خمسة وعشرون عاما . ربع قرن بلغة التاريخ ومؤبد بلغة المذنبين أصحاب السوابق وإن كان لهؤلاء فرصة الحصول علي الإفراج والتمتع بالحرية مكافأة حسن سير وسلوك . ورغم أني كنت حسنة السير والسلوك والطباع لكني لم أنعم بالإفراج .قضيت حياتي الزوجية محكوما عليّ بالمؤبد وليته كان إعداما . ربما كان وقعه أخف من الموت البطيء الذي يزهق الروح ويخنق النفس لكنه لايضع نهاية وكأن سجاني يتلذذ بتعذيبي بسادية يحسد عليها . خمسة وعشرون عاما جربت فيها كل الطرق لأصل لقلبه وعقله لأساعده بدأت مشاكلي معه منذ بداية الزواج طباع غريبة تعكس نفسا ساخطة دوما لاتحمد الله علي نعمه رغم أنه أكرمنا بعيشة مريحة. ظهر ذلك واضحا أثناء حملي الأول كنت متعبة أشعر بآلام تفوق الاحتمال وكان حملي من النوع الذي يحتاج لراحة تامة وبالرغم أنه جاء بعد سنوات من العقم لم يفوت خلالها زوجي فرصة إلا وأشعرني باليأس والإحباط من أن الله لن يرزقنا بأولاد لكني لم أيأس واستجاب الله لدعائي وأنجبت توأما، صحيح أنه فرح في البداية لكن فرحته سرعان ماتلاشت أمام تشاؤمه وضيق صدره وعدم رضاه . لم يتحمل فترة الاضطراب والقلق والسهر وعدم الاستقرار زاد شجاره علي أتفه الأسباب لم يكن يتحمل سماع صرخات الأولاد بل علي العكس أبدي ضيقه من أن الله وهبه توأما وكأن الله أراد أن يعاقبه فما هي إلا أسابيع قليلة حتي أصيب أحد التوأمين بمرض شديد واختاره ربه إلي جواره. حزني الشديد عليه جعلني لاأطيق الاستمرار مع زوجي تركت البيت وصممت علي الطلاق لكنه رفض وحاول استرضائي بشتي الطرق وتعهد بفتح صفحة جديدة وأنه تعلم من التجربة الآليمة التي مر بها والتي كانت درسا قاسية له . صدقته وعدت للبيت . شهور مضت حاول فيها الالتزام بعهده وهو ماشجعني علي إنجاب طفلة جميلة شعرت أن الله يعوضني بها عن أحزاني وتخيلت أن شعورا مماثلا إنتاب زوجي لكني كنت مخطئة فزوجي لم يتغير ومرت الحياة علي هذا النحو حتي كبر الأولاد والمشكلة الآن أن طباعه هذه تهدد مستقبل ابنتي التي تقدم لها شاب نراه جميعا مناسبا وينتظره مستقبل واعد طموح إلا أن زوجي يري عكس ذلك فهو يقارن بينه وبين خطيب ابنة أخته . وهو مادفعه لرفضه لكن أمام حزن ابنتي الذي وصل لحد المرض استجاب زوجي علي مضض. بعد زواج ابنتي شعرت أنني من حقي أن أستريح أن أعيش السنوات الباقية في هدوء بعيدا عن التوتر والقلق والجحود، من حقي الحصول علي الإفراج من سجن الزوجية الكئيب . البعض يلومني علي هذا القرار يتعجبون كيف في هذه السن أسعي لخراب البيت لكنهم لايقدرون كم تحملت فهل أنا حقا مخطئة في قراري وأنانية فيه ؟ لصاحبة هذه الرسالة أقول : سؤالك يعكس حالة من التردد تبدو طبيعية لتركيبة شخصيتك كما رسمتها كلماتك والتي تبدو أقرب للمسالمة والميل للتحمل والقدرة علي الصبر . وأعرف أن وصول من يمتلك هذه الصفات لحافة الانفجار معناه أنه استنفد كل طاقته ولم يعد قادرا علي تحمل المزيد . أتفهم تلك الحالة التي وصلت إليها وأكاد أوافقك علي قرارك الذي اتخذته إذا ما شعرت بالفعل أنه الحل الوحيد لأزمتك . لكنني مع ذلك أري أنه من الضروري أن تمنحي نفسك فرصة أخري وتمنحي زوجك إياها اعتبريها إجازة زوجية وحددي ماشئت لها من مدة وإن طالت عليك خلالها إعادة تقييمك للأمور وإختبار مدي إصرارك علي الانفصال فإذا شعرت أنه لاسعادة ولاراحة مع هذا الزوج وأنك وصلت بالفعل لمرحلة اللاعودة وأن كل خيوط الود والعشرة انقطعت وقتها لن تترددي في الانفصال أما إذا شعرت أن بينكما ذكريات وعشرة وقدرا من الود تكفي لاستمرار الحياة الزوجية فعندها لن تترددي أيضا في الاستمرار . عموما هذه الوقفة مفيدة لزوجك أيضا علها تدفعه لإعادة حساباته مرة أخري .