هو قادر عليه..ويسقط في يدي "أبي طالب" وكان يستعد لرحلة فأخذه معه لأنه يحبه ولا يريد أن يغيب عن بصره.. ولأنه في سن خطرة ولا يريد أن يتركه في"مكة" ولاشيء يشغله فقد يمضي مع رفاق من عمره يسيئون إليه..وخرجت القافلة وللغلام نصف أجر رجل من العاملين في القافلة كما كانت تقضي لوائح الكادحين وقتئذ!.. الحب يمشي في ركابه"صلي الله عليه وسلم" ويسبقه أحيانا كثيرة ليكون في انتظاره.. وتلك هي ميزة الحب الإلهي حينما يصنعه الله تعالي يحيط به من يريد.. ففي مدينة كان اسمها"بصري" بالقرب من الشام يلقاهم الراهب"بحيري" أحد كبار المسيحية وقتئذ والذي ما إن رأي الفتي وتفرس في وجهه حتي قال لأبي طالب: ( ارجع بابن أخيك الي بلدك واحذر عليه اليهود..فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت.. ليبغونه شرا..فإنه كائن لابن أخيك هذا شان عظيم.. فأسر به إلي بلاده).. أليس هذا حبا قذفه الله في قلب "بحيري"- جعله وهو الراهب القائد في المسيحية يخاف علي محمد ويحذر عمه من أن يراه اليهود -..فكان الحب هو الذي جاء به مع عمه .. وهو الذي جعل "بحيري" يفعل ما يفعل..ويقول ما قال.. ويدخل طور الشباب"صلي الله عليه وسلم" وكل شيء فيه يزداد حسنا ويتضاعف تألقا.. يقبل علي الحياة بروح وثابة..وقلب مطمئن..ورفض مغلظ لمعبودات"مكة"- اللات والعزي وهبل -.. وطموح متفائل لا يتطير ولا يتشاءم في قمة الرضي عن نصيبه من الرزق علي ضآلته.. يسعي بكل جهده ويحترف الخروج في تجارة أصحاب الأموال مع عمه أحيانا..ووحده أحيانا بعد أن أقعدت عمه السنون.. ويعجب كل من تعامل معه بحسن خلقه..ومن الإعجاب يتكون الحب الذي يملك عليهم قلوبهم..وقالواعنه: ( إنه الصادق الأمين.. وصاحب اللسان العف)..فيزدادون حبا وهذا الحب العظيم كان لابد أن تصل أخباره إلي بيوت "مكة" الكثيرة والعائلات التي لها شهرتها ومستواها المالي.. ومنها عائلة"خويلد".. ومنهم السيدة"خديجة" التي كانت تملك تجارة واسعة..ويخرج عمالها في قوافل متعددة.. لكنها حرمت علي نفسها"الربا" لذلك أطلقوا عليها لقب"الطاهرة"-التي طهرت مالها من الربا-.. ولم تحمل لقب"الطاهرة" سيدة في مكة قبلها أو بعدها.. وعندما عرفت ما اشتهر به"محمد"-صلي الله عليه وسلم - عهدت إليه بقافلتها المتجهة إلي الشام وخرج معه"ميسرة" مملوك خديجة وخادمها.. وعادت القافلة بربح لم تعهده "خديجة" من كل عمالها الذين سبقوه وتستمع إلي "ميسرة" وهو يتحدث عن "الحب" الذي يقع في قلب كل من يقترب من محمد- صلي الله عليه وسلم - أو يتعامل معه.. حب أكبر من أن يملكه إنسان أو يصنعه بشر.. و"خديجة" تصغي وتصغي.. ثم تحصي أموالها وماربحته فإذا بها في دهشة..وتري أن تكافئ "محمد" وذلك بأن تعطيه فوق ما كانت اتفقت معه عليه.. عددا من النياق..لكنه يعتذر في شموخ رفيع.. ويرفض أن يحصل علي درهم فوق ما اتفقا عليه!.. وأمام هذا الشموخ والعفاف والأنفة..لم تملك إلا أن ترجوه أن يخرج لها في مالها إلي رحلة الشتاء الذاهبة إلي "اليمن" فقبل..وكانت رحلة جامعة حافلة قوامها300رجل من عمال التجار وخدم القافلة و1500جمل ودواب صغيرة وعاد بالرزق الوفير والربح الكثير.. وخرجت فرحة مغتبطة لا فرحة بالأرباح وإنما فرحتها كانت لرؤية "محمد" يعود سليما معافي..فقد شغل في قلبها مكانة تفوقت علي مكانة الربح والتجارة.. واطمانت نفسها وتولد حب كبير شريف عفيف.. قام عليه أول بيت في "مكة"من بيوت الناس علي النقاء.. وبدون أصنام.. بيت قام علي الحب الكبير الذي صاغته العناية الإلهية مطهرا من أدران الجاهلية كبيرها وصغيرها.. منهجه الخلق الحسن والفضائل.. وبدأت بزواج النبي من "خديجة" مرحلة جديدة في حياته"صلي الله عليه وسلم"..مرحلة يسودها الاستقرار والعمل لكسب العيش ومخالطة"قريش" في كل ما هو حسن لإحقاق الحق وإزهاق الباطل.. ومع كل ذلك يزداد حب الناس له..ويكسب في كل يوم القلوب المتعطشة إلي حسن الخلق.. وفي تلك الفترة بدأت صداقاته تنمو وتتكون مع أبي بكر وطلحة والزبير وعثمان.. وكان الحب في قلوبهم لرسول الله "صلي الله عليه وسلم" أسبق في قلوبهم من الإسلام .. من هنا سارعوا بتصديقه والتفوا حوله فقد جعل الله له قاعدة من الحب في قلوبهم!.. فإلي جانب كل ماحباه الله به من أخلاق كان رسول الله"صلي الله عليه وسلم" جديرا بكل هذا في المضمون والشكل.. جذابا تأخذ العين والقلب طلعته.. وتطمئن القلوب إلي مهابته دون ذعر..مبتسما ودودا يضحك بلا فحش ويهزل ولكنه لا يقول إلا حقا.. ومنذ أن هبط الوحي عليه في "غار حراء" وحتي قبل الهجرة إلي المدينة كانت الصعوبات التي واجهت الدعوة اختبارا لمعادن الذين صادقوه"صلي الله عليه وسلم" وامتحانا لحبهم له وأبعاد مكانته في قلوبهم..فلم يرتابوا ولم يخذلوه فقد أحبوه وأنسوا إليه لصدقه ولأمانته ولحسن أخلاقه.. أما من وقفوا ضده فقد كانوا من الأغنياء المترفين..لكنهم فقراء في الحب ولم يألفوا او يؤلفوا.. كلهم صلف وغرور ولم يجربوا الحب ولهذا عجزوا عن حب رسول الله.. ورفضوا أن ينظروا فيما جاءهم به مجرد النظر.. وغالوا وأصروا واستكبروا استكبارا!.. أسلم حمزة واستشهدت سمية زوجة"عمار بن ياسر"وأسلم عمر بن الخطاب.. وعزل المشركون في"شعب أبي طالب"رسول الله وصحابته وأهل بيته وخديجة علي رأسهم..وما رجع عن الإسلام من أسلم.. ولكن الذين أحبطوا هم جبابرة"مكة" وعتاتها !.. ويغيب الموت السيدة خديجة وعمه أبو طالب.. لتخلو الأرض من قلبين أحبا رسول الله كما لم يحبه بشر.. ولحظة وفاة أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها سالت دموعه الزكية وقال: (من قال إن الموت ينهي الحب..إنه يضاعفه"!.. ولكن الدنيا لم تجف ومازال حوله أحباؤه الذين يغمرونه بالحب ليل نهار ويتضاعف عدد المسلمين كل يوم.. والذين يقبلون من القبائل يسعون وقلوبهم تفيض بحب عظيم رغم أنهم لم يروه فقط سمعوا عن أخلاقه وعن تعاليمه وتواضعه وحلمه.. سمعوا بعض الآيات من الذين أتيح لهم الجلوس إليه..وذلك ما كان يقض مضاجع"قريش" فقد كانوا يتمنون أن تنكس رايته ويخفت صوت دعوته.. وكانت القمة في موسم الحج عندما التقي رسول الله"صلي الله عليه وسلم" بقوم من"يثرب" وكانوا يقيمون عند"العقبة" وعرض عليهم الإسلام وقرأ عليهم بعض آيات القرآن الكريم وشرح لهم بعض تعاليمه وبالفعل أصاب كلامه قلوبهم وأشربوا حب رسول الله في الساعات القليلة التي قضاها معهم وأخذ منهم البيعة ليكونوا طليعة الإسلام في"المدينة".. وذلك الحب جعلهم يعودون إلي قومهم ليحاولوا بث هذا الحب وتلك التعاليم بين القمم في قومهم.. وما كاد يحل موسم الحج الثاني حتي قدم إلي "مكة" من يثرب وفد يضم اثني عشر رجلا من بينهم الستة الذين أسلموا في العام الماضي.. واجتمع بهم رسول الله وهو فخور بهم وعقد معهم بيعة علي الإيمان بالله ورسوله.. ويسألونه أن يبعث معهم الذين أحبوه واتبعوه ليعلموهم ويفقهوهم في الدين.. واختار"مصعب بن عمير" لهذه المهمة.. وفي العام التالي أشرق وجه رسول الله وهو يستمع الي"مصعب" عن سماحة أهل يثرب مما أضاء النور في جوانح رسول الله فقد وجد الجواب الذي كان يبحث عنه: (أن الهجرة إذا قدر لها أن تقع..فيجب أن تكون إلي"المدينة")!.. وبدأت مرحلة جديدة بالهجرة إلي المدينة التي ذهب إليها المهاجرون.. بعضهم جاء ومعه بقايا ماله.. وبعضهم جردته قريش مما كان معه وبعضهم لم يصل إلا بملابسه وراحلته.. وكلهم كانت لهم بيوت وأهل وعزوة.. لكنهم تركوا كل ذلك وراء ظهورهم غير مبالين.. يؤثرون علي كل هذا حب الله ورسوله.. واستقبلتهم المدينة وفتح الأنصار لهم الأبواب والقلوب.. وفي المدينة أيضا انتصر الحب وشطبت كلمة"أنا" تماما من هذه "الكتلة" المؤمنة..صاروا جميعا فكرا واحدا.. يؤمنون بإله واحد ويحبون رجلا واحدا هو رسول الله"صلي الله عليه وسلم" وهو الذي حول لأول وآخر مرة في تاريخ البشرية الحب إلي قانون..فقد آخي بين رجال من المهاجرين والأنصار في اختيار دقيق وبراعة في المواءمة والملاءمة.. من حيث العمر والمشارب والأذواق..وهنا تحول الحب من مجرد عاطفه نبيلة ترتقي إلي الفداء.. إلي قانون يعمل به وينظم ويبني ويهدم السيئ من العادات.. منذ 1400سنة صاغ عليه الصلاة والسلام وثيقة سلام تكفل الحرية وتعلن الحب.. وتكفل حرية الرأي والعقيدة وتدين الظلم وتجرم العدوان علي الآخرين وتصون وتكفل حرمة المكان والمال والنفس والدفاع عن الوطن وعلي كل من يعيش علي أرض المدينة أن يدافع عنها.. وقامت بالفعل دولة المسلمين بقيادة محمد"صلي الله عليه وسلم" لكن بلا تتويج له ولا تفخيم لرجاله.. وأصبحت العقيدة وطنا لكل من اعتنقها.. صارت وطنا روحيا لا حدود له ولا أبعاد.. بل هو حياة المؤمن ومماته أما الوطن الجغرافي فهو"المدينة" وما حولها عليه أن يدافع عن حرمتها.. ومن أجل ذلك وفي سبيل نصرة الإسلام خاض رسول الله "صلي الله عليه وسلم" وصحبه عدة غزوات.. وحتي في تلك كان الحب حاضرا.. ففي غزوة"بدر" تجلي الحب لله وللرسول كأعظم ما يكون جليا ناصعا..ساميا وراقيا كتسابيح الملائكة.. ورغم ضجيج الرجال والخيول وصليل السيوف.. إلا أن كل ذلك كان في أذان المحبين كألحان السماء.. فقد كان في المسلمين الأب الذي طارد يسبقه الابن وفلذة الكبد.. كما فعل "أبوبكر" فقد كان يطلب"عبدالرحمن" ابنه الذي كان مع ثلة"أبي جهل" والابن الذي أعمل سيفه في عنق والده لأنه جاء يبغي قتل"محمد" وأتباعه كما فعل"أبو عبيدة بن الجراح".. وذلك ما جعل لهذه الكوكبة الأولي من المسلمين تلك المكانة التي لم يطاولها أحد.. فقد كان حب الله ورسوله في دمائهم أكبر من حبهم لآبائهم وأبنائهم.. وأنفسهم التي وهبوها وهم يتمنون أن تكون لهم نفوس أخري يبذلونها عن يقين رائع وإيمان رصين!.. وحتي في الساعات الحاسمة وهو"صلي الله عليه وسلم" يغالب المرض والحزن علي ولده"ابراهيم" يطوي فؤاده وينشره .. ينازعه الحب لأتباعه ويشغله أمرهم شغلا يلهيه عما سواه..فيسألهم هل من ذنوب لهم يدعو الله لهم أن يغفرها..وكل عبارة تخرج منه تأخذ معها بعض صحته ووقته الذي أصبح محدودا..إنه "صلي الله عليه وسلم" يحبهم أكثر مما يحبون أنفسهم بدليل قوله"أيها الناس من خشي من نفسه شيئا فليقم أدع له"!.. إلهي..هل هناك مثل هذا الحب؟!.. فحتي بعد ألف وأربعمائة سنة مازال حب الرسول"صلي الله عليه وسلم" هو حب المبصر ولاشيء غير هذا الحب..ذلك الحب العظيم الذي بثه الله لنبيه في قلوب الناس إلي الأبد..