تزامن الإعلان عن صفقة الأسلحة الأمريكية المتطورة للمملكة العربية السعودية, وبعض دول الخليج العربي, مع زيارة كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية, وروبرت جيتس وزير الدفاع الأمريكي لمنطقة الشرق الأوسط, خاصة مدينة جدة, لإجراء مباحثات مع خادم الحرمين الشريفين حول الأوضاع في المنطقة. ومن المتوقع أن تشمل صفقة الأسلحة, تزويد السعودية للمرة الأولي, بالقذائف الموجهة بواسطة الأقمار الصناعية, والمعروفة بJDAM, وهي نوع من الذخائر المندرجة تحت مسمي الأسلحة الذكية, وتشمل نوعين من القنابل, الأول يزن500 باوند, والثاني200 باوند, هذا بالإضافة لزوارق بحرية حديثة, وطرازات متطورة من صواريخ جو جو وهي من أحدث الطرازات المستخدمة في القوات الأمريكية, وكذلك منظومة متطورة من الصواريخ باتريوت. الهدف المعلن من الصفقة وقد جاءت التصريحات الأمريكية المعلنة عن هذه الصفقة الضخمة من السلاح المتطور أنها من أجل إيجاد توازن للقوي في منطقة الخليج العربي, وتعزيز القدرات العسكرية, في مواجهة الدور المتنامي لإيران في منطقة الخليج. وقد أدت هذه التصريحات الأمريكية, الي تراجع الرفض الإسرائيلي لمثل هذه الصفقة, والتي غالبا ما كانت اسرائيل تعترض عليها, فقد أعلن إيهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي, أن بلاده تتفهم دواعي الخطة الأمريكية لتزويد دول الخليج العربي بأسلحة متطورة لمواجهة التأثير الإيراني في المنطقة. وفي المقابل عرضت الولاياتالمتحدة والتي تعلم مدي حساسية إسرائيل تجاه مبيعات الأسلحة هذه.. زيادة كبيرة في المساعدات الدفاعية لإسرائيل, وأكدت أنها ستحافظ علي تفوقها العسكري علي باقي دول المنطقة, وقد حققت هذه الصفقة مكاسب مهمة لإسرائيل, حيث سترتفع المساعدات العسكرية لها بنسبة25%, أي من2,4 مليار دولار سنويا الي3 مليارات دولار, ومضمونة لمدة10 أعوام. استبعاد التهديد الإيراني واذا عدنا الي السبب الذي أعلنته الولاياتالمتحدة حول هذه الصفقة, وهو ما يخص إيران من تنامي قوتها, فهذا الاتجاه يرفضه بعض المحللين, حيث إن ايران لم تكن في أي وقت من الأوقات تمثل تهديدا حقيقيا لدول الخليج العربي, علي الرغم من احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث( طنب الكبري وطنب الصغري وأبوموسي), ولكنها علي علاقة طيبة مع دول مجلس التعاون الخليجي, وهناك علاقات ثنائية مميزة واتفاقات أمنية عديدة مع معظم دول الخليج العربي. والطبيعي أن امتلاك إيران لأسلحة متقدمة, أو حتي السلاح النووي فبالطبع لن تكون موجهة الي الشركاء في الخليج العربي, وهي دول مجلس التعاون الخليجي. تدوير عائدات النفط وهناك اتجاهان لهذه الصفقة والهدف من ورائها, الاتجاه الأول يؤكد أن إبرام هذه الصفقة يتوافق مع الزيادة الحالية في أسعار النفط, وكأن الولاياتالمتحدة تغير بذلك ما كانت تقوم به علي مدي العقود, من اعادة تدوير عائدات النفط مجددا إليها, في خطط محكمة لكيلا توجه هذه العائدات الي خطط التنمية في دول المنطقة, ولمصلحة شعوبها, وذلك بإعادة ضخها, من خلال صفقات التسليح الي شركات السلاح بصفتها مكونا رئيسيا, من مكونات المجمع الصناعي الحربي الذي يحكم الولاياتالمتحدةالأمريكية. وبحسب دراسة أعدها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن, فإن الانفاق العسكري يشكل70% من الانفاق العسكري العربي, أي نحو29,5 مليار دولار بنسبة تقدر ب11,9% من الدخل القومي لهذه الدول. تهدئة الأوضاع في العراق أما الاتجاه الثاني الذي يتزامن مع تصريحات زلماي خليل زاد السفير الأمريكي لدي الأممالمتحدة, والذي اتهم المملكة العربية السعودية بالعمل ضد استقرار العراق, وحكومة نوري المالكي في الوقت الذي أشارت فيه تقارير صحفية أمريكية, إلي أن واشنطن تعتبر أن السعودية تعمل علي اعاقة عمل الحكومة العراقية. إذن فالاتجاه الثاني يأتي في إطار أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تطمح من وراء صفقة السلاح للسعودية إلي اعطاء ضمانات دبلوماسية وعسكرية للسعودية, علي أمل تهدئة في المنطقة, خاصة التي بها نسبة سنية كبيرة, ولها نفوذ بها مثل لبنان والعراق وباكستان حيث ان الولاياتالمتحدة, بعد أن فشلت في تنفيذ مشروعها حول الشرق الأوسط الكبير الديمقراطي, الذي تأكد بعد حرب العراق, تسعي لانقاذ مايمكن انقاذه من خلال توزيع مساعدات عسكرية في جميع الاتجاهات. النفي السعودي وعلي الرغم من الاتهامات التي توجهها الولاياتالمتحدةالأمريكية للمملكة العربية السعودية, بأنها تدعم عناصر داخل العراق ولبنان, فإن السعودية تؤكد دوما أن كل ما يقال في هذا الاتجاه خاطئ ومحض افتراء, وأن هناك عناصر مطلوبة أمنيا في السعودية, هي التي وجدت من العراق ولبنان أرضا خصبة لتنفيذ مخططاتهم, وكونهم يحملون الجنسية السعودية فذلك ليس مبررا لاتهام الادارة السعودية بمثل تلك الاتهامات. إذن فمن الواضح أن هذه الصفقة الهدف المعلن منها هو إيران, أما الخفي فلا أحد يعلمه, ولكن هناك بالطبع هدفا, وإلا ما تزامنت هذه الصفقة مع زيارة وزيرة الخارجية للمنطقة, وكالعادة فإن أكبر من كسب جراء هذه الصفقة هو دولة اسرائيل التي تتعهد دائما الولاياتالمتحدة بتفوقها العسكري علي دول المنطقة مجتمعة.