ثروات طائلة تجمع.. وطبول الحرب تقرع وتعلو أصوات المدافع وتفوح رائحة البارود.. فتختلط دماء الشعوب بتراب أوطانها.. فيوما تلو الآخر، تزداد بؤر الصراعات في بلدان الشرق الأوسط ويظل الهدف واحدا؛ نهب المنطقة بما تحضتنه أراضيها من ثروات وما تظهره دولها من أموال. فكل هذه الخيرات عنصر هام للاقتصاد الأمريكي علي الرغم من أنها القوي المهيمنة علي العالم إلا أن قوتها تنبع من ثروات دول المنطقة؛ التي هي ركيزة اقتصادها. وربما تكون تصريحات الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" قبل 3 عقود مع المذيعة الأمريكية الشهيرة "أوبرا وينفري" عن تعهده بالاستيلاء علي أموال الخليج حالة وصوله للبيت الأبيض، بدأ في تحقيقه من خلال صفقات إعادة إعمار عدد من البلدان العربية مقابل النفط وإبرام صفقات السلاح. نشر موقع "»ox" الأمريكي تقريراً للكاتب "أليكس وارد" والمدير المساعد لمركز "برنت سكوكروفت" للأمن الدولي وسياسة الأمن القومي الأمريكي، حول صفقة الأسلحة المبرمة حديثاً بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والمملكة العربية السعودية وما تخبرنا به هذه الصفقة عن إدارة ترامب وطريقة تعاطيها للأمور. حيث أعلن ترامب إبرام صفقة بنحو 110 مليارات دولار مع السعودية تشمل دبابات ومروحيات لحماية الحدود، وسفناً لخفر السواحل، وطائرات لجمع المعلومات، ونظام رادار للدفاع الصاروخي، وغيرها من الأسلحة، وهي صفقة تشكل جزءا من اتفاق مدته 10 سنوات تبلغ قيمته 350 مليار دولار في إطار الرؤية الاستراتيجية للعلاقات بين البلدين، وفقاً لما ذكرته صحيفة "واشنطن بوست". ويأتي هذا الأمر وسط تعهد ترامب بتحفيز الاقتصاد الأمريكي من خلال زيادة الوظائف في مجال التصنيع، ومثل هذه الصفقات أكثر شيء يمكن أن يؤدي هذا الغرض. ووضعت هذه الصفقة لفترة طويلة للدراسة من قبل الإدارة الأمريكية، إلا أن البيت الأبيض قد ضغط بشدة للانتهاء منها في الوقت المناسب للإعلان عنها خلال رحلة ترامب إلي السعودية، وكان الغرض من هذه الصفقة إرسال رسالة واضحة مفادها أن ترامب لن يدير الأمور بنفس طريقة سلفه. وبحسب ما نشره الموقع، فإن هذه الصفقة، في الواقع، ترسم لنا صورة حية عن إدارة ترامب وهي إدارة راغبة في فعل المحال لعقد الصفقات مع الأصدقاء المهمين، ولا تترك مسائل حقوق الإنسان تعترض طريق التجارة. كما أن في هذه الإدارة قد تكون العلاقات الشخصية مع المقربين من الرئيس أمراً مربحاً للغاية وتبدأ لجني ثروة علي جثث هذه الشعوب. ومن المعروف أن الولاياتالمتحدة تتربع علي عرش منتجي الأسلحة ومصدرها في العالم، ومن أهم عملائه البلدان التي بها صراعات والجماعات الإرهابية المتطرفة، لذا فمن صالح واشنطن أن تظل الصراعات والنزاعات دائرة ونشر الفكر المتطرف والجهاد في دول الشرق الأوسط وغيرها من المناطق المتوترة. وفي مقطع فيديو عام 1988 مع وينفري، قال الرئيس الأمريكي: "هناك دول عربية يعيش شعبها كالملوك حتي أفقر شخص بها يعيش ملكاً، ولا يدفعون أي شيء ونمكنهم من بيع نفطهم، ولماذا لا يدفعون لنا 25٪." وجاءت تصريحات ترامب هذه، عندما كان يرد علي سؤال للمذيعة الشهيرة حول رؤية للسياسة الدفاعية الأمريكية وحمايتها لبعض الدول، حيث قال إنها لايجب أن تكون مجانية. ومن ناحية أخري، عرض ترامب مشروع أسماه "إعادة إعمار العراق مقابل النفط" علي مجلس النواب الأمريكي، في خطوة شرعية هي الأولي والحقيقية باتجاه العراق، حيث يتضمن المشروع أكثر من مئة فقرة أغلبها قانونية ومالية، يمكن من خلالها وضع خارطة إعادة إعمار للبلاد مقابل أن تحصل الولاياتالمتحدةالأمريكية علي نفط العراق بطريقة شرعية، علي أن تتولي شركات أمريكية تلك العملية، ويكون من صلاحياتها توزيع الأعمال علي شركات عربية وعراقية، وفقاً لمجلة "نيويورك" الأمريكية، حيث قال "إن الولاياتالمتحدة يجب أن تكون قد سطت علي النفط العراقي، وربما مازال لدينا فرصة أخري." ويري مراقبون أن المشروع الأمريكي يفضح نوايا الإدارة الأمريكية ويؤكد مواصلة تحقيق الاستراتيجية الأمريكية تجاه المنطقة من خلال دخول واشنطن إلي العراق بطريقة شرعية، وهو أمر من شأنه أن يساهم في دخول العديد من الشركات الأمنية بستار اقتصادي، لافتين النظر إلي أن المشروع يهدف إلي إنعاش الاقتصاد الأمريكي علي حساب الشعب العراقي. ولم تكن اختيارات ترامب لإدارته ومستشاريه غير مدروسه ولكنها جاءت صحيحة وقوية لتخدم هذه المرحلة وسياسته الخارجية والداخلية علي حد سواء، مثلما كان وصوله إلي البيت الأبيض مدروساً وأنه الرجل المناسب لخدمة المصالح الأمريكية العليا وتنفيذ استراتيجيتها خلال هذه المرحلة، ومن أبرز رجاله "ريكس تليرسون" وزير خارجيته، القادم رأساً لمنصبه من عالم رجال الأعمال، بينما كان مديراً تنفيذياً لشركة "إكسون موبيل" لإحدي كبريات شركات النفط العالمية. ومن الواضح، وفقاً لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أن ترامب في حاجة شديدة لتليرسون لإبرام الصفقات، اليوم أكثر من أي وقت مضي. وتوضح المجلة الأمريكية، أن ترامب سيعيد سيرة الرئيس الأسبق جورج بوش الأولي، باهتمامه المتزايد بمشكلات المنطقة العربية، لا سيما شبه الجزيرة العربية، التي ينظر إليها باعتبارها مصدراً للثروة والمال، وليس أكثر تقديراً لهذا الكنز من رجل الأعمال -الرئيس الأمريكي- فنجده يوكل ملف الشرق الأوسط برمته لصهره "جاريد كوشنر"، وهو الأكثر قرباً منه عن سائر مستشاريه. حيث يصف تقرير موقع ««ox» كوشنر بكونه يد ترامب في إبرام صفقة الأسلحة مع المملكة السعودية، فكان له دور محوري بمساعدة السعوديين علي إنهاء الصفقة في الوقت المناسب لرحلة ترامب إلي المملكة. وكما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، فقد كان الاتفاق جاهزاً بالفعل عندما تدخل كوشنر في الصفقة، إلا أن مسؤولاً أمريكياً أثار خلال اجتماعه النهائي، إمكانية إضافة نظام رادار متطور مصمم لإسقاط الصواريخ الباليستية إلي قائمة صفقة السعوديين. وإذا كانت إيران، الخصم الرئيسي للمملكة العربية السعودية، لديها برنامج صواريخ ممتاز، وبالتالي فإن السعوديين مهتمmن بطبيعة الحال بمثل هذا النوع من النظام. وهنا تدخل كوشنر وأجري اتصالا ب"ماريلين هيوسون"، المديرة التنفيذية لشركة ل"وكهيد مارتين" المنتجة لهذا النظام، وسألها مباشرة إن كان بإمكانها إعطاء خصم للسعوديين. ويري الكاتب "وارد" بأن إبرام مثل هذه الصفقة، يظهر إلي أي مدي قد تذهب الإدارة الحالية لعقد اتفاق مع الحلفاء المهمين، والسعودية دولة مهمة للغاية بالنسبة إلي الإدارة الأمريكية، خاصة أن الأخيرة في أشد الحاجة لمساعدة المملكة في محاربة داعش والأيدلوجية المتطرفة التي تقودها. هذا بالإضافة إلي عزم السعوديين في عقد استثمارات بقيمة 40 مليار دولار في البنية التحتية الأمريكية، خاصة أن ترامب يريد إنفاق تريليون دولار علي تحسين البنية التحتية الأمريكية، ومثل هذه الاستثمارات والصفقات ستساعده علي تحقيق هدفه.