عندما تولي اللواء منصور العيسوي حقيبة الداخلية في 7مارس الماضي وعد أنه سيبذل قصاري جهده لاستعادة الأمن في الشارع المصري والعمل علي تحسين صورة جهاز الشرطة وإعادة الثقة المفقودة بين الشرطة والشعب.. واستبشرت خيرا بما قاله وزير الداخلية الجديد لأكثر من سبب: فالرجل يحمل سجلا ناصع البياض، وتاريخه مشرف، ونظيف اليد واللسان، ويعرف الصحفيون الذين تعاملوا معه كل ذلك، منذ أن كان مديرا لأمن القاهرةوالجيزة، ومحافظا للمنيا، وأنه جاء في هذه المرحلة الهامة التي تمر بها مصر لتعود الأمور إلي نصابها الصحيح بعد قرار انسحاب الشرطة من الشارع يوم 25 يناير (جمعة الغضب) والذي كان كارثة مخجلة تسببت في حالة من الانفلات الأمني، بعدها اختفت هيبة صورة رجل الأمن من أعين الرأي العام. وبقدر احترامي الكبير في الكتابة عن هذا الرجل، فإنني أعترف هنا وبقدر من الصراحة (حسب ماشاهدت ورأيت) أن اللواء منصور العيسوي وزير الداخلية لم يقدم جديدا لتأمين حياة المواطنين اليومية والعادية رغم مرور حوالي شهر ونصف علي تعيينه. فالرؤية الأمنية الجديدة التي قدمها الوزير مع مطلع مسئوليته لم تر طريقها علي أرض الواقع بالنسبة لإعادة الانضباط إلي الشارع المصري بعد انتشار قوات وأفراد الأمن الغائبة لحفظ الأمن والاستقرار علي ضوء معطيات المرحلة الحالية بعدما حققته ثورة 25 يناير. فأين الكثافة العالية لرجال الشرطة التي كنا نراها قبل هذا التاريخ؟.. ولماذ اختفوا من علي المحاور الرئيسية مثل المريوطية والمنصورية والمعادي وطريق القاهرةالاسكندرية الصحراوي .. وأسأل سيادته: هل جربت النزول في جولة تفقدية لرؤية حال الشارع المصري الآن علي الطبيعة منذ أن توليت مهمة وزارة الداخلية.. أم تكتفي (مثلما فعل غيرك من قبل) بقراءة التقارير الأمنية التي يكتبها مساعدوك وربما تكون غير صحيحة؟ وأين الدوريات الراكبة وسيارات النجدة التي كانت تجوب شوارع المحروسة ليلا ونهارا لتأكيد التواجد الأمني وفرض هيبته لردع أي مستهتر يفكر في ارتكاب جريمة أو مضايقة الناس بأي سلوك منحرف؟ لقد تعرضت شخصيا لحادث خطف حقيبتي وبها مبلغ كبير وإتلاف سيارتي وأنا في طريقي إلي منطقة »حدائق الأهرام« بطريق الفيوم يوم 13 مارس الماضي بواسطة »لوري« بلا لوحات مرورية، وعندما ذهبت لقسم الهرم أحرر محضرا وأطلب من رئيس المباحث المقدم مدحت فارس أن يتحرك معي فورا لضبط اللوري الهارب رد بكل وضوح: نصف السيارات تسير في الشوارع بدون لوحات منذ ثورة 25 يناير ولا نستطيع أن نفعل شيئا.. ماذا تريد أكثر من ذلك ياسيادة الوزير، حتي إن مشكلتي تولاها ضابطان كبيران من أكفأ ضباط الداخلية هما اللواءان: فاروق لاشين (مدير أمن الجيزة) وكمال الدالي ( مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة) ومر عليها حوالي شهر ولم أحصل علي أي نتيجة، رغم تكليفهما للعقيد محمد عبدالتواب (مفتش المباحث) لمتابعة موضوعي وماحدث لي في الطريق العام لكنه أغمض عينيه عن هذا التكليف للأسف الشديد بكل استهتار!! وماقاله رئيس المباحث صحيح، فظاهرة السيارات التي تسير بلا لوحات مرورية (علي عينك ياتاجر) في شوارع المحروسة واضحة، ولا تجد من يضبطها أو يقبض علي أصحابها والذين من الممكن أن يرتكبوا أي جرائم خطف أو قتل أو ترويع لأرواح الناس مادام الأمن غائبا ولا يجدون من يحاسبهم، ولا أدري حتي الآن ماذا يفعل اللواء سراج زغلول المسئول الأول عن مرور مصر.. هل هو متواجد بمكتبه ويؤدي عمله.. أم اختفي وحصل هو الآخر علي إجازة مثل باقي استقالات الشرطة؟ لابد ياسيادة الوزير أن تستثمر كل خبراتك الطويلة المشرفة في رسم خطة جديدة مشتركة لكل إدارات البحث الجنائي والمرور والنجدة والحماية المدنية لضبط إيقاع الأمن من جديد، وردع كل من تسول له نفسه من البلطجية والمأجورين (وما أكثرهم هذه الأيام) والدليل علي صحة كلامي بالنسبة لغياب الأمن وفشله ماحدث من أعمال البلطجة في استاذ القاهرة أثناء مباراة الزمالك والإفريقي التونسي، والتي بالقطع وضعت مصر في موقف محرج جدا وسط أشقائها العرب.. لقد علق البعض هذه الأحداث من بلطجة وترويع الآمنين وحيازة أسلحة وفوضي علي شماعة مخططات الثورة المضادة.. وإذا كان كذلك فأين التواجد الأمني الذي يردع البلطجية ويتصدي للعابثين والمفسدين؟! ❊ ❊ ❊